أصبحت التغذية العلاجية في الفترة الأخيرة علم وفن وأسلوب حياة الهدف منه هو تعزيز الصحة والحفاظ عليها، ويلعب النظام الغذائي العلاجي دورًا أساسيًا في علاج بعض الأمراض مثل مرض السكري، وفي بعض الحالات الأخرى يكون وقاية، أو مساعدة علاجية، كما يلعب النظام الغذائي العلاجي دورًا مهمًا في الحد والسيطرة على بعض الأمراض الأخرى، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، ولأهميته لجأ الكثير من الأطباء إلى التخصص واحتراف هذا المجال.
وفي السطور التالية يكشف لنا دكتور عمرو ناجي، أخصائي التغذية العلاجية، الكثير عن التغذية العلاجية، كيف بدأت علاقته به؟، ومتى احترفها ومفهومة وأسباب تزايد الاهتمام به خلال السنوات الماضية؟، وإلى نص الحوار:
بداية.. كيف بدأت علاقتكِ بالتغذية؟
بدأت علاقتي بالتغذية منذ 17 عامًا، بعد أن تخرجت من كلية التغذية والعلوم والأطعمة جامعة حلوان، قسم التغذية العلاجية، وحصلت على دبلومة المعهد القومي للتغذية، وماجستير في التغذية العلاجية من جامعة القاهرة وبمجرد أت تخرجت بدأت العمل في هذا المجال، والتحقت بالجيش كضابط احتياط، حيث عملت في قسم التغذية العلاجية بعدد من المستشفيات العسكرية، وبدأت بعدها عملي كمدني بعد انتهائي من مهلة قضاء خدمتي في الجيش، لاحترف هذا المجال الذي أحبه كثيرًا ولذلك نجحت وتميزت فيه.
تمتلك خبرة كبيرة في مجال التغذية العلاجية ما فوائد التغذية السليمة ودورها في تعزيز مناعة الجسم والوقاية من فيروس كورونا؟
هناك مقولة معروفة جدًا وهي (أنت ما تأكله)، وتلخص هذا المقولة أشياءً كثيرة، منها أسلوب الحياة الذي نعيش به، وهل يساعد على أن أكون في بيئة سليمة وحالة جسدية جيدة قادرة على مواجهة الأمراض أم لا.
حيث في بعض الأوقات يكون النمط الغذائي سبب في الإصابة بالكثير من الأمراض، فالبعض يستهلك الأغذية السريعة والمحفوظة والأغذية المعلبة، فكل هذه الأطعمة تساعد على اكتساب وزن ومن الممكن أن تؤدي إلى الإصابة بأمراض السمنة، وبدايات مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين وأمراض القلب المختلفة، وبالتالي (أنت ما تأكله) هي عنوان لهذا للسؤال.
ما هو مفهوم العلاج بالغذاء أو التغذية العلاجية؟
هناك اهتمام كبير جدًا بالتغذية في الوقت الحالي من جميع الأطراف، وكل الأطراف خاصة في المنطقة العربية بدأ الاهتمام بها بشكل كبير، خلال آخر عقد من الزمن للتغذية العلاجية وأسلوب التغذية السليم الذي يناسب كل فرد.
التغذية العلاجية هي ليست فرعًا قائم بذاته، وإنما هي شيء مكمل للخطة العلاجية الخاصة بالمريض، بمعنى أن مريض السكر على سبيل المثال لابد أن يخضع لمتابعة طبيب متخصص في مرض السكر ومتابعة أخصائي تغذية ليكمل عمل الطبيب الأول، من أجل عمل خطة غذائية للمريض يستطيع من خلالها التحسن بصورة أفضل والعلاج يأتي بنتائج سريعة.
مريض السكر الذي يأخذ علاج الأنسولين الطبيب يحدد له الجرعات التي تناسب حالته، وأخصائي التغذية عدد جرامات الكربوهيدرات ويعمل على تثقيف المريض غذائياً بالأطعمة المفترض تناولها في حالته والتي لا يجب تناولها، وكيف يتأقلم ويعيش حياته بشكل أفضل مع هذا المرض، وغيرها من الأمراض المماثلة.
خلال السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بدور التغذية في الوقاية والعلاج من العديد من الأمراض.. فما أسباب ذلك؟
تعد التغذية العلاجية عنصر أساسي من عناصر الحياة، هي التي تحدد مؤشر الصحة العامة للأشخاص، بمعني الارتفاع الشديد في الإصابة بزيادة الوزن والسمنة في كل الأعمال وهذا موجود ونحن نراه بأعيننا، فهناك أطفال من ذوي العشر سنوات والاثنتي عشر سنة، تكون أوزانهم تقارب أوزان الرجال البالغين.
زيادة معدل أمراض السكر والضغط والقلب وتصلب الشرايين وانخفاض معدل العمر المصاب بهذه الأمراض، كل هذه الأمراض تساعد وكانت من ضمن الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بالتغذية العلاجية، والبحث في أسباب الإصابة بهذا الأمراض.
