السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

عبقرية «التحالف الوطنى»

  • 5-8-2022 | 20:27
طباعة

فى اعتقادى أن فكرة إطلاق التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى جديرة بالتحية والاحترام ليس فقط كونها إضافة قوية لمنظومة وشبكة الحماية الاجتماعية المصرية، ولكن فى مقدرتها على جمع وتوحيد جهود 24 جمعية ومؤسسة أهلية وكياناً خدمياً وتنموياً منها الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية الذى يضم 30 اتحادًا نوعيًا فى عضويته و27 اتحاداً إقليمياً.. وهو ما يعنى انتهاء زمن وعصر الجزر المنعزلة فى العمل الأهلى والخيرى والتنموى، والقضاء على حالة «البعثرة» والعشوائية فى العمل فى زمن لم تكن فيه هناك قواعد بيانات تضم الفئات المستحقة من الأكثر احتياجاً.

«التحالف الوطنى» فكرة تحقق العدالة، والقدرة على الإنجاز وتحقيق الأهداف بشكل علمى دقيق تتعانق وتتكامل مع جهود الدولة التنموية وفى الحماية الاجتماعية لتشكل إضافة قوية فى هذا الإطار، لذلك لابد من التوسع فى ضم جمعيات وكيانات أخرى حتى الخدمة المجتمعية فى الشركات والمصانع الكبرى وأيضًا أهمية التكثيف الإعلامى لدعوة الجميع للمشاركة فى هذا العمل الوطنى الفريد. فى ظل وجود قيادة سياسية وطنية من أهم أولوياتها العمل الإنسانى والشعور بنبض المواطن وبناء الإنسان وجبر الخواطر وألا يكون هناك مواطن مصرى فى حالة عوز أو احتياج.

نموذج للتعاون والتكامل وتحقيق الأهداف.. وإرساء العدالة فى إيصال الحماية الاجتماعية والدعم والمساندة والمساعدة لمستحقيها
 

من أهم الملفات التى حققت فيها الدولة المصرية نجاحًا كبيرًا ملف الحماية الاجتماعية من خلال جهود غير مسبوقة فى ظل التوجه الرئاسى لحماية ودعم الفئات الأكثر احتياجًا بنهج وعقيدة مستمرة تجلت فى الحد من تداعيات الإصلاح الاقتصادى الشامل بنجاح، وتتجلى فى هذه المرحلة مع تداعيات وتأثيرات الأزمات العالمية مثل «كورونا» خاصة فى دعم العمالة غير المنتظمة والفئات المتضررة من تداعيات الجائحة ثم جاءت الحرب الروسية ــ الأوكرانية لتلقى بظلالها وآثارها على الفئات الأكثر احتياجًا ضمن تداعياتها القاسية لكن الدولة المصرية التى تتحمل الجزء الأوفر من هذه الآثار لتخفيف المعاناة عن المواطنين قررت أن تتخذ الكثير من القرارات والإجراءات الخاصة بتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.

من أهم الأفكار والقرارات والرؤى فى اعتقادى التى اتخذت فى هذا الإطار وكنهج مستمر ومتواصل إطلاق التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى فى مارس من هذا العام ليكون إضافة قوية على طريق تقديم الدعم إلى الأسر الأكثر احتياجًا فى كافة المحافظات المصرية والعمل مع مؤسسات الدولة كأحد شركاء التنمية وليقوم أيضًا بمهمة أراها كانت غائبة ونفتقدها خلال السنوات الماضية هى تنسيق جهود منظمات المجتمع المدنى وبلورتها لتتكامل وتتعانق مع جهود الدولة وبالشكل الذى يسهم فى تحقيق خطة التنمية الشاملة ومد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل أكبر عدد من المواطنين الأكثر احتياجًا.

عبقرية فكرة التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى لابد أن تكون كيانًا مستمرًا باقيًا يحمل الشكل المؤسسى كما هو الآن إلى جانب جهود الدولة فى توفير الحماية الاجتماعية لذلك حظيت بدعم الدولة والذى وصل إلى 10 مليارات جنيه بعد أن وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيادة الدعم الحكومى الموجه للتحالف بقيمة مليار جنيه إضافية.

