الجمعة 19 ابريل 2024

روح الجمهورية الجديدة

مقالات15-8-2022 | 22:18

 

ما بين زيارات الوزراء - الذين أنهوا مهمتهم - لزملائهم الجدد.. وملحمة المصريين في كنيسة أبوسيفين.. وبينهم الحوار الوطني.. صور عبقرية تستحق أن تزين هذا الوطن الذي بنى البشر قبل الحجر.. ونشر التسامح والتعايش والمحبة في ربوعه.. في بلد الحرية والمواطنة.. اصطف المصريون جميعاً.. وأصبحوا على قلب رجل واحد.. والهدف مصر.

روح الجمهورية الجديدة

كشفت الساعات الأخيرة عن معان جميلة ومبادئ نبيلة تليق بالجمهورية الجديدة، فقد كتبت في مقال سابق تحت عنوان «الرقي في الجمهورية الجديدة».. لكن وجدت أن الأمر يستحق كتابة حلقة «ثانية وثالثة ....... وعاشرة» عن هذه القيم المصرية الراقية، والعقيدة التي تتحلى بها مصر- السيسي، ووجدت ذلك ماثلاً في أمرين، الأول هو حال الوزراء الجدد والسابقين بعد حلف إلىمين، حيث اجتمع الوزراء السابقون مع الجدد للتهنئة في أجواء مليئة بالود والتقدير والاحترام المتبادل تجسد الوفاء، فقد أشاد الوزراء الجدد بجهود سابقيهم وإخلاصهم ونجاحاتهم وإنجازاتهم، وأنهم سيعملون على استكمال المسيرة، وتمنى الوزراء السابقون التوفيق لزملائهم الجدد.

هذه الروح الجميلة التي بدت ملامحها في زيارة الوزراء السابقين للجدد، وزراء الصحة والتعلىم العالي، اجتمعا معاً لمناقشة بعض الملفات، وزير الطيران المدني محمد منار حرص على زيارة الوزير الجديد الفريق محمد عباس، وتبادلا مشاعر الود والاحترام والتقدير للجهود السابقة والتوفيق فيما هو قادم.

أعتقد أن الصورة سوف تشهد إضافات كثيرة خلال الساعات القادمة .. بزيارات الوزراء السابقين لزملائهم الجدد..  لكنني توقفت أمام ما قاله الوزراء الجدد في حق زملائهم السابقين.. حيث قالت السفيرة سها ناشد وزيرة الهجرة والمصريين في الخارج، كلاماً محترماً في حق السفيرة نبيلة مكرم الوزيرة السابقة، وأنها حققت إنجازات كبيرة وبذلت جهوداً خلاقة وأنها سوف تستكمل هذه الجهود وأننا جميعاً نكمل بعضنا البعض.

وأيضاً تحدث الدكتور هاني سويلم وزير الري والموارد المائية الجديد، بكل احترام وتقدير عن سلفه الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري والموارد المائية السابق.

إنه تقليد محترم وأصيل يكشف عن معدن هذا الوطن في ظل جمهورية جديدة، يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يحرص دائماً على ترسيخ الأخلاق والمبادئ وقواعد الاحترام. والإنسانية والتفاني في خدمة هذا الوطن.

أتوقع اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء بالراحلين عن حكومته الذين أنهوا مهمتهم .. ومزيد من الزيارات وتسليم وتسلم بين الجدد والسابقين.

مشهد آخر يجسد عظمة مصر وشعبها..  عندما تعرضت كنيسة أبو سيفين بمنطقة المنيرة الغربية بالجيزة لحريق شَّب بأحد أجهزة التكييف بالدور الثاني من مبنى الكنيسة.. حيث انتفض المواطنون المسلمون قبل المسيحيين للنجدة والإنقاذ، ورأينا محمد إلى جوار جرجس، وأحمد إلى جانب مينا، وهو ما يؤكد أن المصريين واحد، محمد يحيى الذي يقيم بجوار الكنيسة دخل وسط النيران لإنقاذ أهله وأشقائه المسيحيين فأنقذ خمسة أطفال، وجورج الذي يبلغ من العمر 65 عاماً..  تعرض لكسر في قدمه بعد أن سقط على السلم وهو يحمل أحد المحاصرين بالنيران.

هذه الروح الجميلة والعبقرية، والحب والتسامح والأخوة بين المصريين تجلت في أجمل وأسمى معانيها في حادث كنيسة أبوسيفين.. وكيف تلاحمت جهودهم لإنقاذ أشقائهم ممن حاصرتهم النيران داخل الكنيسة..  وخرج المواطنون من سكان المنطقة والشوارع المجاورة لإنقاذ المواطنين.

