السبت 21 سبتمبر 2024

قانون تبديد المنقولات بين إنصاف المرأة وظلم الرجل.. خبراء: استغلال الثغرات «أزمة ضمير»

تبديد المنقولات الزوجية

تحقيقات31-5-2022 | 17:25

سهير حمدي

أصبح الخوف من قانون «تبديد قائمة المنقولات الزوجين» كالصداع المزمن الذي ينخر في رأس كل من ينوي التطليق والتى تكتظ محاكم الأسرة بقضاياه، ومن المتعارف عليه أنه وضعه جاء من أجل حفظ حقوق المرأة في منقولاتها الزوجية عند تطليقها ولكن المفاجأة أنه لحق بالضرر للمرأة مثل الرجل في كثير من الحالات، حيث استغلاله بطريقة بعيدة تماما عن العدالة والانصاف، حيث أصبح أداة لإحاكة المكائد والأذي لطرف من الزوجين للطرف الأخر.

ريهام 22 عاما ضحية" قانون تبديد المنقولات الزوجية " تروي مأساتها مع هذا القانون  بعينين تملؤهما الحزن والدموع ، قائلة: " تزوجت من طبيب لمدة عام وأنجبت له طفل ، وبعد الكثير من المعاناة معه والخلافات بيننا أصابني المرض النفسي والجسدي، فذهبت لبيت والدي ؛ لتلقي العلاج والاستشفاء بعلمه وبموافقته".

 وتابعت: بعد أسبوعين فوجئت بإقامته ضدي دعوة تبديد المنقولات الزوجية، وحرر محضرًا بأني أخذت كل منقولاتي ومتعلقاتي الشخصية ومصاغي وأتي بشهود زور علي ذلك، كما رفع قضية نشوذ لحرماني من باقي مستحقاتي المالية ، وأضافت: ولم يكتف بذلك بل تزوج بأخري أمام أهل القرية بالطبل والمزمار ، وأدخلها علي فرشي وأهداها مصاغي ، وإستولت حتي علي ملابسي بما فيها فستان زفافي الذي قمت بتفصيله لتكون ذكرى جميلة في حياتي، ولم يترك صفة سيئة إلا وألصقها بي وتحولت حياتي لجحيم ، مما تسبب لي بصدمة عصبية منعتني من الحركة والكلام .

أما على 35 سنة، فبدأ قصته مع قانون التبديد، قائلآ: "تزوجت لمدة ثلاث سنوات وأنجبنا طفلة، ومع حدوث خلافات بسيطة بيننا تركت منزلي وذهبت لبيت أهلها دون علمي وطلبت الطلاق وأخذ منقولاتها ومعها مصاغها، ونفذت لها طلبها وبالفعل أخذت كل شىء ، واستكمل: لم يكن في الحسبان أن أذهب وأحرر محضرا بذلك، وحدث ما لم أتوقعه  فبعد شهر فوجئت برفع دعوة تبديد ضدي ومطالبتي بإعادة كل شئ أخذته مني أو دفع مبلغ 2000 ألف جنيه لها مقابل التنازل حتي ذهبها الذي ذهبت به إلى أهلها ، دفعت لها قيمته أمام المحكمة وللأسف لم أجد من يشهد معي من الجيران على أنها أخذت منقولاتها لخوفهم من حدوث مشاكل معها.

أضاف: "وليس هذا فقط بل حرمتني من رؤية ابنتي إلا بحكم محكمة وبعدما حكمت لي المحكمة ((بالرؤية)) يوم في الشهر أول ما البنت رأتني أخذت تصرخ وتقول لي'" انت هتموتني ومش عاوزة أشوفك تاني" وبالفعل لم أراها من شهور لأن كل مرة البنت تصاب بحالة رعب أول ماتراني من كلام أمها الباطل عني وتحولت حياتي لجحيم."

 

قانون تبديد المنقولات سيف على رقبة الأزواج

ومن جهته، هاجم الدكتور "أحمد كريمة" أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر" قانون تبديد المنقولات الزوجية " حيث اعتبره ظلما للزوج ونكاية به قائلا: قانون تبديد قائمة المنقولات الزوجية سيف على رقبة الزوج لأن القانون شرع للضمان من أجل حفظ حق الزوجة، فالمفترض أن قائمة المنقولات ضمان في الفقه الإسلامي وليس أمانة، فهو يضمن أن الأثاث يرد للمرأة وعدم إجبار الزوج على جلب أثاث جديد برغم من أن الزواج تم من 20 عاما مثلا، فالخلل في جعله كإيصال أمانة وخيانة أمانة لكي ينكل به الزوج ويزج به في السجن .

