الثلاثاء 30 ابريل 2024

كنوز دار الهلال| محمود المليجي.. طالب في الصباح و«نشال» بعد الظهر

الفنان محمود المليجي

فن6-6-2022 | 20:45

خليل زيدان

رغم كونه شرير السينما الأول، إلا أنه استطاع ببراعة أن يتخلص من أدوار الشر حتى وهو في ريعان الشباب؛ ليقوم بدور الطبيب أو الأب، فالفنان محمود المليجي نفسه عانى كثيرًا من أدوار الشر التي أداها على المسرح أو في السينما، فعندما يقابله الناس في أي مكان يمطرونه بنظرات الضيق والكره، فهو عنصر الشر على الشاشة، وهو الذي يثير الأسى والحزن في قلوبهم.. وما كانت تلك النظرات إليه إلا سهامًا تخترق قلبه الطيب.

أول أدوار الشر

في ذكرى رحيله، عثرنا على وثيقة صحفية تثبت إسناد أدوار الشر إليه في المسرح عندما التحق لأول مرة بفرقة الفنانة فاطمة رشدي، فقد روى في مقال كتبه للكواكب عن بداياته الفنية في عدد 27 مايو 1958، بعنوان «في الصبح تلميذ وبعد الظهر نشال»، أنه التحق بفرقة فاطمة رشدي عندما كان طالبًا بالسنة الثانية الثانوية، وكان يستعد لامتحان الكفاءة، وأسند إليه دورًا من ثلاثة مشاهد، وهو دور شرير يقتل البطل في الفصل الأول، ثم يختفي المليجي ليظهر في الفصل الثاني دقيقة فقط أمام المحكمة، ثم يختفي ثانية ويعود في الفصل الأخير ليعترف بجريمته. 

 

خمسة قروش من المدرس

نجحت رواية فرقة فاطمة رشدي، فاضطرت إلى إقامة حفل ماتينيه يوم الأحد من كل أسبوع، وفي نفس اليوم كان على المليجي أن يؤدي امتحانًا شفويًا في مادة الحساب، ثم يهرول بعده إلى المسرح ليؤدي دوره.. ووقف في صف طويل ينتظر دوره ليؤدي الامتحان، وخشي أن يتخلف عن موعد المسرح، واقتربت الساعة من السادسة، فتملكه الغيط وبدأ يضرب الأرض بقدمه وهو في الصف.. ومر رئيس اللجان فاعتقد أن المليجي خائف من الامتحان، فسأله:

ــ انت خايف من الامتحان يا شاطر

فرد عليه المليجي:

ــ لا.. خايف من رفع الستار

واعتقد الرجل أن المليجي يهذي من شدة الخوف، فأصر أن يعرف معنى جملة «خايف من رفع الستار»، فروى له المليجي الحكاية كاملة، ولحسن الحظ كان الرجل مهتمًا بالفنون ومعجبًا بفرقة فاطمة رشدي، فقرر أن يمتحنه بسرعة حتى لا يفوت عليه فرصة رفع الستار.. وكان عليه أن يمتحن في الحساب، لكن الرجل راح يمتحن المليجي في الفن ويختبر معلوماته عن المسرحيات الشعرية، ونجح المليجي ومنحه ذلك الرجل الطيب خمسة قروش ليركب بها سيارة أجرة ليلحق بالفرقة قبل رفع الستار.

 

طالب .. ونشال

في العام التالي، كان المليجي يجمع بين تلقي الدروس في المدرسة وبين فرقة فاطمة رشدي التي حددت له راتبًا يوميًا قدره عشرة قروش، وفي إحدى الروايات كان يقوم بدور نشال يخطف حقائب السيدات، وفي أول الرواية يدخل المليجي إلى الضابط مكبلًا بقيد حديدي مع عسكري.. وحدث أن خرج المليجي مع زميله الذي يؤدي دور العسكري إلى البوفيه قبل بدء العرض، وكانا بملابس التمثيل وفي يد المليجي الكلبش.. ووقفا يتناولان بعض المشروبات، فتصادف وجود مدرس الحساب في مدرسة المليجي، ولم يكن على وفاق مع ذلك المدرس، فقد كان يحقر من شأنه ويتنبأ له بالفشل، ورغم حب المدرس للفن وتردده على المسارح إلا أنه ينكر ذلك.

وما كاد المدرس يري المليجي في البوفيه بالجلباب وفي يده الكلبش وبجانبه العسكري حتى صاح في وجهه:

ــ مش قلت لك.. آدي أخرتك.. لا حول ولا قوة إلا بالله

والتفت المدرس إلى العسكري زميل المليجي ليسأله:

ــ انت موديه على فين يا شاويش.

وعرف زميل المليجي أن المدرس شامت، فأراد له أن ينعم بشماتته، فرد عليه قائلًا:

ــ على القسم يا أفندم .. تحب حضرتك تضمنه مادام إنت تعرفه وأنا أسيبه.

فصاح المدرس باستنكار:

ــ أنا.. أعوذ بالله.. أنا ما أعرفوش خالص.

ثم تركهما المدرس وهرول ليلحق بمقعده في المسرح، وبعد قليل رفع الستار وبدأ المليجي يؤدي دوره، وبعد انتهاء الفصل الأول فوجئ بمدرس الحساب يقتحم الكواليس ويبحث عنه، وهجم على المليجي يحتضنه ويقبله ويقول له: مش كنت تقول يا راجل إنك فنان كبير كده.. ومن يومها تغيرت نظرة المدرس للمليجي، وبشره بمستقبل مشرق ونشأت بينهما صداقة كبيرة.

محمود المليجي وإسماعيل يس مع عبد الوارث عسر وزينات صدقي في فيلم إسماعيل يس في الأسطول

المليجي وحسين رياض في لقطة من فيلم الشيطانة الصغيرة

Dr.Randa
Dr.Radwa