السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

دروس تجربة الـ8 سنوات

  • 27-6-2022 | 22:02
طباعة

عندما تسترجع مجريات الأمور والأحداث، وما جرى في مصر خلال الـ8 سنوات الماضية.. تجد أنك أمام ملحمة تقترب إلى حد المعجزة إذا ما تأملت أحوال البلاد والعباد قبل تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية، بمنتهى الموضوعية والإنصاف، أستطيع القول أن هذه الدولة التي كانت على مشارف الانهيار، أو شبه دولة وأشلاء الدولة.. عادت إلى الحياة من جديد، ليس هذا فحسب فالبناء لم يكن على مدار 8 سنوات ارتجاليًا أو عشوائيًا، ولكن قام على مرتكزات وأعمدة صلبة هيأت للوطن أسباب القوة والقدرة والبقاء.. وطن لا تهزه ريح وعواصف مهما كانت قاسية، وطن قادر على الصمود في وجه أصعب التحديات.. ومجابهة أخطر التهديدات، فبقراءة تجربة الـ8 سنوات تجد أن هناك من عمل على أن تقف الدولة المصرية في كل الأوقات على أرض صلبة، تجنبها مغبات ومخاطر السقوط والانهيار.. وأن ما جرى لا يمكن أن يحدث مرة أخرى. 

بناء دولة حديثة قوية وقادرة، لا تهزها العواصف تمتلك مقومات الصمود والتصدي للتحديات والتهديدات.. تحقق تطلعات الوطن والمواطن. 

دروس تجربة الـ 8 سنوات

على مدار 8 سنوات لم نر منه إلا كل الخير والإنجاز والتغيير والتطوير وتخفيف الأزمات وتوفير الاحتياجات.. والإرادة والعزم والإصرار والتحدي لبناء مصر الحديثة، وتحقيق الأمن والاستقرار لوطن عانى طويلاً من الفوضى والانفلات والإرهاب.

تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي أمانة المسئولية في حكم مصر، في ظروف بالغة الدقة والتعقيد في ظل تحديات وتهديدات كثيرة، وكانت مصر على المحك، بعد عقود الإهمال والتقصير وانعدام الرؤية وغياب الإرادة.. ووصلت البلاد إلى أحوال وظروف صعبة، وعانت من حالة احتقان مجتمعي لانهيار الخدمات وتفشي الأمراض والفساد وانهيار البنية التحتية والأساسية، وتمدد الجماعات الإرهابية وانتشار التطرف والتشدد والعشوائيات والتعديات، وتراجع دور وثقل مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ لتتصاعد وتيرة الأوضاع، ليستغلها أعداء الداخل والخارج، وتجلت مشاهد الخطر على مصير الوطن في أحداث يناير 2011.. حيث عاثت فيها الفوضى ومظاهر الخراب والدمار، واستهداف مؤسسات الدولة في غياب شبه كامل للوعى الحقيقي، حيث توهم البعض أن التغيير في حد ذاته هو الحل لكل أزماتهم ومعاناتهم وعدم الإدراك أن ما يحدث خراب ودمار وفوضى، وتوقف عجلة العمل والإنتاج في مختلف القطاعات والمجالات، حتى وصلت خسائر مصر في عام ونصف العام إلى ما يزيد على 450 مليار دولار، بعد أن انسحبت الاستثمارات وتوقفت السياحة بسبب الأوضاع غير المستقرة ومظاهر الانفلات والفوضى، وهروب رأس المال الأجنبي والشركات الكبرى العاملة في قطاعات كثيرة، خاصة مجال البترول والبحث والتنقيب عن البترول وتراكم مديونياتها.

تفاقمت الأوضاع وتعرضت البلاد لحالة من الصراع وشبه الاحتراق الداخلي في عهد الإخوان المجرمين، وانقسمت إلى معسكرين الأهل والعشيرة والمستفيدين من الجماعة الإرهابية، ثم الشعب المصري بكل فئاته، أضف إلى ذلك عجز وعدم قدرة نظام الإخوان على إدارة وحكم البلاد، واختلطت الأمور ما بين حكم الدولة وحكم الجماعة، وأصبحت مصر تدار بنظام «السوبر ماركت».. حالة من الارتجالية والعشوائية والبدائية في إدارة دولة في حجم مصر بكافة القطاعات والمجالات، ناهيك عن الارتماء في أحضان أعداء مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي من قوى الشر ورعاة المؤامرة على مصر، وتنفيذ مخططاتها وأوهامها وأطماعها حتى باتت مصر فريسة على موائد الذئاب للسيطرة على مفاصلها، والتهام مواردها وثرواتها، بالإضافة إلى التخطيط إلى أن تكون مصر العظيمة دولة تابعة لدول في الإقليم.

