الخميس 25 ابريل 2024

نظرات فى مشاكل أسرية

مقالات20-6-2022 | 00:37

إن مشاكل أسرية تبدو – للأسف – كثيرة، وبواعثها عديدة من الجهل بأحكام الشريعة الغراء، أو الفهم الخاطئ لنصوص شرعية ذات علاقة، أو لأعراف وعادات فاسدة، فى بيئات مختلفة .

وقد انتهز متحاملون مشاكل الأسرة فزايدوا بها واتخذوها لتغيير ثوابت وقطعيات إسلامية بدعوى الإنصاف والحقوق للمرأة فقط، أى النظر إلى الأمور بعين واحدة لا بعينين ، وظهرت تقنينات وقوانين، وعقدت مؤتمرات ، وسيقت مسودات مشاريع قوانين ، تعالج أجزاء من مشاكل ، وفى الحقيقة هى بمثابة المسكنات المؤقتة ، والمجملات الظاهرية .

تأسيساً على ما ذكر 

فإن معالجات حكيمة، ومداوات واقعية من وجهة نظرى تستدعى الإلمام بأمور منها : 

الحقوق الأسرية :

 أ الزوجة . ب الزوج . ج الأولاد . د الأصول ( الوالدان ... .هـ الأرحام .

 

وأعرضها على النحو التالى : 

أولا الحقوق المشتركة بين الزوجين : 

أ المعاشرة بالمعروف : 

 ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المعاشرة بالمعروف واجبة على كل واحد من الزوجين، فيلزم على كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر المعروف من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وأن لا يماطل بحقه مع قدرته، ولا يظهر الكراهة لبذله، بل يبذله ببشر وطلاقة، ولا يتبعه منة ولا أذى، لأن هذا من المعروف المأمور به ، لقوله تعالى "وعاشروهن بالمعروف "، وقوله "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، قال أبو زيد تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيكم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي لأن الله تعالى يقول "  ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف "  وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه لقوله تعالى "  وللرجال عليهن درجة " ، .

ويسن لكل واحد منهما تحسين الخلق لصاحبه، والرفق له، واحتمال أذاه لقوله تعالى "  واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالولدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب "  قيل الصاحب بالجنب هو كل واحد من الزوجين، قال ابن الجوزي معاشرة المرأة بالتلطف لئلا تقع النفرة بين الزوجين مع إقامة هيبة الزوج لئلا تسقط حرمته عندها ، قال الحنفية هي أمر مندوب إليه ومستحب ، قال الله  تعالى "  وعاشروهن بالمعروف ".    قيل المعاشرة بالفضل والإحسان قولا وفعلا وخلقا، قال النبي -  صلى الله عليه وسلم - ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي  . 

ب- استمتاع كل من الزوجين بالآخر : 

ذهب الفقهاء إلى أنه يحل لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر، ولهم في ذلك تفصيل

نص الشافعية والحنابلة على أنه يحل لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر كما يحل له النظر إلى جميع بدن صاحبه وكذا لمسه ،  لحديث ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت 

يمينك (،  وقال الحنفية إن من أحكام النكاح الأصلية حل وطء الزوج لزوجه إلا في حالة الحيض والنفاس والإحرام وفي الظهار قبل التكفير قال تعالى "  والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزوجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين " ،   وقال -  صلى الله عليه وسلم -  اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله  ،  وكلمة الله هي الإنكاح والتزويج ، ولأن النكاح ضم وتزويج لغة فيقتضي الانضمام والازدواج ، ولا يتحقق ذلك إلا بحل الوطء والاستمتاع ، وحل الاستمتاع مشترك بين الزوجين ، فإن المرأة كما تحل لزوجها فزوجها يحل لها، قال الله عز وجل "  لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن "، وللزوج أن يطالبها بالوطء متى شاء إلا عند اعتراض أسباب مانعة من الوطء كالحيض والنفاس والظهار والإحرام وغير ذلك.

وللزوجة أن تطالب زوجها بالوطء، لأن حله لها حقها، كما أن حلها له حقه، وإذا طالبته يجب على الزوج ويجبر عليه في الحكم مرة واحدة، والزيادة على ذلك تجب فيما بينه وبين الله تعالى من باب حسن المعاشرة واستدامة النكاح فلا يجب عليه عند بعض الحنفية، وعند بعضهم يجب عليه في الحكم.

وأضاف الكاساني ومن الأحكام الأصلية للنكاح الصحيح حل النظر والمس من رأسها - أي الزوجة - إلى قدميها في حال الحياة، لأن الوطء فوق النظر والمس فكان إحلاله إحلالا للمس والنظر من طريق الأولى ،   .

وقال المالكية يحل لكل من الزوجين بالعقد الصحيح النظر لسائر أجزاء البدن حتى نظر الفرج، ويحل بالنكاح والملك للأنثى تمتع بغير وطء دبر،   .

ج- الإرث

 من الحقوق المشتركة بين الزوجين التوارث، فيرث الزوج زوجته كما ترث الزوجة. زوجها متى توافرت الشروط، وقد بين الله تعالى ميراث كل من الزوجين في قوله عز وجل "  وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ " ،  

 

 د- حرمة المصاهرة

 تحرم الزوجة على آباء الزوج وأجداده وأبنائه وفروع أبنائه وبناته، ويحرم على الزوج أمهات الزوجة وجداتها وبناتها وبنات أبنائها وإن نزلن، لأنهن من بناتها، ويحرم عليه أن يجمع بين الزوجة وأختها أو عمتها أو خالتها، كما تحرم على الرجل زوجة الأب والجد وإن علا من العصابات أو من ذوي الأرحام، وكذلك تحرم زوجة الفرع وإن سفل.

 هـ ثبوت نسبت الوالد

يثبت نسب الولد من صاحب الفراش في الزوجية الصحيحة بعقد النكاح متى توافرت سائر شروط ثبوت النسب، لقوله صلى الله عليه وسلم ( الولد للفراش ،    . 

ثانيًا: حقوق الزوج

حقوق الزوج على زوجته أعظم من حقوقها عليه، لقول الله تعالى "  ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " ،   قال الجصاص أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه مثله، 

وقال ابن العربي في قوله تعالى "  وللرجال عليهن درجة "  هذا نص في الزوج مفضل عليها، مقدم في النكاح فوقها ،   .

ومن حقوق الزوج على زوجته:

أ - طاعة المرأة زوجها

اتفق الفقهاء على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة، لقوله تعالى "  الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم "، ولقوله تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " ،   واتفقوا كذلك على أن وجوب طاعة الزوجة زوجها مقيدة بأن لا تكون في معصية لله تعالى، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لقوله -  صلى الله عليه وسلم -  لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل  ،  

 

ب- تسليم الزوجة نفسها إلى الزوج

من حق الزوج على زوجته أن تمكنه من الاستمتاع بها، فإذا كانت مطيقة للجماع وتسلمت معجل صداقها وطلب الزوج تسلمها وجب تسليمها إليه وتمكينه من الاستمتاع بها.

ج- عدم إذن الزوجة في بيت الزوج لمن يكره دخوله .

من حق الزوج على زوجته أن لا تأذن في بيته لأحد يكره دخوله لقول النبي -  صلى الله عليه وسلم - فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون   .

د- عدم خروج الزوجة من البيت إلا بإذن الزوج . 

من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من بيت الزوجية إلا بإذنه، فإن خرجت بدون إذنه فقد ارتكبت معصية، لكن الفقهاء اشترطوا في ذلك أن يكون البيت صالحا للبقاء فيه، وألا يوجد سبب يجيز لها الخروج من البيت بغير إذن الزوج لحديث "أن امرأة أتت النبي -  صلى الله عليه وسلم -  فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على الزوجة؟ فقال حقه عليها ألا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع ، .

هـ - سفر الزوج بامرأته

ذهب الفقهاء - في الجملة - إلى أن للزوج السفر بامرأته، والانتقال بها إلى حيث ينتقل، ولهم في ذلك التفصيل : 

فقد اختلف فقهاء الحنفية في الأحوال التي يحق فيها للزوج السفر بزوجته .

قال الكمال إذا أوفاها مهرها أو كان مؤجلا نقلها إلى حيث شاء من بلاد الله، وكذا إذا وطئها برضاها عند أبي يوسف ومحمد ، لقوله تعالى "  أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم "،   

وقيل لا يخرجها إلى بلد غير بلدها لأن الغريب يؤذى، واختاره الفقيه أبو الليث ، قال ظهير الدين المرغيناني الأخذ بكتاب الله تعالى أولى من الأخذ بقول الفقيه يعني قوله تعالى " أسكنوهن من حيث سكنتم "  وأفتى كثير من المشايخ بقول الفقيه لأن النص مقيد بعدم المضارة بقوله تعالى "  ولا تضاروهن" بعد "أسكنوهن "  والنقل إلى غير بلدها مضارة، فيكون قوله تعالى "أسكنوهن من حيث سكنتم" مما لا مضارة فيها، وهو ما يكون من جوانب مصرها وأطرافه والقرى القريبة التي لا تبلغ مدة سفر، فيجوز نقلها من المصر إلى القرية، ومن القرية إلى المصر.

وقال بعض المشايخ إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان رجلا مأمونا فله نقلها .

واختلف المالكية في تفصيل حكم المسألة .

قال الدردير إن لم يسلم الزوج للزوجة المعين أو حال الصداق المضمون فلها منع نفسها من الدخول حتى تسليمه لها، ولها منع نفسها من الوطء بعد الدخول، ولها المنع من السفر معه قبل الدخول إلى أن يسلمها ما حل من المهر أصالة أو بعد التأجيل، هذا كله إذا لم يحصل وطء ولا تمكين منه، فإن سلمت نفسها له - وطئ أو لم يطأ - فليس لها منع بعد ذلك من وطء ولا سفر معه موسرا كان أو معسرا، وإنما لها المطالبة فقط ورفعه إلى الحاكم كالمدين، إلا أن يستحق الصداق من يدها بعد الوطء فلها المنع بعد الاستحقاق حتى تقبض عوضه، لأن من حجتها أن تقول مكنته حتى يتم الصداق لي ولم يتم، وكذلك لها أن تمتنع من تمكينها بعد الاستحقاق حتى يسلمها بدله إن غرها بأن علم أنه لا يملكه، بل ولو لم يغرها لاعتقاده أنه يملكه بأن ورثه أو اشتراه   .

وقال الشافعية يجب على الزوجة السفر مع زوجها، إلا أن لها حبس نفسها لتقبض المهر المعين والحال، لا المؤجل لرضاها بالتأجيل   .

وقال الحنابلة للزوج السفر بزوجته حيث شاء، إلا أن تشترط بلدها، لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم كانوا يسافرون بنسائهم، فإن اشترطت بلدها فلها شرطها لحديث ( إن أحق الشرط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج  ،  ، وإلا أن تكون أمة فليس للزوج سفر بها بلا إذن سيدها، لما فيه من تفويت منفعتها نهارا على سيدها، وليس لسيد سفر بأمته المزوجة بلا إذن الزوج لأنه يفوت حقه منها   .

