الأربعاء 22 مايو 2024

يونيو بنت يوليو وإن كره الإخوان!.

21-7-2017 | 14:29

بقلم – حمدى رزق

للذكرى، كلتاهما أطلق عليه الإخوان انقلابا، كلتاهما بادره الإخوان العداء ولايزالون، وكما حاولوا اغتيال عبد الناصر، حاولوا اغتيال السيسى، وكما خاض ناصر حربا ضد الإخوان، يخوض السيسى حربا ضد الإخوان، الإخوان أعداء الثورة المصرية دوما وأبدا.

التاريخ يكرر دورته، الإخوان يخونون الوطن فيخلعهم ناصر، ويخونون ثورة الشعب فيخلعهم السيسى والشعب ثائر فى الشوارع يهتف بسقوط الإخوان، يسقط يسقط حكم المرشد، ٢٣ يوليو تذكر بـ٣٠ يونيو، وبينهما إحن ومحن وانتصارات وانكسارات، ويبقى الوطن أغنية على الممر.

شعارات يوليو لاتزال مقررة على الشعب، ومقررات يونيو من نفس المقرر الثورى، من ذات الكتاب، هلا قرأتم الكتاب، صفحاته منشورة، هل عرفتم الجواب على السؤال: لماذا يعادى الإخوان ثورة المصريين فى يوليو / يونيو، لأنها ثورة المصريين، وهم يكرهون مصر والمصريين، وقال مرشدهم قولته الشهيرة التى صارت مثلا إخوانيا بغيضا « طز فى مصر » بوقاحة تصل إلى حدود الخيانة العظمى، وقاحة منقطعة النظير فى تاريخ الأوطان.

التشابه والتماثل بين الثورتين ليس قراءة تعسفية أو عاطفية للتاريخ، أو انحيازا أو اجتراء، أو نسب مالا ينسب، لكنه وصل ما انقطع من حلقات التاريخ، وذكرى للمؤمنين بهذا الشعب وقدرته على دحر الإخوان، تذكر عداء الإخوان وعمالتهم للإنجليز قديما ضد يوليو ورمزها الحى فى الضمائر جمال عبد الناصر، وعمالتهم للأمريكان حديثًا فى يونيو، ورمزها الحى عبد الفتاح السيسى، الإخوان عملاء عابرين للعصور.

وحتى ساعته وتاريخه يحارب الإخوان ناصر، وحتى ساعته وتاريخه يحارب الإخوان السيسى، وكما رسم الإخوان ناصر عدوا، رسموا السيسى عدوا للإخوان، وكما يشكل ناصر عقدة تاريخية للإخوان، يمثل السيسى عقدة حديثة للإخوان، رحل ناصر ولم يسكت عنه الإخوان، ولن يسكتوا على السيسى، السيسى يذكرهم بناصر الذى دحرهم.

ويوليو التى تحل ذكراها بكل الحنين والأشواق لوطن حر، أنهت سطوة الإخوان والتابعين، ويونيو هى التى أسقطت خلافتهم التى كانت قاب قوسين أو أدنى من الإعلان العالمي، لمن لا يعلم ومن يعلم ويتجاهل، ومن يجهل ويتعالم، يونيو من ضلع يوليو، من بين الصلب والترائب، ابنة يوليو البكرية والطلق كان فى يناير، عامان من الألم، والشوق، يونيو جت على شوق ليوليو.

وكانت ولاتزال يوليو هدفا للإخوان، يونيو صارت هدفا للإخوان، يوليو مثل يونيو تضج مضاجع الإخوان، وتحزنهم وتنكد عليهم عيشتهم، ذكرى يوليو يوم أسود فى تاريخ الإخوان، وذكرى يونيو تسوّد عيشتهم، يتجرعون مرارة، وينفسون حقدا على الثورتين.

وذكّر بيوليو لترى يونيو جيدا، وذكّر بما جرى فى يوليو لتعرف ماذا جرى فى يونيو، ذكّر بالتسمية القذرة، الانقلاب، قبل أن ترتسم يوليو فى العيون ثورة أسموها انقلابا، وقبل أن ترتسم يونيو ثورة أسموها انقلابا، وفى الثورتين ضنوا على الشعب بالثورة، إذا لم تكن ثورة إخوانية فهى ليست بثورة، والإخوان عمرهم ما ثاروا، كيف يثور عبيد المرشد وهم من جُبلوا على السمع والطاعة.