فيمكنني القول بأن الاهتمام بالتغذية بشكل عام خلال العشرة سنوات الماضية وليست التغذية العلاجية فقط، بسبب تداخلها مع الكثير من الأمراض، وتأثيرها المباشر في أسلوب الحياة وفي نمط الحياة الخاص بكل شخص.
في ظل الظروف التي نعيشها.. ما أهم الأغذية التي تساعد في زيادة مناعة أجسامنا؟
صراحة.. لا توجد أطعمة بشكل معين من الممكن ان نقول عنها ذلك فهناك البعض يشدد على التركيز على نوعية أطعمة معينة لأنها تحتوي على كذا وهذا لا يصح، فالاعتماد بشكل كامل على نوع واحد من الغذاء، لكن دائما ننصح بأهمية النظام الغذائي المتوازن، الذي يجمع بين عناصر الغذاء الكبرى وهي النشويات والبروتين والدهون، وعند أكل هذه الأطعمة بشكل صحي، يساعدنا على الحصول على الطاقة اللازمة لأداء حياتي، ووظائفي اليومية، وفي الوقت ذاته لا يحدث زيادة في الوزن.
والبروتين يجب تناوله من مصادره الحيوية سواء أكان بروتين حيواني مثل اللحوم والأسماك والفراخ أو منتجات الألبان والجبن، فهي مصادر بروتين عالية القيمة الحيوية، جنباً إلى جنب مع البروتين النباتي.
يعد الطفل والشاب هما القوة البشرية التي تعظم دور اي دولة او مجتمع، فكيف تهتم الأم بتغذية أطفالها بحيث يسهم في سلامتهم وصحتهم؟
الثقافة التغذية تبدأ من عند الأم، وليست من الطفل، حيث لا يصح أن نتناول الأطعمة والمشروبات غير الصحية أمامهم، ونخبرهم بضرورة تناولهم الأكل صحي، فنحن يجب أن نكون قدوة وخير مثال أمام أطفالنا.
والطفل حتى سن 6 أو 7 سنوات لا يملك من اختياره شئ، حيث يأكل ما يرى أباه وأمه يأكلون، مما يجعله يأكل مثلهم، أما إذا تناولوا طعامًا صحيًا، فالطفل يتناول معهم طعامًا صحيًا ويعتاد عليه، ونضمن بذلك خلال الفترة المقبلة خروج نشأ جديد يهتم بالتغذية وممارسة الرياضة.
أنا أكون سعيد جدًا عندما أرى أب أو أم وهما يأخذون ابنهم إلى التمرين معهم، ويحافظون على إطعامه بطريقة الصحية، ويسألون عن تفاصيل وجباته خلال يومه ومع التمارين الرياضية، وهذا شئ عظيم جدًا.
كيف تهتم المرأة بجمالها وهل هناك علاقة بين الجمال والغذاء؟
طبعًا هناك علاقة بين الجمال والغذاء، فعلى سبيل المثال عندما نرى شخصًا استطاع ان ينقص وزنه، نلاحظ أنه أصبح وكأنه أصغر سنًا عن السابق، فالاهتمام بالتغذية الصحية والحصول على كم كافي من الخضراوات والفواكه الطازجة، والحصول على كم كافي أيضًا من السوائل يساعد بشكل كبير على نضارة البشرة، وحالة الجسم الصحية.
والإفراط في تناول الوجبات السريعة يجعل الشخص يكتسب عمرًا فوق عمره، فعدم الاهتمام بتناول الطعام الصحي الذي يحتوى على العناصر الغذائية الكاملة، يساعد على حدوث الكثير من المشكلات المرضية التي وأن صح التعبير تضيف عمرا فوق عمر الإنسان.
حيث من يعانون من الأمراض المزمنة مثل السكر في سن صغير، هذا يؤثر على صحتهم النفسية والجسمانية بشكل سيئ، فالغذاء له أثر مباشر في الحفاظ على الجمال.
وماذا عن ممارسة الرياضة؟
ممارسة الرياضة ضرورية وفي غاية الأهمية، ويجب ممارستها بشكل منتظم وكانت منظمة الصحة العالمية وضعت مؤشر اسمه ( مؤشر الخطورة) أو معيار مؤشر الخطورة، ويتمحور حول إذا كنت شخص زائد في الوزن ويستهلك طعام غير صحي و مدخن وغير ممارس للرياضة يأخذ درجة عالية خلال العشر سنوات المقبلة في احتمالية إصابته بالعديد من الأمراض.
وإذا طبقنا ذلك المؤشر على الأغلبية في مصر والوطن العربي، سنجد العديد من الأشخاص المدخنين لا يمارسون الرياضة ويأكلون بطريقة غير صحية، ويعانون من زيادة الوزن، بالتالي كل هذه المشكلات تعطي درجات أعلى في مؤشر الخطوة بعد عشر سنوات أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.