انتفض المصريون عندما أدركوا فشل الإخوان وأهدافهم ومخططاتهم وخيانتهم، وخرجوا بالملايين إلى الشوارع والميادين مطالبين بعزل نظام الإخوان المجرمين ورئيسه محمد مرسي، هنا خرجت الجماعة وحلفاؤها بالوعيد والتهديد بسحق وقتل المصريين،.. في المقابل وجه الشعب نداءه إلى جيش مصر العظيم مطالبين بحمايتهم، وإنفاذ إرادتهم ومطالبهم، فما كان من القائد الوطني الشريف الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي إلا تلبية النداء والانحياز للشعب، وإنقاذ مصر من براثن جماعة خانت وغدرت بالوطن، وهددت الشعب.. لم ينظر القائد الشريف إلا لمصلحة مصر ومطالب شعبها.. لذلك كأنت ومازالت ثورة 30 يونيو 2013 هي الأعظم، لأنها خلصت مصر من مصير مجهول واقتتال وحرب أهلية ومشروع شيطاني للتقسيم والإضعاف والإسقاط.

الحقيقة أن الحديث عن الرئيس عبدالفتاح السيسي وما حققه لمصر، وبين شرعية الإنقاذ وشرعية الإنجاز، تدور فصول أكبر ملحمة في تاريخ مصر لبناء وطن قوي وقادر يمتلك مقومات وجوده وبقائه وخلوده، قادر على مواجهة العواصف، لا تهزه ريح الأطماع والمؤامرات والأوهام، يمتلك قوة الردع، والقوة والقدرة الشاملة والمؤثرة، فالرئيس السيسي بنى هذا الوطن، وأعاد تأسيسه بعد تشخيص دقيق لكل مشاكله وأزماته وأوجاعه، ومصادر المعاناة التي نالت من هذا الشعب على مدار عقود طويلة، ومن أعظم ما تتوقف عنده لدى الرئيس السيسي، هو قوة العشق والحب لهذا الوطن، وامتلاك الرؤية الثاقبة.. والعزم والإرادة والتحدي، حتى تجاوزت مصر أصعب التحديات والتهديدات واستعادت قوتها وقدرتها ودورها ومكانتها وثقلها الإقليمي والدولي.

دعونا نتحدث عن الخطوط والأعمدة الرئيسية التي أرساها ورسخها الرئيس السيسي ليبني عليها دولة حديثة قوية وقادرة تدخل عصر الجمهورية الجديدة بثبات وثقة.

أولاً: تخليص مصر من مصادر الخطر والتهديد والتحديات الداخلية والخارجية، من خلال القضاء على الإرهاب واستعادة هيبة الدولة وسلطة القانون بعد تفشي الفوضى والانفلات، وأصبحت مصر من أهم الدول التي تحظى بالأمن والاستقرار وهو ما استعاد ثقة واطمئنان الاستثمار الأجنبي في مصر، وشكل قوة دفع كبيرة لأكبر عملية بناء وتنمية من أجل التقدم وفق أعلى المعايير والمواصفات العالمية وفي توقيتاتها المحددة،.

ثانياً: العمل على إزالة كل مصادر ومسببات الأزمات وانهيار الخدمات التي تقدم للمواطن، فالاهتمام أولاً بملف الرعاية الصحية وإطلاق المبادرات الرئاسية في مجال الصحة، مثل القضاء على فيروس «سي» وقوائم الانتظار و«100 مليون صحة» والمشروع القومي للتأمين الصحي والعمل على رفع كفاءة الأمن الصحي للمصريين بعد تدهور كبير خلال العقود الماضية.

ثالثاً: إزالة كل الظواهر السلبية التي تسيء للوطن والمواطن مثل ظاهرة العشوائيات والمناطق الخطرة وغير الآمنة، التي كانت تشكل إساءة بالغة للدولة المصرية ولا تليق بعظمة المصريين، لذلك حرصت الدولة وفق رؤية وإرادة على إنهاء هذا الملف الذي كان يشير إلى وجود قنابل مجتمعية موقوتة تفرز احتقاناً في المجتمع، وتفرز أجيالاً من التعصب والتشدد والتطرف والإرهاب.