و- خدمة المرأة لزوجها

اختلف الفقهاء في وجوب خدمة الزوجة زوجها، فذهب جمهور الفقهاء - الشافعية والحنابلة وبعض المالكية - إلى أنه لا يجب على الزوجة خدمة زوجها، والأولى لها فعل ما جرت به العادة.

وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة الزوجة زوجها ديانة لا قضاء.

وذهب جمهور المالكية إلى أن على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها.

ز- تأديب الزوج امرأته

اتفق الفقهاء على أن للزوج تأديب زوجته لنشوزها وما يتصل بالحقوق الزوجية لقول الله عز وجل "  وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ". 

ح- الطلاق

إنهاء النكاح بالطلاق حق للزوج، وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، والأصل فيه عند جمهور الفقهاء الإباحة، وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الحظر، لكنهم يتفقون على أنه تعتريه الأحكام الخمسة بحسب ما يرافقه من قرائن وأحوال.

 ثالثا حقوق الزوجة

يرتب عقد النكاح الصحيح حقوقا للزوجة على زوجها هي : 

أ- المهر

 يجب على الزوج بالنكاح الصحيح  المهر للزوجة، وقد ثبت هذا الوجوب بالكتاب والسنة والإجماع . 

فمن الكتاب قول الله عز وجل " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "  .

ومن السنة :  قول النبي -  صلى الله عليه وسلم -  لمريد النكاح ( التمس ولو خاتما من حديد، وانعقد الإجماع على وجوب المهر على الزوج لزوجته .

 ب- النفقة

تجب للزوجة النفقة على زوجها، لقول الله تعالى "  وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " ،  وقول رسول الله -  صلى الله عليه وسلم - اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ،  وفي شروط وجوب هذه النفقة، ومقدارها، وما تتوقف به، وما تسقط به. 

 

ج - إخدام الزوجة

من حق الزوجة على زوجها إخدامها، لأن ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها، ولأن هذا من كفايتها ومما تحتاج إليه على الدوام فأشبه النفقة .

 د- القسم بين الزوجات

اتفق الفقهاء على أنه يجب على الرجل أن يعدل في القسم بين زوجاته، وأن يسوي بينهن، لأن ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها، ولما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -  صلى الله عليه وسلم -  قال ( إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط   . 

وفي القسم، وما يتحقق به العدل فيه، وعماده مدته، والزوج الذي يستحق عليه، والزوجة التي تستحقه، وقضاء ما فات منه، في ذلك كله وغيره من مسائل القسم .

هـ - البيات عند الزوجة

اختلف الفقهاء في وجوب بيات الزوج عند زوجته، أو عدم وجوبه فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه يجب على الزوج أن يبيت عند زوجته، ولكنهم اختلفوا في تقديره أو عدم تقديره.

وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يجب على الزوج البيات عند زوجته وإنما يسن له ذلك.

 و- إعفاف الزوجة

من حق الزوجة على زوجها أن يقوم بإعفافها، وذلك بأن يطأها حتى تعف بالوطء الحلال عن الحرام.

لكن الفقهاء اختلفوا في وجوب وطء الرجل امرأته أو عدم وجوبه .

آثار النكاح غير الصحيح : 

أ- وجوب المهر : 

آثار النكاح غير الصحيح : 

عقد النكاح غير الصحيح هو الذي لم يستوف أركانه وشروط انعقاده وصحته.

والفقهاء يقسمون عقد النكاح - كغيره من العقود - إلى صحيح وغير صحيح، والقسم الثاني يشمل - عندهم - الباطل والفاسد،   .

وعقد النكاح غير الصحيح لا يترتب عليه بذاته أثر شرعي إلا إذا أعقبه دخول، فإن أعقبه دخول ترتب عليه بعض الآثار ويظهر ذلك فيما يأتي : 

أ- وجوب المهر

يجب المهر بالعقد في النكاح الصحيح أو بالدخول في النكاح الفاسد، لأن الدخول بالمرأة يوجب الحد أو المهر، وحيث انتفى الحد لشبهة العقد فيكون الواجب المهر.

والتفصيل في مصطلح ( مهر ف 3 ، 45  ).

ب- وجوب العدة

ذهب الفقهاء إلى وجوب العدة على 41 319 المرأة المدخول بها في النكاح الفاسد .

والتفصيل في مصطلح ( عدة ف 47 ( .

ج- ثبوت النسب

يثبت نسب الولد بالوطء في النكاح الفاسد في الجملة، احتياطا لحق الولد في النسب، وإحياء له، ولعدم تضييعه.

والتفصيل في مصطلح ( نسب 12- 13  (.

د- ثبوت حرمة المصاهرة

اتفق الفقهاء على أن حرمة المصاهرة تثبت بالدخول في عقد الزواج الفاسد .

والتفصيل في مصطلح ( محرمات النكاح ف 12 ( .

 

انتهاء النكاح : 

ينتهي النكاح وتنفصم عقدته بأمور منها ما يكون فسخا لعقد النكاح يرفعه من أصله أو يمنع بقاءه واستمراره، ومنها ما يكون طلاقا أو في حكمه، ومن ذلك : 

 

أ- الموت : 

تنحل رابطة الزوجية إذا مات أحد الزوجين .

ولكنه مع ذلك يترتب على النكاح الذي انتهى بالموت أحكام منها أن من بقي من الزوجين يرث من مات منهما، وأن الزوجة تحد وتعتد إن توفي الزوج، ويحل ما أجل من صداقها إن كان المتوفى أحدهما. 

ب- الطلاق : 

الطلاق هو رفع قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه، والنكاح الذي يرفعه الطلاق هو النكاح الصحيح.

وقد اتفق الفقهاء على أصل مشروعية الطلاق، واستدلوا بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، لكنهم اختلفوا في الحكم الأصلي للطلاق هل هو الإباحة أو الحظر؟ كما بينوا مسائله بيانا وافيا.

 ج- الخلع : 

الخُلْع - عند جمهور الفقهاء- فُرقة بعِوض مقصود لجهة الزوج، بلفظ خلع أو طلاق.

والخُلْع جائز في الجملة، واستدل الفقهاء على جوازه بقول الله تعالى "  فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ "،    وبقول رسول الله -  صلى الله عليه وسلم -  لثابت بن قيس - في أولِ خلع وقع في الإسلام- ( اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ،  وبإجماع الصحابة والأمة على مشروعيته وجوازه.

وقد بين الفقهاء أحكام الخلع ومسائله بيانا شافيا.

 د- الإيلاء : 

إذا أصر الزوج المولي على عدم قربان زوجته بعد المدة التي حددها الله تعالى بقوله "  لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "، ،  فإن الطلاق يقع بمضي هذه المدة عند الحنفية، أما عند غيرهم فإن الطلاق لا يقع بمضي المدة، بل للزوجة أن ترفع الأمر إلى القاضي فيأمر الزوج بالفيء، فإن أبى أمره بتطليقها، فإن لم يفعل طلقها عليه القاضي.

 

 هـ- اللعان : 

إذا تم اللعان فإنه يفرق بين الزوجين لقول النبي -  صلى الله عليه وسلم - ( المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا  ،   

وقد اختلف الفقهاء في الفرقة التي تقع باللعان، هل تقع بمجرد اللعان من غير توقف على حكم القاضي، أم لا بد لوقوعها من حكم القاضي؟ وهل تتوقف على ملاعنة كل من الزوجين أو على لعان الزوج وحده؟ وهل هي طلاق أو فسخ؟ وهل الحرمة المترتبة على اللعان مؤبدة بحيث لا تحل المرأة لمن لاعنها وإن أكذب نفسه، أو هي حرمة مؤقتة تنتهي إذا أكذب الزوج الملاعن نفسه؟ 

و- إعسار الزوج : 

إعسار الزوج قد يكون بصداق زوجته وقد يكون بنفقتها.

فإذا أعسر بالصداق فللفقهاء في التفريق بينه وبين زوجته بهذا الإعسار أقوال

فذهب الحنفية إلى عدم جواز التفريق بذلك، وللزوجة قبل الدخول منع تسليم نفسها للزوج حتى تستوفي معجل صداقها. وأجاز المالكية التفريق بإعسار الزوج عن معجل الصداق إعسارا لا يرجى زواله ما لم يدخل الزوج بزوجته.

وللشافعية والحنابلة وجوه وأقوال.

أما إذا أعسر الزوج بنفقة زوجته، وثبت إعساره، وطلبت الزوجة التفريق بذلك فرق بينهما عند جمهور الفقهاء خلافا للحنفية. 

ز- الردة : 

اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين حيل بينهما، فلا يقرب الزوج الزوجة ولا يخلو بها، ثم اختلفوا في بينونتها منه؟ هل تكون على الفور أو على التراخي؟ وهل تكون طلاقا أو فسخا؟

 ح- غيبة الزوج : 

اختلف الفقهاء في التفريق بين الزوجين بسبب غيبة الزوج .

فذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز التفريق بينهما حتى يتحقق موت الزوج أو يمضي من الزمن ما لا يعيش إلى مثله غالبا. وقسم المالكية والحنابلة حالات الغيبة، وبينوا حكم كل قسم منها.

والتفصيل في مصطلح ( غيبة ف 3 ، طلاق ف 87 وما بعدها ، فرقة ف 7 ، مفقود ف 4 ).

ط- فوت الكفاءة : 

إذا تخلفت الكفاءة عند من يشترطونها لصحة النكاح فإنه يكون عندهم باطلا أو فاسدا، أما من لا يعتبرون الكفاءة لصحة النكاح، ويرون أن الكفاءة حق للمرأة والأولياء فإن تخلفت الكفاءة لا يبطل النكاح عندهم في الجملة، بل يجعله عرضة للفسخ. 

حقوق الأرحام : 

الرَّحِمُ نَوْعَانِ: 

رَحِمٌ مَحْرَمٌ، وَرَحِمُ غَيْرُ مَحْرَمٍ .وَضَابِطُ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ: كُل شَخْصَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةُ لَوْ فُرِضَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالآْخَرُ أُنْثَى لَمْ يَحِل لَهُمَا أَنْ يَتَنَاكَحَا، كَالآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ وَالإِْخْوَةِ وَالأَْخَوَاتِ وَالأَْجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْا، وَالأَْوْلاَدِ وَأَوْلاَدِهِمْ وَإِنْ نَزَلُوا، وَالأَْعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالأَْخْوَال وَالْخَالاَتِ، وَمَنْ عَدَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَْرْحَامِ، فَلاَ تَتَحَقَّقُ فِيهِمُ الْمَحْرَمِيَّةُ، كَبَنَاتِ الأَْعْمَامِ وَبَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الأَْخْوَال وَبَنَاتِ الْخَالاَتِ ،  .

الصِّفَةُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ  :تَتَّصِل بِالأَْرْحَامِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا. وَبَيَانُهَا فِيمَا يَأْتِي :صِلَةُ الأَْرْحَامِ: - الصِّلَةُ هِيَ فِعْل مَا يُعَدُّ بِهِ الإِْنْسَانُ وَاصِلاً، قَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ: " الصِّلَةُ إِيصَال نَوْعٍ مِنَ الإِْحْسَانِ، " . 

