الجمعة 28 يونيو 2024

أسامة عفيفي .. حين يناضل المبدع للرمق الأخير

16-7-2017 | 21:39

رغم آلام المرض، لكنه كان مقاتلا كعادته، وإن لم يحمل سلاحا فقلمه ونفسه الشاعرة أهلته ليصبح بين صفوف المرابضين على خط حماية الفكر والثقافة الجادة.

أسامه عفيفي، آخر حبة في عقد المفكرين والكتاب الجادين، انفرطت اليوم برحيله عن عالمنا، حيث وافته المنية بعد رحلة مرض انتصر فيها لآخر نفس حتى بادله الموت اليوم الأدوار، وفاز بالجولة الأخيرة.. فقبل نقله إلى مستشفى التطبيقيين، قدم كلماته الأخيرة على حسابه الشخصي على فيس بوك: "حنين.. لأننا خلقنا/ من نفس قطعة الطين/ وافترقت بنا الدروب/ عبر آلاف السنين/ قالت كفك/ حين التقينا/ لم تحملنا/ كل هذ الحنين؟”.

رحلة نضاله لخصها في كلمات قصيرة لكنها عميقة قبل عامين حين قال: "أنا وجيلى شلنا تراب مصر على كتافنا، اشتركنا فى معسكرات العمل التطوعية، ردمنا البرك والمستنقعات واشتركنا فى معسكر العمل الدولى فى مديرية التحرير، وأيدينا اتشققت فى تطهير غيطانها من الحلفا، واشتركنا فى معسكرات خدمة الجبهة أيام حرب الاستنزاف، حفرنا خنادق وبنينا سواتر واتطوعنا فى المقاومة الشعبية فى حرب أكتوبر”.

أسامة عفيفي سبق اسمه عدة تسميات أقربها إليه “الشاعر”، ثم “التشكيلي”، وأخيرا “الكاتب الصحفي”، فقد تقلد أعمالاً ومناصب في عدة مؤسسات صحفية لعل أبرزها مجلة "المجلة" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.. كما  ترأس القسم الثقافى بمجلة "الموقف العربى" لسنوات عدة.

كلماته كانت ثورة في حد ذاتها، فأبدع "دفتر أحوال ابن الحلواني"، وقصائد الكلمة الواحدة مثل أشواق، سنابل، اكتمال، معرفة، غموض، نزق، نور، وآخر ما كتب شذرات في ميدان التحرير التي رثا فيها شهداءالميدان بعمق وإحساس نادرين قائلاً:

سنابل......

الدم الذي سال

في ميدان التحرير

لا يسأل

عن الفاعل الأصلي

لكنه

يسأل كثيرًا

عن السنابل التي

زرعناها لإطعام

كل حي
وكان  أسامة عفيفي في طليعة المثقفين في سنة حكم الإخوان، وأثناء اعتصام وزارة الثقافة الشهير جنبا إلى جنب مع صغار المثقفين والصحفيين قبل الكبار، لم يكن طالب شهرة أو منصب بل كان مؤمنًا بقضية وطنه وتحريره من قبضة أصحاب الغايات ورافعي شعارات الدين لأخونة الدولة والتحكم في مفاصلها لصالح تنظيم دولي يسعى لتحويل مصر إلى إمارة، فكتب أثناء ثورة 30 يونيو واصفا جموع المصريين في ثورتهم المجيدة قائلا: "ها هم الآن يخرجون، من الحوارى والأزقة، من القرى والنجوع، من الصعيد والدلتا، من الريف والمدن، من البدو والحضر، جموع وراء جموع، وملايين وراء ملايين يرفعون راية المحروسة، الخفاقة، ويهتفون باسمها فيشق هتافهم عنان السماء، عمال وفلاحون، صنايعية ومثقفون، فقراء وأغنياء، بنات وصبيان، شباب وشيوخ، نساء ورجال، يهتفون رافضين الجهل المستبد القبيح، ويزأرون فى وجه التبعية الخانعة المتآمرة على مستقبل المحروسة، ويلتحمون مع جيشهم الوطنى البطل".