رابعًا: إنشاء بنية تحتية وأساسية عصرية تتضمن شبكة طرق عصرية ومدناً ذكية تستوعب ملايين البشر، وتزخر بالفرص الوفيرة للعمل والاستثمار والارتقاء بجميع المجالات والقطاعات لتوفير احتياجات الدولة والمواطن، ولأن تكون مصدرًا جاذبًا للمشروعات والاستثمار، وتطوير وتحديث الموانئ والمنافذ والمطارات، لأنها عنوان الدولة القادرة اقتصاديًا والجاذبة للاستثمارات.

خامساً: منح مجال الأمن الغذائي وتطوير الزراعة ومشروعات الثروة السمكية والحيوانية والداجنة أولوية كبرى، لتوفير فرص عمل ولتحقيق التوسع الأفقي والرأسي في مجال الزراعة لتلبية احتياجات المصريين وتصدير الفائض إلى الخارج، والحقيقة أن نجاح مصر في زيادة الرقعة الزراعية بواقع يقترب من الـ6 ملايين فدان هو أمر جدير بالتحية، كذلك التصدي لظاهرة خطيرة هي التعدي على الأراضي الزراعية الخصبة، كما أن اتجاه الدولة إلى التوسع في مشروعات الصوب الزراعية والمزارع السمكية ومزارع الثروة الحيوانية والداجنة، أتاح تحقيق الأمن الغذائي وتوفير وتأمين احتياجات المصريين لفترات طويلة، خلال تداعيات الأزمات العالمية سواء «كورونا» أو الحرب الروسية- الأوكرانية، ..وتستطيع القول أنها رؤية استباقية استشرفت المستقبل بدأت قبل 7 سنوات وحققت نجاحات كبيرة.

سادساً: بعد 8 سنوات على حكم الرئيس السيسي، اختفت تمامًا مشاهد مؤلمة كانت تحدث في مصر من طوابير طويلة من أجل الحصول على السلع والاحتياجات والخدمات، سواء طوابير العيش أو البنزين أو السولار أو البوتاجاز أو الانقطاع شبه الدائم للكهرباء، وأصبحت كل هذه الاحتياجات متواجدة بوفرة يحصل عليها المواطن دون أي معاناة.

سابعاً: في إطار الرؤى التي استشرفت المستقبل، أطلق الرئيس السيسي حلماً عظيماً، هو أن تكون مصر مركزاً إقليمياً لتداول وتجارة الطاقة، وهو ما تحقق بالفعل بفضل بُعد النظر المصري في توفير البنية التحتية في هذا المجال بتحديث مصانع الإسالة وسداد استحقاقات الشركات الأجنبية.. والتوسع في البحث والاستكشافات، وهو ما أسفر عن نتائج هائلة أبرزها اكتشاف حقل «ظهر» في شرق المتوسط الذي نجحت مصر بفضل حكمة وحنكة القيادة السياسية في الحفاظ على حقوقها المشروعة وتأمينها في شرق المتوسط.

ثامناً: كان من المهم بعد دروس ما حدث في يناير 2011، ووجود خلل وفجوة في موازين القوة بالمنطقة وما تعاني منه من اضطرابات وصراعات ومتغيرات وتهديدات، وفي ظل التحديات التي يشهدها الأمن القومي المصري واتساع رقعته، ووجود تهديدات مستجدة، وأن يكون لمصر قوة قادرة على درء أي تهديد وتأمين ثروات وموارد البلاد والحفاظ على الأمن القومي، وإعادة التوازن لموازين القوة في المنطقة.. من هنا جاء القرار التاريخي للرئيس السيسي بتطوير وتحديث القوات المسلحة الباسلة، وتزويدها بأحدث منظومات التسليح في العالم في جميع التخصصات والأفرع الرئيسية، في ظل ما تعرضت له الحدود المصرية من كافة الاتجاهات الاستراتيجية من مخاطر وتهديدات استلزمت وجود القوة القادرة التي تحمى وتستطيع الوصول إلى أي تهديد، تؤمن البر والبحر والجو قوة تحمى وتدافع ولا تعتدي ولا تطمع في أحد.

الحقيقة أن هذا القرار التاريخي الذي جاء في ظل ما يواجه مصر من تهديدات، خاصة الإرهاب جنب البلاد الكثير من التداعيات والمخاطر وجعلها قوة رادعة تخشى قوى الشر المساس بها أو الاعتداء على ثرواتها ومواردها وحقوقها، وقادرة على تنفيذ سياسة «الخطوط الحمراء» من خلال قوة ردع هائلة.

