الخميس 25 ابريل 2024

مجتمع الميم .. قوس قزح المفروض على العالم

مقالات12-6-2022 | 11:57

ترددت عدة مرات في كتابة هذا المقال لحساسية موضوعه وأبعاده، فهو بمعايير المجتمعات الشرقية التي نشأت عليها كان ولا يزال وسيظل يدخل ضمن إطارات الموضوعات الصادمة التي تم تناولها وسردها في القصص الدينية بمنظور المحرمات التي جعلت من قوم لوط تُخسَف بهم الأرض رأساً على عقب، ويشار إليهم باللعنات التي أصابت قريتهم وجعلتهم هالكين لا محالة لمعانداتهم الفطرة التي أنشأنا عليها الله عز وجل.

فقرأت فيما قرأت قبل كتابة هذا المقال عن مجتمع الميم الذي اعتمد يوم 17 مايو من كل عام اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية الجنسية، ورهاب التحول الجنسي، ورهاب ازدواجية الجنسية، حيث بدأ الاحتفال به منذ عام 2005 - وفقاً لموقع ويكيبيديا - بغرض تنسيق الفعاليات الدولية التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي عن انتهاكات حقوق المثليين وتحفيز الاهتمام بها في جميع أنحاء العالم، وتم الاحتفال بهذا اليوم في 132 دولة من جميع أنحاء العالم، والعدد في تزايد نتيجة ممارسة ضغوط عالمية من مؤسسات إعلامية وسياسية ضخمة بل ودول بأكلمها.

ويشير موقع ويكيبيديا إلى أن مؤسسي اليوم الدولي لمكافحة رهاب المثلية الجنسية أسسوا لجنة تسمى IDAHO لتنسيق الإجراءات الشعبية في بلدان مختلفة للترويج لهذا اليوم، ولممارسة الضغط من أجل الاعتراف الرسمي به، حيث يأتي اختيار هذا التاريخ لإحياء ذكرى قرار "إزالة الشذوذ الجنسي من التصنيف الدولي للأمراض" لدى منظمة الصحة العالمية في عام 1990.

وتصورت كالعديد مثلي أن ألوان علم قوس قزح قد تشير في تعددها إلى الفكرة التي يرى فيها مجتمع الميم تنوعهم وتقبلهم لبعضهم البعض على اختلاف توجهاتهم، إلا أنه وبعد قراءات متعددة اتضح لي أن تلك الألوان الثمانية التي شكلت علم قوس قزح الراية الناطقة باسم الأقليات الجنسية تشير لعدد من الرموز، وقد ابتكره الفنان والناشط الأمريكي المثلي الراحل جيلبر بيكر عام 1978، رغبة منه في إبراز تنوع مجتمع الميم أي (مثليي الجنس، ومزدوجي الميل الجنسي، والمتحولين جنسياً).

وأتذكر فترة إقامتي بمدينة فرانكفورت الألمانية خلال أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، التي لم أجرؤ فيها على متابعة التليفزيون الألماني بشكل منتظم خاصة في فترات الليل، وذلك لهول البرامج والأفلام التي تتناول هذا الأمر بشكل يبدو طبيعياً للغاية داخل الإطار الدرامي أو الإذاعي المقدم، وزاد على هذا أن حدث معي خلال إحدى المرات التي كنت عزمت النية فيها على التسوق بمنطقة وسط البلد Ciel وما أن خرجت من على سلالم مترو الأنفاق الـ Uban إلا وقد سمعت صرخات وأصواتا احتفالية صاخبة لم أعتدها في الأوقات العادية في دولة النظام والنظافة، وأخذني الفضول لمعرفة مصدر تلك الأصوات، وبدأت أتتبع الأصوات لأجدها عبارة عن عدة سيارات متنوعة الشكل والحجم وهي تحمل رايتهم متعددة الألوان، وعدداً كبيراً من مرتدي الزي الأسود بتصفيفات شعر شاذة وملابس تفضح أكثر مما تستر، الأمر الذي جعلني أعود أدراجي فوراً من حيث أتيت، فقد تصورت وقتها أن الساعة آتية في هذه اللحظة لا محالة.

واعتدت فيما بعد على رؤية نماذج منهم (ذكورية أو أنثوية) في عدة أماكن كالشارع والسوبر ماركت والمحال التجارية، حيث بدا المجتمع الألماني متقبلاً تماماً لهم، بل ومنحازاً ومدافعاً من منطلق ممارسة كافة الحريات الإنسانية كما يحلو للبعض تسميتها.

