الخميس 27 يونيو 2024

ماذا قدمت الثورة للفن؟

28-7-2017 | 13:31

قدمت الثورة الكثير للفن والفنانين سواء علي مستوي الإنتاج السينمائي أو الموسيقي أو إنشاء معهد متخصص للمسرح. والفنانون بدورهم أقاموا العديد من الحفلات وشاركوا في" قطار الرحمة" لجمع التبرعات منذ قيام الثورة.

«لكواكب" كعادتها رصدت كل تلك الأمور على صفحاتها، هذا بجانب مفاجأة العدد مقال بقلم الفنانة الكبيرة ليلي مراد تروي بنفسها ذكرياتها يوم قيام الثورة..

سنوات الثورة الثماني الماضية تمثل في حياة الفن عندنا فترة ذهبية خالدة فقد استطاعت الثورة بما اخذته علي عاتقها من النهوض بكل مرافق الأمة أن تأخذ بيد الفن وأن تضيف إليه الكثير من الامكانيات الضخمة التي تمكنه من المضي في طريق التطور بأقدام ثابتة....

كانت أول الأعمال المجيدة التي قامت بها ثورتنا الخالدة لخدمة الفن هو انشاء وزارة الثقافة والارشاد تلك الوزارة التي رسمت الخطوط العريضة لكل المشروعات الفنية وبثت الوعي الفني بين مختلف طبقات الشعب العربي.

وفي فترة وجيزة جدا استطاعت وزارة الثقافة والارشاد أن تقفز بالفن قفزات باهرة وأن تحدد الطريق أمام الفنانين العرب ليتجهوا برسالتهم لخدمة الشعب كله وخدمة الأهداف القومية والوطنية.

السينما

ففي ميدان السينما كان هدف الثورة منذ البداية هو مساعدة السينما والأخذ بيدها فصدر قانون المساعدة الذي كونت بمقتضاه مؤسسة دعم السينما وقد بدأت مؤسسة دعم السينما بعد تكوينها تمد يدها إلي المنتجين المعروفين لتساهم معهم في إنتاج أفلام كبيرة تحقق أهداف الثورة في الميادين الاجتماعية والعربية مثل «الناصر صلاح الدين» و«واسلاماه» بل بدأت تلعب دورها في مساعدة صناعة السينما وتقويتها ويتضمن برنامج مؤسسة دعم السينما إصدار تشريع منظم للعمل في الحقل السينمائي وتطهيره من الدخلاء عليه وتمكين المنتجين العرب القادرين علي الإنتاج من تأدية رسالتهم الفنية وإعادة تنظيم الاستديوهات العربية بحيث تتمكن من تلبية الاحتياجات الفنية الحديثة لإنتاج أفلام مشرفة وتتجه نية الدولة إلي الاكثار من انتاج الأفلام القصيرة وانشاء المكتبات السينمائية وإنتاج أكبر عدد ممكن من الأفلام التوجيهية والتسجيلية وتعميم دور العرض في انحاء الجمهورية العربية المتحدة وقد رصدت الجوائز السنوية للمتفوقين في الميادين السينمائىة وارتفع المبلغ المرصود لها إلي 50 ألف جنيه.

ولعل أول المشروعات الجديرة بالذكر في هذا المجال هو مشروع إنشاء معهد السينما وبعد ثلاث سنوات ستتخرج الدفعة الأولي في المعهد العالي للسينما ويقف في الاستديوهات العربية جيل جديد من السينمائيين المزودين بالثقافة والمعرفة و التجربة السينمائية ولا شك أن هذا الجيل الجديد المثقف سيلعب دورا هاما في تاريخ صناعة السينما العربية.

وقد اتخذت خطوات في سبيل إقامة ستديو سينمائي كامل المعدات حديث الآلات يضم معملا للألوان وسيلحق بمعهد السينما لكي يتدرب فيه الطلبة ولكي تصور فيه كل الأفلام التي توصي الجهات والمصالح الحكومية بإنتاجها وستنتهي إقامة هذا الاستديو في خلال عام علي الأكثر.

المسرح

ولم تكن عناية الثورة بالمسرح أقل من عنايتها بالسينما فكونت مؤسسة لدعم المسرح وفنون الموسيقي واعتمدت لها ميزانية ارتفعت إلي 350 ألفا من الجنيهات والتخطيط الذي تلتزمه مؤسسة دعم المسرح يتضمن الخطوات التالية للنهوض بالمسرح والفنون الملحقة به.

- توفير دور المسرح وتشجيع التأليف العربي للمسرح والعناية بالتعليم المسرحي.

- نشر الوعي الفني خاصة في المدارس والجامعات وتدريس أدب المسرح ضمن المناهج الدراسية للتعليم العام.

- تنظيم العروض المسرحية التي تقدمها الفرق الكبري بحيث تشمل سائر المدن والأقاليم.

- توزيع الجوائز السنوية علي المتفوقين في فنون المسرح تشجيعاً لهم.