تاسعاً: عملت الدولة المصرية على توطين الصناعة والأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا والتجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال، من خلال تطبيق أعلى المواصفات والمعايير وإقامة البنية الصناعية العصرية، والاستفادة بتجارب الدول الصناعية الكبرى وإقامة المناطق والمدن والوحدات الصناعية على أحدث مستوى، وقدمت تيسيرات غير مسبوقة في كافة مكونات ومتطلبات الصناعة للتشجيع والدعم، وأصبح المنتج الصناعي المصري يتمتع بجودة عالمية في الأسواق، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات في هذا المجال، وإقامة المناطق الصناعية للدول الكبرى في المناطق الصناعية الكبرى مثل المنطقة الاقتصادية للقناة، وتشجيع ودعم القطاع الخاص وتوفير مستلزمات الإنتاج والاعتمادات، رغم وطأة وتداعيات الأزمات العالمية، إيمانًا من الدولة بأن الصناعة عصب التقدم، وما تقدمه من تخفيض الاعتماد على الخارج في توفير احتياجات المصريين، وكذلك عوائد التصدير، وخلق فرص عمل للشباب.

عاشراً: الرئيس السيسي وهو يبني دولة حديثة عمل على توفير المقومات والأعمدة الأساسية القوية لها.. فمع امتلاك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة.. حذا الرئيس أيضًا إلى خلق قوة الدبلوماسية، وبالأخص قوة (الدبلوماسية الرئاسية) وما تحظى به من احترام وتقدير ومصداقية عالية لدى دول العالم خاصة القوى الكبرى، ولم تتجه مصر إلى سياسات الاستقطاب.. ولم تكن علاقتها بأي قوة دولية على حساب قوة أخرى، لكنها كانت ومازالت تتمسك بالتوازن والمصالح والشراكة مع كافة دول العالم، بوصلة العلاقات الدولية المصرية، تحركها مصالح الدولة المصرية، كما أن الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي، انتهجت سياسات وثوابت راسخة مثل الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.. والعمل على إيجاد حلول سياسية للأزمات والصراعات الإقليمية والدولية للحفاظ على الأمن والسلم على مستوى الإقليم والعالم.

وفي اعتقادي أن من أهم نجاحات وإنجازات الدبلوماسية الرئاسية أنها نجحت في تحويل مصر من شبه العزلة الدولية بعد 2011، ومحدودية وتراجع الدور المصري إلى استعادة الدور والثقل والمكانة والقيادة، واستحوذت مصر في عهد الرئيس السيسي على اهتمام العالم، ونالت احترامه وتقديره وأصبحت مركز الحل والتفاوض حول كثير من القضايا والملفات الدولية، فالرئيس لديه علاقات قوية من الصداقة مع زعماء ورؤساء وملوك العالم، وعززت مصر علاقاتها العربية والأفريقية لتصبح في أوج نجاحاتها، وقوتها وصلت هذه العلاقات إلى حد الشراكات الاستراتيجية.

أهم ما ميز تجربة الـ8 سنوات في (مصر- السيسي).. هو أن الرؤية الرئاسية عمدت إلى تخليص الدولة من نقاط الضعف وأزمات ومعاناة الماضي.. وتأسيس دولة حديثة ترتكز على أعمدة صلبة وأساسية لا تهزها أي ريح تلبي احتياجات المواطن وتفتح له أبواب الفرص، وأيضاً احتياجات الوطن في امتلاك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة في جميع القطاعات والمجالات.. بأعلى المعايير والمواصفات برؤية وإرادة وليس مجرد مسكنات وحلول مؤقتة، دولة قررت أن تخاصم المظهرية وتهتم بالجوهر والمضمون لتخرج لنا في النهاية دولة زي ما الكتاب بيقول.

إذًا نحن أمام 8 سنوات مفصلية في تاريخ هذا الوطن، في اعتقادي أنها بما حققته من بناء وتنمية وإنجازات ونجاحات، وتحصين وتأمين للدولة المصرية تساوي نصف قرن من الزمان.. فحالة السباق مع الزمن التي شهدتها الدولة المصرية على مدار 8 سنوات، كأنت فارقة في التاريخ المصري ونجحت في انتشال دولة من الضياع إلى دولة حقيقية وقوية وقادرة.

ذكاء وعبقرية الرؤية الرئاسية أنها منحت الدولة المصرية مقومات البقاء والحلول ومفاتيح القوة والقدرة والصمود أمام العواصف والأزمات.. دولة لا تهزها ريح.

الاكثر قراءة