الأربعاء 5 يونيو 2024

من قلب أكبر قاعدة عسكرية مصر تحذر أعداءه

27-7-2017 | 15:21

تحليل اخبارى يكتبه : أحمد أيوب

على مدى ست ساعات تقريبا شاركت مفتخرا فى افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية بالعلمين، كان المشهد رائعا تجسدت فيه مصر بتاريخها وقوتها وصلابتها، تجمعت فيه رؤية القيادة مع إرادة الشعب، جيش يعلن مجددا عن نفسه كحصن منيع ليس لمصر وحدها، وإنما للأمة العربية كلها، شاهدت عن قرب كيف يسعد الأشقاء العرب بجيش مصر، كيف تظهر الابتسامة على وجوههم وهم يتابعون وحوش الصاعقة ونسور الجو وأسود الكليات العسكرية وهم يظهرون أعلى درجات اللياقة والكفاءة القتالية والانضباط العسكرى الذى يطمئن الأمة على مستقبل حماتها.

اليوم التالى واجهت سؤالا من مواطن بسيط.. وهل نحن فى حاجة إلى كل هذه القواعد والأسلحة والإنفاق العسكرى؟

لم يستفزنى السؤال ولم تغضبنى طريقة من وجهه، فهو كما فهمت مواطن طحنته الظروف الاقتصادية، واستغل معاناته من لا يريدون الخير لهذا البلد ولا يتمنون لها استقرارا وصدروا له صورة كاذبة عما يجرى فى مصر، قلبوا الحقائق ولفقوا معلومات خلاصتها أن القيادة السياسية لا تعنى بالشعب ولا يشغلها معاناته وإنما كل ما يهمها أن تؤمن نفسها وتحمى كرسيها من خلال قوات قوية تملك القدرة ليس على حماية الأمن القومى المصرى ومواجهة الأعداء..وإنما على ردع وقمع المصريين حتى لا يفكروا فى مجرد الاعتراض أو الغضب.

كلمات وجمل ومعلومات مغلوطة تسمعها وكأنها «اسطمبات» موحدة، يرددها بسطاء وغلابة من الصعيد وبحرى ومناطق عشوائية وفقيرة، ومن أسف لم يجد هؤلاء البسطاء والغلابة من يصل إليهم من الحكومة أو الإعلام أو الأحزاب السياسية ليشرح لهم حقيقة الأوضاع وكذب ما يروج لهم من مجموعات مستأجرة وكارهة لإشعال غضبهم، بل تركناهم لقمة سهلة لمن يستغلهم ويشوه أمامهم كل إنجاز يظهر على الأرض، لم نهتم بهم سياسيا أو إعلاميا فوصل إليهم المتآمرون على الوطن.

من سألنى كان واحدا من هؤلاء البسطاء الذى يظهر من كلماته وانفعالاته حبه الشديد للبلد وخوفه عليها من السقوط، لكن أفكاره مشوهة ومعلوماته مغلوطة.. الذنب ليس ذنبه، وإنما ذنبنا نحن.

بدأت بهدوء شديد أشرح لهذا المواطن الخمسينى البسيط حقيقة ما تواجهه مصر، كيف أن أعداءنا موجودون على حدودنا يريدون اختراقها لذبحنا واحدا تلو الآخر، وكيف أن هناك من يتربص بنا من الشرق والغرب والجنوب ليهدد أمننا القومى ويضرب استقرار بلدنا حتى لا تأتيها استثمارات جديدة ولا يزورها أى سائح، لتزيد البطالة وترتفع معدلات الفقر ونصبح كما يخططون دولة فاشلة.

تحدثت معه عن الإرهاب الذى لا يفرق بين مواطن وآخر ولا بين ضابط ومدنى، بل يحصد كل من يقابله من أبناء الوطن، وسألته هل تعلم من وراء هذا الإرهاب وماذا يريد، هل تعلم كم ينفق أهل الشر من مليارات لدعم هذا الإرهاب وزيادة وتيرته ضد مصر؟

سألته ماذا يعلم عن المشروعات التى تقام يوما بعد الآخر، ولماذا تصر القيادة على هذه المشروعات، ولماذا تشق الطرق وتخترق الصحراء، ولماذا نبنى العاصمة الجديدة التى يعمل بها وحدها الآن عشرات الآلاف من الشباب؟

سألته ماذا كان سيصبح حال الشباب المصرى لو أننا دخلنا فى حالة الفوضى التى كانوا - ومازالوا - يريدونها لنا، فقاطعنى المواطن البسيط: لا تقل لى كنا هنبقى زى ليبيا وسوريا..