عبقرية الفكرة أيضًا تنطلق من كونها علاجاً لأخطاء ومشاكل الماضي، فبعد أن كانت جهود العمل الأهلى والخيرى التنموى مبعثرة ومشتتة ولا تتكامل وفى حالة «لخبطة» ولا تستند إلى قواعد بيانات حقيقية لاستهداف الفئات المستحقة من الأكثر احتياجًا، وبالتالى فقد كانت هذه الجهود مجرد شعارات ربما كانت تستهدف نفس الأشخاص والأسر ولم تحقق عدالة توزيع العمل الخيرى والأهلي.

فكرة التحالف والتكاملية فى الجهود، وتوحيدها وتحديد الأهداف معًا من خلال تجمع يضم 24 جمعية ومؤسسة أهلية وكياناً خدمياً وتنموياً منها الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية الذى يضم فى عضويته 30 اتحاداً نوعياً و27 اتحاداً إقليمياً فى مؤسسة واحدة هى التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى فكرة تستحق التحية والتقدير وتأتى فى إطار مهم للغاية هو دعم الدولة وتشجيعها لمنظمات العمل المدنى والأهلى لتقوم بدورها الصحيح فى خدمة المجتمع والفئات الأكثر احتياجًا.

حالة التحالف والتكامل وتوحيد الجهود بطبيعة الحال تؤدى إلى تحقيق نتائج ونجاحات وإنجازات أكثر، ومن أهم نجاحاتها هو استهدافها بشكل محدد ومباشر للفئات الأكثر احتياجًا وتوسيع هذه الدائرة وتحقق التوزيع العادل للجهود الخيرية التنموية فى دعم جميع الفئات والأسر الأكثر احتياجًا.

عبقرية الفكرة أيضًا تأتى فى تعانقها وتكاملها مع جهود الدولة سواء التى تقدمها وزارة التضامن الاجتماعى من خلال جهود الحماية الاجتماعية المكثفة التى شهدت اهتمامًا غير مسبوق فى عهد الرئيس السيسى لمساندة ودعم الفئات الأكثر احتياجًا وأيضًا جهود مؤسسة «حياة كريمة» فى دعم الفئات والقرى والمناطق الأكثر احتياجًا ثم المشروع التاريخى والعملاق والأضخم والأعظم وهو تنمية وتطوير الريف المصرى الذى أطلقته المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لتوفير الحياة الكريمة لما يقرب من 60 مليون مواطن مصرى فى قرى ونجوع الريف المصرى فى 4584 قرية و30 ألف تابع وتغيير حياتهم للأفضل وإدخال جميع الخدمات التى يحتاجها المواطن فى هذه المناطق بحيث لا تختلف حياة المواطن فى الريف عنها فى المدن الكبرى ويتمتع بكافة الخدمات والحقوق وبالتالى فإن «المبادرة» حياة كريمة حققت عدالة جغرافية فى توزيع الجهود والعوائد، وهو ما يحققه الآن العمل الأهلى والتنموى بعد إطلاق التحالف الوطني.

عظمة فكرة التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى تأتى أيضًا فى توقيت مهم للغاية، فى ظل تداعيات الأزمة العالمية على الصعيد الاقتصادى وتأثيراتها السلبية على الفئات الأكثر احتياجًا، لذلك فإن جهود التحالف الوطنى فى هذا التوقيت إلى جانب جهود الدولة ومؤسساتها تخفف بشكل كبير حدة المعاناة عن هذه الفئات فى ظل سياسة وتوجه الدولة وأولوياتها وهو حماية المواطن من تداعيات الأزمة الاقتصادية.

لا تعتمد فكرة التحالف الوطنى كما وجه الرئيس على تقديم الدعم والمساعدة والمساندة للفئات الأكثر احتياجًا ولكن هناك هدفاً فى اعتقادى أنه مهم للغاية هو مساعدة المواطن من هذه الفئات على الحصول على فرصة عمل حقيقية سواء من خلال التدريب أو التأهيل على مهن وحرف أو دعم مشروع اقتصادى يوفر له دخلاً يوفر له الحياة الكريمة وبالتالى فإن حصوله على دخل شهرى اعتمادًا على الذات بعد توفير فرصة العمل ينقله خارج منظومة التحالف والحماية الاجتماعية ويتيح الدعم لمواطن آخر أو زيادة الدعم المقدم لمن هم غير قادرين على الكسب أو العمل.

