الأحد 2 يونيو 2024

سمير عبد الباقي شاعر.. العامية الفصيح

10-2-2017 | 13:05

بلــــد وحـــــالِل مشــــاكلـها مـاء المـــجارى والتوتوك ومضيّـــعة عمـــــر عيــالها فى رغى وهرى ولوك لوك

بتلك الكلمات لخص شاعر العامية و محامي الفقراء إشكالية وطن يمر بمنعطف تحول عبر سنوات من الظلم والقهر، شاعر العامية  الذي  حمل هموم الشارع المصري على كتفه ومضى، وفما بين الشاعر والشارع ألفة جعلته قادرة على التعبير بأصدق الكلمات  وابسطها عن " جبل الهموم " انه الشاعر «سمير عبد الباقي».. كان في حوار "بوابة الهلال" يقص  ذكرياته عن الماضي وحماسة الأمس وفقدان الأحبة .. ملامحه الغارقة في الأصالة الحالمة بالفضيلة مازالت  تنبض بحب الحياة، تصرخ بالرفض الانهيار والموت 

 

واليكم نص حوار  " بوابة الهلال"

 

شعراء الستينات لعبوا دور محوري في تشكيل وعي ووجدنا الشعب المصري  بمرجعياتهم الفكرية والسياسية فماذا عن علاقتك بالشعار الراحل سيد حجاب والتي شهدت بعض التوترات في تلك الفترة ؟

 

سيد حجاب كان دائما يقول لي بأني أمزج الماركسية كتيار سياسي بأشعار وهذا أمر لم يكن يغضبني وعبرت عن ذالك عندما قلت في بعض إشعاري  " قالوا زمان إن شعري ينظم الماركسية.. إنا قلت ياريت واقدر اشعر فيه ألفية.. وابقي أنا وابن مالك منارة للشعراء.. العدل يا أغبياء طريقة العلم والحرية "  فانا اعتقد أني انتمي إلى مدرسة البساطة والمباشرة ، فكان الدفاع عن حقوق الفقراء في حياة محور رئيس‘ألهمني  في العديد من الإشعار وكان هذا واضح منذ طفولتي فكانت اشعار معبرة عن ذالك عندما بلغ عمري  15 عاما،  وكانت تلك البداية التي فتحت الباب أمام عالم السياسة وعندما بلغ عمري العشرون عام تم اعتقالي فى سبتمبر 1959حتى أول ابريل 1964 وذلك لإصداري جريدة باسم " صوت الفلاحين "  كان شعارها الأرض والديمقراطية،  الاستقلال الوطني، فى السجن الانفرادي داخل المعتقل نضجت موهبتي الشعرية وبدأت الكتابة للأطفال ومارست داخل السجن إصدار مجلة حائط للنزلاء ،  عدت للمشاركة في النشاط العام والوطني بعد خروجي من السجن عام 1964 فجددت إصدار مجلات الحائط بالكلية ومنها "الفجر " و "السنبلة ، وتعرفت وقتها علي سيد حجاب وعبد الرحمن الأبنودي،  وأصدرت كتابا باسم هديل اليمام وراء القضبان جمعت كل قصائد الشعراء بالسجن علي رأسهم فؤاد حداد .

 

  وانا أتذكر إن معظم الشيوعيين أيدوا جمال عبد الناصر عند تأميمه قناة السويس عام 1956 ولكن قبل هذا التاريخ بعامين عام 1954، صدرت جريدة المساء، وكان خطها التحريري يستهدف التحرير الوطني.

في ذلك الوقت تقريباً كان عبد الناصر مسار خلاف بين اليساريين خاصة من أيدوا السلطة وتحديدا، واختلفوا في 1958 لغياب الحريات، وعندما حصلت الوحدة مع سوريا كان راي اليسار ان تلك الوحدة قائمة علي غير أساس  وان الأساس الديمقراطي  غائبا عنها في ذلك الوقت استطاع حزب البعث السوري اقنع عبد الناصر بان إلغاء الأحزاب امر مهم من اجل استمرار الوحدة  مهم، واستعان جمال عبد الناصر في ذالك الوقت  ببعض الأفكار مثل الاتحاد القومي ، في 1957 أجريت بالفعل انتخابات ولكن استبعد منها اليسار بحجة أنهم  أعداء الثورة،.