أدركت وقتها أنه لن يقبل هذا المعنى فسألته: وهل تعلم ما الذى أضرنا نحن من سوريا وليبيا والعراق.. ألم يعد إلى مصر مجبرين مئات الآلاف من الشباب والعمالة الذين كانوا يعملون فى هذه الدول.. ألم يتسبب هذا فى زيادة عدد الشباب العاطلين فى مصر، ولولا المشروعات القومية الضخمة التى تقام حاليا كنا سنواجه كارثة بسبب هؤلاء؟

قاطعنى مرة أخرى متسائلا.. ولماذا لم توجه كل هذه المليارات إلى السلع حتى تنخفض أسعارها.. لماذا لا توجه إلى المستشفيات حتى تعالج الناس.. ولأن كلام الرجل كان انفعاليا كان ردى هادئا.. وهل لو وجهت هذه المليارات إلى الأسعار والمستشفيات كانت ستهبط الأسعار.. ولو حدث فكم من الوقت كانت ستكفى هذه المليارات.. أليس من الأفضل بدلا من المسكنات أن نبنى ما ينتج لنا غذاءنا الذى نستورده بالدولارات، فيصبح لدينا غذاء محلى بأسعار معقولة.. أليس من الأفضل بدلا من أن نهدر الأموال فى مسكنات مؤقتة أن ندفعها ثمنا لمشروعات تشغل الشباب ومصانع تضيف للإنتاج وطرق تقتحم الصحراء فتخلق فرصا لإقامة المشروعات والاستثمار الجديد.. ومع ذلك فكل هذا لم يمنع أن الدولة تحاول ضبط الأسعار ومواجهة مافيا التجار فى السلع والأدوية وكل المنتجات.

هنا كانت المفاجأة عندما قاطعنى للمرة الثالثة وهو يعترف بفضل القوات المسلحة التى تجهز عبوات الأغذية وتوصلها إلى بيته، وأحيانا يذهب ليشترى من منافذها السلع بأسعار رخيصة.

قاطعته هذه المرة لأسأله.. وهل هذا دور القوات المسلحة.. فرد سريعا.. لأ.. بس هما بيحبوا البلد وخايفين علينا.

فقلت له وهل من يخاف علينا نهاجمه.. هل من يخاف علينا نغتاله ونقتله.. كيف نقبل تشويه من نعلم يقينا أنه يحبنا ويعمل لصالحنا طوال الوقت، حتى ولو كان هذا على حساب راحته بل يضحي بنفسه ويقدم روحه فداء أمننا .. صمت الرجل بعد أن قال كلمتين فقط .. ربنا يحميهم ..

هنا نعود للقاعدة العسكرية.. هل كانت رفاهية.. هل كان وراء إقامتها أسباب سياسية للرئيس..

بالتأكيد لا هذا ولا ذاك.. هى قاعدة عسكرية فرضتها الظروف التى تمر بها مصر وحجم العدائيات التى تحاصرنا من كل اتجاه، ولم يعد لنا بد عن التعامل معها إلا الحفاظ على قوة جيشنا ودعمه بكل أدوات العصر الحديث من أسلحة وتكنولوجيا ووسائل تدريب وعناصر مؤهلة على تنفيذ المهام بقوة.

رسالة القاعدة العسكرية تقول.. من ليس له قوة تحميه لن تكون له فرص فى التنمية ولا مساحة فى الاستثمار ولا قدرة على جذب الأموال.

وهنا تأتى أهمية القوة التى لا نستخدمها للاعتداء على أحد، بل قوة تردع كل من يفكر فى الاقتراب من حدود مصر أو أهلها، قوة تجبر كل من يفكر فى الشر على أن يراجع نفسه بدل المرة مليون مرة.

القاعدة العسكرية التى أطلق عليها اسم الرئيس الراحل محمد نجيب، وفاء من القوات المسلحة لقائد أدى دوره فى خدمة الوطن، لها مهام استراتيجية واضحة، ستشارك فى تأمين حدودنا الغربية التى أصبحت مصدرا واضحا للخطر على مصر بفعل ما يحدث فى الأراضى الليبية وعمليات الحشد المتعمدة للمجموعات الإرهابية والتكفيرية التى قامت بها قطر وتركيا من أجل تهديد مصر.

قاعدة محمد نجيب أيضا سيكون لها دور تنموى واضح، وهو تأمين محطة الضبعة النووية التى نراهن عليها فى مواجهة عجز الطاقة، كما ستكون لها مهام استثمارية فى تأمين منصات وآبار الغاز المصرية فى البحر، وفوق كل هذا سيكون للقاعدة مهام عسكرية، لأنها يمكنها أن تقوم فى أى وقت بتنفيذ أى مهام تطلب منها على كافة الاتجاهات، برية كانت أو بحرية أو جوية.