هل الإنسان الغير ممارس للرياضة أكثر عرضة من غيره في الإصابة بالأمراض؟
الأمر متوقف حول قدرة الأنسان على ممارسة الرياضة أما لا، إذا كان حالته الصحية تسمح بذلك فيجب على الأقل المشي، وبلاش الصعود المصعد "الأسانسير" لو نستطيع الصعود عن طريق السلم نصعد
وهناك حاليًا الكثير من الشباب، يشعرون بوجع في الركبة أو في الظهر وغيرها، وكل ذلك بسبب الوزن الزائد.
هل هناك علاقة بين الغذاء والحالة النفسية والمزاجية؟
بالتأكيد حيث هناك جزء كبير من الأغذية يساعد على تحسين الحالة المزاجية للفرد مثل كل ما هو سيئ مثل الحلويات، إذ عند تناول شيء مسكر ستلاحظ تحسن في الحالة المزاجية بشكل جيد.
لكن على النقيض عندما تتبع نظام غذائي صحي، ستلاحظ أن أخف حركة وصحتك أفضل وهذا يساعد بشكل أكبر على تحسين الحالة النفسية.
السعادة تكون لحظية عند تناول أطعمة تحتوي على سكريات ودهون ونشويات، لكن عند اتباع نظام صحي وترى أثر تطور جسدك هذا يؤثر على صحتك النفسية والجسدية بشكل أفضل.
يعاني كثيرون من زيادة الوزن فما هي أفضل الطرق للتخلص من الوزن الزائد؟
يجب في البداية تحديد أسباب زيادة الوزن، مع استبعاد الأسباب المرضية، يتبقى لدينا الأسباب التغذية المتمثلة في نمط الاستهلاك الغذائي، وإذا كان هنا مشكلة في نمط الغذاء، أما أن يكون المريض أو الشخص، ولا يمكن القول على السمنة أنه رفاهية فهي حاليًا مرض مثل أي مرض.يجب أن يلجأ إلى متخصص أو يحاول أن يعدل في سلوكياته الغذائية بما يتناسب مع حالته ليفقد الوزن.
ما هو الوزن الذي إذا تخطاه الفرد أصبح بين دائرة مرضى السمنة؟
طريقة معرفة ما إذا الفرد يعاني السمنة أو لا، لها أكثر من مقياس، حيث يوجد على سبيل المثال "مؤشر كتلة الجسم" من خلال ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر (كجم/ متر2).
وعند حساب كتلة الجسم، وكانت أكثر من 25 فذلك يعني أنك في مرحلة زيادة في الوزن، وإذا كان أعلى من 29 تصبح وقتها في أولى مراحل السمنة، وإذا كانت أعلى من 34 أو 35 تكون في ثاني مراحل السمنة، وإذا كانت 40 تصبح سمنة مهددة للحياة.
وهذا المؤشر لا يمكن الحساب من خلاله نسبة السمنة لكل الأشخاص، مثل الرياضيين بسبب تمتعه بكتلة عضلية كبيرة، حيث لا يصح أن أول أن معدل كتلة جسمه زائد ويعاني من سمنة، كما لا يمكن حسابها للأطفال أيضًا بسبب وجود جداول مخصصة لهم طبقًا للطول والوزن والسن.
لماذا نرى الفنانات أكثر سرعة في إنقاص الوزن عن المرأة العادية؟
يوجد فرق بين المشاهير بشكل عام والأشخاص العاديين، وظهور الفنانة يكون حسب ظروفها، إذ من الممكن أن تختفى الفنانة لفترة قد تكون جيده حتي ينقص وزنها فيها، على عكس المرأة العادية مثل زوجتك أو والدتك أو أختك، تكون موجودة دائمًا معًا، لهذا السبب حتي التغير لن نلاحظه بشكل مستمر، بالإضافة أيضًا إلى عامل الوقت، والعوامل الاقتصادية.
هل السمنة والنحافة مرتبطان بعنصر الوراثة؟
طبعًا هناك جزء كبير من الأشخاص الذين يعانون من مرض السمنة أو الإصابة بحالة النحافة يكون مرتبط بالعامل الوراثي، حيث من الممكن أن تجد من يعانون من سمنة موضعية في مكانًا ما مثل السيدات التي تكون السمنة لديهم في الجزء الأسفل، ويكون الأم وابنتها بنفس الشكل لديهم زيادة في الجزء الأسفل.
كما أن هناك رجالًا أيضًا لديهم زيادة في أماكن محددة، أيضًا يكون العامل الوراثي جزءًا كبيرًا من هذه الحالات، وهذا الكلام ينطبق أيضًا على أعراض الإصابة بالنحافة، حيث يكون سبب من أسبابه وراثي، ونكتشف مثل هذه الأمراض من خلال التحري الدقيق من الطبيب للمريض.