وتمر السنون لأخوض عدة تجارب أخرى تخص مجتمع الميم، فخلال وجودي بالمملكة المتحدة لحضور منحة دراسية امتدت خلال شهري نوفمبر وديسمبر، ذهبنا خلالها إلى عدة أماكن رسمية على هامش المنحة ومنها وزارة الخارجية البريطانية، حيث لفت أنظاري منذ الوهلة الأولى ارتداء الجميع لدبوس زينة (بروش) يحمل علم المثليين، وذهلت وقلت في نفسي هل يبدو معقولاً أن يكون كل هؤلاء من مجتمع الميم صدفة !! إلا أنه وبعد مروري بعدة تجارب رأيت فيها العديد من المسؤولين ومن الشعب ذاته يرتدي هذا الدبوس، علمت أنه على سبيل التعاطف ومن قبيل إبداء الدعم المعنوي والنفسي لهم.

الطامة الكبرى بالنسبة لي حينما ألح عليّ بعضٌ من زملائي للذهاب معهم وحضور مباراة كرة قدم بين فريقي ويست هام ومانشستر يونايتد باستاد ويست هام، وبعد محايلات عدة منهم والدخول في مهاترات التفاوض مع بائعي التذاكر من السوق السوداء بسعر أقل من النصف عن مثيلتها في شباك التذاكر، دخلنا إلى الاستاد الضخم الفخيم المغطى نصفه بحرفية تامة لتمنع قدر الإمكان تسرب رياح ديسمبر شديدة البرودة إلى داخل مدرجات الملعب.

وما هي إلا بضع دقائق واصطف فيها الفريقان وبجانبهم العلم الذي يحمل رمز كل فريق ويتوسطهم علم المثليين !! وهنا هالني الموقف لفجاجة رسالته، فما هو دخل مباراة كرة قدم بعلاقات جنسية!! بل ما دخل الرياضة بأكلمها بقضية جدلية لا تزال محل رفض من العديد من البلدان والمجتمعات!! ولماذا تصر المجتمعات التي تدعي احترامها لحقوق الإنسان على تمرير تلك الرسالات الخبيثة بطريقة الحقنة تحت الجلد كحقنة الأنسولين.

الأمر أصبح جداً فجا ومنفرا بقدر التبجح الذي مارسه العالم الغربي على العالم كله لقبول وتقبل فكرة مجتمع الميم والاعتراف بهم وبحقوقهم المزمعة، إلى الحد الذي جعل - مع كل أسف- من تلك الدولة العربية المسلمة تقبل باستقبالهم واستضافتهم خلال فترة إقامة كأس العالم لكرة القدم بأرضها.    

الرجاء والمناشدة موجهة لكل أسرة وكل أب وأم، وكل مؤسسة إعلامية وثقافية ودينية، لأن يضطلع كل منهم بمسؤوليته المخولة إليه لمتابعة ومواجهة كل المنصات الرقمية ورسائلها الخبيثة، والمناهج ووسائل التعليم التي تقوم بها المدارس والجامعات الدولية، فالأمر لم يجئ بالصدفة، ولن يرحل بالصدفة، فهو لم يأت لكي يرحل، بل جاء لأهداف عديدة منها الحد من نسب المواليد في العالم والتخلص من الأعباء التي تتحملها بعض الأنظمة الاقتصادية في العالم، تماماً كما جاءت كورونا للتخلص من كل من هو يمثل عبئاً على الأنظمة الصحية في العالم.

بقدر استيائي وبحجم غضبي، بفضل من الله يحميني بما نشأت عليه من التحصين الذاتي، والتقييم الشخصي، والتعامل بما لا يتعارض مع نظرية تقبل الآخر في المطلق ولا يخل بالثوابت الدينية والقيمية في ذات الوقت، رمانة ميزان وجب الالتفات إليها وتطبيقها.

تواريخ ومعلومات مهمة عن مجتمع الميم:

  • يونيو 1970 أصبح شهراً مميزاً يحتفل فيه المثليون في بلدان عديدة بصوت عال في الشوارع تكريماً لصيف 1969 الذي نزل فيه المثليون والمثليات والمتحولون جنسياً ومزدوجو التوجه الجنسي إلى الشوارع للضغط على المجتمع والمطالبة بحقوقهم (وفقاً لمفاهيم الحرية التي ينتهجوها ويفرضوها).
  • عام 1994 بدأ الاحتفال السنوي بمجتمع الميم في الولايات المتحدة.
  • يوم 11 أكتوبر اعتمد باعتباره اليوم الوطني للإجهار بالمثلية الجنسية في الولايات المتحدة.
  • شهر فبراير تقام فيه احتفالات كبيرة في المملكة المتحدة بسبب إلغاء المادة 28 لعام 2005 التي منعت السلطات المحلية من تعزيز المثلية الجنسية.
Dr.Randa
Dr.Radwa