الجمعة 10 مايو 2024

«رؤية السيسى»

مقالات16-7-2022 | 22:59

وضع الرئيس السيسى فى كلمته خلال قمة جدة للأمن والتنمية خارطة طريق ومقاربة شاملة أمام القادة والزعماء المشاركين فى القمة العربية- الأمريكية التى جرت بالأمس فى السعودية للخروج من نفق عدم الأمن والاستقرار بالمنطقة.. صاغ روشتة واقعية ثابتة للحفاظ على الأوطان.. مؤكداً أهمية بناء المجتمعات من الداخل على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان.. وأوضح الرئيس السيسى سبل وآليات الحفاظ على الأمن القومى العربي.. وأكد أهمية مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بكافة أشكاله وصوره.. ومجدداً التأكيد وفقاً للثوابت المصرية أن الجهود المشتركة لن يكتب لها النجاح إلا من خلال التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، قضية العرب الأولي.. ثم وضع الرئيس السيسى آليات ووسائل للخروج من نفق الأزمات العالمية، من أمن غذائى وطاقة، وأمن مائي.

الحقيقة.. نحن أمام روشتة «جامعة مانعة شاملة» ومتكاملة.. تمتلك الآليات والواقعية للاتجاه بالمنطقة إلى الأمن والاستقرار والرخاء.

قمة جدة للأمن والتنمية.. تجسيد حقيقى لوحدة الصف والعمل العربى المشترك.. توافق واتفاق العرب يحمل ملامح المستقبل الواعد لأمة عظيمة.. مقاربة مصرية شاملة ترسم خارطة الطريق.. وروشتة متكاملة للحفاظ على الأوطان.. وإنقاذ المنطقة من منطلق وثوابت مصرية شريفة وراسخة
 
حالة التفاؤل التى خيمت على بقاع وشعوب الأمة العربية قبل انعقاد القمة العربية ـ الأمريكية بجدة، قمة الأمن والتنمية، جاءت فى محلها وظهرت ملامح هذه الحالة فى كلمات القادة والزعماء العرب خلال جلسة القمة، حيث شخصت ولخصت وحددت التحديات العربية، وأيضاً وضعت آليات وسبل تعزيز أمن واستقرار المنطقة، وبدت الرؤية المصرية التى ظهرت واضحة بمحاور خمسة فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتمنح الجميع خارطة عمل وطريق نحو تحقيق أهداف الجميع، وتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة بل والأمن والسلم الدولى والإقليمي.

جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال القمة وما تضمنته من مقاربة شاملة تتضمن خمسة محاور تجسد القضايا ذات الأولوية خلال المرحلة المقبلة نحو منطقة أكثر استقراراً وازدهاراً، لتجسد ثوابت الرؤية المصرية التى ظلت على مدار السنوات الماضية تمثل دستور عمل ترتكز عليه السياسة المصرية على الصعيدين الإقليمى والدولي، وأيضاً فى الداخل المصرى لتمثل مبادئ راسخة فى التجربة المصرية على مدار ٨ سنوات وتعكس تجارب تاريخية للدولة المصرية فى المنطقة فى ظل حرصها على الانفتاح على مختلف الشعوب والثقافات وانتهاج مسار السلام كخيار استراتيجى الذى صنعته وفرضته وحفظته وحملت لواء نشر ثقافته إيماناً منها بقوة المنطق لا منطق القوة وباب العالم يتسع للجميع بسلام الأقوياء القائم على الحق والعدل والتوازن واحترام حقوق الآخر وقبوله.

الثوابت المصرية، ظهرت جلياً فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال القمة العربية ـ الأمريكية وجسدت رؤية الرئيس السيسى الذى طرحها فى كافة المحافل الدولية والإقليمية، وشكلت ملامح السياسة المصرية فى علاقاتها الإقليمية والدولية، وهى تمثل رؤية استراتيجية للعبور بالمنطقة التى تشهد متغيرات وتحديات غير مسبوقة إلى الأمن والاستقرار فى ظل مناخ عالمى مضطرب يموج بالأنواء والصراعات والمواجهات المسلحة، بما يشكل تهديداً متنافياً للأمن العالمي، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة بما ينذر بكوارث وأزمات معقدة وشائكة تهدد البشر.

