كان لي صديقًا يشغل مكانًا مرموقًا في إحدى الجهات السيادية في الدولة، وقررت زيارته بعد أن طلب مني صديقي الذي يعيش خارج مصر، وجاء في زيارة قصيرة، فقد عرفته عليه يومًا ما، واستمرت الصداقة عبر خطوط الهاتف أو رسائل الواتس واستمرت، خاصة وأنه تجمع بينهما أصدقاء مشتركين ويعيشون أيضًا خارج مصر، ومن حسن حظي أني أعرف بعض منهم فهم من صفوة الزمن الجميل واستمرت العلاقات بعد خروجه لسن التقاعد.. وهاتفته حتى نلتقي فقدم اقتراحين أما أن نلتقي في مكان عام أو في مكتبه.. واتفقنا أن نزوره في مكتبه الجديد حيث يشغل مكانًا مرموقًا يليق بمنصبه السابق وأخلاقه وإنسانيته.. وسعدت أيما سعادة لما وجدته عليه.. ولفت نظري اسم مجموعة الشركات وهو "الجازي"، وشرح لي أنها أحد أنواع الغزلان.
وفي التراث العربي اشتهر الغزال أو الظبي بقوامه الممشوق وتوصف المرأة الحسناء فارعة الطول بأنها كالغزالة.. وتغنى الشعراء به على مر التاريخ.. وكتب حسين السيد كلمات لحنها منير مراد في لحن متميز أطلقه محمد رشدي.. كعب الغزال يا متحني بدم الغزال.. أنا شايف الأرض بتتمرجح تحت الخلخال.. متبطل تمشي بحنية ليقوم زلزال.. ويختم.. ونسيت مووايلي وبقيت أنت لوحدك موال.. لا والله عليك حتة ماشية لو ساعتي شافتها ماهيش ماشية.. دي حاجات مش ممكن يظبطها ولاميت طبال.. أما محرم فؤاد الإسكندراني غنى للغزال الإسكندراني، وقاله ياللي اسمك أحلى من كل الأسامي من بعيد لبعيد بوصلك غرامي.. أما أغنيلك لقولك يا غزال.. للهوى يعرف لمين ببعت سلامي.. وأسهر الليل غصب عني وأحضن النسمة وأغني عالحليوة الأسمراني.. يا أسمراني.. وبرغم أن مدينتي العتيقة فيها أحد العائلات تسمى آل الغزال، ولا أعرف سبب التسمية وربما لأن فيهم كثير من الجمال رجالًا ونساءً، ولكن لم يغني أحد للغزال السيناوي، برغم أن رجال الخليج كانوا يأتون في قافلة صيفية بالحاشية لاصطياد الغزلان في وديان سيناء، قبل أن تتبنى وزارة البيئة حملة وقف الصيد الجائر.. يا قمر يا خدود يا ليل يا عيوني كحيلة.. قلبي له قصة من القصص الطويلة.. وأعمل إيه مش عارف أحكي وله أخبي.. والغريب ما حيلته أي حيلة ده الغريب.. وادعى بالشوق عالغزال اللي رماني.. هذا ما كتبه مرسي جميل عزيز، ولحنه بليغ حمدي في لحن شجي رائع يطربني وأرفع صوت مذاياع سيارتي حين اسمعها، وأحس وكأنني في نزهة على كورنيش عروس البحر المتوسط، في ليلة صيفية تلفح نسمات الهواء شعر الصبايا فتنثر الألحان التي يشدو بها مطربي الزمن الجميل بين شطين ومية عشقتهم عنية وتراتيل خلخال صوت محمد رشدي، وترانيم صوت محرم فؤاد على وقع أنغام أقوى حنجرة في زمن الطرب محمد قنديل.
وخرجت من الزيارة وأنا سارح بين الغزلان والوديان وسهول سيناء وشاطئ إسكندرية وأشجان وليال صيف تزينها الألحان.