الخميس 25 ابريل 2024

ثالث أيام عيد الأضحى

مقالات12-7-2022 | 17:46

1

استيقظت متوجسًا من موجة وجوم فى البيت أجابهها متحسبا بتكشيرة (سى السيد)
ـ زهقنا..
قذيفة زوجتى فى وجههى بلا مواربة 
- إحنا يا دوب ثالث يوم عيد الأضحى والمحال فى إجازة
ـ شوف لك حل!! 
- طول السنة تتغزلوا صنوف اللحمة وعشق الكباب
أشاحت بيدها ضجرا في طريقها للمطبخ.. أدافع عن حرجى وشكلى بين الجيران وآوى إلى مأزرة أمى فوجدت صمتها موافقة، وأولادى (فلذات أكبادى) رفعوا رؤوسهم على غير الطبيعى عن تليفونات المحمول يرددوا (زى ماما).
ـ كل البيوت فى فتة الأضاحى أخرج إزاى؟!

وبمقتضيات تخفى مشهد سينمائى ورشاقة خطوتى خطرت بجلباب صعيدى وشبشب مطمئنا لخلو شوارعنا بالقطع (وفكاكة) رصد صدفة شاهد يدل على المحل فى شابه برداء أسود فائزة بكيس متكاثف البخار على كتلة بنية للفول المدمس.

••

أتلمس مصدره من تجمع متوتر فى مرمى بصرى

••

فتيات، صبية، رجال، عجائز، وإحراج وقلق صاحب المحل الصغير بقدرة فول صغيرة وطبق (محندق) من عجينة الطعمية وهروب عينيه عنهم مركزها بلا سبب مستنجدا فى عينى
 - ما توقعتش.. عملت حبة على القد لأولادى أصلًا
••
خشخشة ململة تبرم الشنط البلاستيك.. (على أمل)

يجدد ضيقه صراخ صبى على رأس الشارع.. متفاخرًا بكيسه مُلوحًا بذراعه.
ـ  في الشارع الثاني..
يسبقننا حيث أشار!!
••
يدهشنى تزاحمهن..
يندلق كيس لبن من يد صبية متأنقة بفستان العيد تدافع عن موقعها فى الطابور.
ـ مش مهم.. خلصنى.. زمانهم قلقانين
••
يتناقل مبتهجًا وسط محله وساحته.. 
يواجه تكشيرة خجل ترفعى.. بشقاوة عينيه ويداه تقطعان الطعمية للزيت.. ساخرًا..
ـ أتفطموا يومين بس؟!
••
وتربعت رغم عنى على الرصيف، فقد كدت أموت من ذكاء وسخرية الموقف ومن الضحك.
••
2

قبةً حراء.. نور مساجد الإسلام

"مكة وفيها جبال النور...
طالة على البيت المعمور"
••
في أذان المغرب من المسجد الحرام نقلت كاميرا الفضائية قمة جبل النور من زاوية بدت "قبة صخرية ربانية" تحوى غار حراء حيث تعبد النبى ونزلت عليه أول آيات القرآن وملأ نور جبريل الآفاق فطار خيالى لعبقرية معمارى مسلم رآها من نفس الزاوية فخرجت فكرة نقل هذا النور أعلى مساجد العالم.

••

الجبل 4 كم شمال شرق الحرم ارتفاع 642م منحدر بشدة من مستوى 380م إلى 500م، ثم زاوية قائمة حتى القمة مساحته خمسة كم و250 مترًا مربعًا 
الغار فجوة بابها شمالى طولها متران وعرضها 85 سم والداخل له متجهًا للكعبة.
القبة نصف كرة مجوفة على أعمدة أو جدران، يقال استخدمت قبل الميلاد بمنطقة الفرات لتسقيف الأكواخ والمخازن وأخذها الإغريق والرومان لمقابرهم.
••
أول ظهورها إسلاميا فى "قبة الصخرة بالقدس 72هـ" عندما أوقف الخليفة الأموى (عبدالملك بن مروان)، حج أهل الشام ليمنعهم عن تحريض عبدالله بن الزبير الخليفة على الحجاز ضده فى خطبة وقفة عرفات. 