جاءت رؤية الرئيس السيسى التى طرحها خلال القمة، واضحة ومحددة لا لبس فيها ولاغموض.. سواء فى مضمونها أو محاورها لتضع أمام قادة دول القمة خارطة عمل وطريق نحو تحقيق الأمن والاستقرار بالمفهوم الشامل وإرساء المصالح والمنافع المتبادلة بين الدول والتأكيد على أهمية العلاقات العربية ـ الأمريكية الاستراتيجية، وضرورة التصدى لتحديات وتهديدات المنطقة من وجود صراعات مزمنة وحروب أهلية طويلة الأمد تسببت فى إرهاق شعوب المنطقة واستنفاد مواردها وثرواتها فى غير محلها وأضاعت الوقت الذى كان من المفترض أن يستغل فى البناء والتنمية وتحقيق الأمن والاستقرار، وأتاحت لبعض القوى التدخل فى الشئون العربية الداخلية والاعتداء العسكرى غير المشروع على أراضيها والعبث بمقدراتها ومصير أجيالها من خلال استدعاء نزاعات عصور ما قبل الدولة الحديثة من عداءات طائفية وإثنية وعرقية وقبلية لا غالب ولا مغلوب بما أدى لانهيار أسس الدولة الوطنية الحديثة وسمح ببروز ظاهرة الإرهاب فيها ونشر فكره الظلامى والمتطرف.

قبل أن يطرح الرئيس السيسى رؤيته والمقاربة الشاملة للتحرك فى القضايا ذات الأولوية خلال الفترة المقبلة لتحقيق أمن وازدهار المنطقة، شخص الرئيس أزمات وتحديات المنطقة العربية بشكل كامل ومتكامل، ومن النقاط المهمة التى توقفت عندها قول الرئيس إنه لم يعد مقبولاً أن يكون من أبناء أمتنا العربية صاحبة التاريخ المجيد والإسهام الحضارى الثرى والإمكانات والثروات والموارد البشرية الهائلة من هو لاجئ أو نازح أو متضرر من ويلات الحروب والكوارث أو فاقد للأمل فى غد أفضل وهو بالفعل حال بعض شعوبنا العربية فى دول تعانى من أزمات معقدة تسببت فى إسقاط الدولة الوطنية فيها وانتشرت فيها الفوضي، وتمكن منها الإرهاب والعنف وبالتالى غياب الأمن والاستقرار.

ما بين الرسائل المهمة، والرؤى التى مثلت خارطة طريق أو مقاربة شاملة لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار فى المنطقة جاءت كلمة الرئيس السيسى القوية والمؤثرة والشاملة لتضفى الوضوح والمصارحة والمكاشفة والشفافية، وتضع الحلول أمام القمة لمواجهة التحديات والأزمات وتعزز العمل على تحقيق الأمن والاستقرار بالمفهوم الشامل بما يدفع نحو الرخاء والازدهار.

لم يختلف حديث مصر، بل بدا واثقاً ثابتاً شريفاً، لم يتغير فالثوابت المصرية تمثل دستوراً وعقيدة اتسمت بالصدق والمصداقية والشرف على مدار عهد الرئيس السيسي، ولطالما دعا الجميع إلى العديد من المقاربات لفك شفرة أزمات وصراعات وتحديات غير مسبوقة من خلال الحلول السياسية والتفاوضية، واحترام قوانين وقرارات الشرعية الدولية المستندة إلى المرجعية الأممية، والتوقف عن ممارسة سياسات المعايير الازدواجية والتعاطى مع كافة القضايا والأزمات بنفس وذات المعايير، واحترام سيادة الدول وإرادة شعوبها وقرارها الوطنى المستقل وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من أراضى الدول ذات السيادة، ودعم الجيوش الوطنية التى من شأنها الدفاع عن أمن واستقرار دولتها والحرص على علاقات دولية يسودها الاحترام المتبادل والمصالح والمنافع المشتركة التى تحقق تطلعات الشعوب، واستغلال الموارد المتبادلة والاستفادة من الخبرات التى تحظى بها الدول المتقدمة ودعم مسيرة البناء والتنمية المستدامة، وتوفير التمويل العادل لها ومساعدتها فى الوفاء باحتياجات شعوبها دعماً للأمن والاستقرار والسلم والأمن الإقليمى والعالمي.