وَصِلَةُ الرَّحِمِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْبَوَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ ،، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَدَلِيل الْوُجُوبِ قَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَْرْحَامَ ، . 

 وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَصِل رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُل خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ،.وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الأَْبَوَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَاتَّفَقُوا مَعَ غَيْرِهِمْ عَلَى وُجُوبِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّ عُقُوقَهُمَا كَبِيرَةٌ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ صِلَةَ غَيْرِهِمَا مِنَ الأَْقَارِبِ سُنَّةٌ. عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْل الْمَعْرُوفِ مَعَ الأَْقَارِبِ سُنَّةٌ، وَأَنَّ قَطْعَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ كَبِيرَةٌ . ، صِلَةُ الأَْبَوَيْنِ: وَصِلَةُ الأُْمِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صِلَةِ الأَْبِ بِالإِْجْمَاعِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ : أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ، . وَالتَّعْبِيرُ الْغَالِبُ لِلْفُقَهَاءِ عَنِ الإِْحْسَانِ لِلأَْبَوَيْنِ بِالْبِرِّ، وَفِي غَيْرِهِمَا مِنَ الأَْقَارِبِ بِالصِّلَةِ، لَكِنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ الْعَكْسُ فَيَقُولُونَ: صِلَةُ الأَْبَوَيْنِ، وَبِرُّ الأَْرْحَامِ، وَلَمَّا كَانَتْ أَكْثَرُ أَحْكَامِ صِلَةِ الْوَالِدَيْنِ مُعَبَّرًا عَنْهَا بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّ مَوْطِنَ تَفْصِيلِهَا فِي ذَلِكَ الْمُصْطَلَحِ، مَعَ الْبَيَانِ هُنَا لِلتَّيْسِيرِ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ الاِسْتِغْنَاءُ عَنْهُ مَعَ التَّفْصِيل لأَِحْكَامِ بَقِيَّةِ الأَْرْحَامِ،   

 صِلَةُ الأَْقَارِبِ :  ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي قَوْلٍ لَهُمْ - إِلَى أَنَّ الأَْخَ الأَْكْبَرَ كَالأَْبِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ، وَكَذَا الْجَدُّ، وَإِنْ عَلاَ، وَالأُْخْتُ الْكَبِيرَةُ، وَالْخَالَةُ كَالأُْمِّ فِي الصِّلَةِ. وَقَرِيبٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمِّ وَالْخَالَةِ، إِذْ يَجْعَل الْعَمَّ بِمَثَابَةِ الأَْبِ، وَالْخَالَةَ بِمَثَابَةِ الأُْمِّ، لِمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الأُْمِّ، وَأَنَّ عَمَّ الرَّجُل صِنْوُ أَبِيهِ ،  

لَكِنْ كَلاَمُ الزَّرْكَشِيِّ مُخَالِفٌ لأَِئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ الْوَالِدَيْنِ اخْتَصَّا مِنَ الرِّعَايَةِ وَالاِحْتِرَامِ وَالإِْحْسَانِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ جِدًّا وَغَايَةٍ رَفِيعَةٍ لَمْ يَصِل إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ بَقِيَّةِ الأَْرْحَامِ، وَأَجَابُوا عَمَّا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ يَكْفِي التَّشَابُهُ فِي أَمْرٍ مَا كَالْحَضَانَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَالَةِ وَالأُْمِّ، وَالإِْكْرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْبِ وَالْعَمِّ ، 

 مَنْ تُطْلَبُ صِلَتُهُ مِنَ الأَْرْحَامِ : 

 لِلْعُلَمَاءِ فِي الرَّحِمِ الَّتِي يُطْلَبُ وَصْلُهَا رَأْيَانِ:الأَْوَّل: أَنَّ الصِّلَةَ خَاصَّةٌ بِالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَغَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، 

 قَالُوا: لأَِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لِجَمِيعِ الأَْقَارِبِ لَوَجَبَ صِلَةُ جَمِيعِ بَنِي آدَمَ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ضَبْطِ ذَلِكَ بِقَرَابَةٍ تَجِبُ صِلَتُهَا وَإِكْرَامُهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا، وَتِلْكَ قَرَابَةُ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ.وَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلاَ عَلَى خَالَتِهَا وَلاَ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَأُخْتِهَا، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ ،.الثَّانِي: أَنَّ الصِّلَةَ تُطْلَبُ لِكُل قَرِيبٍ، مَحْرَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ إِطْلاَقِ الشَّافِعِيَّةِ، فَلَمْ يُخَصِّصْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، .

 

الصِّلَةُ مَعَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ:

 لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ صِلَةَ الاِبْنِ الْمُسْلِمِ لأَِبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ مَطْلُوبَةٌ ،  . أَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الأَْقَارِبِ الْكُفَّارِ فَلاَ تُطْلَبُ صِلَتُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِ؛ لِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، 

. وَدَلِيل اسْتِثْنَاءِ الأَْبَوَيْنِ قَوْله تَعَالَى:  " وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا "  ،

 ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ،، لَكِنْ نَقَل السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ سَحْنُونِ بْنِ مُهَمَّدَانَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي الصِّلَةِ

دَرَجَاتُ الصِّلَةِ: 

ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ دَرَجَاتِ الصِّلَةِ تَتَفَاوَتُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْقَارِبِ، فَهِيَ فِي الْوَالِدَيْنِ أَشَدُّ مِنَ الْمَحَارِمِ، وَفِيهِمْ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمْ ،. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالصِّلَةِ أَنْ تَصِلَهُمْ إِنْ وَصَلُوكَ؛ لأَِنَّ هَذَا مُكَافَأَةٌ، بَل أَنْ تَصِلَهُمْ وَإِنْ قَطَعُوكَ ،  . فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ الْوَاصِل بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِل الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ،    .

بِمَ تَحْصُل الصِّلَةُ؟

 تَحْصُل صِلَةُ الأَْرْحَامِ بِأُمُورٍ عَدِيدَةٍ مِنْهَا:الزِّيَارَةُ، وَالْمُعَاوَنَةُ، وَقَضَاءُ الْحَوَائِجِ، وَالسَّلاَمُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلاَم، وَلاَ يَكْفِي مُجَرَّدُ السَّلاَمِ عِنْدَ أَبِي 

الْخَطَّابِ ،   كَمَا تَحْصُل الصِّلَةُ بِالْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ غَائِبًا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الأَْبَوَيْنِ، أَمَّا هُمَا فَلاَ تَكْفِي الْكِتَابَةُ إِنْ طَلَبَا حُضُورَهُ ،  .وَكَذَلِكَ بَذْل الْمَال لِلأَْقَارِبِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ صِلَةٌ لَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ ،   وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْغَنِيَّ لاَ تَحْصُل صِلَتُهُ بِالزِّيَارَةِ لِقَرِيبِهِ الْمُحْتَاجِ إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَذْل الْمَال لَهُ،   وَيَدْخُل فِي الصِّلَةِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الإِْحْسَانِ مِمَّا تَتَأَتَّى بِهِ الصِّلَةُ، 

حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الصِّلَةِ:

 فِي صِلَةِ الرَّحِمِ حِكَمٌ جَلِيلَةٌ، عَبَّرَ عَنْ أَهَمِّهَا حَدِيثُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِل رَحِمَهُ ، (3) وَمِنَ الْفَوَائِدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْفُقَهَاءُ: رَضِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُمْ؛ لأَِنَّهُ أَمَرَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِدْخَال السُّرُورِ عَلَى الأَْرْحَامِ.وَمِنْهَا زِيَادَةُ الْمُرُوءَةِ، وَزِيَادَةُ الأَْجْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهُمْ يَدْعُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كُلَّمَا ذَكَرُوا إِحْسَانَهُ .

قَطْعُ الرَّحِمِ:  بَيَّنَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَا يَكُونُ بِهِ قَطْعُ الرَّحِمِ، وَوَافَقَهُ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ رَأْيَيْنِ:أَحَدَهُمَا: الإِْسَاءَةُ إِلَى الأَْرْحَامِ.الثَّانِيَ: يَتَعَدَّى إِلَى تَرْكِ الإِْحْسَانِ، فَقَطْعُ الْمُكَلَّفِ مَا أَلِفَهُ قَرِيبُهُ مِنْهُ مِنْ سَابِقِ الصِّلَةِ وَالإِْحْسَانِ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ رَحِمَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ كَبِيرَةً كَمَا سَبَقَ  ،   .وَالأَْعْذَارُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ نَوْعِ الصِّلَةِ، فَعُذْرُ تَرْكِ الزِّيَارَةِ ضَبَطَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِالْعُذْرِ الَّذِي تُتْرَكُ بِهِ صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ وَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ الصِّلَةُ بِبَذْل الْمَال، فَلَمْ يَبْذُلْهُ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، أَوْ فَقْدِهِ، أَوْ قَدَّمَ غَيْرَ الْقَرِيبِ امْتِثَالاً لأَِمْرِ الشَّرْعِ، كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا  ، وَعُذْرُ الْمُرَاسَلَةِ وَالْكِتَابَةِ أَلاَّ يَجِدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي أَدَاءِ الرِّسَالَةِ  ،  .وَمِنَ الأَْعْذَارِ الَّتِي زَادَهَا الْمَالِكِيَّةُ تَكَبُّرُ الْقَرِيبِ الْغَنِيِّ عَلَى قَرِيبِهِ الْفَقِيرِ، فَلاَ صِلَةَ عَلَى الْفَقِيرِ حِينَئِذٍ ، 

 حُكْمُ قَطْعِ الرَّحِمِ:  قَطْعُ الرَّحِمِ الْمَأْمُورِ بِوَصْلِهَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ ،، لِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ { وَاَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَْرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } ، .

تَقْدِيمُ الأَْرْحَامِ فِيمَا يَلْزَمُ الْمَيِّتَ:  

أَغْلَبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ ذَوِي الأَْرْحَامِ يُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الأُْمُورِ الَّتِي تَجِبُ لِلْمَيِّتِ مِنْ غُسْلٍ وَصَلاَةٍ عَلَيْهِ، وَدَفْنٍ. إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُقَدِّمُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الأَْقَارِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ الْوَصِيَّ عَلَيْهِمْ  ،، وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَفِي الْغُسْل وَالدَّفْنِ، وَتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي مُصْطَلَحِ الْجَنَائِزِ.

الْهِبَةُ لِلأَْرْحَامِ: - لَوْ وَهَبَ إِنْسَانٌ لِرَحِمِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِيمَا وَهَبَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، فَفِي غَيْرِ الْفُرُوعِ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ، أَمَّا الْفُرُوعُ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِمْ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:

أ - مَنْعُ الرُّجُوعِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ  ،  ، لِحَدِيثِ الْحَاكِمِ مَرْفُوعًا: إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا وَصَحَّحَهُ وَقَال عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ،  .

ب- جَوَازُ الرُّجُوعِ لِلأَْبِ وَلِسَائِرِ الأُْصُول، إِذَا بَقِيَ الْمَوْهُوبُ فِي سُلْطَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ ،  ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، . 