هكذا عاش المصريون على مدار تاريخهم لم يعرفوا التعصب أو التشدد أو الفتن، كان التسامح والحب والوطن يجمعهم، في الأفراح والأتراح، في كل أمر يتعلق بكرامة وحرية الوطن، يتعانق «الهلال مع الصليب» في مشهد لا يحدث إلا في مصر، على جبهات القتال والدفاع عن الوطن تختلط وتمتزج الدماء، مينا وجرجس إلى جانب محمد وأحمد، في أكتوبر 1973 شفيق سدراك يستشهد إلى جوار أحمد حمدي، فؤاد عزيز غالى يقاتل إلى جوار إبراهيم الرفاعي.. الكل يذوب عشقاً في الوطن، وفي معركة الإرهاب خرج الشهيدان أحمد المنسى وأبانوب جرجس للتصدى للخونة والمرتزقة وجحافل الإرهاب التي سعت لتركيع الوطن، لم يفكر المنسي وأبانوب سوى في الحفاظ على أرض مصر الطاهرة وكرامتها.

في «الجمهورية الجديدة»، ترسخت مبادئ وشرايين التلاحم بين المصريين..  فأصبح هناك قلب كبير ينبض بالحب والتسامح والمحبة والتفاني والانصهار من أجل هذا الوطن، خاصة بعد أن رحلت «غربان وبوم» الإخوان المجرمين التي نشرت الفتن، وحاولت تغيير بنية هذا الشعب وطبيعته السمحة.. لكن المصريين تمسكوا بثوابتهم وعقيدتهم في كونهم دائماً على قلب رجل واحد.

الشدائد، تفرز المعدن الأصيل والعريق لهذا الشعب، وتكشف بوضوح عبقرية التلاحم..  والرائع في الجمهورية الجديدة أنها جمهورية التسامح والاعتدال والمواطنة والتلاحم، والشراكة في مصلحة هذا الوطن والتضحية من أجله، جمهورية يتفانى فيها المصريون ويذوبون عشقاً في هذا الوطن، ليس في حساباتهم أو أذهانهم هذا مسلم وهذا مسيحي، إنها روح عبقرية تجلت في الجمهورية الجديدة، علىنا أن نغذيها ونقويها أكثر، ونرويها بماء الحب والتسامح والعشق لهذا الوطن، ولأن العاصمة الإدارية الجديدة هي عنوان الجمهورية الجديدة، فإن مسجد الفتاح العلىم، وكاتدرائية ميلاد المسيح يتعانقان، ليرسما ملامح مستقبل هذا الوطن، ويجسدا مبادئ وقيم وثوابت وأخلاقيات الجمهورية الجديدة.

المشهدان، ما بين الوزراء الجدد والسابقين وملحمة المصريين في كنيسة أبوسيفين هى نتاج عقيدة ورؤية رئاسية، ترسخت على مدار 8 سنوات عنوانها الرئيسى اننا جميعاً نعمل لهذا الوطن، ونضحي من أجله، ونتكاتف من أجل أن يبقى حراً أبياً، وطن ندرك جميعاً أننا نستظل بظله،  ونعيش على أرضه ونأكل من خيره، ونشرب من نيله.. نتنفس فيه عبير الحرية، نمارس حرية الاعتقاد، لكننا نتفق جميعاً على أننا نعيش من أجل وطن ملكنا جميعاً.

الحقيقة أن هذا الالتفاف والتلاحم من أجل مصر أصبحت تسكن في قلوب ووجدان وعقول كل المصريين.

لكن الشعب هو الشعب.. ما الذى تغير يقينا أنها بصمة القائد الوطني الشريف العاشق لمصر وشعبها، الرئيس الذي يحرص دائماً أن يكون بين أبناء هذا الشعب.. يشاركهم أحزانهم وأعيادهم.. ويربت على أكتافهم في المحن والشدائد .. فهو الرئيس الذي يحرص على أن يكون بين بني وطنه في الكاتدرائية في أعيادهم يقدم لهم التهنئة ويطمئنهم على مستقبل هذا الوطن، بمشاعر صادقة وفياضة .. اخترقت قلوب الجميع لتبني ثوابت وقيم وإخلاص واصطفاف والتفاف وطني فريد.. ليعيد لمصر العظيمة تاريخاً مديداً من الوفرة والتفاني والتضحية من أجل مصر.

«روح الفريق الواحد»، والوطن الواحد هى التي تسود في الجمهورية الجديدة وفق مبادئ وركائز وثوابت أسس لها الرئيس السيسي لاستعادة الهوية المصرية، التي تقوم على التفاني وإنكار الذات والتسامح والمحبة والانتماء والولاء والمواطنة ولا مجال فيها لفتنة أو تفرقة أو تمييز.