أحاديث مصر ومبادئها تمثل ثوابت راسخة لا تتغير طبقاً للظروف أو التوقيتات فهى ثوابت نبيلة وشريفة، وتسعى إلى الخير والسلام والأمن والبناء والتنمية وبالتالى الاستقرار بالمفهوم الشامل، من هنا جاءت المحاور المصرية الخمسة التى طرحها الرئيس السيسى فى مقاربة شاملة للتحرك صوب القضايا ذات الأولوية نحو منطقة بها أمن واستقرار.. والتى تمثل رؤية متكاملة للخروج من النفق المظلم فى المنطقة وحلاً لتحديات وأزمات العالم كالتالي:

أولاً: تضمنت المقاربة المصرية الشاملة فى محورها الأول، ضرورة حل أزمات المنطقة، سواء التى جاءت خلال العقد المنصرم بسبب تداعيات ما عرف بالربيع العربى أو المستمرة منذ الماضى مثل القضية الفلسطينية، وأكد الرئيس السيسى أن الجهود المشتركة لحل أزمات المنطقة لن يكتب لها النجاح إلا من خلال التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية لقضية العرب الأولى وهى القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، استناداً إلى مرجعيات الشرعية الدولية وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل بما يحقق أمن الشعبين ويوفر واقعاً جديداً لشعوب المنطقة، وحل القضية الفلسطينية بشكل نهائى هو أساس أمن واستقرار الشرق الأوسط.

ثانياً: الرئيس السيسى فى المحور الثانى طرح رؤية مهمة لتحقيق الاستقرار بمفهومه الشامل فى كافة الدول، من خلال بناء المجتمعات من الداخل على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعوب والحيلولة دون السطو عليها أو سوء توظيفها أو ابتزاز الدول من خلالها، وأن ذلك يتطلب تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة ودعم ركائز مؤسساتها الدستورية وتطوير ما لديها من مقدرات وكوادر وإمكانات ذاتية لتضطلع بمهامها فى إرساء دعائم الحكم الرشيد وتحقيق الأمن وإنفاذ القانون ومواجهة القوى الخارجة عنه، وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب وتدعيم دور المجتمع المدنى كشريك أساسى فى عملية التنمية ودور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق فى حرية الدين والمعتقد وتكريس مسيرة الإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى ودفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وصولاً إلى التنمية المستدامة تلبية لتطلعات شعوبنا نحو المستقبل الأفضل يشاركون فى بنائه ويتمتعون بثمار إنجازاته.

المحور الثانى الذى استعرضه الرئيس السيسى ضمن المقاربة الشاملة التى طرحها، جاء تجسيداً لمبادئ وثوابت وركائز التجربة المصرية على مدار ٨ سنوات وحمل رسائل مهمة للآخرين خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وخصوصية كل مجتمع وعدم الاستغلال والتوظيف السياسى لهذه المبادئ.. فمصر لا تحتاج إلى من يطالبها بأشياء هى محور اهتمامها وعقيدتها فى تجربة مهمة هدفها وبطلها بناء الإنسان المصري.

ثالثاً: الرئيس السيسى على مدار السنوات الماضية أولى الأمن القومى العربى اهتماماً كبيراً وأنه كل لا يتجزأ.. وبالأمس فى المحور الثالث للمقاربة الشاملة التى طرحها لأمن واستقرار وازدهار المنطقة.. أكد الرئيس أن ما يتوافر لدى العرب من قدرات ذاتية بالتعاون مع شركائهم كفيل بتوفير الإطار المناسب للتصدى لأى مخاطر تحيق بعالمنا العربي، شارحاً المبادئ التى تحكم العلاقات العربية البينية فى رسالة للجميع وهى احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية والاخاء والمساواة وهى ذاتها التى ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة ويجب أن تكون هى ذاتها الحاكمة لعلاقات الدول العربية مع دول جوارها الإقليمى ويجسد هذا المحور «خارطة طريق» ورؤية متكاملة للتعايش والاحترام والعلاقات الطيبة بين دول المنطقة.