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ، إِنْ سَوَّى بَيْنَ أَوْلاَدِهِ فِي الْعَطِيَّةِ.ج - جَوَازُ الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْبِ وَالأُْمِّ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الأُْمَّ لاَ تَعْتَصِرُ (تَرْجِعُ) إِلاَّ مِنَ الْكَبِيرِ الْبَالِغِ، وَمِنَ الصَّغِيرِ إِنْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا، فَإِنْ تَيَتَّمَ بَعْدَ الْهِبَةِ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقُل الْوَاهِبُ: هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ يَجْعَلُهَا صِلَةَ رَحِمٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ ،   . وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ كَالْمَالِكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْبِ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلأُْمِّ، لَكِنِ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ ، .

وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلاَتٌ أُخْرَى فِي أَصْل الْحُكْمِ وَمُسْتَثْنَيَاتِهِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي (الْهِبَةِ،. 

نَفَقَةُ الأَْرْحَامِ:  تَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الأَْوْلاَدِ، وَنَفَقَةُ الأَْوْلاَدِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَلِكَ تَجِبُ لِلأَْجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالأَْحْفَادِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَصَرَهَا الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ فَقَطْ؛ لأَِنَّ الْجَدَّ لَيْسَ بِأَبٍ حَقِيقِيٍّ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْوَلَدِ. أَمَّا بَقِيَّةُ الأَْرْحَامِ غَيْرِ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ، فَلاَ تَجِبُ لَهُمْ نَفَقَةٌ وَلاَ تَلْزَمُهُمْ إِلاَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ أَوْجَبُوهَا لِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَوَسَّعَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ فَأَوْجَبُوهَا لِكُل وَارِثٍ، وَفِي غَيْرِ الْوَارِثِ رِوَايَتَانِ، هَذَا إِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ ذَوِي الأَْرْحَامِ الَّذِينَ لاَ يَرِثُونَ بِفَرْضٍ وَلاَ تَعْصِيبٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَلاَ تَجِبُ لَهُ نَفَقَةٌ، وَلاَ تَلْزَمُهُ إِلاَّ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ وَأَصْحَابِ الْفُرُوضِ  ،. وَأَدِلَّةُ نَفَقَةِ الأَْرْحَامِ وَشُرُوطُهَا وَمِقْدَارُهَا وَسُقُوطُهَا .

3 أحكام الأنوثة : 

أنثى الآدمى : 

أولاً : تكريم الإسلام للأنثى : 

يتمثل تكريم الإنسان للأنثى فيما يأتى : 

حسن استقبالها عند ولادتها : 

كان استقبال الأنثى فى العرب قبل الإسلام استقبالاً سيئاً ، يتبرمون بها ، وتسود وجوههم ويتوارون عن الأعين ، إذ هى فى نظريهم مجلبة للفقر أو للعار ، فكانوا يئدونها حية ، ويستكثر عليها النفقة التى لا يستكثرها على عبده أو حيوانه ، ، فنهى الله سبحانه وتعالى المسلمين على ذلك ، وذك هذا الفعل الشنيع ، وبين أن من فعل ذلك فقد باء بالخسران المبين قال – تعالى - : " قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ " ، .

ونبه الإسلام إلى أن حق الوجود وحق الحياة هبة من الله سبحانه وتعالى لكل إنسان من ذكر أو أنثى ، قال الله – تعالى - : " يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ "، . 

قال ابن قيم الجوزيه ، : قد الله سبحانه وتعالى ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات حتى كانوا يئدونهن ، أى هذا النوع المؤخر الحقير عندكم مقدم عندى فى الذكر .

والمقصود أن التسخط بالإناث من أخلاق أهل الجاهلية الذين ذمهم الله سبحانه وتعالى فى قوله : " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ " ، .

وقال قتادة فيما رواه الطبرانى : أخبر الله تعالى بخبث صنيعهم ، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله ، وقضاء الله له خير منة قضاء المرء نفسه ، ولعمرى ما يدرى أنه خير، لرب جارية خير لأهلها من غلام ، وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه ، وكان أحدهم يغذوا كلبه ويئد ابنته ، .

والإسلام لا يكتفى من المسلم ، بأن يتجنب وأد البنات ، بل يرتقى بالمسلم إلى درجة الإنسانية المثلى ، فيأبى عليه أن يتبرم بذرية البنات ، ويتلقى ولادتهن بالعبوس والإنقباض ، بل يتقبلها بالرضى والحمد ، قال صالح ابن الإمام أحمد : كان أحمد إذا ولد له ابنة يقول : الأنبياء كانوا آباء بنات ، ويقول : قد جاء فى البنات ما علمت ، . 

العق عنها : 

العقيقة عن المولود سنة ، ويستوى فى السنة الذكر والأنثى ، فكما يعق الولى عن الذكر يوم السابع يعق عن الأنثى أيضاً ، ، ولكن يعق عن الأنثى شاة ، وعن الذكر شاتان .

تسميتها باسم حسن : 

من السنة تسمية المولود باسم حسن ، ويستوى فى ذلك الذكر والأنثى ، وكما كان النبى يغير أسماء الذكور من القبيح إلى الحسن ، فإنه كذلك كان يغير أسماء الإناث من القبيح إلى الحسن ، ، فقد روى البخارى ومسلم عن ابن عمر – رضى الله عنهما – أن " ابنة عمر رضى الله تعالى عنه كان يقال لها عاصية فسمها النبى -  صلى الله عليه وسلم - جميلة " ، .

والكنية من الأمور المحمودة ، يقول النووى : من الأدب أن يخاطب أهل الفضل ومن قرابهم بالكنية ، وقد كنى النبى -  صلى الله عليه وسلم - بأبى القاسم ، بابنه القاسم .

والكنية كما تكون للذكر تكون للأنثى . قال النَّوَوِيُّ: رَوَيْنَا بِالأَْسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ كُل صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى، قَال: فَاكْتَنِّي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ قَال الرَّاوِي. يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُكَنَّى أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ ،  . 

لَهَا نَصِيبٌ فِي الْمِيرَاثِ: 

جَعَل اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلأُْنْثَى نَصِيبًا فِي الْمِيرَاثِ كَمَا لِلذَّكَرِ نَصِيبٌ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يُوَرِّثُونَ الإِْنَاثَ. قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجْعَلُونَ الْمَال لِلرِّجَال الْكِبَارِ وَلاَ يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلاَ الأَْطْفَال شَيْئًا، فَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى { لِلرِّجَال نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَْقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَْقْرَبُونَ مِمَّا قَل مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } ،  أَيِ الْجَمِيعُ فِيهِ سَوَاءٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوُونَ فِي أَصْل الْوِرَاثَةِ وَإِنْ تَفَاوَتُوا بِحَسَبِ مَا فَرَضَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ،  . 

وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: سَبَبُ نُزُول هَذِهِ الآْيَةِ أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُورَ دُونَ الإِْنَاثِ، فَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَال: نَزَل قَوْل اللَّهِ تَعَالَى { لِلرِّجَال نَصِيبٌ } . الآْيَةَ فِي أُمِّ كَجَّةَ وَبَنَاتِهَا وَثَعْلَبَةَ وَأَوْسِ بْنِ سُوَيْدٌ ،  وَهُمْ مِنَ الأَْنْصَارِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجَهَا وَالآْخَرُ عَمَّ وَلَدِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ تُوُفِّيَ زَوْجِي وَتَرَكَنِي وَابْنَتَهُ وَلَمْ نُوَرَّثْ، فَقَال عَمُّ وَلَدِهَا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَلَدُهَا لاَ يَرْكَبُ فَرَسًا وَلاَ يَحْمِل كَلًّا، وَلاَ يَنْكَأُ عَدُوًّا يَكْسِبُ عَلَيْهَا وَلاَ تَكْسِبُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ ،   . 

وَوَرَدَ كَذَلِكَ فِي سَبَبِ نُزُول قَوْله تَعَالَى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ } ،   مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَال: جَاءَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ إِلَى رَسُول اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قُتِل أَبُوهُمَا مَعَكَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً، وَلاَ يُنْكَحَانِ إِلاَّ وَلَهُمَا مَالٌ فَقَال: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَأَرْسَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمِّهِمَا فَقَال: أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ، وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ ،   . 

رِعَايَةُ طُفُولَتِهَا، وَعَدَمُ تَفْضِيل الذَّكَرِ عَلَيْهَا: 

يَعْتَنِي الإِْسْلاَمُ بِالأُْنْثَى فِي كُل أَطْوَارِ حَيَاتِهَا فَيَرْعَاهَا وَهِيَ طِفْلَةٌ، وَيَجْعَل رِعَايَتَهَا سِتْرًا مِنَ النَّارِ وَسَبِيلاً إِلَى الْجَنَّةِ. فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ عَال جَارَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ،  . 

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَضِّل الذَّكَرَ عَلَيْهَا فِي التَّرْبِيَةِ وَالْعِنَايَةِ، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ (يَعْنِي الذُّكُورَ) عَلَيْهَا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ،  . وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ ابْنٌ لَهُ فَقَبَّلَهُ وَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِنْتُهُ فَأَخَذَهَا فَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا ، . وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ تَفْضِيل الذَّكَرِ عَلَى الأُْنْثَى فِي الْعَطِيَّةِ ، (4) ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَبْطُل الْوَقْفُ إِذَا وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ الذُّكُورِ دُونَ بَنَاتِهِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ عَمَل الْجَاهِلِيَّةِ ، . 

وَتَشْمَل الْعِنَايَةُ بِهَا فِي طُفُولَتِهَا تَأْهِيلَهَا لِحَيَاتِهَا الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَيُسْتَثْنَى مِمَّا يَحْرُمُ مِنَ الصُّوَرِ صُوَرُ لَعِبِ الْبَنَاتِ فَإِنَّهَا لاَ تَحْرُمُ، وَيَجُوزُ اسْتِصْنَاعُهَا وَصُنْعُهَا وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لَهُنَّ؛ لأَِنَّهُنَّ يَتَدَرَّبْنَ بِذَلِكَ عَلَى رِعَايَةِ الأَْطْفَال، وَقَدْ كَانَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا جَوَارٍ يُلاَعِبْنَهَا بِصُوَرِ الْبَنَاتِ الْمَصْنُوعَةِ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ، فَإِذَا رَأَيْنَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِينَ مِنْهُ وَيَتَقَمَّعْنَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرِيهَا لَهَا ،  . (ر: تَصْوِيرٌ) . 

إِكْرَامُ الأُْنْثَى حِينَ تَكُونُ زَوْجَةً: 

أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِحْسَانِ مُعَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ فَقَال: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ،  قَال ابْنُ كَثِيرٍ: أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا فَافْعَل أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، قَال تَعَالَى { وَلَهُنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ، . وَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَِهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَِهْلِي ،  ، وَكَانَ مِنْ أَخْلاَقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيل الْعِشْرَةِ دَائِمُ الْبِشْرِ، يُدَاعِبُ أَهْلَهُ وَيَتَلَطَّفُ بِهِمْ وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِمْ فِي النَّفَقَةِ وَيُضَاحِكُ نِسَاءَهُ، حَتَّى أَنَّهُ كَانَ يُسَابِقُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ، قَالَتْ: سَابَقَنِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ وَذَلِكَ قَبْل أَنْ أَحْمِل اللَّحْمَ، ثُمَّ سَابَقْتُهُ بَعْدَمَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ فَسَبَقَنِي فَقَال: "هَذِهِ بِتِلْكَ" ،  ، وَ "كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ يَدْخُل مَنْزِلَهُ يَسْمُرُ مَعَ أَهْلِهِ قَلِيلاً قَبْل أَنْ يَنَامَ" ،  . 

