الخميس 25 ابريل 2024

في ذكرى ولايته الثانية للرئاسة...جمال عبد الناصر خَطى جاهدًا للوصول للمنصب الأول بالدولة

جمال عبد الناصر

تحقيقات25-6-2022 | 00:19

بسمة أبوبكر

بدأ نشاط جمال عبدالناصر السياسي حين التحق والده بالخدمة البريدية، حيث رأى مظاهرة في ميدان المنشية بالإسكندرية، وانضم إليها دون أن يعلم مطالبها، وقد علم بعد ذلك أن هذا الاحتجاج كان من تنظيم جمعية مصر الفتاة، وكان هذا الاحتجاج يندد بالاستعمار الإنجليزي في مصر، في أعقاب قرار من رئيس الوزراء حينئذ إسماعيل صدقي بإلغاء دستور 1923، وألقي القبض على عبد الناصر واحتجز لمدة ليلة واحدة، قبل أن يخرجه والده.

وفي نوفمبر 1935، قاد ناصر مظاهرة طلابية ضد الحكم البريطاني؛ احتجاجًا على البيان الذي أدلى به صمويل هور وزير الخارجية البريطاني، قبل أربعة أيام، والذي أعلن رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، وقتل اثنان من المتظاهرين وأصيب عبد الناصر بجرح في جبينه سببته رصاصة من ضابط إنجليزي، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها، ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى.

وركز ناصر على حياته العسكرية منذ أن التحق بالكلية العسكرية عام 1937، حيثما التقى بعبد الحكيم عامر وأنور السادات، وبعد ذلك الحين بفترة طويلة، استدعى رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادي، عبد الناصر لاستجوابه بشأن شكوك بأنه تم تشكيل مجموعة سرية من ضباط المعارضة؛ ونفى عبد الناصر هذه المزاعم بشكل مقنع، وكان عبد الهادي أيضًا مترددًا في اتخاذ تدابير جذرية ضد الجيش، وأفرج عن عبد الناصر في وقت لاحق. وقد دفع هذا الاستجواب عبد الناصر إلى تسريع أنشطة جماعته.

قام عبد الناصر بتنظيم «اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار»، وتألفت من أربعة عشر رجلاً من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك ممثلين عن الشباب المصريين، والإخوان المسلمين، والحزب الشيوعي المصري، والطبقة الأرستقراطية، وانتخب ناصر رئيسا للجنة بالإجماع.

وفي يناير 1953، تمكن عبد الناصر من التغلب على المعارضة بقيادة محمد نجيب، وحظر جميع الأحزاب السياسية، وأنشأ نظام الحزب الواحد تحت مظلة هيئة التحرير، وتولى عبد الناصر منصب أمينها العام، وكان عبد الناصر عضو مجلس قيادة الثورة الوحيد الذي ما زال يفضل إجراء الانتخابات البرلمانية، وظل عبد الناصر ينادي بإجراء الانتخابات البرلمانية في سنة 1956.

طريق الرئاسة أمام جمال عبد الناصر 

في 25 فبراير 1954، أعلن نجيب استقالته من مجلس قيادة الثورة، وفي 26 فبراير، قبل ناصر استقالة نجيب، وقام بوضع نجيب تحت الإقامة الجبرية في منزله، وعين مجلس قيادة الثورة ناصر قائدًا للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء، على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً؛ فتمرد ضباط الجيش، وطالبوا بإعادة نجيب وحل مجلس قيادة الثورة.

وفي 27 فبراير، أطلق أنصار عبد الناصر في الجيش غارة على القيادة العامة العسكرية، وقام بإنهاء التمرد، ثم نظم عدد من أعضاء جماعة الأخوان المسلمين مظاهرات، ودعوا لعودة نجيب وسجن عبد الناصر. وطالبت مجموعة كبيرة داخل مجلس قيادة الثورة، بإطلاق سراح نجيب وعودته إلى رئاسة الجمهورية، ووافق ناصر على مطالبهم، ولكنه أجل إعادة نجيب حتى 4 مارس، وقام بتعيين عبد الحكيم عامر قائداً للقوات المسلحة، وكان هذا المنصب في يد محمد نجيب قبل عزله.

وفي وقت لاحق، أمر عبد الناصر بواحدة من أكبر الحملات السياسية في التاريخ الحديث لمصر، فتم اعتقال الآلاف من المعارضين، ومعظمهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والشيوعيين، وتمت إقالة 140 ضابطاً موالياً لنجيب، وحكم على ثمانية من قادة الإخوان بالإعدام، وتم خلع محمد نجيب من رئاسة الجمهورية ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ولكن لم تتم محاكمته، ولم يقم أحد في الجيش بالدفاع عنه، وبعد تحييد منافسيه، أصبح عبد الناصر الزعيم في مصر بلا منازع.
جمال عبد الناصر زعيم مصر بلا منازع  

وبعد أن أصبح عبد الناصر زعيم مصر، قام بإلقاء عدة خطب في أماكن مختلفة في البلاد، للترويج لنفسه ولهيئة التحرير، وقام بفرض ضوابط على الصحافة، وأعلن أن جميع المنشورات والصحف لابد أن تلقى موافقته عليها لمنع «الفتنة».

