كتبت سماح موسي
الثانوية العامة «بعبع » البيت المصرى، الذى يعلن البعض بين الحين والآخر عن قدرته على تقديم العلاج السحرى له، ولكنه رغم هذا يستمر ككابوس تعانى منه معظم الأسر المصرية ، ومع الاستعداد للإعلان عن نظام الثانوية العامة الجديد تشهد البيوت المصرية جدلا واسعا حول اختيار النظام الأفضل لهذه المرحلة بما يساعد فى القضاء على كافة مشكلاتها كالدروس الخصوصية وغيرها.
«حواء » قررت الاقتراب من واقع الأسر المصرية والمعنيين بالعملية التعليمية للتعرف على النظام الأفضل لهذه المرحلة، فهل هو عام واحد تتكبد فيه الأسر المصرية العديد من النفقات والمتاعب أم «ثلاثة أعوام » كما هو مطروح فى النظام الجديد وهل سيخفف هذا من وطأة هذه الضغوط وغيرها؟
في البداية يحدثنا هشام أحمد (ولي أمر طالب بالصف الأول الثانوي) قائلا: "نظام الثلاث سنوات خراب بيوت، فبدلا من خضوعنا للمدرّس سنة أو سنتين نصبح تحت رحمته ثلاث سنوات، وأرفض نظام القدرات لأنه غير عادل، فإذا حصل الطالب مثلا على مجموع يلحقه بكلية التجارة وخضع لاختبارات الكلية فقد يفشل، لأنه سيناقش في علم المحاسبة وغيرها من مواد كلية التجارة وهو لم يدرسها من قبل في الثانوية العامة".
المحسوبية
أما محمد عبدالهادى، والد طالبة بالمرحلة الثانوية فيقول: نظام الثلاث سنوات يعمل على إلغاء التنسيق، وبالتالى يساعد فى وجود المحسوبية فى اختبارات القدرات للالتحاق بالكليات، لذا يجب التراجع عن فكرة هذا النظام، والتركيز على تطوير المناهج عن طريق التخلص من الحشو الزائد الذى لا فائدة منه.
وحول النظام الجديد يقول أ. صلاح صابر، مدرس لغة إنجليزية بمدرسة إسماعيل القبانى الثانوية: نظام الثلاث سنوات له إيجابياته وسلبياته، فمن إيجابياته القضاء على تحكم المدرس فى أعمال السنة، والحد من الدروس الخصوصية، نظرا لاعتماد هذا النظام على البحث فى بنوك المعرفة دون الحاجة إلى مساعدة المعلم، كما يظهر هذا النظام مهارات الطالب الذكى المتفوق من الكسول الفاشل، أما عن سلبياته فأرى أن هذا النظام يستدعى توافر إمكانيات تكنولوجية خاصة إذا لم توفرها الوزارة فى المدارس مع تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع هذا النظام الجديد سيشكل عبئا على الأسرة المصرية.
ويتفق أحمد عباس، مدرس لغة عربية بمدرسة الحسينية الرسمية لغات، مع الرأى السابق، ويضيف: من مميزات نظام الثلاث سنوات أنه يعطى فرصة للطالب لتحسين درجاته خلال ثلاثة أعوام، بجانب أنه يستطيع أن يختار المجال الذى يحبه ويهتم بالبحث فيه، لكننا عند تنفيذه لابد وأن نعمل على توفير الأجهزة الإلكترونية اللازمة لذلك بالمدارس، خاصة وأنها غير متاحة لكل الأسر.
