أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، أن العالم لم يعد في وضع يسمح بالمقايضة بين معالجة أزمات الفقر والغذاء والطاقة ومعالجة أزمة التغير المناخي، موضحاً أن العودة للمسار السليم تستلزم معالجة هذه الأزمات مجتمعة بشكل متوازي.
جاء ذلك خلال مشاركته عبر الفيديو كونفرنس في جلسة بعنوان "التأثيرات الإنسانية لأزمة المناخ: المخاطر المتصاعدة والتحديات وإجراءات المواجهة" ضمن اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك.
وقال محيي الدين إن الآثار الناتجة عن أزمة التغير المناخي لا تقل خطورتها عن الأزمات الناتجة عن جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا من حيث التأثير بشكل سلبي على توافر الغذاء ومصادر الطاقة وكذا الأوضاع المالية، موضحاً أن ٧٠٪ من سكان العالم يعتمدون في غذائهم على محاصيل معرضة لخطر التناقص من حيث الكم والجودة بسبب التغيرات المناخية وتزايد الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أن ١٠٧ من الدول النامية يسكنها نحو ١,٧ مليار نسمة أصبحت تعاني بشدة من واحدة على الأقل من مشكلات الغذاء والطاقة والتمويل، كما يقع على كاهل حكومات هذه الدول ذاتها وضع موازنات عامة مثقلة بالخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي وتكلفة التكيف مع الفيضانات العنيفة أو نوبات الجفاف التي تتسبب فيها هذه الظاهرة.
وشدد محيي الدين أن التقاعس عن اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة أزمة المناخ سيؤدي إلى تفاقم آثار المشكلات المستقبلية، وسيضفي المزيد من التعقيد على قدرة هذه الدول على التعامل مع الأزمات، وسيخلق المزيد من الحلقات المفرغة.
وأوضح رائد المناخ أن المجتمع الدولي يجب أن يخفف من الأعباء المالية على الدول النامية المتضررة من أزمة المناخ من خلال التخفيف الفوري للديون وتقديم الدعم المالي لهذه الدول بما يضمن قدرتها على مواجهة التغير المناخي، وعلى نحو لا يجعلها تتغافل عن تحقيق أهداف المناخ مقابل تحقيق احتياجات رئيسية أخرى.
وأشار إلى أهمية قيام المجتمع الدولي برفع قدرات الدول النامية لمواجهة مختلف الأزمات وذلك عن طريق إصلاح الهيكل المالي العالمي بحيث تكون الأولوية لتحقيق الصلابة في مواجهة الأزمات والاستثمار في سبل مواجهتها في إطار التوجه الشامل لتحقيق الاستدامة.
وفي هذا السياق، تحدث محيي الدين عن أولويات العمل المناخي وأهمية أن تركز على تبني نهج شامل للاستدامة يضمن التوازن بين التخفيف من آثار التغير المناخي، والتكيف معه، والتنفيذ الفعلي للعمل المناخي، وتيسير السبل نحو تحقيق تحول فعال وعادل.
وأكد على أهمية ايلاء أولوية كذلك لتنفيذ مشروعات المناخ وترجمة تعهدات المؤتمرات السابقة إلى حلول قابلة للتنفيذ، وحشد التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشروعات مع ضمان جودة رأس المال، ورسم ملامح تمويل العمل المناخي لما بعد عام ٢٠٢٥ مع التركيز على التمويل المبتكر وإجراءات تخفيف الديون.
ولفت إلى اهمية بالبعد الإقليمي للعمل المناخي حيث ستحرص الرئاسة المصرية للمؤتمر واللجان الإقليمية بالامم المتحدة ورواد المناخ على انعقاد خمس اجتماعات إقليمية خلال الشهرين المقبلين تستهدف تبني توجه إقليمي شامل لمعالجة التغير المناخي عبر العمل والتمويل للمشروعات المشتركة، فضلاً عن تركيز المؤتمر على توطين العمل المناخي بما يصل بنتائجه إلى سكان جميع المدن والقرى والأقاليم.
واختتم محيي الدين كلمته بالتأكيد على ضرورة أن يتم دعم التحولات الاقتصادية والبيئية في جميع الدول بشكل عادل، على أن يبدأ العمل في تنفيذ هذه التحولات الآن، وليس غداً.