وغنى لقوميته أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وبعض المطربين العرب، وأنتجت عدة مسرحيات تشوه سمعة خصومه السياسيين، وكان قد دبر عبد الناصر الحملة بنفسه، وبدأت القومية العربية تظهر بشكل متكرر في خطاباته في سنتي 1954 - 1955. ثم في يناير 1955 عين رئيساً لمجلس قيادة الثورة.

وبالطبع مع تعزيز موقعه الداخلي إلى حد كبير، أصبح ناصر قادرًا على ضمان أسبقيته على زملائه في مجلس قيادة الثورة، واكتساب سلطة صنع القرار من دون منازع نسبيًا، وخاصة في السياسة الخارجية.

وخلال شهر يناير من سنة 1956، أُعلن عن الدستور المصري الجديد، الذي نص على تأسيس نظام الحزب الواحد تحت مظلَّة الاتحاد القومي، وكان الاتحاد القومي هو نفسه هيئة التحرير بعد إعادة تشكيلها، بعد أن فشل ناصر في حشد المُشاركة الشعبيَّة الكبيرة فيها.

حاول ناصر أن يُخرط المزيد من المُواطنين في الحركة الجديدة، على أن يتم تقديم طلبات الانتساب إلى لجان شعبية مختصة توافق عليها أولًا، وذلك في سبيل ترسيخ الدعم الشعبي لحكومته، وكان الاتحاد القومي يختار مرشحًا للانتخابات الرئاسية على أن تتم الموافقة عليه من قبل الجماهير بعد أن يطرح اسمه من قبل اللجان.

جمال عبد الناصر رئيسًا لجمهورية مصر العربية

وعلى ذلك فتم ترشيح عبد الناصر لمنصب رئاسة الجمهورية، وجرت الانتخابات في يوليو سنة 1957، وطرح الدستور الجديد للاستفتاء العام يوم 23 يونيو، وحاز كلاهما على الموافقة بأغلبية ساحقة، وأنشئ مجلس الأمة الذي يتضمن 350 عضوا، ومنح الدستور حق الاقتراع للمرأة، وحظر التمييز القائم على نوع الجنس، وكفل حماية خاصة للنساء في مكان العمل، وبدأ ناصر عملية تهميش منافسيه من بين الضباط الأحرار الأصليين، بينما رفع أقرب حلفائه لمناصب رفيعة المستوى في الحكومة.

وفي أكتوبر 1961، بدأ ناصر برنامجاً كبيراً للتأميم في لمصر، معتبراً أن اعتماد قراراته الاشتراكية سيكون الحل لمشاكل بلاده من أجل تنظيم وترسيخ قاعدته الشعبية مع المواطنين في مصر ومواجهة نفوذ الجيش، وقدم ناصر الميثاق الوطني في سنة 1962 ووضع دستوراً جديداً.

دعا الميثاق للرعاية الشاملة والصحة، والإسكان بأسعار معقولة، والمدارس المهنية، بمزيد من الحقوق للمرأة وبرنامج تنظيم الأسرة، فضلا عن توسيع قناة السويس.

الولاية الثانية لرئاسة عبد الناصر 

أعيد انتخاب ناصر لولاية ثانية كرئيس للجمهورية العربية المتحدة بعد استفتاء في البلاد، وحلف ناصر اليمين الدستوري يوم 25 مارس 1965. كان ناصر المرشح الوحيد لهذا المنصب، حيث حظر القانون ترشح جميع خصومه السياسيين تقريبا للرئاسة، وجرت الانتخابات على شكل استفتاء على ترشيح جمال عبد الناصر، المرشح بالتزكية. فاز مع ما يقرب من سبعة ملايين من الأصوت، بنسبة 99.9%. وكانت نسبة المشاركة في التصويت 98.5٪.

وفي تلك السنة نفسها، حبس الزعيم الفكري لجماعة الإخوان المسلمين سيد قطب. اتهم قطب بالتخطيط لاغتيال ناصر، وأعدم في سنة 1966. ابتداءً من سنة 1966، مع تباطؤ نمو الاقتصاد المصري، وصيرورة الدين الحكومي مرهقا على نحو متزايد، بدأ ناصر في تخفيف سيطرة الدولة على القطاع الخاص، وتقديم الحوافز لزيادة الصادرات.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa