أكدت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية أن كوريا الجنوبية تسعى لإغراء كوريا الشمالية لنزع سلاحها النووي عبر حزمة اقتصادية لإنعاش اقتصادها "المدمر" جراء عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وأشارت دورية "ذا ديبلومات" المتخصصة في الشئون الآسيوية - في تقرير - إلى عرض رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول على بيونج يانج "مبادرته الجريئة" لدعم إحياء اقتصادها بمجرد أن تتخذ خطوات نحو نزع السلاح النووي، إذ قال يون في وقت سابق الأسبوع الجاري: "نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية أمر ضروري لتحقيق سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية"، مؤكدًا أن بيونج يانج هي الفاعل الرئيسي الذي يجب أن يكون مسئولاً عن نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
وبينت "ذا ديبلومات" أن رئيس كوريا الجنوبية قدم تفاصيل قليلة عن عرضه الاقتصادي "الجريء" لكوريا الشمالية إذا أظهر تقدمًا جوهريًا نحو نزع السلاح النووي، لافتة إلى أن رئيس كوريا الجنوبية أثار الفكرة لأول مرة في خطاب تنصيبه في مايو الماضي، بقوله: "المبادرة الجريئة التي أتصورها ستحسن بشكل كبير اقتصاد كوريا الشمالية وسبل عيش شعبها على مراحل إذا أوقفت تطوير برنامجها النووي وشرعت في عملية حقيقية وموضوعية لنزع السلاح النووي.. سنقوم بتنفيذ برنامج غذائي واسع النطاق وتقديم المساعدة للبنية التحتية لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها؛ وتنفيذ مشاريع تحديث الموانئ والمطارات للتجارة الدولية.. سنساعد أيضًا في تعزيز الإنتاجية الزراعية لكوريا الشمالية، ونقدم المساعدة لتحديث المستشفيات والبنية التحتية الطبية، وتنفيذ الاستثمار الدولية ومبادرات الدعم المالي".
وأوضحت "ذا ديبلومات" انه خلال الأشهر القليلة الماضية ، ظلت "المبادرة الجريئة"، وهي نهج إدارة يون لإغراء بيونج يانج للعودة إلى طاولة المفاوضات، غامضة مع وجود مناطق رمادية، لكن مؤخرًا كشف يون أكثر قليلاً عن هذه الحزمة الاقتصادية بشروط مسبقة.
وألقت الضوء على أن المبادرة تشمل التبادل الاقتصادي لموارد كوريا الشمالية ، مثل المعادن والمواد النادرة، وتخطط سيول بدء لجنة التنمية الاقتصادية المشتركة بين الكوريتين من أجل التعاون عندما يتوصل البلدان إلى اتفاق شامل بشأن عملية نزع السلاح النووي، كما ألمحت سيول إلى أنها يمكن أن تنسق لرفع العقوبات جزئيًا إذا اتخذت كوريا الشمالية خطوات نحو نزع السلاح النووي، في ظل تدهور اقتصاد كوريا الشمالية بسبب عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، فيما يرى خبراء خارجيين أن يون تشاور مع واشنطن قبل الكشف عن تفاصيل "مبادرته الجريئة".
في ذات السياق، نائب مستشار الأمن القومي الرئاسي وصف كيم تاي-هيو، المبادرة بأنها "اقتراح جريء" مشيرًا إلى إمكانية تنفيذها "في مرحلة مبكرة من المفاوضات" إذا أبدت كوريا الشمالية موقفًا صادقًا نحو نزع السلاح النووي.
وأعادت "ذا ديبلومات" للأذهان أن رؤساء كوريا الجنوبية السابقون قدموا مقترحات مماثلة تجاه بيونج يانج منذ أواخر التسعينيات، وعادة ما تعرض الحكومات المساعدات الإنسانية بشكل استباقي، حتى قبل أن تتخذ بيونج يانج أي خطوات نحو نزع السلاح النووي ، في محاولة لإعادة بناء العلاقات بين الكوريتين وتحسينها.
ولفتت إلى أن كوريا الشمالية أثبتت أنها لن تتخل عن أسلحتها النووية من خلال إجراء أول تجربة نووية لها في عام 2006، ومنذ ذلك الحين، أوقفت الحكومات الكورية الجنوبية المحافظة دعمها لجارتها الشمالية وعززت قدراتها الدفاعية للتعامل مع القوة النووية المتزايدة، كما سعى كل من لي ميونج باك وبارك كون هيه، وهما رئيسان محافظان سابقان، إلى فتح حوار حول البرامج النووية لبيونج يانج ، لكنهما أخفقا في إغراء كوريا الشمالية بتفكيك ترسانتها النووية، والآن، وبعد 5 سنوات من عملية السلام التي قام بها الرئيس الكوري الجنوبي السابق مون جاي إن، يبدو أن يون، وهو رئيس محافظ آخر، يتمسك بمبادرته كخيار أساسي لمواجهة التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، وبرصد التصريحات الأخيرة للزعيم كيم جونج أون وشقيقته القوية كيم يو جونج، قد لا تفكر بيونج يانج حتى في هذه المبادرة، كما لم تنشر وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة في كوريا الشمالية أي رد أو تقرير عن المبادرة، وتوقعت دورية "ذا ديبلومات" أن تلتزم الصمت أو تصدر بيانًا قاسيًا من كيم يو جونج أو مسؤولين آخرين لتبرير تجارب الصواريخ كرد على مبادرة سيول.