الإثنين 13 مايو 2024

أفلام العيد.. ضوء وسط العتمة


علا رضوان

مقالات13-7-2022 | 21:58

علا رضوان

الإيردات الكبيرة لأفلام العيد الكبير الثلاثة تجعلنا نستبشر خيرا بعودة القوة الناعمة للسينما المصرية لسابق عهدها، حيث تجاوزت إيرادات فيلم كيرة والجن الـ53 مليونا، بينما قارب فيلم بحبك على 20 مليونًا، وفيلم عمهم حصد ما يقارب 16 مليونا خلال أيام عيد الأضحى 2022، واضعين في الاعتبار أن فيلم كيرة والجن قد سبق فيلمي بحبك وعمهم بأسبوع عرض واحد، نحن نتكلم عما يقارب من 90 مليون حاصل إيرادات أيام قلائل داخل دور العرض المصرية فقط، فيما تجاوزت إيرادات الأفلام الثلاثة مجتمعة هذا الرقم خارج مصر.

ومهما اختلفنا حول تفاوت القيمة الفنية للأفلام الثلاثة، لكن الأكيد أن انتعاش حركة السينما من جديد هو باب رزق مفتوح لناس كثيرين تعمل في السينما ليس فقط نجوم وكتاب ومخرجين وحسب، فالسينما صناعة يعمل بها آلاف العاملين وازدهار أي صناعة في تلك التوقيتات الصعبة من عمر الأوطان شئ يفرح ويشرح القلب، ويفتح بيوت عمالة كثيرة تعيش باليومية من خلال العمل بصناعة السينما، لك أن تتخيل أن صناعة فيلم واحد تكفل العمل لأكثر من 800 فرد، أي أن الفيلم السينمائي بمثابة مصنع يوفر فرص عمل للمشتغلين به، كما يوفر الترفيه وتخفيف الأعباء اليومية وتشكيل الوعي والوجدان لجمهور السينما.

المبشر أيضًا في المؤشرات أن الفيلم الأثقل فنيًا والتي تدور أحداثه من 100 سنة ماضية، ويحمل قضية جادة وهي النضال ضد الإنجليز حين كانوا يحتلون مصرهو الأعلى إيرادات، وذلك يفتح سوقا جديدا للأفلام الجيدة التي بتناقش قضايا جادة، وتعطي مؤشرًا إيجابيًا حول  جمهور السينما الذي لا مانع لديه أن تقدم له وجبة دسمة مادامت مطبوخة بحرفية ومهارة ولا تخلو من السسبنس و(السايبيسي) ويلقي الكرة في مطبخ صناع السينما الذي أصبحوا بدورهم مطالبين بصناعة أفلام جيدة ليتذوقها جمهور ذواقة بالأساس.

منذ سبعين عاما كان عدد سكان مصر عشرين مليونا، وكان هناك نحو 500 دار عرض سينمائي في مصر. الآن زاد عدد السكان لأكثر من 100 مليون بينما عدد شاشات العرض هو نفسه، 500 شاشة تقريبا. لذلك لا معنى لإنتاج الأفلام إذا لم يكن هناك دور عرض وجمهور يغطي تكاليف هذه الأفلام.  

هناك من يقول إن دور العرض أصبحت من معالم الماضي، وإن الناس توقفت، أو سوف تتوقف تماما، عن ارتياد دور العرض، وإن المنصات والتطبيقات الإلكترونية ستحل محلها. هذا الكلام غير دقيق ومردود عليه بنماذج معاصرة، يحدث فيها العكس مثل الصين والسعودية اللذين يشهدان نموًا هائلًا في أعداد دور العرض، لن يتوقف الناس عن الخروج وارتياد السينما، ولنتذكر جميعا كيف كانت الناس تتوق للخروج والانعتاق من البيوت أيام تطبيق الحجر الصحي حين كانت الكورونا على أشدها، اطمئنوا لن يتوقف الناس عن الخروج من منازلهم ولن يكفوا عن ارتياد السينما إلا إذا توقفتم عن إنتاج الأفلام.

مشاهدة الفيلم في السينما متعة لا تضاهيها متعة، عملية خلق لحياة جديدة، أو كما قال المخرج الإيطالي الكبير فيديريكو فليني "الذهاب إلى السينما هو أشبه بالعودة إلى الرحم، فأنت تجلس هناك ساكنا متأملاً في الظلام تنتظر الحياة لتظهر على الشاشة! 

وأقول أنا ستبقى السينما ضوءا يخرج من وسط العتمة ليضيء أيامنا مثل نور الفجر بعد ظلام الليل؛ فالسينما صناعة النور التي تخرج من وسط العتمة.

يبقى أن تكون للدولة اليد الطولى في صناعة السينما لأن السينما صناعة قوية تساهم في الدخل، ويكفي أن أقول لك إن صناعة السينما الأمريكية تسهم في الدخل القومي الأمريكي بثلاثة في المائة بينما تسهم السياحة باثنين بالمائة، نريد مزيد من التسهيلات في صناعة السينما، وفي مسألة تصوير الأفلام الأجنبية داخل مصر خاصة ولو كانت تلك الأفلام تقدم مصر بشكل جيد، ويساهم أيضا في الترويج السياحي لمصر.

هناك أعوام في تاريخ السينما المصرية قاربت فيها على إنتاج 100 فيلم سنويا، في حين تراجعت في بعض السنوات الأخيرة لما يقل عن 30 فيلمًا في السنة، فهل يعقل أن بلدًا بحجم مصر يتراجع فيها الإنتاج السينمائي لهذه الدرجة

وهمسة في أذن نجوم السينما المصرية كفاكم كسلا، وانشطوا، وقدموا أفلاما كثيرة ومختلفة ومتنوعة، فنجوم السينما المصرية في الخمسينات والستينات كانوا يقومون في السنة الواحدة ببطولات أكثر من 5 أفلام، فالنجم شكري سرحان على سبيل المثال قدم في مسيرته نحو 150 فيلمًا سينمائيًا، منها 11 فيلمًا في عام واحد وهو 1957 وكان من بين الـ11 فيلمًا "رد قلبي والطريق المسدود والجريمة والعقاب"، بينما مسيرة بطل من أبطالنا السينمائين الآن كلها قد لا تتجاوز 11 فيلمًا في تاريخه كله.

أقول لهم ولكتاب ومخرجي السينما اصنعوا أفلاما تضيف لكم وتضيف لأعمار الناس سنوات من المتعة، فالسينما كما يقول المخرج روبرت ألتمان "السينما هى كيفية أن تعيش أكثر من حياة .. حياة جديدة مع كل فيلم تشاهده". 

من منا لا يحب السينما، من منا لم يرتادها ولو لمرة في حياته، لذلك كل سنة وكل عيد وصناعة السينما وكل العاملين فيها وكل جمهورها بخير.

Dr.Radwa
Egypt Air