الأربعاء 29 مايو 2024

يوضح حقيقة أكذوبة مسرح الستينيات .. المخرج عصام السيد: لولا ثورة يوليو ما كان جيل الستينيات

28-7-2017 | 13:20

حوار : حاتم جمال

«التاريخ يكتبه المنتصر».. جملة قالها المخرج المسرحي عصام السيد في أحد عروضه فتحت بابا للحوار حول مسرح الستينيات «نتاج الثورة» بكل ما به وما عليه وتطرق الحديث لماهية مسرح الستينيات وهل هو أكذوبة أم حركة مسرحية متكاملة؟وهل خلق تياراً فكرياً علي كافة المستويات أم كان أداة وبوقا دعائيا للنظام؟ لماذا صنع مجد مجموعة من الكتاب والمخرجين والمبدعين وزج في السجون بأقرانهم؟حوار عصام السيد كان حكما علي مرحلة شائكة من تاريخ الفن المصري كشف العديد من الجوانب المسكوت عنها وإلي نص الحوار...

هل مسرح الستينيات أكذوبة أم حركة مسرحية ناجحة؟

مسرح الستينيات له مميزاته كما أن له عيوبه ولا يمكن التعميم بأنه كان متميزا بنسبة 100% أو العكس، الميزة في مسرح الستينيات أنه كان بمثابة حركة اهتمت بالجمهور ورصدت طموحاته وأحلامه وساعد في بناء الوطن وأفرز كتاباً ومخرجين كباراً والدولة كانت مهتمة بالمسرح وبكافة الفنون، فالظرف التاريخي ساهم في خلق مكان هام للثقافة داخل نسيج المجتمع وليس معني هذا أن مسرح الستينيات بلا عيوب وفي لحظات كان يهتم بالكم علي حساب الكيف فعندما بدأ مسرح التليفزيون اعتمد علي أربع فرق ثم أصبح عشر فرق هذه الفرق كانت تهتم بالكم فقط لتغطية أجواء من الارسال الإذاعي وقتها وفي نفس الوقت تم تهميش فرق الهيئة فكانت أربع فرق تعاني من نقص الموارد وقلة الميزانيات الأمر الذي جعل نجومها يتجهون لمسرح التليفزيون ذى الأجور المرتفعة والميزانيات العالية.. ولا أنكر أن الدولة كانت متأرجحة بين الكم والكيف حسب من يتولي المسئولية فعندما كان عبدالقادر حاتم المسئول عن المسرح كان الاهتمام بالكيف علي حساب الكم وكان الاهتمام منصباً علي مسرح التليفزيون وفي عهد ثروت عكاشة انصب الاهتمام علي الكيف فضلا عن أن مسرح الستينيات لم يقتصر علي العروض المسرحية فقط بل اعتبره حركة كاملة في كل المجالات من إصدار مطبوعات وندوات وإصدارات مسرحية وارسال بعثات ونشاط لحركة الترجمة، لذا دائما تردد مسرح الستينيات.

ألا تري أن من صنع مسرح الستينيات امتداد لجيل الأربعينيات ؟

أولا: لولا ثورة يوليو 1952 لما وجد جيل الستينيات أو حتي أخذ فرصته في الظهور لأن الثورة هي من أنشأت الفرق الحكومية فلم يكن المسرح يعرف سوي فرقة واحدة وهي المسرح القومي، وباقي المسارح قطاع خاص والدولة من بادرت بإنشاء أربع فرق وصنعت حركة بكل ما تشمله الكلمة.

 

ثانيا هذا الجيل لولا الثورة لما ظهر إبداعه أو حتي تكوّن وأخذ الفرصة.

ولكن الدولة استخدمت السلاح الناعم في نشر أهدافها حتي لو كانت تضليلاً للشعب وأبرز مثال الأسلحة الفاسدة.

فيما يخص التاريخ الحديث والمعاصر مازلنا في اشكالية كل يوم أننا نكتشف أمورا وبعد قليل نكتشف خطأها، اليوم نتكلم عن الأسلحة الفاسدة ولا أعلم من أين جاءت ونحن طول عمرنا نثق في وجود أسلحة فاسدة، التاريخ المعاصر صعب كتابته أثناء حدوثه ونحتاج الإفراج عن كثير من الوثائق المحبوسة فقد مضي علي الثورة أكثر من 60 عاما ولا نعرف الحقيقة.. نحن نختلف عن الولايات المتحدة التي تفرج عن وثائقها السرية بعد 50 عاماً.

وكيف استغلت الثورة السلاح الناعم وخاصة في المسرح؟

الثورة استغلت كل اسلحتها ، عبدالناصر صنع الراديو الترانسيستور ليصل لأصغر بيت في أصغر قرية بمصر دون كهرباء فهو يعمل بالبطاريات وصنعه رخيص الثمن لبناء مجتمع وليس مجدا شخصيا وإن كانت هناك اخطاء في ثورة يوليو كان لابد من إصلاحها ولكن تم هدم كل ما صنعه عبدالناصر في عهد السادات واعتبر تجنيد السلاح الناعم لخدمة مصالح الثورة ذكاء من الحاكم حتي المسرح استخدم.

