قالت الموقع الإخبارى لصحيفة (لا تريبيون) الفرنسية، اليوم /السبت/ إن تشديد السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الدين العام؛ الأمر الذى سيؤدى إلى اقتراض الدول الأوروبية عند مستويات شديدة التفاوت والأكثر تأثرا ستكون الدول التي تعتبر الأضعف.
وتناولت (لا تريبيون) - في تقرير اليوم - مسألة "تفتيت" الديون السيادية والخطر الذي تشكله هذة الظاهرة على منطقة اليورو، منوه إلى أنه على مدى عشر سنوات، اتبع البنك المركزي الأوروبي سياسة نقدية تيسيرية، تميزت بالانخفاض المستمر في أسعار الفائدة إلى 0% واسترداد الأصول المالية ، بما في ذلك السندات الحكومية وسندات الشركات.
وتابعت الصحيفة قائلة "إن الارتداد الحاد في التضخم إلى 8% في منطقة اليورو كان بسبب هذه السياسة ، التي جعلت من الممكن إعادة إطلاق الاقتصاد من خلال خفض تكاليف التمويل، وبالتالي تشجيع الاستثمار التجاري واستهلاك الأسر"، لافتا إلى أنه مطلع الشهر الجارى أعلنت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد زيادة أسعار الفائدة الرئيسية ونهاية برامج إعادة شراء الأصول المالية؛ مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفائدة التي تقترض بها دول منطقة اليورو ديونها.
وأردفت "لا تريبيون": انعكس ذلك فوراً على سوق السندات وواصلت فجوة الأسعار اتساعها بين إيطاليا ( 4%) وإسبانيا والبرتغال(3%) و فرنسا (2%) مقارنة بسعر سندات الاقتراض لعشر سنوات في ألمانيا (بوند)، التي تشكل مرجعا، مشيرا إلى أن هذا الأمر أذكى مخاوف السوق من "تفتيت" الديون السيادية لمنطقة اليورو.
وأوضح الخبير الاقتصادى إريك دور إلى إن ظاهرة الفجوة بين أسعار الفائدة للدول أمر منطقي في الأوقات العادية، إلا أنها في فترات الضغط على الأسواق المالية، كما هو الوضع فى الوقت الراهن، يكون الفارق بين أسعار الفائدة مفرطًا، أي أنه لم يعد يعكس الأسس الاقتصادية لهذه البلدان.
وتابع الخبير الاقتصادي إريك دور قائلا "كان التشرذم بين أسعار الفائدة السيادية واضحًا منذ إعلان البنك المركزي الأوروبي عن تشديد سياسته النقدية"، مشيرا إلى أن تحول فرانكفورت يعني"رفع أسعار الفائدة الرئيسية ولكن أيضًا وقف برامج إعادة شراء الأصول ، لا سيما السندات السيادية.
وأضاف "بدون دعم البنك المركزي الأوروبي من خلال عمليات إعادة شراء السندات، يمكن أن ترتفع تكلفة الديون بشكل كبير"، موضحا أنه بعد تحول البنك المركزي الأوروبي، تخشى الأسواق تدهور الوضع الاقتصادي على خلفية التضخم وعواقبه على العجز العام، مضيفا "أن الأسواق - في هذا السياق من التباطؤ الاقتصادي - تشعر بالقلق إزاء الصحة المالية لبعض الدول؛ مما يدفعها إلى رفع أسعار الفائدة السيادية دون مطالبة دول أخرى بنفس القدر"، مشيرا إلى أن الفجوة بين المعدلات السيادية آخذة في الاتساع.
وأعاد الخبير الاقتصادى إلى الأذهان ما حدث إبان أزمة الديون السيادية من 2010 إلى 2012 حيث شهدت الفائدة على ديون بلدان جنوب أوروبا ارتفاعا كبيرا بسبب خوف المضاربين من تخلف اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال عن السداد وترك منطقة اليورو لتحويل ديونهم المثقلة بالديون إلى عملة وطنية.
وقال إريك دور: لقد عاد "التشرذم" على الساحة في ربيع عام 2020. عندما اندلعت الأزمة الصحية ، أدركت الأسواق أن الوباء سيكلف الدول مبالغ طائلة و سيزيد عجزها. مما أدى إلى ارتفاع شديد فى الفروق بين أسعار الفائدة السيادية".
واختتم "خلال فترات الذعر المتعلقة بالمضاربة على الديون، يميل المستثمرون إلى بيع السندات الحكومية للدول التى قد تتخلف عن السداد مثل اليونان في عام 2011. وفي حال موافقة بعض المستثمرين على شراء السندات السيادية؛ فإنهم يطالبون بعلاوة مخاطر عالية جدًا في المقابل؛ الأمر الذي يتسبب في قفزة في عائدات هذه الدولة السيادية، يمكن أن تصبح تكلفة الديون عندئذٍ لا يمكن تحملها بالنسبة للدول المعنية. بالنسبة للأخير، يصبح خطر التخلف عن السداد السيادي حقيقيًا".