وقد قطعت مؤسسة دعم المسرح شوطا كبيرا في سبيل تنفيذ أهدافها فأقامت مسابقة المسرح وأقامت المسارح الجديدة كمسرح محمد فريد ومسرح 26 يوليو ومسرح الجمهورية وكونت فرقة مسرح عرائس القاهرة والمسرح الإقليمي وساعدت الفرق الجديدة كفرقة عبدالرحمن الخميسي وإعارتها مسرح محمد فريد لما تعمل عليه.

وأصبح للمسرح معهد يدرس فنونه وهو معهد الفنون المسرحية وكان هذا المعهد قبل ذلك اسمه معهد التمثيل العالي وكانت الدراسة فيه مسائىة ورغم المجهود الذي بذله هذا المعهد في تخريج طائفة من الممثلين الممتازين إلا أنه لم يكن يحقق الهدف المطلوب منه ولهذا قررت الوزارة أن تجعله علي مستوي المعاهد العليا في مناهج الدراسة وقررت أن تجعل الدراسة فيه نهارية يدرس فيها الطلبة فنون التمثيل وما إليها دراسة واعية ولقي فن الباليه عناية كبيرة إذا أنشئ له معهد خاص تلحق به الطالبات ليتعلمن هذا الفن علي أسس رياضية وعلمية وفنية سليمة.

وعنيت أيضا بالدراسة الموسيقية عناية كبيرة فأنشأت فرقة الكورال التي يتلقي فيها الطالبات والطلبة ذوو الأصوات الجميلة القوية دراسات فنية تصقل مواهبهم وتهذب استعاداتهم تهذيبا فنيا سليما.

وكان للفن الغنائي المسرحي نصيب كبير من اهتمام الثورة فأنشأت فرقة الأوبريت عام 1956 وقدمت الفرقة أول ما قدمت أوبريت «ليل ياعين» الذي يعتبر من الأعمال الفنية الخالدة ثم قامت حرب قنال السويس ووقع العدوان الآثم علينا فتوقفت أعمال هذه الفرقة جانبا من الوقت علي أن الثورة لم تنس هذا الفن ففي سنة 1959 عادت فكرة بعث هذه الفرقة من جديد وتم فعلا اعتماد ميزانية لها وشرعت في مباشرة نشاطها بالاستعداد لتقديم أوبريت «ثورة بلدنا».

الموسيقي

كذلك تحتل الموسيقي جانبا كبيرا في ميادين التخطيط الثوري إذا تتجه النية إلي تعميم التعليم الموسيقي وإحياء التراث الموسيقي القديم وإنشاء النوادي الموسيقية وإقامة الحفلات الموسيقية والثقافية وإرسال البعثات إلي الخارج لدراسة الموسيقي بل أقامت الدولة المعهد القومي العالي للموسيقي «الكونسرفتوار» علي أن هناك جهودا موفقة تبذلها الدولة للبحث عن فنون الموسيقي الشعبية الأصيلة وحفظ تراثها وتنميته بالدراسات العلمية.

الأدب

ويأتي دور الأدب وما أكبر المكانة التي يحتلها الأدب من صدر مشروعات الثورة للنهوض بالفنون لقد أصدرت الثورة قانون حماية الملكية الأدبية وبهذا ضمن كل أديب حقه في إنتاجه الأدبي ونصيبه المشروع في استغلال هذا الإنتاج وانشأت المجلس الأعلي لرعاية الآداب والفنون وحملته مسئولية تخطيط النشاط الأدبي لاجيال قادمة فنظم المجلس المسابقات الأدبية للكشف عن المواهب الأدبية المغمورة ورصد لهذه المسابقات جوائز كبيرة ونظم المهرجانات الأدبية ودافع عن حقوق الأدباء والكتاب.

ويتضمن برنامج المجلس الأعلي لرعاية الآداب والفنون خطوات إيجابية فعالة تستهدف تمكين الأدباء العرب من الاستمرار في دورهم التوجيهي نحو الخير والمحبة والسلام والمساهمة في بناء المجتمع الاشتراكي الديمقراطي التعاوني .

الفنون التشكيلية

وتستهدف حكومة الثورة أيضا تنمية الروح القومية في الفنون التشكيلية النحت والتصوير وما إليها وذلك بنشر الثقافة الفنية بالمؤلفات والمسجلات والأفلام والمعارض والدعوة إلي رفع الذوق العام وتجميل دور الحكومة والأماكن العامة بالفن وما قانون التفرغ إلا دلالة واضحة علي رغبة أكيدة من الثورة في الأخذ بيد الفنانين والكتاب والادباء أن مستقبل الفن يتجه إلي الازدهار والتفتح.... والسنوات القليلة القادمة وسياسة التخطيط التي وضعتها الثورة للفن ستتيح الفرصة لتنمية الوعي الفني وتمكين الفنانين من تأدية دورهم البنائي في الحياة العامة.

الكواكب 469 - 26 يوليو 1960