نحن أمام تحالف وطنى للعمل الأهلى والتنموى يعد إضافة قوية لشبكة الحماية الاجتماعية المصري، ويأتى فى توقيت مهم ودقيق فى ظل تداعيات الحرب الروسية ــ الأوكرانية وجهود الدولة لتخفيف معاناتها عن المواطن وبالتالى فإن ذلك يقوى من جدار الصمود أمام هذه التداعيات بتأمين وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.. هنا أطالب القادرين ورجال المال والأعمال ونجوم المجتمع أصحاب الدخول المرتفعة بدعم هذا العمل الوطنى الخلاق، ثم لابد من البحث عن مصادر تمويل أخرى تدعم جهود التحالف الوطنى سواء من خلال وجود رسم رمزى على الحفلات التى تقام بالملايين، أو نسب بسيطة من الإعلانات أو الفنادق، أو المناسبات التى تنفق عليها عشرات الملايين من قبل الأثرياء فلماذا لا يجمع رسم من حفلات النجوم، وعقود لاعبى الكرة المليونية والمطربين، وتذاكر الطيران «البيزنس» أو الدرجات الفاخرة فى القطارات، وتكون مرهونة بتوقيت الأزمة العالمية.. لأن الوطن يحتضن الجميع، والتكافل الاجتماعى فريضة بدلاً من أن تقوم الدولة وحدها بهذه الجهود وتتحمل فوق طاقتها من أجل حماية هذه الفئات الأكثر احتياجًا.

التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى هو إعلان مباشر لانتهاء الجهود «المبعثرة» والمشتتة فى الماضى للعمل الأهلى والخيرى ومنظمات المجتمع المدنى ليتحول إلى تكامل وتوحيد للجهود وفقًا لقواعد بيانات دقيقة تحقق العدالة ومزيداً من النجاحات والإنجازات الأكثر وضوحًا وتحديدًا، وتتعانق وتتكامل مع جهود الدولة فى إحداث التنمية والتوسع فى الحماية الاجتماعية، خاصة أن الدعم الحكومى بلغ 10 مليارات جنيه بعد توجيه الرئيس بإضافة مليار جديدة وفى نفس الوقت اتخذت الدولة قرارات مهمة بتوجيهات رئاسية من خلال زيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج تكامل وكرامة بضم مليون أسرة جديدة إضافية ليبلغ عدد الأسر 5 ملايين أسرة بما يزيد على 20 مليون مواطن يستفيدون من هذا البرنامج بشكل شهري.

أيضًا وجه الرئيس السيسى بصرف مساعدات استثنائية لـ 9 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر قادمة بتكلفة إجمالية قدرها مليار جنيه شهريًا للأسر الأكثر احتياجًا من أصحاب المعاشات الأقل من 2500 جنيه شهريًا، وأصحاب المرتبات التى تقل عن 2700 شهريا وتقديم مليونى كرتونة وبيعها بنصف التكلفة.

هذه المبالغ الهائلة التى وجه بها الرئيس السيسى لحماية الفئات الأكثر احتياجاً تجسد اهتمام الدولة بحماية أبنائها من الأكثر احتياجاً، كذلك رسخت مصر شبكة حماية اجتماعية قوية ومتسعة ترتكز على توحيد الجهود والتعاون بين الدولة ومؤسسات العمل الأهلى والتنموى وصياغة نموذج لعمل منظمات المجتمع المدنى فى خدمة الوطن والمواطن والمساهمة فى تغيير حياة المواطنين إلى الأفضل وإيجاد الفرصة لهم لنقلهم من الفئات غير القادرة إلى الفئات القادرة.. لذلك فإن هذا الفكر الخلاق الذى وجه دائما به الرئيس السيسى يوفر حلولاً عبقرية فى حماية ودعم الفئات الأكثر احتياجاً ويشير إلى اهتمام الدولة غير المسبوق بهذه الفئات.

