تستعين العديد من الأسر وخاصة الأمهات بالشعوذة واعتقدن في الخزعبلات والمعتقدات غير الدينية المخالفة لجميع الكتب السماوية، من أجل مواجهة مشكلة العنوسة التي ترهق أغلب المجتمع، وبات تزويج الفتيات كابوسًا مزعجًا حقًا.
الدراسات والإحصائيات الأخيرة تشير إلى ارتفاع نسبة العنوسة بشكل مقلق ومخيف، حيث تضاعفت بنسبة كبيرة خلال السنوات الست الأخيرة مع زيادة الأزمات والأعباء الاقتصادية، ويؤكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أخر إحصائية أصدرها له في شهر يونيو الماضي، أن نسبة العنوسة ارتفعت في مصر إلى 13٫5 مليون ممن تخطت أعمارهن 30 عاماً، منهم 2٫5 مليون شاب و11 مليون فتاة.
وأكدت الإحصائية أيضًا أن مصر تحتل المرتبة الأولي في نسبة الطلاق في العالم، حيث ارتفعت في السنة الأخيرة إلي 40% بمعدل حالة طلاق كل ست دقائق.
فالأزمة الأخيرة دفعت المصريون للبحث عن الحيل المختلفة وطرق جميع الأبواب كحل بديل لمواجهة مشكلة العنوسة التي تحظى الفتيات بنصيب الأسد منعا.. لذلك خاض «الهلال اليوم» جولة ميدانية وسط أماكن الخزعبلات والمعتقدات التي يؤمن بهن كثير من الفتيات اللاتي تخطين سن الزواج، بجانب التعرف على المعتقدات بهذه الأماكن وسر التمسك بها.
جامع البنات
أثناء دخولنا "جامع البنات" القابع على ناصية "درب سعادة" المختصة بتجهيزات العرائس والذي يقع تحديدا في شارع بور سعيد بمنطقة باب الخلق التابع لقسم الدرب الأحمر ويتبع منطقة آثار القاهرة، وجدنا عدد كبيرا من الأمهات برفقة بناتهن وسط زحام ضخم يوم الجمعة تحديدًا.
"أم عبد الرحمن" منظفة بالمسجد قالت:" الجامع هنا فيه بركة وخاصة يسمع بالدخول لها يوم الجمعة فالأمهات تأتي برفقة بناتهن في محاولة لإنقاذهن من شبح العنوسة واللحاق بقطار الزواج.
وأوضحت:" أن الفتيات تلف 7 مرات، فمثلا إذا كان المصلون في السجدة الأولى من الركعة الأولى تمر الفتاة بسرعة بين الصفين وتذهب خارجة من المسجد.
وعن سر تسميته بجامع البنات، قالت:" في البداية لم أكن أعرف ولكن منذ تواجدي في المسجد منذ 10 سنوات وجدت إحدى الزائرات إلى المسجد تقول إن الأمير الذي أنشأ هذا المسجد قام بدفن سبع بنات عذراوات في ركن من أركانه وهن بناته وقام بدفنهن جميعاً واحدة تلو الأخرى واختلفت الآراء حول سبب وفاتهم جميعا، إذ تقول أحدهم أن الفتيات ماتوا مصابين بمرض الطاعون لذلك يسمى المسجد كذلك باسم "السبع بنات".
أما "أم تاسنيم" تؤمن بقدرة وسحر المسجد على تزويج الفتيات، قائلة إن إحدى جاراتها فعلت ذلك واتخطبت بعدها.
" أبو الطيب أحمد" المرشد السياحى للمسجد يقول إن جامع البنات في الأصل لم يكن اسمه بهذا الاسم المتعارف عليه حاليا لكن اسمه الحقيقي هو مسجد الأمير فخر الدين عبد الغنى، وهو واحد من أقدم المساجد في مصر بناه الأمير فخر الدين سنة 821 هجريًا و1418 ميلاديًا أيام السلطان المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي كالشركسي وجعله مدرسة لتلقى دروس التصوف والفقه على المذاهب الثلاثة.
ولفت إلى أن المسجد يضم صحن مكشوف يحيط به 4 إيوانات أكبرها الإيوان الشرقي وهو إيوان القبلة، ويضم الصحن 4 أبواب مزخرفة بالنحاس يؤدى الباب الشمالي الشرقي إلى قبر الفخري وابنه، بالإضافة إلى محراب يجاوره منبر مطعم بالعاج وفى 1895، قامت لجنة الآثار العربية بإحلال وتجديد المسجد بعد تهالكه فى القرن التاسع عشر.
