السبت 29 يونيو 2024

فرنسا تترقب النطق بالحكم على المتهمين في قضية اعتداءات 13 نوفمبر بباريس

فرنسا

عرب وعالم29-6-2022 | 10:41

دار الهلال

يترقب الفرنسيون صدور الحكم على المتهمين العشرين في قضية اعتداءات 13 نوفمبر 2015 بباريس التي قتل فيها 130 شخصا، في جلسة من المنتظر انعقادها مساء اليوم / الأربعاء / في محكمة الجنايات الخاصة بالعاصمة.

وتنظر هذه المحكمة في الدور المفترض الذي قام به هؤلاء المتهمون في الاعتداءات التي شهدتها مناطق متفرقة في باريس وضاحيتها سان دوني، حيث فتحت مجموعات متطرفة مسلحة النار على شرفات مقاه ومطاعم وهاجمت قاعة عروض باتاكلان خلال حفل موسيقي، بينما فجر ثلاثة انتحاريين أنفسهم بالقرب من "ستاد دو فرانس" خلال مباراة لكرة القدم بين فرنسا وألمانيا.

وسيشكل النطق بالحكم خاتمة لأطول المحاكمات الجنائية في تاريخ البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، إذ انطلقت في 8 سبتمبر 2021، واستمرت الجلسات على مدى أكثر من تسعة أشهر، وانتهت بجلسة الإثنين 27 يونيو 2022.

ولم تقدم المحاكمة "التاريخية" أجوبة على كل الأسئلة التي طرحها أطراف الادعاء المدني البالغ عددهم 2500 شخص.

ويحاكم ستة من المتهمين غيابيا ويعتقد أن خمسة منهم قد قتلوا. أما الـ14 الآخرون فقد حضروا جلسات المحاكمة، وعلى رأسهم صلاح عبد السلام، آخر الباقين على قيد الحياة من المجموعة التي يعتقد أنها نفذت العملية.

وطلبت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب إنزال عقوبة السجن مدى الحياة من دون إمكان الإفراج المشروط، على عبد السلام. وقالت محاميته أوليفيا رونان إن تلك العقوبة بمثابة "حكم بالإعدام البطيء".

وطلب الادعاء عقوبة السجن مدى الحياة مع 22 سنة من دون إمكان الإفراج المشروط لمتهم آخر هو محمد عبريني، صديق طفولة صلاح عبد السلام والذي تحدث كثيرا خلال الجلسة مقرا بأنه "كان سيشارك في اعتداءات 13 نوفمبر" لكن دون إعطاء تفاصيل حول عودته عن قراره.

كذلك طلب عقوبة السجن مدى الحياة بحق ثلاثة متهمين آخرين هم أسامة كريم وسفيان العياري ومحمد البقالي.

كما طلب الحكم نفسه لخمسة من المتهمين الستة الغائبين وقتلوا على الأرجح في سوريا والعراق، بمن فيهم البلجيكي أسامة عطار الذي يعتقد أنه مدبر الهجمات.

وطلب أحكاما بالسجن لفترات تتراوح بين خمس سنوات وخمس وعشرين سنة بحق الآخرين.

وخلال الأسبوعين الأخيرين من المحاكمة ذكّرت هيئة الدفاع عن المتهمين الـ14 الذين حضروا جلسات (11 موقوفا وثلاثة مطلقي السراح) المحكمة التي يرأسها جان لوي بيريي بأنه حتى هذه "المحاكمة التاريخية" لا يمكنها أن تتجاوز احترام القواعد، أي "تطبيق الإجراءات الجزائية وضمان حقوق كل طرف".

وقال رئيس المحكمة بعد انتهاء مرافعات الدفاع "لا أعرف كم من الوقت ستستغرق المداولات".

وأضاف أن "المهم أن نتخذ القرار في الوقت المناسب. قد يكون (الأربعاء) عند الساعة 17:00 وقد يكون عند الساعة 18:00 أو 19:00 أو 20:00".

وساعدت معلومات جمعتها وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" ووحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" والشرطة الفرنسية وعدد من أجهزة الاستخبارات الفرنسية، على تحديد كيفية تنفيذ هجمات باريس.