التقويم الشامل
وإذا كانت هذه هى آراء أولياء الأمور والمدرسين، فكيف يرى المعنيون بالعملية التعليمية النظام الجديد للثانويه العامة؟
د. محمد صالح، أستاذ التربية الخاصة، ومستشار وزارة التربية والتعليم سابقا، يحدثنا عن النظام من منظور تربوى قائلا: إذا كان المراد بنظام الثلاث سنوات التقويم الشامل منذ دخول الطالب مرحلة التعليم الأساسى حتى نهاية المرحلة الثانوية، فلا شك أنه يقضى على الدروس الخصوصية، وبالتالى فلا بد وأن يتم تطبيقه على 12 عاما وليس ثلاث أعوام فقط، فمن خلاله يتم متابعة وتصنيف الطفل منذ مرحلة رياض الأطفال، ومعرفة ميوله منذ الصغر، وتدريبه وفقا لهذه القدرات، بجانب المشاركة والمتابعة المنزلية من الآباء عن طريق عمل بطاقة وصف للطالب منذ الصغر يدوّن فيها ميوله ومستواه التعليمى، ويتم إرسالها إلى ولى الأمر سواء بشكل ورقى أو إلكتروني.
ويضيف د. صالح أنه لابد من البعد فى التقويم عن المزاجية والمحسوبية والطبقية ، من خلال وجود ضوابط مُلزِمة وواضحة.
الابتكار
أما د. مراد حكيم، الخبير التربوى وأستاذ المناهج وطرق التدريس، فيقول: ملايين المصريين يتعاملون مع الثانوية العامة على أنها «بعبع » فنجد كثيرا من البيوت يعيشون حالة من الاكتئاب والقلق طوال العام، وأثناء الامتحانات يقومون بعمل ما يسمّى بالمعسكرات، ومن الطلبة من يلجأ إلى الانتحار! لكن إذا كانت الثانوية العامة تعتمد على دعم الخبرات والإبداع المعرفى ما يجعل الأسرة تتعامل معها مثل أى مرحلة تعليمية، يدرب الطالب خلالها على الابتكار وليس مجرد الاعتماد على حفظ المناهج ونسيانها بمجرد انتهاء الامتحانات فسيكون أمرا جيدا.
ويؤكد د. مراد على أن فشل الأنظمة التعليمية مسئولية أولياء الأمور قبل المسئولين، فقبل بدء الدراسة يسارعون إلى حجز الدروس الخصوصية، ما يجعل العملية تشبه مارثون الوصول إلى الدرجات العليا للالتحاق بكليات القمة، وليس للسعى وراء اكتساب خبرات حياتية يتسلح بها الطالب تساعده ليس فى دراسته فقط وإنما فى أموره الحياتية كذلك، بينما نجد فى بعض الدول الأخرى على سبيل المثال الأنظمة التى تتيح لولى الأمر الحضور يوما كل شهر داخل الفصل لمراقبة المعلم ومساعدته فى نفس الوقت على أداء مهامه التعليمية، لذا أناشد هنا أولياء الأمور الهدوء وإعطاء المخططين فرصة لتطبيق فكر جديد يفيد أبناءهم.
أما د. كمال الدين حسين أستاذ الأدب بكلية التربية، جامعة القاهرة، فيقول: لابد من إلغاء أنظمة الثانوية العامة سواء للعام الواحد أو العامين أو الثلاثة أعوام، فمن الأفضل الاعتماد على الاختبارات التى تجرى على فترات محددة بحيث يتعرف الطالب من خلالها على مستواه وقدراته أولا بأول، فيحاول أن يحسن منها طوال العام.
قيد الدراسة
حملنا مخاوف أولياء الأمور وآراء المتخصصين إلى د. رضا حجازى رئيس قطاع التعليم العام، ليحدثنا عما استقر عليه بشأن نظام الثلاث سنوات، وعن الموعد المحدد لتطبيقه، فأجابنا قائلا: لا شك أن نظام الثلاث سنوات ما زال قيد الدراسة، فحتى الآن تتم دراسة ملامحه واستراتيجيته، برئاسة لجنة على مستوى عال من الكفاءة، وسيتم طرحه خلال الأيام القليلة المقبلة للحوار المجتمعى لمعرفة مدى إمكانية تطبيقه أو تعديله وفقا لرغبات أولياء الأمور من الأسر المصرية.