ما أشبه الليلة بالبارحة، فلقد أسس الإنجليز والروس واليهود حركة: "البابية والبهائية سنة 1260هـ - 1844م) بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتكفيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية، وهذه الحركة استقت أفكارها وعقيدتها ومبادئها من البوذية والبرهمية والزرادشتية والمانوية والمزوكية وفرق باطنية، ومن يهودية ونصرانية ودهرية وتماثلها منظمة الماسونية (منظمة يهودية سرية غامضة محكمة) التنظيم يهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، وتشترط الماسونية على من يلتحق بها التخلي عن كل رابطة دينية أو وطنية أو عرقية.
ومحاكاة لفرق هدامة ساعية لتقويض الشريعة الإسلامية بمزاعم (مشتركات البيت الإبراهيمي ) تجيئ هذه الدعوة الخبيثة مندثرة بنصوص لا يفقهونها حق الفقه، توصلا إلى ما يخدم (إسرائيل الكبرى) على أنقاض الإسلام وتفسخ البنيان الإسلامي على وجه الخصوص وإلى فهم سديد لما يخص سيدنا إبراهيم – عليه السلام – قول الله، عز وجل: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " – الآيات 121 وما بعدها من سورة النحل.
ومما يتصل بها :
1- أن سيدنا إبراهيم – عليه السلام – كان من صفاته الفاضلة، ومناقبه الحميدة أمة أى جماعة كما فى قوله تعالى: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ" الآية 23 من سورة القصص، "إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ" الآية 23 من سورة الزخرف، والحين والزمان كما فى قوله تعالى: "وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ" الآية 8 من سورة هود .
والمناسب أنه – عليه السلام – كما عنده من الخير ما عند أمة، ولأنه انفرد فى زمانه بالإيمان، وأنه لأجل ذلك كان إماماً للناس فى زمانه، كما فى قوله تعالى: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" الآية 124 من سورة البقرة .
وتصفه الآيات القرآنية بأنه كان (قانتا) أى مطيعاً لله خاضعاً لأوامره ونواهيه، (وحنيفاً) أى مائلاً عن الأديان الباطلة إلى الدين الحق من التنزيه عن الإشراك بالله عز وجل، "إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " الآية 79 من سورة الأنعام.
2 - المراد باتباع سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - له: أى فى الاقتداء به فى التوحيد لله عز وجل، وليس فى فروع الشريعة التي تختلف من شريعة إلى أخرى، بحسب المصالح التي يريدها الله عز وجل لعباده .
3 - استقلالية الملة الإبراهيمية عن المشركين عامة "وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"، وعن أهل الكتاب من يهود ونصارى "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" الآية 67 من سورة آل عمران، والمراد الإسلام العام من لدن سيدنا آدم – عليه السلام – أى إسلام الوجدان والظاهر لله عز وجل، من الإقرار والتصديق بربوبية وألوهية ووحدانية الله رب العالمين .
وأن هذا المنهج الاعتقادي للرسل والأنبياء – عليهم السلام – كافة "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" الآية 13 من سورة الشورى، وهذا يدل على اتفاق الرسالات السماوية فى أصولها وقواعدها الأساسية ومبادئها الكبرى وهى (أصول الدين خاصة الإلهيات) "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ" الآية 36 من سورة النحل، "وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ" الآية 24 من سورة فاطر .
تأسيساً على ما ذكر:
أولاً: الشريعة الإسلامية فى أصولها وأحكامها الكلية والتفصيلية الاعتقادية والعملية بأنواعها مستقلة لا تقبل الاندماج مع غيرها، قال الله عز وجل: "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا"الآية 18 من سورة الجاثية، "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا" الآية 48 من سورة المائدة.
ثانياً : من خصائص التشريع الإسلامي:
أ ) إلهية المصدر والمحتوى .
ب ) الشمول: للأحكام الاعتقادية، والعملية الفقهية، والخلقية التهذيبية، وهذه الأحكام للشريعة الإسلامية فى الجملة ثمانية أقسام:
1- العبادات ولا يقابله أية أحكام لا فى شريعة سماوية ولا وضعية .
2- المعاملات المالية .
3- الأحوال الشخصية .
4- أحكام السياسة الشرعية .
5- أحكام القضاء والدعاوى والمرافعات .
6- أحكام العقوبات والجنايات .
7- أحكام السير والجهاد .
8- أحكام الحلال والحرام والإباحة .
كلها تختص بالدين الإسلامى وحده .
ج ) التكامل .
د ) التوازن .
هـ ) العموم والعالمية .
و ) الخلود والاستمرار .
ز ) الكمال والتميز .
وقد قال الله عز وجل: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الآية 9 من سورة الحجر، "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" الآية 3 من سورة المائدة، "إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ" الآية 15 من سورة يونس، "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" الآية 44 من سورة النحل، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" الآية 107 من سورة الأنبياء، "ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" الآية 30 من سورة الروم .
هو الإسلام عقيدة وشريعة له الاستقلالية والاستمرارية أبد الآبدين .
والله تعالي وحده الهادي إلى سواء السبيل