وأكدت التحقيقات استغلال تنظيم "داعش" لطرق الهجرة للوصول إلى أوروبا وتنفيذ عمليات إرهابية. إذ عُثر ليلة الهجمات على قطع ممزقة من جوازات سفر سورية قرب جثتي اثنين من الانتحاريين الثلاثة الذين فجروا أنفسهم قرب ملعب "استاد دو فرانس".

وبعد التحقيقات، تبين أن الرجلين عراقيا الجنسية، وقد دخلا إلى أوروبا عبر جزيرة ليروس اليونانية في 3 أكتوبر 2015 وكانا ضمن مجموعة من 198 مهاجرا غير قانوني.

ورصدت الشرطة لاحقا ضمن المجموعة ذاتها من المهاجرين الجزائري عادل حدادي والباكستاني محمد عثمان، اللذين اعتقلا لفترة وجيزة عند وصولهما إلى اليونان.

وألقي القبض عليهما في مأوى للمهاجرين في النمسا بموجب مذكرة توقيف أوروبية صدرت في 10 ديسمبر 2015. وأقرا لدى استجوابهما بأن تنظيم "داعش" أرسلهما في مهمة انتحارية إلى فرنسا.

وخلال التحقيقات، اكتشف المحققون أن معظم عناصر مجموعة الهجوم، وصلوا إلى أوروبا قادمين من سوريا على أنهم لاجئون.

وسلك معظمهم طريقا مماثلا، فوصلوا إلى اليونان بموجب جوازات سفر سورية مزورة، وعبروا في سيارات مستأجرة المجر والنمسا وألمانيا أو مروا عن طريق البلقان قبل الانتقال إلى بلجيكا.

ويعتبر المحققون الفرنسيون أن أسامة عطار مدبر اعتداءات باريس. ولم يتم القبض عليه، ويعتقد أنه قتل في ضربة جوية للتحالف الدولي في منطقة سيطرة تنظيم "داعش" على الحدود بين العراق وسوريا.

وقضت محكمة عراقية بسجنه لمدة عشرين عاما لدخوله البلاد بصورة غير قانونية، فتعرف في السجن على أبو محمد العدناني الذي أصبح لاحقا القيادي الثاني في تنظيم "داعش"، وقتل في ضربة أمريكية في 30 أغسطس 2016.

وأطلق سراح عطار في سبتمبر 2012 لأسباب صحية، فعاد إلى بلجيكا قبل أن يغادر مجددا إلى سوريا في ديسمبر 2013.

ويعتقد أنه لعب خلال مكوثه في بلجيكا "دورا أساسيا" في دفع قريبيه إبراهيم وخالد البكراوي إلى التطرف، وقد اعتقلا لاحقا لارتكابهما عمليات سطو.

وبعد خروج خالد البكراوي من السجن في يناير 2014، غادر في نوفمبر إلى سوريا ثم عاد في ديسمبر إلى بلجيكا حيث دبر مخابئ وأقام شبكة لوجستية في حي مولنبيك في بروكسل.

ومر العديد من المهاجمين الضالعين في اعتداءات باريس عبر هذه الشبكة قبل تنفيذ عملياتهم.

ومن بينهم عبد الحميد أباعود، المعروف بلقب "أبو عمر البلجيكي"، الذي يشتبه بأنه دبر العديد من الاعتداءات في أوروبا بينها الهجوم الفاشل على قطار تاليس بين أمستردام وباريس في 21 أغسطس 2015، ويعتقد أنه كان قائد الوحدات التي نفذت الاعتداءات في العاصمة الفرنسية.

ووصل المتطرفون القادمون من سوريا إلى بلجيكا اعتبارا من أواخر أغسطس 2015 حاملين بطاقات هوية بلجيكية مزورة، فأقاموا في المخابئ التي استأجرها الشقيقان البكراوي.

ويعتقد المحققون أنهم اغتنموا الفترة الممتدة بين أغسطس ونوفمبر "لاقتناء المواد الضرورية لصنع بيروكسيد الأسيتون (مادة متفجرة تصنع من منتجات تباع في السوق) والحصول على ما يبدو على البنادق الهجومية التي استخدمت في 13 نوفمبر 2015".