أيضاً هذه الروح الجميلة التي أكدت على مبادئ الجمهورية الجديدة حين حرص الوزراء الذين أنهوا مهمتهم على لقاء وزيارة الوزراء الجدد تشير إلى ان الجميع في مركب واحد من أجل الوطن، الجميع لديهم الروح والطاقة الايجابية المتدفقة التي استشرت في ربوع هذا الوطن، لتمثل كتلة صلبة في مواجهة أى تحديات أو صعاب أو محن أو شدائد نستظل جميعاً بحب الوطن والاصطفاف من أجله.

لم يكن هذا التلاحم الذى بدت مظاهره وملامحه فور وقوع حادث كنيسة أبوسيفين من فراغ أو صدفة..ولكن نتاج عمل ووعى وفهم ونوايا طيبة وحسنة رسخها قائد وطنى شريف.. لم يكن جيران الكنيسة من المسلمين الذين هبوا لنجدة وانقاذ أشقائهم داخل الكنيسة أمراً جاء من محض الصدفة ولكنه انعكاس لعلاقة أزلية ترسخت في القلوب بين أبناء الوطن الواحد.

هذه الروح المصرية التي ترفرف في سماء وربوع وجنبات وأرجاء الجمهورية الجديدة قادرة على عبور أى أزمات أو محن أو شدائد ليست من صنع أيادينا ولكن فرضتها تداعيات الأزمة العالمية الطاحنة والقاسية أو جاءت من عقود ماضية، فمصر تمضى على الطريق الصحيح، لا نقول انه لا توجد أزمات ومشاكل ولكن لدينا روح وعزم وإرادة ورؤية وطريق نجاح امتلكنا مفرداته وخبراته ليصبح دليلاً دائماً للنجاحات والإنجازات.

 

روح «الجمهورية الجديدة» ربما تكون امتداداً مشروعًا لروح أكتوبر.. فالاتفاق بينهما في حالة التلاحم والاصطفاف والتفاني والولاء والانتماء.. لكن روح الجمهورية الجديدة تتسم بخصوصية شديدة بأنها تتصاعد وتتوهج وتحقق أهدافها المخططة دون أي تفريط أو تنازل.. الثابت أن هناك قواسم مشتركة بين روح أكتوبر، وروح الجمهورية الجديدة في العمل الدءوب والصبر والتضحية والعلم وتعظيم القدرات وتحويل الانكسارات إلى انتصارات واصطفاف وطني.. وهو ما أدى إلى تحقيق المعجزة في أعظم انتصار عسكري في ملحمة العبور، وأعظم تجربة ملهمة في البناء والتنمية والتقدم أفضت إلى تأسيس الجمهورية الجديدة التي تجاوزت أخطر التحديات والتهديدات وأبرزها الإرهاب في تزامن فريد مع ملحمة البناء والتنمية في كافة ربوع البلاد وفي كافة المجالات والقطاعات.

هذه المشاعر والمبادئ والمبادرات الطيبة التي حملها الوزراء الذين أنهوا مهمتهم لزملائهم الجدد وتبادل الاحترام والأمنيات بالتوفيق وإبداء الاستعداد للتعاون في أى وقت من أجل مصلحة مصر.. هذا التلاحم المتدفق الذى بدا في أرجاء كنيسة أبوسيفين لا تستطيع أن تفرق فيه بين مسلم ومسيحى انهم المصريون هبوا وانتفضوا لنجدة وانقاذ إخوانهم، الذين حاصرتهم النيران، ولعل ما قدمه المواطن محمد يحيى جار الكنيسة من بطولة وشهامة ووطنية نجح في انقاذ خمسة أطفال وانقاذ عم جورج ثم سقط به على السلم فانكسرت قدم محمد، والقساوسة الأفاضل يقومون بزيارته والاطمئنان علىه وتقديم التحية له.. هذه الروح المصرية تحتاج البناء علىها أكثر وأكثر لتتصدى بقوة وشجاعة لسهام الفتن الغادرة وللأسف من قلة قليلة من المصريين يعيثون في الأرض «فساداً وهلساً» أعمتهم الثروات والأموال فراحوا ينهشون في الوطن.. ويحاولون إشعال الفتن، وبعد ان أصيبوا بالعمى وأصابتهم تخمة المال بالغرور.. أطلقوا العنان لكلام وأكاذيب بـ«تنطع» وابتذال وتدنٍ يتماشى مع سلوكياتهم المتصابية والمراهقة التي لا تحمل أى معنى لاحترام السن أو السمعة، لكن دعك من هؤلاء الذين ألقوا بأنفسهم في أحضان الشيطان وأضمروا للوطن مشاعر الكراهية والحقد الدفين رغم انهم ينعمون في خيراته وأمنه واستقراره.

