الثلاثاء 14 مايو 2024

«الحفيد» بين الأدب والدراما والمسرح

مقالات14-6-2022 | 23:40

من الأعمال الأدبية النادرة التى تم تناولها أكثر من مرة فى الدراما السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، رواية الحفيد للأديب الراحل عبد الحميد جودة السحار، التى تحولت سينما، عقب وفاته بعام حيث عرض الفيلم بنفس اسم الرواية عام 1975، لعبد المنعم مدبولى وكريمة مختار ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وميرفت أمين، وحقق نحاجًا كبيرًا بما له من بعد اجتماعى يمس الأسرة المصرية والعربية في هذه الفترة، ويستعرض مشكلات العائلة بحس كوميدى فكاهى ولم يمض عام إلا والتقطتها الدراما التليفزيونية، وتم تقديمه من منظور اجتماعى صرف فى عام 1976، للمخرج إبراهيم الصحن، بطولة "عماد حمدى، وزهرة العلا، وصلاح السعدنى، وفردوس عبد الحميد، ومشيرة إسماعيل"، وطوال ما يقرب من نصف قرن لم يجرؤ أحد من الدخول فى عالم عائلة زينب وحسين، حتى تحمس المخرج محمد يوسف المنصور، ليعيد تقديمها على خشبة المسرح القومى. 

العرض يقوم على خطين متوازيين، الأول يستعرض الماضى، والثانى الحاضر، فتبدأ أحداث الرواية بسبوع الحفيد وسط احتفال الأسرة، ليقطع المشهد المخرج ويفك خط التماس بين الخطين ويكسر حائط الإيهام الرابع بين أبطال العرض والجمهور، ويعود بالزمن لأكثر من أربعين عامًا، بالتحديد عام 1980، عندما كانت زينب "لوسى" ذات الـ18 ربيعًا، والتى يتقدم لخطبتها شابين رغم حبها لابن الجيران، إلا أن إرادة والدها تسود على إرادتها وتتزوج حسين وتصبح هى المسيطرة على مجريات الأحداث بعد أنجابها 7 أطفال، وسرعان ما يتنقل المخرج بين الحاضر والماضى، ليوضح الفكرة الأساسية من العرض، وهى تأثيرالعادات والتقاليد فى ربة الأسرة دون الوعى للتأثير التى تتركه فى الأولاد من أبعاد نفسية مرهقة، وسرعان ما ينقلنا المخرج لهذه العائلة فى عام 2000، وتأثير هذه العادات على الأسرة، خاصة الأم المسيطرة التى تقوم بوأد أبسط حقوقهم، فالابنة تجعلها تتخلى عن حلمها بالدخول معهد التمثيل والزواج رغمًا عن إرادتها ويتكرر الأمر مع ابنها الذى يتمنى العمل فى الإخراج، لكن مجموعه يدخله طب فترغمه على دخول كلية الطب، أما باقي الأولاد السبع، ابن كبير ترك تعليمه ليساعد فى مصاريف البيت بعد مرض والده، وابن يستطيع جلب الأموال من الهواء على حد قولها، وابنة طُلقت بعد عام، وأخرى لا تنجب، وأخت زوج لم تتزوج وتتعرض لابتزاز اجتماعى من كلمة "عانس"، حتى يقفز المخرج للحاضر بعد وفاة الأب، ويتقدم الجار الذى تحول لمطرب "نعنان الجنينة"، للتقدم للحب القديم زينب، هنا يصل الصراع إلى الزروة وتحدث المكاشفات لينتهى العرض بالنهاية السعيدة من كسر زينب نفسها العادات والتقاليد وكلام الناس وكلمة عيب التى تكررت فى كل مشهد لتتفاعل مع الواقع وتحل كل الأزمات. 

العرض فى مجمله عرضًا جيدًا بذل فيه الجميع أقصى مجهودًا ليخرج بهذا المستوى من الكمال ولا ينقصه أى عنصر من عناصر المتعة المسرحية، سواء استعراض أو غناء أو حبكة أو سينوغرافيا، فقد أدى الجميع وخاصة المخرج الذى قدم نفسه كممثل متميز، واستطاعت الفنانة لوسى أن تخطف الأضواء بتجسيدها ما يقرب من نصف قرن، ومع كل نقلة تشعر أنها ملائمة للعمل بداية من ابنة الـ18 عاما، حتى اقترابها من سن الستين، ونجح عابد عنان فى تقديم دور الابن الكبير الذى ضحى من أجل العائلة، وتهدمت أحلامه فأصبح مثال للشاب اليائس، أما تامر فرج فأجاد فى دور حسين وقدمه بشكل بعيد تمامًا عن ما قدمه عبد المنعم مدبولى وعماد حمدى فى الأعمال التى تناولت الرواية، فقد أجاد كل نجوم العمل بداية من عادل عفر، محمد مبروك، شيريهان الشاذلى، يوسف المنصور، رنا خطاب، زينب العبد، محمود عبد الرازق، نشوى على عبد الرحيم، ندا عفيفى، وعبد البارى سعد، وساعدهم مهندس الديكور حمدى عطية، الذى قدم سينوغرافيا سهلة فى الفك والتركيب، وساعده إضاءة حازم أحمد، وملابس مروة عودة.

العمل فى مجملة عمل مميز، لكن يعيب عليه زيادة لحظات الميلودراما فى النصف الثانى من نصف الرواية الثانى، كما يغلب عليه طابع الخطابة والتكرار على مضمون العرض الذى يفهمه المتلقى من الوهلة الأولى، فالنصف الثانى من العرض شهد مزيدًا من الخطابة أقرب للمقال الصحفى، فضلًا عن كثرة المشكلات التى عرضها العرض بلا عمق، وأن كان الأفضل عرض مجموعة أقل بعمق أكبر للمشكلات وتأثيراتها المختلفة.

وتبقى كلمة أخيرة للنجم إيهاب فهمى، مدير المسرح القومى، الذى تحمس لهذا العمل وزلل له كل السبل ليخرج بهذا المستوى، والذى ينم عن وعى بإدارة المسرح القومى الذى تجاوز عمره الـ120 سنة.

Dr.Radwa
Egypt Air