المكان: أحد الفنادق الكبرى بميدان التحرير
الزمان: صباح الخميس الماضي 26 مايو
الحدث: حوار مجتمعي حول مشروع الإستراتيجية القومية للملكية الفكرية تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء
كنت هناك بين نخبة من المعنيين بالملكية الفكرية ممثلا عن جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين، بدعوة من المجلس الأعلى للثقافة ومكتب براءات الاختراع المصري مع أكبر مركز للدراسات الإستراتيجية الدولية، وذلك لعرض أهم ركائز "الإستراتيجية القومية للملكية الفكرية" التي تعدها الدولة المصرية وتجهز لإطلاقها في العاشر من يونيو الجاري ولمناقشة أهم جوانب ومحاور وضع الملكية الفكرية في مصر بمجالاتها الصناعية والأدبية والفنية، من خلال ورشة عمل ضمت ممثلين عن المجلس الأعلى للثقافة ومحامين وأكاديميين وفنانين تشكيليين وسينمائيين وشعراء وأساتذة دراسات إستراتيجية وجمعيات، وأصحاب المصلحة من المجتمع المدني والقطاع الخاص .
وإذا كان خبر انطلاق إستراتيجية قومية للملكية الفكرية خلال أيام قد بث الطاقة الإيجابية في القاعة فإن خبرا مهما آخر انتظرناه طويلا هو اقتراب إنشاء "مركز قومي للملكية الفكرية" يحمي حقوقها وينظمها ويجمع كل الكيانات المعنية بالملكية الفكرية في كيان مؤسسي واحد، كما نصت المادة ٦٩ من دستور ٢٠١٤ عقب إطلاق تلك الإستراتيجية، قد زاد من حجم التفاؤل بالقادم وزاد من شغفنا لمعرفة مزيداً من التفاصيل التي كانت في أغلبها تفاصيل سارة لأشياء كانت في الماضي مجرد أحلام، تفاصيل إستراتيجية دولة تتحدث عن "مجتمع منتج للملكية الفكرية" أي مجتمع قائم علي الابتكار، وتتحدث عن بنية تشريعية متكاملة ومؤسسية متطورة لتحفيز وحماية الإبداع، تستند إلى الاتفاقات الدولية للملكية الفكرية وتستفيد منها وتسعي إلى تعديلات في القوانين الداخلية وخاصة القانون ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ لعلاج بعض ثغراته، وتراعي حق كيانات "الإدارة الجماعية" مثل جمعية المؤلفين والملحنين في تحصيل حقوق أعضائها، وكذلك الكيانات التي قد تنشأ في مجالات أخرى لحقوق الملكية الفكرية.
ولأول مرة في مصر نرى إستراتيجية تهدف إلي ربط البحث العلمي بالصناعة، وتتحدث عن الملكية الفكرية للتراث والملكية الفكرية للسياحة والآثار، وتهتم بحقوق الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتتبنى نشر الوعي بحقوق الملكية الفكرية وكيفية استخدامها، ووضعها في مناهج التعليم الأساسي في المدارس والجامعات، ونشرها في وسائل الإعلام من خلال حملة كبيرة ومشاريع ومبادرات تزيد عن ثلاث عشرة مبادرة للتوعية بحق المؤلف وكل حقوق الملكية الفكرية، لأول مرة نسمع عن إستراتيجية تهدف إلى حوكمة البنية المؤسسية بما يدعم الشفافية والمحاسبة والتحول الرقمي للمنظومة وتدريب الكوادر على مجال الملكية الفكرية، وتؤكد على تهيئة بنية تشريعية قوية تساعد على العدالة الناجزة من خلال تحويل منظومة العمل بها إلي منظومة تعتمد المستندات الرقمية شأنها شأن المستندات الورقية، وتتحرك علي أسس ومبادئ مبنية على المساواة وتكافؤ الفرص، واحترام الملكية الفكرية للأفراد وللمجتمعات والاهتمام بحقوقنا في الداخل والخارج، كل ذلك يملأني بالتفاؤل والحماس لما هو قادم لمدى إدراكي بأن المجتمع المصري هو مجتمع مبدع في الأصل، وأن الاستثمار في الملكية الفكرية لتراثنا وتاريخنا وإبداعاتنا هو استثمار يفوق كل مجالات الاستثمار في العالم.