وَيَنْبَغِي الصَّبْرُ عَلَى الزَّوْجَةِ حَتَّى لَوْ كَرِهَهَا، قَال اللَّهُ تَعَالَى { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } ،   قَال ابْنُ كَثِيرٍ، أَيْ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَبْرُكُمْ فِي إِمْسَاكِهِنَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهَا فَيُرْزَقَ مِنْهَا وَلَدًا وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْوَلَدِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ،  . 

هَذَا، وَحُقُوقُ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَبْسُوطَةٌ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَنَذْكُرُ هُنَا مَثَلاً وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ، يَتَّصِل بِإِكْرَامِ أُمُومَةِ الأُْنْثَى، فَقَدْ أَكْثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوِصَايَةِ بِالأُْمِّ وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ عَلَى الأَْبِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَال: أُمُّكَ، قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أُمُّكَ، قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أُمُّكَ، قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أَبُوكَ ،   . وَجَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِضَاهَا طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَدْ قَال رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَال: فَهَل لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا ،   . 

ثَانِيًا: الْحُقُوقُ الَّتِي تَتَسَاوَى فِيهَا مَعَ الرَّجُل: 

تَتَسَاوَى الْمَرْأَةُ وَالرَّجُل فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ مَعَ التَّقْيِيدِ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ بِمَا يَتَلاَءَمُ مَعَ طَبِيعَتِهَا. 

وَفِيمَا يَأْتِي بَعْضُ هَذِهِ الْحُقُوقِ: 

أ - حَقُّ التَّعْلِيمِ: 

لِلْمَرْأَةِ حَقُّ التَّعْلِيمِ مِثْل الرَّجُل: فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ ،  . وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ أَيْضًا، فَقَدْ قَال الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: قَدْ أَلْحَقَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ بِآخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ (وَمُسْلِمَةٍ) وَلَيْسَ لَهَا ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا صَحِيحًا. ،  

وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَن أَدَبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَسْبَغَ عَلَيْهَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَسْبَغَ عَلَيْهِ كَانَتْ لَهُ سِتْرًا أَوْ حِجَابًا مِنَ النَّارِ. ،

وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَيْنَ إِلَى الْعِلْمِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال: قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَال فَاجْعَل لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَاعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ ، (2) . وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَْنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ ،  

وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُنَّ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ. ،   

قَال النَّوَوِيُّ: وَالْحَدِيثُ يَتَنَاوَل بِمَنْطُوقِهِ الصَّبِيَّ وَالصَّبِيَّةَ، وَأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا بِلاَ خِلاَفٍ، ثُمَّ قَال النَّوَوِيُّ: قَال الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلاَدِهِمُ الصِّغَارِ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاَةَ وَالصَّوْمَ وَنَحْوَهَا، وَتَعْلِيمُهُمْ تَحْرِيمَ الزِّنَى وَاللِّوَاطِ وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ 

الْمُسْكِرِ وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَشِبْهِهَا، وَأَنَّهُمْ بِالْبُلُوغِ يَدْخُلُونَ فِي التَّكْلِيفِ، وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ تَكُونُ فِي مَال الصَّبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَقَدْ جَعَل الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ لِلأُْمِّ مَدْخَلاً فِي وُجُوبِ التَّعْلِيمِ؛ لِكَوْنِهِ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا كَالنَّفَقَةِ ،   . 

وَمِنَ الْعُلُومِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُعْتَبَرُ ضَرُورَةً بِالنِّسْبَةِ لِلأُْنْثَى كَطِبِّ النِّسَاءِ حَتَّى لاَ يَطَّلِعَ الرِّجَال عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: امْرَأَةٌ أَصَابَتْهَا قُرْحَةٌ فِي مَوْضِعٍ لاَ يَحِل لِلرَّجُل أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، لاَ يَحِل أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، لَكِنْ يُعَلِّمُ امْرَأَةً تُدَاوِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا امْرَأَةً تُدَاوِيهَا وَلاَ امْرَأَةً تَتَعَلَّمُ ذَلِكَ إِذَا عُلِّمَتْ، وَخِيفَ عَلَيْهَا الْبَلاَءُ أَوِ الْوَجَعُ أَوِ الْهَلاَكُ فَإِنَّهُ يَسْتُرُ مِنْهَا كُل شَيْءٍ إِلاَّ مَوْضِعَ تِلْكَ الْقُرْحَةِ، ثُمَّ يُدَاوِيهَا الرَّجُل، وَيَغُضُّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ إِلاَّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. ،  

وَإِذَنْ، فَلاَ خِلاَفَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ تَعْلِيمِ الأُْنْثَى. لَكِنْ فِي الْحُدُودِ الَّتِي لاَ مُخَالَفَةَ فِيهَا لِلشَّرْعِ وَذَلِكَ مِنَ النَّوَاحِي الآْتِيَةِ: 

أ - أَنْ تَحْذَرَ الاِخْتِلاَطَ بِالشَّبَابِ فِي قَاعَاتِ الدَّرْسِ، فَلاَ تَجْلِسِ الْمَرْأَةُ بِجَانِبِ الرَّجُل، فَقَدْ جَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا غَيْرَ يَوْمِ الرِّجَال يَعِظُهُنَّ فِيهِ. بَل حَتَّى فِي الْعِبَادَةِ لاَ يُخَالِطْنَ الرِّجَال، بَل يَكُنْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُمْ يَسْتَمِعْنَ إِلَى الْوَعْظِ وَيُؤَدِّينَ الصَّلاَةَ، وَلاَ يَجِبُ اسْتِحْدَاثُ مَكَانٍ خَاصٍّ لِصَلاَتِهِنَّ، أَوْ إِقَامَةِ حَاجِزٍ بَيْنَ صُفُوفِهِنَّ وَصُفُوفِ الرِّجَال. 

ب - أَنْ تَكُونَ مُحْتَشِمَةً غَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ بِزِينَتِهَا لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ،   وَفِي اتِّبَاعِ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَمِنْ إِشَاعَةِ الْفَسَادِ ،  . 

ب - أَهْلِيَّتُهَا لِلتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ: 

الْمَرْأَةُ أَهْلٌ لِلتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ مِثْل الرَّجُل، وَوَلِيُّ أَمْرِهَا مُطَالَبٌ بِأَمْرِهَا بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، وَتَعْلِيمِهَا لَهَا مُنْذُ الصِّغَرِ؛ لِمَا جَاءَ فِي قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُنَّ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ،   وَالْحَدِيثُ يَتَنَاوَل الأُْنْثَى بِلاَ خِلاَفٍ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ ،  . 

وَهِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُكَلَّفَةٌ بِالْعِبَادَاتِ مِنْ صَلاَةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ - زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ - مَنْعُهَا مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ. فَجُمْلَةُ الْعَقَائِدِ وَالْعِبَادَاتِ وَالأَْخْلاَقِ وَالأَْحْكَامِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لِلإِْنْسَانِ يَسْتَوِي فِي التَّكْلِيفِ بِهَا وَالْجَزَاءِ عَلَيْهَا الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى. ،   

يَقُول اللَّهُ تَعَالَى { مَنْ عَمِل صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ،   . وَيُؤَكِّدُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: 

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } ،  وَيُرْوَى فِي سَبَبِ نُزُول هَذِهِ الآْيَةِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَهُ يَذْكُرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَذْكُرُ الْمُؤْمِنَاتِ، فَنَزَلَتْ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: أَيُذْكَرُ الرِّجَال فِي كُل شَيْءٍ وَلاَ نُذْكَرُ؟ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ. ،  

وَفِي اسْتِجَابَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِسُؤَال الْمُؤْمِنِينَ قَال: { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَل عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } . ،   

وَلَقَدْ رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُول الآْيَةِ السَّابِقَةِ، وَيَقُول ابْنُ كَثِيرٍ: { بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } أَيْ جَمِيعُكُمْ فِي ثَوَابِي سَوَاءٌ. وَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الَّذِي يُؤْذِي الْمُؤْمِنَاتِ هُوَ فِي الإِْثْمِ كَمَنْ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } ،   . 

وَهِيَ مُطَالَبَةٌ بِالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ كَالرَّجُل، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . ،   

وَالْجِهَادُ كَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا هَاجَمَ الْعَدُوُّ الْبِلاَدَ. يَقُول الْفُقَهَاءُ: إِذَا غَشِيَ الْعَدُوُّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ كَانَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْجَمِيعِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ؛ لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ لاَ يَظْهَرُ فِي مُقَابَلَةِ فَرْضِ الْعَيْنِ. ،  

وَقَدْ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْعِبَادَاتِ فِي فَتَرَاتِ تَعَبِهَا مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْل وَالنِّفَاسِ وَالرَّضَاعِ. وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ الْخَاصَّةُ بِذَلِكَ فِي (حَيْضٌ، حَمْلٌ، نِفَاسٌ، رَضَاعٌ) . 

ج - احْتِرَامُ إِرَادَتِهَا: 

لِلأُْنْثَى حُرِّيَّةُ الإِْرَادَةِ وَالتَّعْبِيرُ عَمَّا فِي نَفْسِهَا، وَقَدْ مَنَحَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا الْحَقَّ الَّذِي سَلَبَتْهُ مِنْهَا الْجَاهِلِيَّةُ وَحَرَمَتْهَا مِنْهُ، فَقَدْ كَانَتْ حِينَ يَمُوتُ زَوْجُهَا لاَ تَمْلِكُ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهَا شَيْئًا، وَكَانَ يَرِثُهَا مَنْ يَرِثُ مَال زَوْجِهَا. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِل لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا } ،  قَال: كَانُوا إِذَا  مَاتَ الرَّجُل كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا. ،   فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ، وَقَال زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ كَانَ أَهْل يَثْرِب إِذَا مَاتَ الرَّجُل مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرِثَ امْرَأَتَهُ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ، وَكَانَ يَعْضُلُهَا حَتَّى يَرِثَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا مَنْ أَرَادَ، وَكَانَ أَهْل تِهَامَةَ يُسِيءُ الرَّجُل صُحْبَةَ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَلاَّ تَنْكِحَ إِلاَّ مَنْ أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاهَا، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ. 

وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ فِي كَبِيشَةِ بِنْتِ مَعْنِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الأَْوْسِ، تُوُفِّيَ عَنْهَا أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَْسْلَتِ، فَجَنَحَ عَلَيْهَا ابْنُهُ، فَجَاءَتْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ لاَ أَنَا وَرِثْتُ زَوْجِي، وَلاَ أَنَا تُرِكْتُ فَأُنْكَحَ، فَأَنْزَل اللَّهُ هَذِهِ الآْيَةَ. قَال ابْنُ كَثِيرٍ: فَالآْيَةُ تَعُمُّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُل مَا كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ. ،   

وَإِرَادَتُهَا كَذَلِكَ مُعْتَبَرَةٌ فِي نِكَاحِهَا، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيهِ الْبُخَارِيُّ: لاَ تُنْكَحِ الأَْيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحِ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ،   . 

وَالاِسْتِئْمَارُ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَإِذَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَنِكَاحُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَتِهَا، عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي بَابِ النِّكَاحِ. وَهُوَ فِي حَقِّ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُ بَنَاتِهِ إِذَا أَنْكَحَهُنَّ ،   . وَاسْتِئْذَانُهَا وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. بَل إِنَّهَا يَجُوزُ لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. جَاءَ فِي الاِخْتِيَارِ: عِبَارَةُ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ زَوَّجَتِ الْحُرَّةُ الْعَاقِلَةُ الْبَالِغَةُ نَفْسَهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَتْ غَيْرَهَا بِالْوِلاَيَةِ أَوِ الْوَكَالَةِ، وَكَذَا إِذَا وَكَّلَتْ غَيْرَهَا فِي تَزْوِيجِهَا، أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُهَا فَأَجَازَتْ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَيَسْتَدِلُّونَ بِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ حِزَامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،   وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ بِنْتَهَا بِرِضَاهَا فَجَاءَ الأَْوْلِيَاءُ وَخَاصَمُوهَا إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَجَازَ النِّكَاحَ. هَذَا دَلِيل الاِنْعِقَادِ بِعِبَارَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّهُ أَجَازَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ؛ لأَِنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ؛ لأَِنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا، وَلاَ ضَرَرَ فِيهِ لِغَيْرِهَا فَيَنْفُذُ، كَتَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا. ،   

هَذَا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَتَفْصِيل الْخِلاَفِ فِي هَذَا يَنْظُرُ فِي (نِكَاحٌ) . 

وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا مُشَارَكَةُ زَوْجِهَا الرَّأْيَ بَل وَمُعَارَضَتُهُ، قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَل اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَل، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَال: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا، قَال: فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ وَلِمَا هَا هُنَا، فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ فَقَالَتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَك لَتُرَاجِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَل يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَل عَلَى حَفْصَةَ، فَقَال لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَل يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ، وَغَضَبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَال: خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَك يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، دَخَلْتَ فِي كُل شَيْءٍ، حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُل بَيْنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ. فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدَهَا، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَْنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ، وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأََتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِي الأَْنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ، فَقَال: افْتَحِ افْتَحْ، فَقُلْتُ: جَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ فَقَال: بَل أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ رَغِمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ. فَأَخَذْتُ ثَوْبِي، فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ، فَإِذَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلاَمٌ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قُل هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. 

فَأَذِنَ لِي. قَال عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقَال: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُول اللَّهِ، فَقَال: أَمَّا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآْخِرَةُ؟ ،  

وَاسْتِشَارَةُ الْمَرْأَةِ فِيمَا يَتَّصِل بِشُئُونِ النِّسَاءِ أَوْ فِيمَا لَدَيْهَا خِبْرَةٌ بِهِ مَطْلُوبَةٌ، بِأَصْل نَدْبِ الْمَشُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } ،  وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ قَال لأَِصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، فَمَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَل عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، قَالَتْ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَل ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَل بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ،  . 

 

 

وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْقِدَ الأَْمَانَ مَعَ الْكُفَّارِ، وَيَسْرِي ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَفِي الْمُغْنِي: إِذَا أَعْطَتِ الْمَرْأَةُ الأَْمَانَ لِلْكُفَّارِ جَازَ عَقْدُهَا، وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ، وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَجَرْتُ أَحْمَائِي وَأَغْلَقْتُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ ابْنَ أُمِّي أَرَادَ قَتْلَهُمْ، فَقَال لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ ، ، وَأَجَارَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ قَبْل أَنْ يُسْلِمَ فَأَمْضَاهُ رَسُول اللَّهِ. ، 

د - ذِمَّتُهَا الْمَالِيَّةُ: 

لِلأُْنْثَى ذِمَّةٌ مَالِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَالرَّجُل، وَحَقُّهَا فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرِيعَةِ مَا دَامَتْ رَشِيدَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } ،   . 

وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا كُلِّهِ عَنْ طَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ بِدُونِ إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا تَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا عَنْ طَرِيقِ التَّبَرُّعِ بِهِ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي كُل مَالِهَا بِالتَّبَرُّعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَرِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ قَال: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ وَأَنَّهُنَّ تَصَدَّقْنَ فَقَبِل صَدَقَتَهُنَّ، وَلَمْ يَسْأَل وَلَمْ يَسْتَفْصِل. ،   

وَلِهَذَا جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِدُونِ إِذْنٍ لِزَوْجِهَا فِي مَالِهَا، فَلَمْ يَمْلِكِ الْحَجْرَ عَلَيْهَا فِي التَّصَرُّفِ بِجَمِيعِهِ. 

وَعِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ فِي حُدُودِ الثُّلُثِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا. ،  

وَلأَِنَّ لِلْمَرْأَةِ ذِمَّةً مَالِيَّةً مُسْتَقِلَّةً فَقَدْ أَجَازَ الْفُقَهَاءُ لَهَا أَنْ تَضْمَنَ غَيْرَهَا، جَاءَ فِي الْمُغْنِي: يَصِحُّ ضَمَانُ كُل جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، سَوَاءٌ كَانَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً؛ لأَِنَّهُ عَمْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الْمَال، فَصَحَّ مِنَ الْمَرْأَةِ كَالْبَيْعِ. 

وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ لَهَا التَّبَرُّعَ بِكُل مَالِهَا، أَمَّا مَنْ لاَ يُجِيزُ لَهَا التَّبَرُّعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، فَإِنَّهُمْ يُجِيزُونَ لَهَا الضَّمَانَ فِي حُدُودِ ثُلُثِ مَالِهَا أَوْ بِزَائِدٍ يَسِيرٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمَانَ مِنَ التَّبَرُّعَاتِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الزَّوْجِ. ،   

هـ - حَقُّ الْعَمَل: 

الأَْصْل أَنَّ وَظِيفَةَ الْمَرْأَةِ الأُْولَى هِيَ إِدَارَةُ بَيْتِهَا وَرِعَايَةُ أُسْرَتِهَا وَتَرْبِيَةُ أَبْنَائِهَا وَحُسْنُ تَبَعُّلِهَا، يَقُول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ،   . وَهِيَ غَيْرُ مُطَالَبَةٍ بِالإِْنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا، فَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهَا أَوْ زَوْجِهَا؛ لِذَلِكَ كَانَ مَجَال عَمَلِهَا هُوَ الْبَيْتُ، وَعَمَلُهَا فِي الْبَيْتِ يُسَاوِي عَمَل الْمُجَاهِدِينَ. ،  

وَمَعَ ذَلِكَ فَالإِْسْلاَمُ لاَ يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ مِنَ الْعَمَل فَلَهَا أَنْ تَبِيعَ وَتَشْتَرِيَ، وَأَنْ تُوَكِّل غَيْرَهَا، وَيُوَكِّلَهَا غَيْرُهَا، وَأَنْ تُتَاجِرَ بِمَالِهَا، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا دَامَتْ مُرَاعِيَةً أَحْكَامَ الشَّرْعِ وَآدَابَهُ، وَلِذَلِكَ أُبِيحَ لَهَا كَشْفُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا، قَال الْفُقَهَاءُ: لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى إِبْرَازِ الْوَجْهِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَإِلَى إِبْرَازِ الْكَفِّ لِلأَْخْذِ وَالإِْعْطَاءِ. 

وَفِي الاِخْتِيَارِ: لاَ يَنْظُرُ الرَّجُل إِلَى الْحُرَّةِ الأَْجْنَبِيَّةِ إِلاَّ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. .؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً لِلأَْخْذِ وَالإِْعْطَاءِ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهَا عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الأَْجَانِبِ؛ لإِِقَامَةِ مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ بِأَسْبَابِ مَعَاشِهَا. ،   

وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى جَوَازِ عَمَل الْمَرْأَةِ كَثِيرَةٌ، وَالَّذِي يُمْكِنُ اسْتِخْلاَصُهُ مِنْهَا، أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْحَقَّ فِي الْعَمَل بِشَرْطِ إِذْنِ الزَّوْجِ لِلْخُرُوجِ، إِنِ اسْتَدْعَى عَمَلُهَا الْخُرُوجَ وَكَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الإِْذْنِ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا. 

جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: إِذَا أَعْسَر الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ وَتَحَقَّقَ الإِْعْسَارُ فَالأَْظْهَرُ إِمْهَالُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ، وَلِلزَّوْجَةِ - وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً - الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ نَهَارًا لِتَحْصِيل النَّفَقَةِ بِنَحْوِ كَسْبٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لأَِنَّ الْمَنْعَ فِي مُقَابِل النَّفَقَةِ. ،  

وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: إِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ خُيِّرَتِ الزَّوْجَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ مَعَ مَنْعِ نَفْسِهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا مِنْهُ وَمَكَّنَتْهُ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلاَ يَمْنَعُهَا تَكَسُّبًا، وَلاَ يَحْبِسُهَا مَعَ عُسْرَتِهِ إِذَا لَمْ تَفْسَخْ لأَِنَّهُ إِضْرَارٌ بِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَمْلِكُ حَبْسَهَا إِذَا كَفَاهَا الْمَئُونَةَ وَأَغْنَاهَا عَمَّا لاَ بُدَّ لَهَا مِنْهُ. ،  

وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَمَل مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَابِلَةً، أَوْ كَانَ لَهَا حَقٌّ عَلَى آخَرَ، أَوْ لآِخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ تَخْرُجُ بِالإِْذْنِ وَبِغَيْرِ الإِْذْنِ، وَمِثْل ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ سَعْدِي جَلَبِي عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِل. ،  إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ بَعْدَ أَنْ نَقَل مَا فِي الْفَتْحِ قَال: وَفِي الْبَحْرِ عَنِ الْخَانِيَّةِ تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِالإِْذْنِ؛ لأَِنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ. ،    

هَذَا، وَإِذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَلَهَا أَنْ تُتَاجِرَ بِهِ مَعَ غَيْرِهَا، كَأَنْ تُشَارِكَهُ أَوْ تَدْفَعَهُ مُضَارَبَةً دُونَ إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ. جَاءَ فِي جَوَاهِرِ الإِْكْلِيل: قِرَاضُ الزَّوْجَةِ أَيْ دَفْعُهَا مَالاً لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ، فَلاَ يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِيهِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ مِنَ التِّجَارَةِ. ،  

ثُمَّ إِنَّهَا لَوْ عَمِلَتْ مَعَ الزَّوْجِ كَانَ كَسْبُهَا لَهَا. جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ: أَفْتَى الْقَاضِي الإِْمَامُ فِي زَوْجَيْنِ سَعَيَا وَحَصَّلاَ أَمْوَالاً أَنَّهَا لَهُ؛ لأَِنَّهَا مُعِينَةٌ لَهُ، إِلاَّ إِذَا كَانَ لَهَا كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَهَا ذَلِكَ. وَفِي الْفَتَاوَى: امْرَأَةٌ مُعَلَّمَةٌ، يُعِينُهَا الزَّوْجُ أَحْيَانًا فَالْحَاصِل لَهَا، وَفِي الْتِقَاطِ السُّنْبُلَةِ إِذَا الْتَقَطَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا. ،   

كَمَا أَنَّ لِلأَْبِ أَنْ يُوَجِّهَ ابْنَتَهُ لِلْعَمَل: جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: لِلأَْبِ أَنْ يَدْفَعَ ابْنَتَهُ لاِمْرَأَةٍ تُعَلِّمُهَا حِرْفَةً كَتَطْرِيزٍ وَخِيَاطَةٍ ،   . 