إذا القاعدة لم تنشأ من فراغ، ولم تكن رفاهية أو للتباهى وادعاء الإنجاز، وإنما هى ضرورة فرضتها الظروف والتحديات، ولو أردنا الدقة أكثر من هذا فإن مصر تحتاج ليس لهذه القاعدة فقط بل إلى قاعدتين وثلاث، لأن مصر بوضوح مستهدفة ومخططات إسقاطها لم ولن تتوقف والمليارات تنفق على هذا المخطط الخبيث الذى تشارك فيه قوى ودول خائنة وأجهزة مخابرات، ناهيك عن العملاء والطابور الخامس فى الداخل الذى لا يتوقف عن عملياته الإرهابية لشغل الأجهزة الأمنية وإجهادها وترهيب الشعب وتوجيه رسالة إلى العالم بأن مصر غير آمنة فلا تقتربوا منها سواء للسياحة أو الاستثمار.

لهذا.. فإن الإعلان عن القاعدة وهذا الافتتاح التاريخى لها وبحضور عدد كبير من القيادات العربية وعلى الهواء مباشرة لم يأت عفويا، وإنما كان مقصودا به أن تكون الرسالة واضحة بأن مصر تعرف أعداءها جيدا ومستعدة لمخططاتهم، بل ولديها من القوات والقدرات والأبطال من يملكون القدرة على حماية مقدرات هذا الوطن وشعبه وأرضه، فلا تفكروا فى الاقتراب ولا تتوهموا أنكم قادرون على تنفيذ مخططاتكم ضدها، قد تنجح عملية إرهابية، وقد تفلح ألاعيب التخويف للسياح وبعض المستثمرين، لكن كل هذا لن يهدم مصر ولن يحنى رأسها ولن يحولها إلى فوضى، وإنما يستطيع الشعب المصرى بصبره الذى يعرفه الجميع وإصراره على التحدى ومساندة جيشه وقيادته أن يتحدى كل هذه المخططات، والمؤكد أن الرسالة وصلت وبقوة والدليل حملات التشويه التى انطلقت فى القنوات ووسائل الإعلام المعادية لمصر ضد القاعدة وإنشائها والهدف منها، بل وصلت الحقارة إلى السخرية من إطلاق اسم محمد نجيب عليها!

عموما كل هذه المحاولات لا قيمة لها، لأن مصر تعرف طريقها وتدرك كيف تحمى نفسها وكيف تؤمن أهدافها الاستراتيجية وأمنها القومى، وكلام الرئيس السيسى كان واضحا لا يقبل التأويل، عندما تحدث من القاعدة العسكرية وهو يطلق جملته كطلقة الرصاص التى تعرف طريقها «خليك فى حالك أحسن»، والجميع يعلم معنى هذا التحذير وإلى من يوجهه الرئيس وكيف سيكون حاله لو لم يلتزم «ويخليه فى حاله»!

من قلب القاعدة العسكرية جاءت رسائل الرئيس قوية لكل من يريد العبث بأمن الوطن بأن يعيد حساباته، عندما قال:« ما تفعلونه لن يمر دون حساب»، مشدداً على أن القوات المسلحة المصرية كانت ومازالت على مر العصور الدرع الواقي للوطن ولأمتها العربية، وأن مصر صاحبة الدور الطليعي فى منطقتها وستظل عصية على كل من يحاول النيل منها أو التواطؤ عليهاـ وأن مصر لا يحميها إلا القوات المسلحة المصرية القوية ولا يبنيها إلا سواعد كل المصريين، وأن مصر جيشاً وشرطة وشعباً فى خندق واحد.

الرئيس بعث برسالة أيضاً إلى شعب المصرى قائلاً:”إن الدولة المصرية تسير فى طريق مستقيم ولديها يقين بأن الشعب المصرى لديه وعى ليميز الخبيث من الطيب ويدرك جيداً مصالحه العليا بوعى وحكمة، وأن هذا الشعب عريق وعاقد العزم على إتمام مسار الإصلاح الاقتصادى رغم قسوته لأنه يعلم أنه سيجنى ثمار التحمل والتعب، وأن الشعب المصرى هو السند الأول الحقيقى للأمة العربية في البناء والتعمير، وأنه في كل الاختبارات التي واجهته تغلب عليها على مدار السنوات الماضية من مؤامرات وحروب تحاك ضد الدولة المصرية”.