شهد الدولار في الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً أمام الجني المصري، مما أدى لتساؤلات عديدة عن أسباب هذا الارتفاع والتوقعات حول سعر الدولار في الفترة المقبلة، حيث أن سعر الدولار يؤثر على سعر جميع السلع في الأسواق المصرية.
يذكر أن سعر الدولار اليوم في البنك المركزي المصري هو 19.04 للشراء و 19.15 للبيع، كما سجل الدولار في البنك الأهلي المصري 19.08 للشراء و 19.14 للبيع.
وكشف خبراء اقتصاديون لـ«دار الهلال» الأسباب التى ساهمت فى انخفاض قيمة الجنيه المصري، وتوقعاتهم لأداء العملة المصرية مقابل نظيرتها الأمريكية بالفترة المقبلة، وكيف يمكن تعويض الخسائر التى تعرضت لها.
خروج الأموال الساخنة من الاقتصاد المصري
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي رمزي الجرم، أن سلسلة الارتفاعات المُستمرة في شان الفائدة الأمريكية، والتي تسببت في خروج نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من الاقتصاد المصري ، في الأربع شهور الأولى من العام الجاري، فضلا عن خروج ما يقرب من 55 مليار دولار منذ نحو اربع سنوات مضت، أدت إلى ضغوط شديدة على عرض الدولار في البلاد، مما أدى إلى تخفيض قيمة العملة المحلية في مارس الماضي من أجل الحفاظ ما تبقى من الأموال الساخنة، نتيجة جاذبية أسعار الفائدة الأمريكية للمستثمرين الدوليين، بعد الرفع التدريجي والمُتصاعد لسعر الفائدة الأمريكية.
أضاف في تصريحات خاصة ببوابة "دار الهلال" أن التوقعات تشير إلى الاتجاه نحو التثبيت في اجتماع لجنة السياسة النقدية في أغسطس الجاري، بعد رفع أسعار الفائدة على الودائع والإقراض في الاجتماعات الثلاث السابقة بواقع 300 نقطة اساس؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع في سعر صرف الدولار مقابل الجنية المصري، وبما قد يكسر حاجز 20 جنيه تقريباً، خصوصا في ظل وجود خلافات قائمة بشأن منح قرض لمصر من مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، على خلفية فرض بعض الامور على السياسة الاقتصادية في مصر، منها فتح الاستيراد، وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لنحو 20 شركة وبنكا مملوكة للدولة، وتخفيض فاتورة الدعم الحكومي لكثير من القطاعات الإنتاجية، بالإضافة إلى الضغوط السياسية، على خلفية الحيادية التي يتمتع بها القرار السياسي فيما يُخص السياسة الخارجية، والتي كان لها تداعيات سريعة بعد مؤتمر جده للمناخ الذي تم انطلاقه في شهر يوليو الماضي في المملكة العربية السعودية.
وأوضح أنه رغم التداعيات الشديدة التي لحقت بالاقتصاد المصري ، على إثر الأزمات المتتالية والمتصاعدة، إلا أنه لايزال قادر على مواجهة تحديات أشد، على خلفية انه من طائفة الاقتصادات العينية المتنوعة، والتي واجهت أشد التداعيات السلبية التي خلفتها الأزمة، بل ان توقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة، تشير إلى توقعات بانخفاض معدلات النمو للاقتصاد المصري بواقع 0.2٪ فقط، من 5٪ الى 4.8٪، مما يعد من الأمور الإيجابية، في شان تحقيق معدل نمو إيجابي بهذا المعدل، وأن توقعات الانخفاض نسبة لا تذكر، في ظل تدني معدلات النمو بمعدلات كبيرة لطائفة من اقتصادات الدول الصناعية الكبرى، في ظل إدارة متوازنة ومتناغمة فيما بين القائمين على أمور السياستين النقدية والمالية.
وأضاف أنه من المتوقع ألا يكون هناك ضرورة لاعتماد سياسة تشديدية جديدة للسياسة النقدية في الاقتصاد المصري، إذ ربما تلجأ السياسة النقدية نحو التثبيت أو الرفع بمعدل ضئيل جدا، فضلا عن عدم وجود توقعات بطرح منتجات مصرفية جديدة بعوائد تتجاوز العوائد الموجودة حاليا عن مستوى 14٪ او نحو ذلك، كما أنه من المتوقع أيضا عدم وجود تخفيض جديد للعملة على غرار ما حدث في مارس الماضي من تخفيض بمعدل 15.7٪.