دعا الرئيس السيسى أيضا إلى أهمية إنشاء المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط مع تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى هذا الصدد والحفاظ على منطقة عدم الانتشار وهو ما يشكل حجر أساس مهماً لمنظومة متكاملة للأمن الإقليمى فى المنطقة، ولطالما طالبت مصر بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والتوقف عن سياسات ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والالتزام بالقوانين والقرارات والمواثيق الدولية والأممية.

رابعاً: جاء المحور الرابع فى المقاربة المصرية الشاملة ليجسد أحد الثوابت الراسخة التى التزمت بها مصر فى كافة خطاباتها فى المحافل الإقليمية والدولية بالتأكيد على أن الإرهاب تحد رئيسى عانت منه الدول العربية على مدار عقود.. من هنا جدد الرئيس التزام العرب بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بكافة أشكاله وصوره بهدف القضاء على جميع تنظيماته والميليشيات المسلحة المنتشرة فى عدة بقاع بعالمنا العربى التى تحظى برعاية بعض القوى الخارجية لخدمة أجندتها الهدامة وترفع السلاح لتحقيق مكاسب سياسية ومادية وتعيق تطبيق التسويات والمصالحات الوطنية، وتحول دون إنفاذ إرادة الشعوب، وهى رسالة مهمة وقوية تضع الجميع أمام مسئولياتهم، وأن على داعمى الإرهاب وميليشياته وتنظيماته الذين وفروا لهم المأوى والمال والسلاح والتدريب وسمحوا بنقل العناصر الإرهابية من موقع إلى آخر أن يراجعوا حساباتهم وتقديراتهم الخاطئة وأن يدركوا بشكل لا لبس فيه أنه لا تهاون فى حماية أمننا القومى وما يرتبط به من خطوط حمراء وأننا سنحمى أمتنا ومصالحنا وحقوقنا بكل الوسائل.

الحقيقة، أن رسائل الرئيس السيسى واضحة لا تحتاج إلى تفسير.. توجه إلى كافة التهديدات ومحاولات المساس بأمننا القومى بمفهومه الشامل، وقد آن الأوان للشركاء الذين يريدون استمرار العلاقات والشراكات الاستراتيجية أن تكون لديهم وقفة مع أنفسهم، وبالتالى غلق محابس الإرهاب والمؤامرات والمخططات ومحاولات الابتزاز السياسى والتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية.

خامساً: أكد الرئيس السيسى فى المحور الرابع من المقاربة الشاملة أهمية وضرورة تعزيز التعاون والتضامن الدوليين لرفع قدرات دول المنطقة فى التصدى للأزمات العالمية الكبرى والناشئة مثل نقص إمدادات الغذاء والاضطرابات فى أسواق الطاقة والأمن المائى والتغير المناخي، بهدف احتواء تبعات وتداعيات هذه الأزمات والتعافى من آثارها وزيادة الاستثمارات فى تطوير البنية التحتية فى مختلف المجالات بما يسهم فى توطين الصناعات المختلفة ونقل التكنولوجيا والمعرفة ووفرة السلع.

الرئيس السيسى تحدث عن الأمن المائى انطلاقاً من أهمية تجديد الالتزام بقواعد القانون الدولى الخاصة بالأنهار الدولية بما يتيح لجميع الشعوب الاستفادة من هذه الموارد الطبيعية بشكل عادل، وضرورة صون متطلبات الأمن المائى لدول المنطقة والحيلولة دون السماح لدول منابع الأنهار التى تمثل شرايين الحياة للشعوب كلها بالافتئات على حقوق دول المصب، وهنا الرسالة واضحة لا تحتاج لتوضيح، خاصة أنها تتعلق بدول عربية هناك تحديات تواجه أمنها المائي.

تضمنت المقاربة المصرية الشاملة أيضا التأكيد على أهمية استمرار العمل الجماعى المشترك فى الأطر الدولية متعددة الأطراف ذات الصلة بقضية التغير المناخي، خاصة أن المنطقتين العربية والافريقية هما الأكثر تضرراً من الآثار السلبية لتغير المناخ وما يترتب عليه من انعكاسات على الأمن الغذائى وأمن الطاقة والمياه والسلم المجتمعى والاستقرار السياسي، وهو ما يستوجب التوافق على رؤية شاملة لدعم الدول العربية والافريقية ويمكنها من الوفاء بالتزاماتها ذات الصلة موجهاً الدعوة إلى القادة المشاركين فى القمة لحضور القمة العالمية للمناخ «27-COP».