لكن بطبيعة الحال هناك مطالب من باقى مؤسسات المجتمع لدعم هذا الفكر الخلاق والعمل المبدع فى خدمة الوطن والمواطن، فالأمر يحتاج مساندة ودعماً من الإعلام سواء فى إبراز جهود التحالف الوطنى أو جهود الدولة غير المسبوقة فى الحماية الاجتماعية أو دعوة القادرين والأثرياء إلى دعم مثل هذه البرامج فى توقيت مهم ودقيق.

الأمر المهم أيضا، أن تنتقل روح وتكافلية التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى إلى قطاعات أخرى تحتاج توحيد الجهود فيها، فالعمل بروح الفريق وانصهار الجميع فى بوتقة العمل هو أساس الوصول إلى النجاح لخدمة هذا الوطن.

أتمنى أيضا أن قطاعات العمل المجتمعى فى الشركات والمصانع الكبرى تنضم إلى هذا التحالف الوطنى لتحقيق المزيد من النجاح والأهداف، لأن لدينا الآن قاعدة بيانات عبقرية بالفئات المستحقة أو الفئات الأكثر احتياجاً التى على أساسها تتخذ الدولة قراراتها ودعمها لتصل الحقوق والدعم والحماية إلى مستحقيها، ناهيك عن توحيد الجهود والتكاملية والتنسيق المشترك تحت مظلة الدولة والتحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى للتخفيف عن الناس تحت وطأة الأزمات العالمية.

أتمنى أيضا أن يكون لدى التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى مكاتب تمثيل فى جميع محافظات مصر، للتقصى والبحث ووضع اليد على المناطق والفئات التى لم نستطع الوصول إليها، ووضع جداول لأولويات العمل الخيرى والتنموى وربطها بالمركز الرئيسى المرتبط بمؤسسات الدولة فى هذا الاتجاه.

إيلاء التمكين الاقتصادى أهمية قصوى من خلال السعى إلى نقل الفئات الأكثر احتياجاً وغير القادرة على الكسب إلى فئات قادرة لديها فرص عمل أو مشروعات صغيرة تستطيع من خلالها الحصول على عائد أو راتب شهرى يوفر لها الحياة الكريمة ويربح المجتمع والاقتصاد المصرى فى هذه الحالة وتخفف الضغط عن منظومة أو شبكة الحماية الاجتماعية وإخراج المواطنين من دائرة العوز- كما وجه الرئيس- إلى دائرة الاستغناء والقدرة على الكسب.

فى اعتقادى أنه من المهم التواصل مع الجاليات المصرية فى الخارج، والمصريين عموماً فى الخارج والتواصل مع أصحاب الاستثمارات ورجال المال والأعمال والمشروعات الناجحة والمواطنين المصريين القادرين على دعم العمل الأهلى والتنموى للمساهمة فى خدمة الوطن.. وأعتقد أن الأمر سيلقى قبولاً كبيراً من قبل المصريين فى الخارج، وأن تقوم السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة والمصريين فى الخارج بهذا الدور المهم فى هذا التوقيت الدقيق، وهناك نماذج مصرية مشرفة ومضيئة وقادرة فى كل دول العالم.

هذه الاسماء من الجمعيات والمنظمات والكيانات العاملة فى مجال المجتمع المدنى والأهلى والتنموى تحت مظلة التحالف الوطنى تستحق التحية، لكن أتمنى أن تزيد إلى أكثر من 100 جمعية ومنظمة لترتيب أولوياتنا وتحديد أهدافنا، واستهداف الفئات المستحقة وفقا لقواعد البيانات بدلاً من الجهود المنفردة التى ربما تستهدف نفس الأسر والفئات وهو الأمر الذى يدعو الجميع إلى الانضمام إلى التحالف لتنسيق وتنظيم الجهود، لذلك من المهم أن يكثف الإعلام مناقشاته وتغطياته لفكرة التحالف الوطنى وأهمية اتساع هذا التحالف لخدمة الوطن والمواطن.

الاكثر قراءة