 وأضاف "كريمة" أن المنظمات النسائية جاءت لتبني افكار لعلمنة المجتمع وأول هذه العلمنة هي "علمنة الأسرة" من خلال تشريع هذا القانون وغيره من قوانين حق الكد والسعاية ، ومقاسمة الزوج في الثروة، وكشف الحسابات البنكية، وزيادة النفقة فيؤدي كل ذلك إلى عزوف الشباب عن الزواج من المرأة المصرية والإتجاه للدول الأخرى للزواج منها مما يؤدي إلى زيادة العنوسة والفاحشة وهذا مدخل للعلمانية لنزع صبغة الإسلام عن المجتمع المصري الذي ينص الدستور في المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية هو المصدر الرئيسي للتشريع.

تابع: أنا ضد هذه العلمنة شكلا وموضوعا لأنها ظلم للرجل وجاءت لتمييز المرأة على الرجل وليس اعطاءها حقها فقط، مؤكدا على أن المنقذ الحقيقي لنا لتفادي كل ذلك هو التوعية السليمة للمجتمع، والتربية الحكيمة علي الدين الحقيقي وصحيح الدين ولكن بهذه القوانين جعلنا الأسرة صراع بين رجل وإمرأة كل يريد اقتناص حقوق أكثر ع حساب الأخر.

 

أزمة ضمير وليست قوانين

بينما عارضت، مارجريت عازر، أمين عام المجلس القومي للمرأة سابقا، رأي الدكتور كريمة مؤكدة أن الأزمة  ليست في القوانين ولكن الأزمة الحقيقية هي "أزمة ضمير" في استغلال ثغرات القانون لظلم الطرف الأخر فقانون" تبديد قائمة المنقولات الزوجية " لم يأت كما قال الدكتور أحمد كريمة لإيذاء الرجل والتنكيل به بل لحفظ حقوق الزوجة في منقولاتها لأنه نابع من الشرع والعرف، فالاسلام  شرع للزوجة أنها تمتلك الشقة بمنقولاتها الموجودة بها إذا كانت حاضنة لرعاية الأسرة والحفاظ عليها وحتى لا يحدث خللا نفسيا للأبناء لتغير المستوى الاجتماعي الذي اعتادوا عليه .

كما ردت مارجريت عازر، على اتهام  الدكتور" كريمة " بأن المنظمات النسائية تسعي لعلمنة الأسرة والبعد عن الدين الاسلامي قائلة: أرفض هذا الاتهام تماما لأنه عار من الصحة ، فلا يوجد تعارض بين الأهداف التي تسعى لها جمعيات حقوق المرأة والمجلس القومي للمرأة و"الدين الإسلامي" لأنه كرم المرأة وجعل لها ذمة مالية منفصلة عن الرجل وأعطاها حقها، وبيكرم الأسرة حيث حض" الإسلام" الزوج أن يحافظ علي كرامة أسرته وأولاده وهذا ما ندعوا إليه ونسعي لتحقيقه بالفعل، فنحن كمنظمات حقوقية والمجلس القومي لحقوق الإنسان وحتى القوانين التي تسن كل هدفها الحفاظ على الأسرة وتعطي المرأة المصرية مكانتها، التي تمثل نصف المجتمع فهي الزوجة والأم والابنة والأخت والمربية المسئولة عن أجيال ولابد ان تكون حقوقها محفوظة، لكي تستطيع أن تقوم بدورها في تربية نشء ومجتمع سوي، وليس بأنها تدعو لعلمنتها والبعد عن الدين والشرع.

 

"ثغرات القانون "

ومن جهته، قال محمد مجدي، المحامى المختص بشئون الأسرة إن قانون تبديد المنقولات الزوجية يستند إلي المادة" 341" من قانون العقوبات لحفظ الحقوق المادية للطرفين سواء الزوج أوالزوجة، والذي ينص على أن : "كل من اختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى "

وأكد أن القانون ليس به مشكلة ولكن المشكلة الحقيقية في استغلاله بشكل ملتوي من الزوجين لإيذاء الطرف الأخر من خلال الكثير من الثغرات منها: إدعاء الزوجة عدم مطابقة المعروض من الزوج للمنقولات الفعلية أو إدعاء الزوج بخروج الزوجة بالمصاغ الذهبي واحضار شهود على ذلك.

 

رأي الشرع في القائمة الزوجية

بينما أكد الدكتور السيد نجم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر الشريف أنه من المعروف شرعا أن الإسلام قد أقر بعض الحقوق للزوجة ومنها المهر ، والمهر الآن عرفا وحسب الاتفاق يشمل ثلاثة أمور : الشبكة والمؤخر والقائمة، وهذه القائمة تتم حسب اتفاق الطرفين ولها عدة صور في حالة إذا قامت المرأةُ بتجهيز بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول ولا يجوز للزوج تبديده بأي حال من الأحوال ؛ لأن القائمة حينئذ عقد من عقود الأمانة التي نص قانون العقوبات عليها  ووجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متى طلب منه ذلك.