حقيقة، إننى كمواطن مصري- عربي، فخور برؤية الرئيس السيسى وما قاله خلال كلمته فى القمة وأيضا بالموقف العربي، خاصة أنها اجتمعت على العديد من المفردات والتوافق والقضايا ذات الاهتمام المشترك وهو ما يجسد أن منظومة العمل العربى المشترك تمضى أكثر قوة وتوافقاً واتحاداً، تتعامل وتعمل على ملفاتها وتحدياتها بنفسها وتعرف ماذا تريد وكيف تحقق أهدافها، تتعاطى بندية ومصالح مشتركة واحترام متبادل مع كافة القوى الدولية دون مواربة أو تردد وهو ما أوجدته الجهود المخلصة التى قادها الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية وقبل انعقاد القمة فى توحيد الصف العربي، والحقيقة أن مضمون قمة «جدة للأمن والتنمية» ونجاح السعودية فى عقد هذه القمة العربية- الأمريكية بمعطيات جديدة هو أمر يحسب لكل العرب ويشكل مرحلة جديدة وآفاقاً رحبة للعمل العربى المشترك خلال الفترة القادمة لدرء التهديدات والتحديات وتحقيق تطلعات الشعوب العربية.

إن محتوى القمة من حيث المظاهر البروتوكولية ومضمون وأحاديث وكلمات القادة العرب خلال القمة جسدت حالة الندية والتكافؤ وتدشين مرحلة جديدة من إدراك مصالح وأهداف الأمة، ولعل المقاربة الشاملة التى طرحها الرئيس السيسى من خمسة محاور تشير إلى هذه النقلة التاريخية، وأيضا قدرة العرب على وضع الرؤى والحلول والآليات لتحقيق أمن واستقرار وازدهار المنطقة وامتلاك القدرات والأدوات للحفاظ على منظومة الأمن القومى العربى الذى هو جزء لا يتجزأ، والإدراك أنه آن الأوان لإنهاء الأزمات والقضايا العربية العالقة سواء من الماضى أو فى العقد المنصرم.

أعتقد أن ما قاله الرئيس السيسى وما طرحه من رؤى ومقاربات يضع الجميع أمام مسئولياته وإعادة حساباته فى كيفية التعامل مع المنطقة العربية ويشكل خارطة طريق وروشتة لكيفية الحفاظ على الأوطان وأمنها واستقرارها وتماسكها، وأن الديمقراطية والمساواة والمواطنة واحترام حقوق الانسان ونبذ الطائفية وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية هى السبيل إلى الحفاظ على الدولة الوطنية الحديثة.

رؤية «السيسي» فى قمة جدة للأمن والتنمية هى مسار استراتيجى يشكل فرضاً وضرورة للخروج من نفق الأزمات والتوترات والصراعات وعدم الأمن والاستقرار فى المنطقة، وينقلها إلى مستقبل أفضل يحقق تطلعات وآمال شعوبها، ويتصدى لمحاولات استدعاء نزاعات الماضى عصور ما قبل الدولة الحديثة التى تسببت فى جلب والتوترات والصراعات وغياب الأمن والاستقرار فى المنطقة والإضرار ببعض دولها فى تفشى الإرهاب والفوضى والانفلات.

تحية إلى الرئيس السيسى الذى عمل على مدار 8 سنوات من أجل توحيد الصف العربى وتوحيد كلمة العرب فى مواجهة تحديات وتهديدات غير مسبوقة لتحصد الأمة ثمار العمل العربى المشترك.

هذا الاستقبال والحفاوة من الأشقاء السعوديين من ولى العهد الأمير محمد بن سلمان بالرئيس السيسى تشير إلى عمق العلاقات المصرية- السعودية وتعاظمها، وآفاق المستقبل الذى ستكون عليه من شراكة استراتيجية غير مسبوقة باعتبارهما جناحى الأمن والاستقرار والرخاء لأمة العرب.

Dr.Radwa
Egypt Air