حقيقة المعتقدات
الشيخ "حسن عبد المعبود" إمام وخطيب جامع البنات، قال إنه يفاجئ حتى الآن بانتشار السيدات حول المسجد وتزاحمهم كل يوم جمعة، على أمل أنه يشفى السيدات العاقر، ويزوج الفتيات، ويضيف «هذا أمر عجيب فعلا فهذا المسجد مثله مثل باقي بيوت الله وكل ما ينتشر عنه مجرد خزعبلات والبئر الموجود بالمسجد مياه غير أدمية ولم تصلح للشرب تمام حتى الدكة المخصص للمؤذن وأقيم من عليها الصلاة والشعائر الدينية تقوم الفتيات والنساء بالطواف حولها ومن فوق البئر 7 مرات.
الطواف حول جعران الكرنك 7 مرات
وفى جولتنا داخل معبد الكرنك وجدنا مجموعة من الفتيات يدورن حول تمثال صغير يشبه حشرة الجعران ويطلق عليه الجعران حيث يعتقد الأقصريون أن الطواف حول الجعران الفرعوني الموجود بمعبد الكرنك أمام البحيرة المقدسة الذي أقامها الملك "أمنحتب الثالث"، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد يعتقدوا أن كل من لفت حوله 7 لفات لفك نحسها واتحلت انعوستها بزواجها خلال فترة قريبة أما 7 أيام أو 7 شهور
ويشير محمد إسماعيل أحد المرشدين السياحين بمدينة الأقصر إلى أن الجعران المُقدس يعتبره أهالي الأقصر والسياح الأجانب مكانًا مقدسًا ويطوفون حوله 7 مرات عكس اتجاه عقارب الساعة رغبة في جلب الحظ ولإبطال عمل "المشاهرة" أو الحسد وعدم الإنجاب وحل العنوسة، وفك النحس أيضا.
البحيرة المقدسة
ولفت إلى أن تلك البحيرة المقدسة والتي تقع أمام تمثال الجعران بمعبد الكرنك فمن الغريب أن يميل لون مياهها إلى اللون الأخضر النقي الصافي رغم أن كل المحاط بها تماثيل ورمال صفراء وطولها 80 مترًا وعرضها 40 مترًا على بعد مسافة كبيرة من نهر النيل ومياهها لا تجف نهائيًا وخصصت فى التطهير والاغتسال فى العصور الفرعونية القديمة قبيل الطقوس الدينية للملوك والكهنة وخدم المعبد حيث كان يحيط بها سور ضخم فى السابق، ولكنه تهدم مع مرور الزمن.
ويشير "الطيب غريب" كبير مفتشى معبد الكرنك، إلى أن هذه البحيرة بمثابة معجزة لما فيها من مياه ثابتة ولا يزيد منسوب المياه أو ينقص حتى مع تغير ارتفاع أو نقصان منسوب النيل منذ أكثر من 3000 سنة ولم تجف البحيرة أبدًا.
يقول الحاج عثمان محمد، أحد الحراس داخل معابد الكرنك إنه يعمل داخل الكرنك منذ أكثر من 25 سنة وورث المهنة عن والده قائلا "كنت أشاهد دائما قدوم السيدات من الأقصر للحصول على البركات عبر طقوس يقمن بها حول البحيرة منها رمي العملات فيها يعتقدن أن المياه بالبحيرة تساعد على العلاج وتحقيق أمنيات الزواج.
شجرة مريم
كما انتشر وسط الإخوة الأقباط في القاهرة ووسط المعتمرين في مكة التبارك بشجرة مريم وزيارتها ليس كمعتقد ديني فقط، ولكن أكدت لنا الحاجة سميرة، أحدى المعتمرات، أن الأمر وصل لاستعانة الأمهات لتبرك بها لحل مشكلة العنوسة ولم يكتفى الأمر بالزيارات ولكن تواجد عند بعض العطارين نبات شجرة مريم القادم من الحجاز، وهي واحدة من الأعشاب المتواجدة بكثرة في أسواق مكة ومن يبعونها يؤكدون بأنها لصالح المرأة لما تحويه من خصائص مسكنة للألم ومسهلة للولادة، وهذا أمر مقبول في قاموس الأعشاب الطبية حسبهم وأن تتحول إلى قوة خارقة في حد ذاتها وتفك رباط السحر عقب ممارسة طقوس معينة، وهذا فقد مع إقبال المعتمرين من بلدان وجنسيات مختلفة متسائلين عن كيفية استعمالها وتكرارها 7 مرات من أجل الزواج والحمل.