كانت خشب مغطى بصفائح رصاص وألواح نحاس (سقطت 407هـ ـ بعد 335 سنة ـ وأقيمت الحالية 413هـ ـ بعد 6 سنوات (ونفذ مثلها لمسجد السلطان قلاوون بالقاهرة 683هـ بعد 610 سنة ومثلها للمسجد النبوى والتى قام السلطان قايتباى 886هـ، ببناء قبة ثانية بالحجارة والجبس فوقها وطلاها السلطان العثمانى محمود الثانى 1209 هـ بالون الأخضر.

نفذت أول قبة من الرصاص (قبة النسر) فى المسجد الأموى بدمشق 85 هـ، ثم استخدم طوب القرميد (لم تستخدم الأحجار إلا مع الفاطميين 358 هـ وازدهر مع المماليك 648 هـ).

بدأت القباب مربعة ثم دائرى متأثرة بالفن الساسانى الفارسى ثم مضلعة وملساء ومخروطية أو بصلية هندية وطويلة العنق فى المساجد السلجوقية، ومدورة فى المساجد الفاطمية والأيوبية والمملوكية حسب مواد البناء والموروث المعمارى والحضارى ومهارة الصناع فى كل منطقة مستخدمة حلول للتحويل من مربع ومستطيل إلى دائرة بمثلثات كروية (طريقة رومانية) أوحنية الأركان (طريقة فارسية) أو تحويل الحافة المربعة للجدران إلى مثمنة، وإقامة أعمدة تعتمد على الأكتاف الثمانية تتلاقى فى نقطة واحدة) طريقة إسلامية (وابتكار العقد أو القوس (أصله آسيوى) طوره الفرس والرومان ثم المسلمون لنقل ثقل القبة إلى العقود ومنها عمودى على الأرض فلا يؤثر على الحوائط وظهرت فوائدها من دور جمالى إلى زيادة الإنارة من النوافذ المحيطة برقبتها والتهوية بسحب الهواء الساخن وإدخال الهواء الرطب وسحب دخان قناديل الإنارة وتضخيم الصوت فى الأذان والصلاة.
••
ظهرت القبة بالطوب فى مصر بمسجد ابن طولون 254هـ، ثم ظهرت مع الفاطميين، تطورت على مشهد الجيوشى بالمقطم برقبة مثمنة، واستخدمت الحجارة على بوابتى الفتوح وزويلة 480هـ، بمعماريين أرمن مع بدر الجمالى ولضريح السيدة رقية من 24 ضلعًا وضريح السيدة عاتكة من 16 ضلعًا، ثم القباب الكروية بجامع الأقمر وقباب بالدلايات للأيوبيين 567هـ، لضريح الإمام الشافعى مكسوة بصفائح رصاص وقباب من الخشب لمسجد السلطان بيبرس 667هـ، وقباب مكسوة بالرخام والصدف على مدرستى السلطان حسن 736هـ، والسلطان برقوق وقباب مزخرفة بالفسيفساء لضريح الأمير المملوكى طوغاى وقباب صغيرة نصف الكروية ومضلعة وبيضاوية مع المماليك الشراكسة 762هـ، وإسراف زخارفها الخارجية فى ضريح السلطان بارسباى وجاورت القباب مراكب مع السلطان قايتباى 885هـ، لوضع حبوب للطيور باقية فى مساجد رشيد.. ونفذ العثمانيون القبة المنخفضة عن الفن البيزنطى بكنيسة آيا صوفيا. 
••
يبقى السؤال

قد يكون الخليفة أو السلطان صاحب قرار الإنشاء وينسب له ولعصره، وقد يذكر مشرفى العمل أو المنفذون، لكن من هو العبقرى النورانى الذى شاهد هذه الزاوية من الجبل ونفذ فكرة نقل النور الربانى لأعلى المساجد.. ولم يذكره التاريخ؟!

Dr.Randa
Dr.Radwa