الأربعاء 5 يونيو 2024

تعرف على خطوات إحالة قضية إلى المفتي

محكمة

الجريمة11-6-2022 | 16:06

هويدا على

تعتبر عقوبة الإعدام، من أقصى العقوبات التي يمكن توقيعها على المتهم كإجراء قضائي كعقاب، ولكن قبل أن يقضي القاضي بحكمه بالإعدام، يحيل أوراق المتهم إلى المفتي فماذا يعني ذلك وكيف يتم؟، أسئلة يجيب عليها أحمد التحيوي المحامى بالنقض والدستورية العليا.

بداية تقوم دار الإفتاء، بعد تسلم أوراق الإحالة، بدراستها جيدًا وعرض الأدلة التي تحملها ومطابقة كل ما ورد فيها للنصوص الشرعية ومعايير الفقه الإسلامي على اختلاف آراء الفقهاء، واختيار الرأي الذي يوافق الشريعة وصالح المجتمع، ويرفق التقرير الخاص بملف القضية بعد الانتهاء من إعداده، بظرف مغلق ومختوم، يتم تسليمه لمحكمة الجنايات في سرية تامة.

وتُحال الأوراق الخاصة بالإعدام للدار تنفيذا للمادة 2/183 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث تحيل محاكم الجنايات هذه القضايا بشكل وجوبي وملزم إلى المفتي وإلا يُعد الحكم باطلا، وبعد إرسال تقرير المفتي إلى المحكمة، تقوم المحكمة بالنطق بالحكم.

يذكر أن رأي المفتي هنا استشاري وليس ملزما بالنسبة للقاضي الذي يتخذ قراره بمنتهى الحرية على خلفية الرأي الشرعي الذي يصله من دار الإفتاء، لكن استشارة رأي المفتي لا تقلل من أهمية دوره، بل تميل المحكمة دائما إلى الأخذ برأيه، خاصة لو جاء تقريره قائما على أسانيد شرعية واضحة.

وتمر أوراق قضايا الإعدام بثلاث مراحل داخل دار الإفتاء المصرية وهي: مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ثم مرحلة التكييف الشرعي والقانوني.

وتتضمن مرحلة الإحالة، قيام دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها ودراسة الأوراق منذ بدايتها، وذلك قبل النطق بالحكم، ثم تأتي مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، وفيها تقوم دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها والالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسب ما تحمله أوراق القضية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم.

ويلي ذلك مرحلة التكييف الشرعي والقانوني، وفي هذه المرحلة يعاون المفتي هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتها دراسة ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المدانون يستوجب إنزال عقوبة القصاص حداً أو تعزيراً أو قصاصاً أو غير ذلك. كما من مهمة المفتي والهيئة المعاونة له في هذه المرحلة النظر في سؤال حول هل يستحق المتهم الإعدام أم لا وفقا للنصوص الشرعية. وتهدف هذه المرحلة لطمأنة القاضي إلى مشروعية حكمه، لأن هذه القضايا حساسة ويترتب عليها إزهاق روح، لذلك نصّ المشرع على أن يصدر حكم الإعدام بالإجماع، وذلك على عكس الأحكام الأخرى التي يمكن الاكتفاء فيها برأي الأغلبية فقط. كما أن حكم الإعدام لا بد أن يصدر من قبل أشخاص يتمتعون باستقرار نفسي وذهني، لذلك يتم إحالة القضية للمفتي لأخذ رأيه فيها.

وأضاف التحيوى أن إحالة أوراق المحكوم عليهم بالإعدام للمفتي هو إجراء قانوني وجوبي طبقا لنصوص القانون المصري، حيث اشترط القانون لتوقيع العقوبة أن تحال الأوراق للمفتي لاستطلاع رأيه الشرعي، على أن ينطق القاضي بحكم الإعدام بعد ورود تقرير المفتي وليس قبل ذلك وإلا يعتبر الحكم باطلا.

كما  أن المفتي ينظر في أوراق القضية من الناحية الشرعية لبيان مشروعية الحكم ولكي يطمئن ضمير القضاة إلى صحة حكمهم.

فأذا رأى المفتي أن الجريمة التي اقترفها المدانون لا تستحق الإعدام فيكتب ذلك في تقريره المرسل للقاضي، وهنا يكون رأي المفتي استشاريا وليس ملزما للقاضي ومن حقه أن يأخذ به من عدمه.

واستطرد قائلاً إن القاضي غالباً ما يأخذ برأي المفتي "كالتزام أدبي وديني على اعتبار أن هذا رأي الدين والشرع"، ولو صدر تقرير المفتي بعدم استحقاق المدان لعقوبة الإعدام تقوم المحكمة بتخفيف الحكم إلى المؤبد.