يعاب علي مسرح الستينيات قلة الإنتاج للأعمال الناجحة.. ما ردك؟

فترة الستينيات انتجت عروضاً كثيرة لكن الناجح منها كان قليلا وأبرز مثال علي هذا مسرح 1963 و1964 المسرح القومي قدم تسع مسرحيات لم تنجح سوي «الفرافير» وليس معني هذا أن باقي العروض فشلت لا... كانت هناك ظروف أخري فهناك عروض عرضت عشرة أيام وأغلقت ليعاد عرض «الفرافير» وهنا لا يمكن أن نقول إن مسرح الستينيات ناجح أو فاشل بالكامل.

ماذا عن مسرح الاتجاه المعارض في الستينيات ولماذا لم يظهر هذا الاتجاه وتم وأده؟

لم يكن هناك أي اتجاه معارض في مسرح الستينيات والاتجاه المعارض الوحيد كان الإخوان المسلمين الرافضين كل شيء حتي الشيوعيون في المعتقلات كانوا يضربون ويسحلون ويهتفون باسم عبدالناصر وأبرز مثال شهدي عطية الذي توفي فى المعتقل وهو يعذب وكان يهتف باسم عبدالناصر، اليسار كان يعرف جيدا أن هناك قائدا يتجه بالدولة إلي طريق التحرر والتنمية وبين خلاف أيديولوجي بينه وبين ناصر .. وللعلم ناصر لم يسجن اليسار كله بل سجن فقط اليسار المنظم الذي يمتلك أحزاباً فهو كان رافضا للأحزاب ويريد أن تكون مصر حزبا واحداًً فقط ولم تكن هناك معارضة ضخمة، المعارضة بدأت في عهد السادات.

ولكن مسرح الستينيات قضي علي مسرح القطاع الخاص وأغلقت فرق كبري؟

لم يكن القطاع الخاص محجما كما يظن البعض ولكن الظرف كان غير مهيأ لانتعاشه، فالتذكرة في القطاع العام كانت 59 قرشا وهو مبلغ صعب أن يتوافر في القطاع الخاص كما أن كل النجوم الكبار للمسرح عملوا في مسارح الدولة فبمن سينافس كما أن النجوم كانوا يعملون بالسينما صباحا والمسرح مساء وأحياناً في الإذاعة ومن الصعب عليهم تكوين فرق وعندما بدأت موجة الارتداد للسادات بدأت تظهر عروض مثل «يحيا الوفد» و«محطة الأتوبيس» وغيرهما من العروض الخاصة.

ومع هذا كان بداية ظهور الكباريه السياسي في نهاية الستينيات؟

بعد النكسة 67 ظهر هذا المصطلح وأذكر أن أول عرض كباريه سياسي قدم في جامعة القاهرة ويعد من أشهر العروض للراحلين نبيل بدران وهاني مطاوع بعنوان «البعض يأكلونها والعة» هذا العرض حقق نجاحاً مدويا مع أن كل أبطاله طلاب جامعة ومن هنا نستشف وجود حرية في عهد عبدالناصر الذي صرح بعرض «شيء من الخوف ومينا مار» مع أنني أفاجأ الآن بكلام يقال علي عهد عبدالناصر من قمع الحريات، علي عكس السادات الذي منع مؤلفين بالاسم من تقديم روايات لهم منهم «برخت» وعرض «يوليوس قيصر» لشكسبير فكان ممنوعا تقديمهما علي المسرح لأنهما تتحدثان عن الديكتاتورية.

لماذا لم يفرز جيل الستينيات تلاميذ ينعشون المسرح؟

لأن الظرف التاريخي تغير في السبعينيات، فقد ظهر التليفزيون وأصبحت الدراما التليفزيونية عنصر جذب للكتاب والمخرجين وأجرها أعلي، فهجر المسرح وتحول المجتمع كله من منتج لمستهلك يعيش علي ثقافة «التشيكليتس» بمجرد أن تنتهي حلاوة اللبانة ترميها هكذا تحول الفن.

لو عقدنا مقارنة بين مسرح الثورة والفترات التي تلته من عبدالناصر والسادات ومبارك كيف تقيمها؟

عصر مبارك كان به قمع من نوع آخر وهو «هو هو زي ما أنت عايز» أو بالأحري الكلاب تعوي والقافلة تسير أما السادات فكان يقمع ويفصل عددا كبيرا من الكتاب وكان يحول كتاباً آخرين لوزارات أخري مثل وزارة التموين فمن يقول إن نعمان عاشور وصلاح حافظ يتركان وزارة الثقافة لوزارات أخري وأذكر عام 1971 كتب مجموعة تصل 101 كاتب ومفكر عريضة للسادات للسؤال عن الحرب بعد أن قال عام الحسم وعلي رأسهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ.. المائة كاتب منعوا من الكتابة باستثناء نجيب والحكيم لشهرتهما أما ناصر فصنع حركة مسرحية.