الأحد 19 مايو 2024

الإجابة على السؤال الحائر 8

25-7-2017 | 14:52

بقلم : إقبال بركة

أعود بذاكرتى إلى الوراء لأتذكر بعد مرور سنوات عديدة على ملحمة حرب العاشر من رمضان، فلا أنسى كيف جدد الانتصار الباهر للجيشين المصرى والسورى فى الأيام الأولى للحرب الحلم بإحراز القوات العربية نصرها النهائى على إسرائيل وإنهاء محنة الاحتلال إلى الأبد، ثم كيف أفقنا من ذلك الحلم الجميل على أخبار تسلل القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقنال عبر ما سمى "بالثغرة", وبعد أن علمت بذلك الخبر الصاعق أسرعت إلى دار روز اليوسف لعلى أجد إجابة على السؤال الحائر الذى يتردد على كل الألسنة من زملائى الصحفيين المخضرمين.  قال أحدهم إن لجوء إسرائيل إلى الثغرة ما هو إلا «عمل دعائى» لرفع معنويات جيشها وشعبها المنهارة نتيجة للانتصارات التي حققها العرب في الأيام الأولى للحرب، ووصف الثغرة بأنها عملية تليفزيونية!

 وقال آخر إن إسلوب الثغرة معروف، وقد استخدمته مصر أولا بإحداث «ثغرات» بين النقاط الحصينة فى خط بارليف ليعبر من خلالها الجنود المصريون, وكان رأيهم جميعا أن الجسر الجوى الذى فتحته الولايات المتحدة بينها وبين إسرائيل وإمدادها بالطائرات الحربية والمدرعات والأسلحة الثقيلة الحديثة التى لا تضاهيها أسلحة الروس العتيقة التى يحارب بها الجيش المصرى، ووسائل التنصت والتجسس بالأقمار الصناعية كانت عوامل أساسية فى قلب ميزان المعركة لصالح إسرائيل، ما كان ليحدث دون "النجدة الأمريكية".

واعترف لى زوجى أن تسلل القوات الإسرائيلية من الثغرة التى تفصل الجيشين الثانى والثالث لم يكن مفاجأة، وأنه شخصيا وقعت في يده يوم 7 أكتوبر خرائط  لخطة للعبور الإسرائيلي، وجدها أحد جنود كتيبته، ربما سقطت من أحد الضباط الإسرائيليين الذين تم أسرهم، فقام على الفور بتكليف أحد ضباطه بتسليمها إلى قيادة الجيش الثانى فى القصاصين، وأن خرائط الخطة وأماكن العبور المحتملة وصلت إلى يد المخابرات الحربية المصرية.

ورغم أنه أحرز نصره الخاص، فلم يهدأ حلمه بالعودة إلى أرض سيناء واستكمال القتال, وقص علينا أن طرفى القتال كانا يتبادلان الضرب المدفعي والجوي المكثف فوق منطقة سرابيوم التى تقع فيها كتيبته على بعد 2 كيلو من الدفرسوار، ورغم ذلك لم يستشهد من كتيبته سوى جندى واحد وفقد أحد الضباط، وعاد الآخرون سالمين, قال: كان الضابط المفقود الملازم عاطف زكريا أحمد فى مهمة واعتبر فى عداد المفقودين، إلا أنه كان مختبئا فى ملجأ مع خمسة آخرين لم يتمكنوا من العودة لوحداتهم بسبب حصار القوات الإسرائيلية من كل جانب, وكانوا يقتاتون بالفول السودانى والطماطم اللذين يقدمهما لهم الفلاحون سرا من الحقول المحيطة, وبعد 128 يوما، أثناء الفصل بين القوات، سلموا أنفسهم لجنود الأمم المتحدة الذين أصيبوا بالذعر من هيئتهم الشاذة, وقد بدوا مثل أهل الكهف "بشعورهم المنكوشة" وذقونهم وأظافرهم الطويلة, وفى دورة لقادة الألوية كان ترتيب زوجى الأول على المهندسين والـ 12 على كل الجيش، بعدها رقى مباشرة إلى قائد لواء الكبارى دون أن يمر على رئيس أركان, كانت مكافأة الصمود الرائع دفاعا عن أرض سيناء الحبيبة رغم أن النصر لم يكتمل إلا بعد سنوات من المفاوضات المضنية.

وبعد عدة سنوات رحت أقلب فى صفحات الإنترنت وإذا بى أعثر على كنز لم يخطر على بالى.. فإلى الأسبوع القادم بإذن الله.