مصر بلد ووطن التسامح والتعايش والإخوة لا أقول بين مسلم ومسيحى ولكن بين المصريين جميعاً، فلا تمييز ولا تفرقة على أساس دينى مصر لم ولن تعرف ذلك أبداً.. تظلها حرية العبادة والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، المسجد بجوار الكنيسة في المدن الجديدة تراهما متعانقين في الأحياء القديمة متجاورين.. في التاريخ والكفاخ والنضال الوطنى من أجل مصر تراهما معاً.. فهذا الهلال يعانق الصليب في وجه كل غاشم ومحتل ومستعمر وخائن لا مكان بيننا إلا للمخلصين الأنقياء العاشقين لهذا الوطن.

لا تحسبن أيضاً منصب الوزير رفاهية أو قضاء وقت سعيد، بل هو مسئولية جسيمة في مصر.. فالوزير لا يعرف إلا العمل والكفاح والنضال،لا نوم فيه، ولا وقت إلا للإنجاز والنجاح، فالرئيس يقول: «انا بحرق الحكومة معايا» .. والرئيس نفسه لا ينام من أجل بناء هذا الوطن، يتابع ويلتقى ويتجول ويتفقد لا يعرف الإجازة أو الراحة، يبذل جهوداً غير مسبوقة على صعيد الداخل والخارج الوزارة ليست للمتعة أو الرفاهية أو الوجاهة بل انصهار كامل في بوتقة العمل على مدار إلىوم، لا تحسدوهم بل ادعوا لهم بالتوفيق وقدموا الشكر لمن غادر الحكومة، وساندوا من تولى وعين وزيراً في ملفات مهمة في توقيت صعب ودقيق يموج فيه العالم بالمتغيرات والأزمات، وشعب تجازو الـ100 مليون نسمة، وحلم يتحقق في وطن متقدم آمن مستقر يحقق آمال وتطلعات المصريين ويوفر لهم الحياة الكريمة.

فخور بهذه الروح المصرية التي تسرى في جسد الأمة «المصرية العظيمة» والتي أرساها الرئيس السيسي على ركائز العطاء والوفاء والتضحية والعمل والعدل والمساواة والمواطنة والتعايش والتسامح والاصطفاف.. لمواجهة أى تحديات هذه الروح التي تجلت على مدار 8 سنوات وتوهجت خلال الأيام الماضية في التفانى والمحبة والاصطفاف بين المصريين، جديرة بأن تستحوذ على اهتمام ورعاية الإعلام فقد بدت واضحة بين تلاحم وتضافر مؤسسات الدولة في تعاونها وتقاربها وتطبيقها لروح الفريق الواحد، وانتفاضتها في اتجاه كنيسة أبوسيفين لترى مشاهد القساوسة والمشايخ، وجموع المصريين لدعم ومساندة بعضهم البعض هى صورة عبقرية جميلة تستحق أن تزين الجمهورية الجديدة التي هى ملك لجميع أبناء هذا الشعب.. تنتظر منهم المزيد والمزيد من الاصطفاف والوحدة والتلاحم والتكاتف في مواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر.

«روح الجمهورية الجديدة» تتجسد في الحوار الوطنى الذى يضم مختلف أطياف وفئات المصريين وإن اختلفت رؤاهم وتوجهاتهم السياسية لكنهم جميعاً اتفقوا على مصلحة الوطن وإعلاء شأنه، فلا مجال إلا للحوار والنقاش وتبادل الرؤى ووجهات النظر حول حاضر ومستقبل هذا الوطن، يتفانى الجميع وإن اختلفوا فكرياً وسياسياً في خدمة مصر تحت شعار الوطن يتسع للجميع، تشغلنا قضاياه وتحدياته، نجلس سوياً نتباحث ونتدارس شواغله، ونخطط من أجل مستقبله، فالاختلاف من سنن الكون لكن المهم كيفية إدارة الاختلاف فيما يصب في مصلحة مصر وشعبها.

في الجمهورية الجديدة لا إقصاء لأحد، ولن يشارك في الحوار الوطني الذي يجمع شرفاء المصريين وإن اختلفوا، لكن من تجاوز حدود الأدب ومارس الخيانة، ورفع السلاح في وجه الوطن وأرهب هذا الشعب، وهدد أمنه واستقراره أو تعاون وتحالف مع أعدائه، فهؤلاء لا وجود لهم بيننا.

 

تحيا مصر