وَإِذَا عَمِلَتِ الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي حُدُودٍ لاَ تَتَنَافَى مَعَ مَا يَجِبُ مِنْ صِيَانَةِ الْعِرْضِ وَالْعَفَافِ وَالشَّرَفِ. وَيُمْكِنُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي: 

(1) أَلاَّ يَكُونَ الْعَمَل مَعْصِيَةً كَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ، وَأَلاَّ يَكُونَ مَعِيبًا مُزْرِيًا تُعَيَّرُ بِهِ أُسْرَتُهَا. جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِذَا آجَرَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَا يُعَابُ بِهِ كَانَ لأَِهْلِهَا أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنْ تِلْكَ الإِْجَارَةِ، وَفِي الْمَثَل السَّائِرِ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلاَ تَأْكُل بِثَدْيَيْهَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي امْرَأَةٍ نَائِحَةٍ أَوْ صَاحِبِ طَبْلٍ أَوْ مِزْمَارٍ اكْتَسَبَ مَالاً فَهُوَ مَعْصِيَةٌ. ،  

(2) أَلاَّ يَكُونَ عَمَلُهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ خَلْوَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ. جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ: كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ اسْتِخْدَامَ الْمَرْأَةِ وَالاِخْتِلاَءَ بِهَا؛ لِمَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، أَمَّا الْخَلْوَةُ؛ فَلأَِنَّ الْخَلْوَةَ بِالأَْجْنَبِيَّةِ مَعْصِيَةٌ، وَأَمَّا الاِسْتِخْدَامُ؛ فَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مَعَهُ الاِطِّلاَعُ عَلَيْهَا وَالْوُقُوعُ فِي الْمَعْصِيَةِ. ،  

وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا،  وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مَعَ الْخَلْوَةِ مُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ. ،   

(3) أَلاَّ تَخْرُجَ لِعَمَلِهَا مُتَبَرِّجَةً مُتَزَيِّنَةً بِمَا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إِلَى مَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَال وَالاِسْتِمَالَةِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى } ،  وَقَال تَعَالَى { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ،   ، وَفِي الْحَدِيثِ: الرَّافِلَةُ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا كَمَثَل ظُلْمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ نُورَ لَهَا ،   . 

 

المحافظة على مظاهر الأنوثة :

يعتني الإسلام بجعل الأنثى تحافظ على مظاهر أنوثتها ، فحرّم عليها التّشبّه بالرّجال في أيّ مظهرٍ من لباسٍ أو حديثٍ أو أيّ تصرّفٍ . وقد لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهات من النّساء بالرّجال . وفي الطّبرانيّ « أنّ امرأةً مرّت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم متقلّدةً قوساً ، فقال : لعن اللّه المتشبّهات من النّساء بالرّجال ، والمتشبّهين من الرّجال بالنّساء » ،  . 

وقد ذكر ابن القيّم أنّ من الكبائر : ترجّل المرأة وتخنّث الرّجل ،. 

وقد أباح لها الإسلام أن تتّخذ من وسائل الزّينة ما يكفل لها المحافظة على أنوثتها ، فيحلّ ثقب أذنها لتعليق القرط فيه . يقول الفقهاء : لا بأس بثقب آذان النّسوان ، ولا بأس بثقب آذان الأطفال من البنات ،« لأنّهم كانوا يفعلون ذلك في زمان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غير إنكارٍ »، يقول ابن القيّم : الأنثى محتاجة للحلية فثقب الأذن مصلحة في حقّها ،. 

ويباح لها التّزيّن بلبس الحرير والذّهب دون الرّجال ، لأنّه من زينة النّساء ، فقد روى أبو موسى أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « حرام لباس الحرير والذّهب على ذكور أمّتي ، وأحلّ لإناثهم »،. قال ابن قدامة : أبيح التّحلّي في حقّ المرأة لحاجتها إلى التّزيّن للزّوج والتّجمّل عنده ،. كذلك يجوز لها أن تخضب يديها ، وأن تعلّق الخرز في شعرها ، ونحو ذلك من ضروب الزّينة ،..

وجوب التّستّر وعدم الاختلاط بالرّجال الأجانب :

إذا خرجت المرأة لحاجتها لا تخرج إلاّ متستّرةً . قال ابن عابدين : وحيث أبحنا لها الخروج فإنّما يباح بشرط عدم الزّينة ، وعدم تغيير الهيئة إلى ما يكون داعيةً لنظر الرّجال  والاستمالة ،، قال اللّه تعالى : { ولا تَبَرَّجْنَ تبرّجَ الجاهليّةِ الأولى } ،. 

قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرّجال ، فذلك تبرّج الجاهليّة . 

وقال قتادة : كانت لهنّ مشية تكسّرٍ وتغنّجٍ ، فنهى اللّه سبحانه وتعالى عن ذلك ،. 

ولا يجوز أن تكون الثّياب الّتي تظهر بها أمام النّاس ممّا يظهر معه شيء من جسدها الواجب ستره ، وكذلك إذا كان يشفّ عمّا تحته ، لأنّه إذا استبان جسدها كانت كاسيةً عاريّةً 

حقيقةً ،. وقد قال النّبيّ : « سيكون في آخر أمّتي نساءٌ كاسياتٌ عاريّات ، على رءوسهنّ كأسنمة البُخْت ، الْعَنُوهنّ فإنّهنّ ملعونات » ،. 

وفي الفواكه الدّواني : لا يلبس النّساء من الرّقيق ما يصفهنّ إذا خرجن من بيوتهنّ ، والخروج ليس بقيدٍ ، وحاصل المعنى : أنّه يحرم على المرأة لبس ما يرى منه جسدها بحضرة من لا يحلّ له النّظر،. . 

ولا يجوز لها أن تأتي من الأعمال ما يلفت النّظر إليها ويترتّب عليه الافتتان بها ، قال تعالى : { ولا يَضْربن بأرجلهنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفين من زينتهنّ } ،. 

قال ابن كثيرٍ : كانت المرأة في الجاهليّة إذا كانت تمشي في الطّريق ، وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوته ، ضربت برجلها الأرض فيسمع الرّجال طنينه ، فنهى اللّه سبحانه وتعالى المؤمنات عن مثل ذلك ، وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستوراً ، فتحرّكت بحركةٍ لتظهر ما هو خفيّ دخل في هذا النّهي لقوله تعالى : { ولا يَضْرِبْنَ بأرجلهنّ } . 

ومن ذلك أنّها تنهى عن التّعطّر والتّطيّب عند خروجها من بيتها فيشمّ الرّجال طيبها ، فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم « كلّ عينٍ زانية ، والمرأة إذا استعطرت فمرّت بالمجلس فهي كذا وكذا »،. يعني زانيةً . 

ومن ذلك أيضاً أنّهنّ ينهين عن المشي في وسط الطّريق ، لما روى حمزة بن أبي أسيدٍ الأنصاريّ عن أبيه أنّه « سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط النّساء مع الرّجال في الطّريق ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للنّساء : استأخرن ، فإنّه ليس لكنّ أن تحققن الطّريق ، عليكنّ بحافّات الطّريق »،. 

ولا تجوز خلوة المرأة بالأجنبيّ ولو في عملٍ ، والمراد بالخلوة المنهيّ عنها أن تكون المرأة مع الرّجل في مكان يأمنان فيه من دخول ثالثٍ . ( ر : خلوة . 

قال أبو حنيفة : أكره أن يستأجر الرّجل امرأةً حرّةً يستخدمها ويخلو بها ، لأنّ الخلوة بالمرأة الأجنبيّة معصية ،. 

وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا يخلونّ رجل بامرأةٍ إلاّ كان الشّيطان ثالثهما » ،. 

خ - الخروج من المنزل :

إذا كانت المرأة متزوّجةً فإنّها ترتبط في خروجها من المنزل بإذن زوجها . 

وقد روى ابن عمر قال : « رأيت امرأةً أتت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقالت : يا رسول اللّه ما حقّ الزّوج على زوجته ؟ قال : حقّه عليها أن لا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه ، فإن فعلت لعنها اللّه وملائكة الرّحمة وملائكة الغضب حتّى تتوب أو ترجع » ،، ولأنّ حقّ الزّوج واجب ، فلا يجوز تركه بما ليس بواجبٍ . 

وخروج الزّوجة من غير إذن زوجها يجعلها ناشزاً ، ويسقط حقّها في النّفقة في الجملة ، لكن لا ينبغي للزّوج أن يمنع زوجته من زيارة أبويها وعيادتهما ، لأنّ عدم الزّيارة نوع من العقوق وقطيعة الرّحم . 

كذلك لا ينبغي أن يمنعها من الصّلاة في المسجد وحضور الجمعة والعيدين ودروس الوعظ ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه » وفي روايةٍ : « إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها » ،. 

لكن هذا مقيّد بما إذا أمن عليها ، وكان لا يخشى الفتنة من خروجها ، فإن كان يخشى الفتنة فله منعها . وكره متأخّرو الحنفيّة خروجها ولو عجوزاً لفساد الزّمان ، لما روي عن السّيّدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :" لو أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النّساء لمنعهنّ المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل "،.

ما يتعلّق بالأنثى من أحكام الولايات :

الولايات - كالإمامة والقضاء والوصاية والحضانة وغيرها - مناصب تحتاج إلى استعداداتٍ خاصّةٍ ، بدنيّةٍ ونفسيّةٍ ، كالقوّة والكفاية والخبرة والرّعاية والحنان وحسن التّصرّف . وتختلف الولايات عن بعضها فيما تحتاج إليه من صفاتٍ . 

وإذا كان الرّجال مقدّمين في بعض المناصب على النّساء ، فذلك لفارق التّكوين الطّبيعيّ لكلٍّ منهما ، ولما منح اللّه سبحانه وتعالى كلّ جنسٍ من صفاتٍ خاصّةٍ . 

وكذلك تقدّم النّساء في بعض الولايات ، لتناسبها مع تكوينهنّ واستعدادهنّ الفطريّ . 