ناصر والسيسى عانيا أيما معاناة لتفكيك هذا المصطلح اللعين عالميا، والتسمية هدفها الحصار، وتقييد حركة الثوار، ووصم الثورة فى مهدها وإجهاضها، وحصارها فى حدودها، للانقضاض عليها وهى رهينة حدودها لا تقوى على الحركة، عاجزة عن التمدد خارج الحدود تحليقا عاليا فى سماء الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، يونيو ترجمة أمينة ليوليو ولو كره الإخوان والتابعون.

وكما نجح ناصر فى تفكيك الحصار ومحو تهمة الانقلاب من التاريخ، وصار رقما عالميا ووجها دوليا، وتسمت حركة يوليو بثورة يوليو، وخطب ودها الأصدقاء، وتعاطى معها ألد الأعداء، وخشى منها الإخوان، ودخلوا الشقوق كالجرذان، نجح السيسى فى تحويل وجهة العواصم العالمية إلى القاهرة، وتحول هو شخصيا على خطى ناصر إلى رقم عالمى، ووجه دولى تفتح له العواصم أبوابها، وتتواصل معه الرئاسات، ولم يتبق أمامه باب مغلق إلا فتحه بصبر وأناة، باستثناءات أبواق إخوانية فى قطر وتركيا، وهما فى العداد ألد الخصام.

سنوات يوليو الأولى، تماثل سنوات يونيو الأولى، مخاض صعب، فوضى، وخراب، واقتصاد محاصر، وعواصم معادية، وخطط استخباراتية عاتية للإجهاض، وحرب اقتصادية عقور على كافة المحاور، وأحلاف دولية تطوق القاهرة، وحدود ملتهبة، وتعجيز صندوق النقد، وشح المعونات الاقتصادية، وتجبر الأعداء، وتجرؤ الأشقاء، وطابور خامس يجول فى الأرجاء، العدو دلوقت بقى جوه البلد.

نفس المشهد مع تغيير فرضته الظروف والأحداث والأحلاف، فى يوليو تحرك الجيش والتف الشعب التفافا حول ضباطه الأحرار، حول جيشه الوطنى، جيش عرابى العظيم، وفى يونيو تحرك الشعب وحمى الجيش الشعب، وفى الحالتين كان الجيش والشعب إيد واحدة، الإخوان والتابعون المناهضون لثورة الشعب عمدوا إلى فصل عرى هذه الكتلة الصلبة، ولكنهم لم ينجحوا فكتب ليونيو كما كتب ليوليو النجاح.

نفس المشهد يتكرر، نفس الصورة بنفس العدسة المقربة، ويقيض الله للمصريين الثائرين من يقود ثورتهم إلى بر الأمان، ناصر قبلا، والسيسى بعدا، كلاهما قائد من بين صفوف الجيش المصرى، جيش الساجدين الصابرين، خير أجناد الأرض، وكلاهما مؤمن بمصر وبالمصريين ويقدس العلم وينشد النشيد، وكلاهما يحترم إرادة هذا الشعب، وكلاهما قبلته من بعد الله سبحانه، مصر التى فى خاطرى وفى دمى.

نجح ناصر، وتآمر عليه الأمريكان والإخوان والتابعون، وخرج من يوليو منتصرا، وقبل أن يبلغ عنان المجد نالوا منه كعب أخيل، وهزم فى يونيو، ولكن كان للتاريخ دورة جديدة، وكما كانت النكسة فى يونيو، كانت الثورة فى يونيو، ويتحول يونيو إلى شهر الثورة بعد أن وصم طويلا بشهر النكسة، هذا من تصاريف القدر أن تولد يونيو من رحم الهزيمة، كما ولدت يوليو من رحم الهزيمة، مصر ولادة، مصر بلد الثورات، يوليو بلغت الـ٦٥ وبنتها يونيو بنت ٤ سنين، تعوض بها ضنى العمر وشقى المصريين، عوض الصابرين.