بدأت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» ومكتب معلومات البحر المتوسط للبيئة والثقافة والتنمية المستدامة (MIO-ECSDE) تنفيذ سلسلة فعاليات مشتركة، في إطار التحضيرات الإقليمية الجارية لمؤتمر الأطراف الـ27 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية (COP-27)، المقرر عقده في مدينة شرم الشيخ، على ساحل البحر الأحمر، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر القادم.
تمثلت أولى الفاعليات التحضيرية لقمة المناخ، في حلقة نقاشية عبر الإنترنت، بعنوان «ما هي فرص أزمة المناخ؟»، بمشاركة عدد كبير من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الأعضاء في كل من «رائد» ومكتب معلومات البحر المتوسط، إضافة إلى عدد من الخبراء الدوليين والأكاديميين وأعضاء المجالس النيابية في دول حوض المتوسط .
ركزت الحلقة النقاشية على تزويد الأعضاء في كلتا المنظمتين،إضافة إلى الحضور، بمعلومات أساسية عن مؤتمر المناخ، واستعراض بعض جوانب تأثيرات تغير المناخ في المنطقة العربية وحوض البحر المتوسط، في ضوء التطورات السياسية الرئيسية، مع إتاحة مساحة للمنظمات غير الحكومية الأعضاء، للتعبير عن مخاوفها واستفساراتها، وصولاً إلى صياغة مجموعة من رسائل العمل المناخي.
أدار الحوار، خلال الحلقة النقاشية،كل من الدكتور مايكل سكولوس، رئيس مكتب معلومات البحر المتوسط، والدكتور عماد الدين عدلي، المنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية، بمشاركة أكثر من 200 منظمة غير حكومية، ولفيف من السياسيين وصانعي السياسات، وممثلين لوسائل الإعلام من أكثر من 22 دولة، بالإضافة إلى عدد من أعضاء شبكة «إعلاميون من أجل المناخ».
ووجه الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط (UfM)، ناصر كامل، رسالة افتتاحية أكد فيها أهمية دور المجتمع المدني في ممارسة الضغوط اللازمة لتعزيز السياسات الإيجابية والالتزامات المناخية على نحو إيجابي، بينما سلط جوليان لي تيلير، من خطة عمل البحر المتوسط، التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP/MAP)، الضوء على التعاون القائم بين الشركاء من المنظمات غير الحكومية، ومن ضمنهم شبكة «رائد» ومكتب معلومات البحر المتوسط، والعديد من الأعضاء الآخرين، كما لفت إلى مسؤولية المؤسسات الحكومية الدولية في تحقيق الأهداف والغايات المناخية المشتركة.
من جانبه، تحدث الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة ورائد المناخ لمؤتمر( COP-27)، عن أهمية انعقاد قمة المناخ في مصر، بما يعزز من قدرة دول شمال أفريقيا على إدارة أزمة المناخ، من أجل حماية المجتمعات المحلية من مخاطر الفقر والجوع والإجهاد المائي، وغيرها من التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، والتي تلقي بظلالها على خطط التنمية في غالبية الدول الأفريقية.
كما شدد محيي الدين على أن العالم بحاجة إلى أن يكون جزءاً من حل أزمة المناخ وآليات تنفيذها، وليس الاكتفاء فقط بمجرد وصف المشكلة، معتبراً أن تمويل العمل المناخي يُعد أمراً أساسياً في هذا المسعى، لافتا إلى أهمية العمل على إيجاد نهج شامل للعمل المناخي الفعال، بحيث يشمل كافة المحاور، بما فيها التكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، وليس تخفيف تأثيراتها فقط، وكذلك أهمية التعاون الإقليمي، وإضفاء الطابع المحلي على الأنشطة المتعلقة بالمناخ.
وتضمنت الجلسة الافتتاحية للحلقة النقاشية مداخلات لكل من الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شؤون البيئة والأرصاد الجوية بجامعة الدول العربية، والمهندس عمرو عصام، مستشار بوزارة الخارجية المصرية، التي تتولى رئاسة الدورة 27 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP-27)، و الذي سلط الضوء على الأولويات الرئيسية لمؤتمر قمة المناخ، كما لفت إلى أهمية الحلقة النقاشية المشتركة بين «رائد» ومكتب معلومات المتوسط، لتعزيز فرص مشاركة المجتمع المدني بقوة في قمة المناخ.
تناولت الجلسة الثانية مناقشات حول الأدلة على حالة الطوارئ المناخية في منطقة حوض البحر المتوسط والمنطقة العربية، حيث تحدث الدكتور وولفجانج كرامر، منسق منظمة خبراء المتوسط للتغيرات المناخية والبيئية (MedECC) ومدير الأبحاث في المعهد المتوسطي للتنوع البيولوجي، عن مخاوفه بسبب عدم التزام كثير من الحكومات، وعدم السير على الطريق الصحيح لتحقيق هدف الحياد المناخي، وتساءل بقوله: «كيف يمكننا أن نقول لأبنائنا أن ما نشهده الآن هو نتيجة 26 مؤتمراً للمناخ؟»، قبل أن يستطرد بقوله: «هناك حاجة ماسة إلى أن نتخذ مسلكاً أكثر تشدداً خلال مؤتمر (COP-27) في شرم الشيخ».
كما تحدث الدكتور شريف الخياط، من الهيئة العامة للبيئة في دولة الكويت، عن تداعيات أزمة المناخ على دول منطقة الخليج، وعرض بالحقائق والأرقام لطبيعة الوضع في عدد من دول الخليج، وهي منطقة لا تنتمي لحوض البحر المتوسط ولكنها تقع ضمن الإقليم العربي، كما لفت إلى رؤى الدول الخليجية بشكل عام، ودولة الكويت على وجه الخصوص، حول مؤتمر (COP-28) الذي من المقرر أن تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر عام 2023 المقبل.
وفي ختام الحلقة النقاشية، عرض الدكتور عماد الدين عدلي، المنسق العام لشبكة «رائد»، عدداً من الرسائل التي يمكن الخروج بها من مشاركات ومناقشات الحضور، ومنها: أن نكون جميعاً مستعدين، سواء على المستويين الإقليمي أو الوطني، للتأثير على القرارات المهمة التي تشكل سياسة المناخ والأطر التنظيمية لها، التي سيكون لها تأثير على جميع جوانب حياتنا، وعلى النظم البيئية، وأن التعاون المشترك ومشاركة المعرفة والتضامن هم السبيل لتحقيق ذلك، تساعد الفعاليات التحضيرية، مثل هذه الحلقة النقاشية، على تعزيز قدرات المجتمع المدني من أجل أن يكون أكثر اطلاعاً، وبالتالي أكثر قدرة على العمل بفاعلية، وتبادل وجهات النظر والخبرات حول المشاكل العاجلة، وعلى رأسها مشكلة المناخ في منطقة البحر المتوسط، وأن يكون المجتمع المدني جزءاً من الحوار، بل وأن يشكل «نقطة تحول» للعمل المناخي، في بعض الأحيان، على الصعيدين الدولي والمتوسطي.
وتابع عدلى "تدعونا التحذيرات المتسارعة، من قبل المنظمات الدولية والخبراء والعلماء، من أن السياسات الحالية للتصدي للتغيرات المناخية غير كفيلة بالمواجهة، بل تؤدي إلى عواقب كارثية لا رجعة فيها على مدى المستقبل القريب، إلى أن نعمل بعزم كبير للانتقال سريعاً إلى سياسات أكثر جدوى، وأن نعتبر أن إصرارنا على الانتقال الشامل لمثل هذه السياسات، هو جزء من مناصرتنا للمناخ، ويتوجب على المنظمات الشريكة والأعضاء في كل من «رائد» ومكتب معلومات المتوسط، تسريع العمل خلال الفترة التي تسبق مؤتمر شرم الشيخ، لتشجيع البلدان المختلفة على التغلب على التحديات الناجمة عن الأزمات الاقتصادية والصحية، أو بسبب الحروب والتوترات السياسية، وأن تواصل طريقها على مسار العمل المناخي، ويشمل ذلك الالتزامات التي قطعتها هذه الدول بإعادة النظر في تعهداتها المتعلقة بالمناخ، وتعزيزها بنهاية عام 2022، من أجل الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية قابلاً للتحقيق".