كيف كانت علقتك بالشاعر سيد حجاب في ذالك الوقت تحديدا ؟

تعرفت علية بعد خروجي من السجن، وظلت علقتي بسيد حجاب محدودة ولكن ظل بيننا حواراً مفتوح في شعر وتحاورنا حول الشعر العامية الحديث  واخذ ذالك جدلا كبير فيما بيننا ففي ذالك الوقت كان الراي السائد إن شعر العامية المصرية كانت بدايته مع صلاح جاهين وفؤاد حداد فوز في ذلك الوقت إصدار الأخير ديوانه قبل ثورة  52 بعنوان " أحرار وراء القضبان .. أفرجوا عن المعتقلين السياسيين ،والذي قيل فيه مسجونْ أسير أربع حيطان..في مكان تلمّه العينْ في ثانيه وتحدفهْ.. ضيّق ولكن للهموم أو تقضي النهار تستكشفه، في سجن مبني من حجر.. في سجن مبني من قلوب السجانينْ.. قضبان بتمنع عنك النور "، ولم يكن هناك شعراء في هذا الوقت  سواهم لكن رأي أن شعر العامية بدأ مع المواويل والملاحم الشعبية بالإضافة إلى إعمال  بديع خيري عنده نبوء القصيدة الحديثة مثل قصيدته "علي يد الليل ما يطول "، وأغاني سيد درويش،  الزجل جزء من الشعر الشعبي كل ذلك روافد للشعر العامية الحديثة. وهذا هو محور الخلاف بيني وبين سيد حجاب حول بدايات شعر العامية وربما يري البعض إن هذا خلاف امر بسيط لكنه له تاثير كبير في فهم طبيعة تشكل شعر العامية المصرية خاصة وان تراث العامية المصرية ثري وكبير وكان معبرا عن أوضاع الشعب المصري وميله وتوجهاته الثقافية وفهمه للدين ايضا فهذا التراث يعد مرجع تاريخ لفهم طبيعة توجه المصريين على المستوى الاجتماعي والسياسي فاذا نظرنا من هذا المفهوم يكون الجدل بين وبين حجاب امر منطقي وطبيعي

 

لماذا توقفت مجلة ابو الهول والتي كان ينتظر أن تصدر عن الأهرام؟

صنعت  غلاف مع عدل فخري  بمجلة الاشتراكي الذي تصدر عن التنظيم الطليعي  بإذاعة الشعب كل عدد بيه أغنية،  وكان تعبير عن اختلفنا مع الميول والتوجهات السياسية السائد في تلك الفترة والتي طالت بعض التنظيمات الشيوعية الصغيرة التي لم تحل

وعندما حاول  صلاح جاهين ضمي لمجلة أبو الهول أنا وفؤاد حداد رفض محمد حسنين هيكل قائلا " دول ميتضمنوش" بالتالي فصلنا قبل تعينا ، وصلاح جاهين كان طموحة انه يصدر مجلة تعيد مجد " البعوكة" بطريقة حديثة زجل وشعر ونكت وكاركتير، فجأة مجلس الصحافة الأعلى بقيادة خالد محي الدين وهيكل وموسي صبري ، احمد فؤاد كانوا دول اللجنة التي تتحكم في الصحافة وافقوا على صدورها بعد ذلك طالب ورسامين روز اليوسف نقلهم للأهرام للعمل بمجلة أبو الهول وعينوا حينها فؤاد حداد ب35 جنيه وانا ب25 جنية ، وسافرت الي  بحري لجمع الزجل والشعر من البقالين والعلافين وجمعت مادة كبيرة وفؤاد بدأ يعمل موضوعات عن الاشتراكية وعمال الحديد والصلب وعند عودتنا فوجئنا انه المجلة غلقت وانصرفنا بدون الحصول علي راتب أو بدل سفر للرحلات التي قمنا بها في المحافظات وكان هذا بين عامي 65، 66 .

كيف يمكن لنا تكريم الشاعر الكبير فؤاد حداد ؟

التكريم الحقيقي للشاعر في أن يقرأ إبداعه، وأن تتاح أعماله للجمهور، وانت يتم طباعة أعمال الشاعر بسهولة  من غير معانة البحث عن ناشر ناشراً ينشر له أعماله، ففؤاد حداد  لم يكن مقرباً من المؤسسة الثقافية التي عمل فيها لأكثر من أربعين عاما، فعلى سبيل المثال طلب منه الراحل د . سمير سرحان ديوان قصائد العشق والغربة، وبعد أن أعدده وذهب به إليه ليطبعه في الهيئة المصرية العامة للكتاب: ظل سنوات في الأدراج ولم يطبع.

بعد اعوام من السباحة في بحر السياسة كيف تري الثورة المصرية ؟

وما حدث في يناير وقال انتفاضة شعبية سطرها الطبقات المهمشة والمطحونة وليست ثورة بمعناها لأنها غير منظمة ولا توجد لها أيدلوجية، مؤكدا انه شارك لعدة أيام وانسحب فور انضمام جماعة الإخوان المسلمين لميدان التحرير رافضا ان يضع يده في يد جماعات إسلامية بفكر أمريكي منظم.