وأشار إلى أنه فيما يخص إقرار تعويم آخر للجنيه، فإنه يجب القول إنه لا يوجد تعويم أول أو ثاني بالمعني الفني، ولكن هناك سوق صرف أجنبي مدار بشكل كامل أو بشكل جزئي، أي لا يتم ترك سوق الصرف الأجنبي للعرض والطلب بشكل كامل؛ ولكن يوجد تدخل بشكل محدود ، من أجل عدم حدوث زيادات كبيرة في اسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، وبما قد يؤدي إلى زيادات كبيرة في اسعار السلع الغذائية، وهذا الأمر قائم بالفعل في أكبر الاقتصادات الراسمالية التي تعتمد بشكل كامل على اقتصاد السوق، الا انه من المتوقع ان تكون هناك قفزات إلى حد ما، اذا لم يتم تنفيذ قرض صندوق النقد الدولي خلال الفترة القليلة القادمة، او في حالة عدم وجود تدفقات دولارية من بعض الدول الخليجية سواء في شكل استثمارات او ودائع بالبنك المركزي المصري.
انخفاض احتياطي النقد الأجنبي
بينما قالت خبيرة الاقتصاد والأسواق المالية حنان تادرس إن انخفاض احتياطي النقد الأجنبي وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت من قيمة فاتورة الاستيراد تعد من أسباب ارتفاع سعر الدولار في مصر في الفترة الأخيرة.
وأضافت في تصريحات خاصة ببوابة "دار الهلال" أن تأثر السياحة في مصر بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا يعد أيضاً سبب من أسباب ارتفاع سعر الدولار بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، وذلك لاعتماد متحصلات السياحة علي السياحة الروسية الأوكرانية.
وأوضحت أن الدولة تسعى إلى ضبط سعر الصرف من خلال العرض والطلب، وذلك من خلال رفع سعر الدولار أمام الجنيه، وهي ارتفاعات مؤقتة، كما أضافت تتخذ مصر العديد من الإجراءات لمنع ارتفاع سعر الدولار بشكل مبالغ فيه
وأشارت إلى أن هناك عدة طرق لخفض مستويات الدولار لمستوياته الأولى مثل تعظيم قيمة تحويلات المصريين في الخارج، وإضافة خدمات للخدمات الملاحية بقناة السويس والتي تساهم بشكل مباشر في احتياطي النقد الأجنبي، و أيضاً الاعتماد علي المكونات المحلية بنسب مرتفعة في مراحل الإنتاج
وتابعت أن فتح أسواق جديدة لزيادة الصادرات، وتقليص حجم الواردات عن طريق الاستعاضة عن المنتج الأجنبي بالمنتج المحلي، وعدم الاعتماد علي أدوات الدين في التمويل ،وأيضاً تعظيم دور البورصة وتعزيز الاستحواذات والاندماجيات العربية والتي توفر العملة الأجنبية دون أعباء سيساعد كثيراً في خفض سعر الدولار لمستوياته القديمة.
ارتفاع التضخم عالمياً
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد كمال إن ارتفاع سعر الدولار يرجع لعوامل عديدة من ضمنها ارتفاع نسب التضخم على المستوى المحلي والمستوى العالمي، مما يؤثر بشكل كبير على تقييم أسعار الدولار وأدى إلى ارتفاع سعره في مصر.
وأشار فى تصريحات خاصة لـ«دار الهلال» إلى أن النقص الشديد في الموارد الدولارية في مصر بعد تخارج الاستثمار الأجنبي هو أحد عوامل زيادة سعر الدولار، وذلك لأنه أثر على الاحتياطي الموجود بمصر
وأضاف الخبير الاقتصادي أنه من المتوقع تحرك سعر الدولار في الفترة القادمة عن المعدلات التي يسير عليها، موضحًا أن الطلب المتزايد على العملة الأمريكية وعدم وجود ما يكفي لسد هذا الطلب أحد أسباب زيادة قيمته.
وتابع: أزمة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية أثرتا على السياحة والاستثمار الأجنبي في مصر بشكل كبير، مما ساعم بدوره في ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وأنه يمكن عودة الدولار لمستوياته السابقة عن طريق زيادة الاستثمار الأجنبي في مصر .