قال القرافيّ : اعلم أنّه يجب أن يقدّم في كلّ ولايةٍ من هو أقوم بمصالحها على من هو دونه ، فيقدّم في ولاية الحروب من هو أعرف بمكائد الحروب وسياسة الجيوش ، ويقدّم في القضاء من هو أعرف بالأحكام الشّرعيّة وأشدّ تفطّناً لحجاج الخصوم وخدعهم . 

ويقدّم في أمانة اليتيم من هو أعلم بتنمية أموال اليتامى وتقدير أموال النّفقات . 

والنّساء مقدّمات في باب الحضانة على الرّجال لأنّهنّ أصبر على الصّبيان وأشدّ شفقةً ورأفةً . فقدّمن لذلك وأخّر الرّجال عنهنّ ، وأخّرن في الإمامة والحروب وغيرهما من المناصب ، لأنّ الرّجال أقوم بمصالح تلك الولايات منهنّ ،.

والقضاء من الولايات الّتي يقدّم فيها الرّجال عند جمهور الفقهاء . 

ويجوز عند الحنفيّة أن تقضي في غير حدٍّ وقودٍ ، إلاّ أنّه يكره توليتها القضاء ، ويأثم من يولّيها ، لما فيه من محادثة الرّجال ، ومبنى أمرهنّ على السّتر ، قال ابن عابدين : ولو قضت في حدٍّ وقودٍ فرفع إلى قاضٍ آخر يرى جوازه ، فأمضاه ليس لغيره إبطاله ،. 

وحكي عن ابن جريرٍ الطّبريّ أنّه لا تشترط الذّكوريّة في القاضي ، لأنّ المرأة يجوز أن تكون مفتيةً ، فيجوز أن تكون قاضيةً . 

ومن الولايات الّتي يصحّ أن تسند إلى الأنثى : الشّهادة والوصاية ونظارة الوقف ، قال ابن عابدين : تصلح المرأة ناظرةً لوقفٍ ووصيّةً ليتيمٍ وشاهدةً ، فصحّ تقريرها في النّظر والشّهادة في الأوقاف ،.

قال ابن قدامة : تصحّ الوصيّة إلى المرأة في قول أكثر أهل العلم ، وروي ذلك عن شريحٍ ، وبه قال مالك والثّوريّ والأوزاعيّ وإسحاق والشّافعيّ وأبو ثورٍ وأصحاب الرّأي ، لما روي أنّ عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة ، ولأنّها من أهل الشّهادة فأشبهت الرّجل ،. 

قال الخطيب الشّربينيّ : أمّ الأطفال أولى من غيرها من النّساء عند اجتماع الشّروط ، لوفور شفقتها وخروجها من خلاف الإصطخريّ ، فإنّه يرى أنّها تلي بعد الأب والجدّ ، وكذا هي أولى من الرّجال أيضاً لما ذكر ، إذا كان فيها ما فيهم من الكفاية والاسترباح ونحوهما ، وإلاّ فلا ، قال الأذرعيّ : وكم من محبٍّ مشفقٍ لا يقدر على تحصيل الأرباح والمصالح التّامّة لمن يلي أمره ،.

هذا ، وشهادتها عند الجمهور تكون في الأموال وتوابعها فقط ، وعند الحنفيّة تكون فيما عدا القود والحدود ، وشهادتها على النّصف من شهادة الرّجل لقوله تعالى : { فإن لم يَكُونا رجلين فَرَجُلٌ وامرأتان }،. وتقبل شهادتها دون الرّجال فيما لا يطّلع عليه الرّجال ،. 

وينظر تفصيل ذلك في ( شهادةٍ . 

والولاية على مال الصّغير تكون للذّكور عند جمهور الفقهاء ، لأنّ الولاية ثبتت بالشّرع ، فلم تثبت للأنثى ، لكن يجوز أن يوصي إليها ، فتصير وصيّةً بالإيصاء . وفي رأي الإصطخريّ من الشّافعيّة ، وهو خلاف الأصحّ عندهم ، وقول القاضي أبي يعلى ، وابن تيميّة من الحنابلة : أنّ  الأمّ تكون لها الولاية بعد الأب والجدّ ، لأنّها أحد الأبوين ، وأكثر شفقةً على الابن . ولا ولاية للأنثى كذلك في النّكاح عند جمهور الفقهاء ، لأنّ المرأة لا تملك تزويج نفسها ولا غيرها ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح المرأة المرأة ، ولا المرأة نفسها » ،. وعند أبي حنيفة وزفر والحسن بن زيادٍ ، وهو ظاهر الرّواية عن أبي يوسف : أنّ المرأة يجوز أن تزوّج نفسها ، وأن تزوّج غيرها بالولايات أو الوكالة ، لقوله تعالى : { فلا جُنَاحَ عليكم فيما فَعَلْنَ في أنفسهنّ من معروفٍ }، فأضاف النّكاح والفعل إليهنّ ، وذلك يدلّ على صحّة عبارتهنّ ونفاذها ، لأنّه أضافه إليهنّ على سبيل الاستقلال ، إذ لم يذكر معها غيرها ، وقد روي أنّ امرأةً زوّجت بنتها برضاها ، فجاء الأولياء وخاصموها إلى عليٍّ رضي الله تعالى عنه ، فأجاز النّكاح . وهذا دليل الانعقاد بعبارة النّساء ، وأنّه أجاز النّكاح بغير وليٍّ ، لأنّهم كانوا غائبين ، لأنّها تصرّفت في خالص حقّها ، ولا ضرر فيه لغيرها ، فينفذ ، كتصرّفها في مالها ، والولاية في النّكاح أسرع ثبوتاً منها في المال ، ولأنّ النّكاح خالص حقّها ، حتّى يجبر الوليّ عليه عند طلبها ، وهي أهل لاستيفاء حقوقها ،.

 

انتهاء النكاح

ينتهي النكاح وتنفصم عقدته بأمور منها ما يكون فسخا لعقد النكاح يرفعه من أصله أو يمنع بقاءه واستمراره، ومنها ما يكون طلاقا أو في حكمه، ومن ذلك : 

أ الموت : تنحل رابطة الزوجية إذا مات أحد الزوجين .

ولكنه مع ذلك يترتب على النكاح الذي انتهى بالموت أحكام منها أن من بقي من الزوجين يرث من مات منهما، وأن الزوجة تحد وتعتد إن توفي الزوج، ويحل ما أجل من صداقها إن كان المتوفى أحدهما

ب الطلاق : هو رفع قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه، والنكاح الذي يرفعه الطلاق هو النكاح الصحيح.

وقد اتفق الفقهاء على أصل مشروعية الطلاق، واستدلوا بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، لكنهم اختلفوا في الحكم الأصلي للطلاق هل هو الإباحة أو الحظر؟ كما بينوا مسائله بيانا وافيا.

ج- الخلع :  - عند جمهور الفقهاء- فُرقة بعِوض مقصود لجهة الزوج، بلفظ خلع أو طلاق.

والخُلْع جائز في الجملة، واستدل الفقهاء على جوازه بقول الله تعالى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ، ، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس - في أولِ خلع وقع في الإسلام- ( "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ، وبإجماع الصحابة والأمة على مشروعيته وجوازه.

وقد بين الفقهاء أحكام الخلع ومسائله بيانا شافيا.

د- الإيلاء : إذا أصر الزوج المولي على عدم قربان زوجته بعد المدة التي حددها الله تعالى بقوله { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ، فإن الطلاق يقع بمضي هذه المدة عند الحنفية، أما عند غيرهم فإن الطلاق لا يقع بمضي المدة، بل للزوجة أن ترفع الأمر إلى القاضي فيأمر الزوج بالفيء، فإن أبى أمره بتطليقها، فإن لم يفعل طلقها عليه القاضي.

هـ- اللعان : إذا تم اللعان فإنه يفرق بين الزوجين لقول النبي صلى الله عليه وسلم 

( "المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا" ،. 

وقد اختلف الفقهاء في الفرقة التي تقع باللعان، هل تقع بمجرد اللعان من غير توقف على حكم القاضي، أم لا بد لوقوعها من حكم القاضي؟ وهل تتوقف على ملاعنة كل من الزوجين أو على لعان الزوج وحده؟ وهل هي طلاق أو فسخ؟ وهل الحرمة المترتبة على اللعان مؤبدة بحيث لا تحل المرأة لمن لاعنها وإن أكذب نفسه، أو هي حرمة مؤقتة تنتهي إذا أكذب الزوج الملاعن نفسه؟ 

و- إعسار الزوج : إعسار الزوج قد يكون بصداق زوجته وقد يكون بنفقتها.

فإذا أعسر بالصداق فللفقهاء في التفريق بينه وبين زوجته بهذا الإعسار أقوال

فذهب الحنفية إلى عدم جواز التفريق بذلك، وللزوجة قبل الدخول منع تسليم نفسها للزوج حتى تستوفي معجل صداقها. وأجاز المالكية التفريق بإعسار الزوج عن معجل الصداق إعسارا لا يرجى زواله ما لم يدخل الزوج بزوجته.

وللشافعية والحنابلة وجوه وأقوال.

أما إذا أعسر الزوج بنفقة زوجته، وثبت إعساره، وطلبت الزوجة التفريق بذلك فرق بينهما عند جمهور الفقهاء خلافا للحنفية. 

ز- الردة : اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين حيل بينهما، فلا يقرب الزوج الزوجة ولا يخلو بها، ثم اختلفوا في بينونتها منه؟ هل تكون على الفور أو على التراخي؟ وهل تكون طلاقا أو فسخا؟

ح- غيبة الزوج : اختلف الفقهاء في التفريق بين الزوجين بسبب غيبة الزوج

فذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز التفريق بينهما حتى يتحقق موت الزوج أو يمضي من الزمن ما لا يعيش إلى مثله غالبا. وقسم المالكية والحنابلة حالات الغيبة، وبينوا حكم كل قسم منها.

ط- فوت الكفاءة : إذا تخلفت الكفاءة عند من يشترطونها لصحة النكاح فإنه يكون عندهم باطلا أو فاسدا، أما من لا يعتبرون الكفاءة لصحة النكاح، ويرون أن الكفاءة حق للمرأة والأولياء فإن تخلفت الكفاءة لا يبطل النكاح عندهم في الجملة، بل يجعله عرضة للفسخ .

 

ثم أما بعد ،،،،

فأوصى فى مشاكل أسرية : 

1- فى المستجدات عمل جماعى مؤسسى من علماء الإسلام فى مؤسسة الأزهر الشريف جهة الاختصاص ، مع علماء الاجتماع .

2- تمنع أعمال فردية .

3- يحتاط فى توجهات له أهداف . 

4- مراعاة الفروق بين ما يثبت بالشريعة ، وما هو اجتهاد فقهى ، فالثوابت النصية 

( القرآن الكريم ، الأحاديث النبوية الصحيحة ، الآثار ، فما هو ثابت لا تغيير ولا تبديل لأنه من التحاكم إلى شرع الله – عز وجل - ، أما الإجتهاد الفقهى فى التراث الموروث ، فقابل للإجتهاد المؤسسى والجماعى .

والله – عز وجل – ولى التوفيق

Dr.Randa
Dr.Radwa