أكد الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، أن علماء الأوقاف بالمحافظة أكدوا في خطبة الجمعة، اليوم، التي جاءت بعنوان “المسئولية دينية ووطنية ومجتمعية وإنسانية”، على المسئولية الكبرى الملقاة على عاتق جميع أبناء المجتمع تجاه الله والوطن وواجب كل فرد منا نحو تحمل تلك الأمانة العظيمة.
وأوضح العجمى أن الشريعة الإسلامية جعلت الإنسان مَسؤولاً، وحمَّلته الأمانة والحفاظ عليها ورعايتها، وجعلتْ ذلك له تكريمًا وتشريفًا إن أحسن القيام بأعبائها وأدى حقَّها؛ قال المولى في كتابه الكريم: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، نعم خليفة في الأرض من أجلِ عمارتها بطاعة الله وعبادته وحده ولا شريك له، والعمل الصالح والإحسان إلى الخلق، ورتَّب على ذلك الدرجات العليَّة، والمقامات السَّنية في الحياة الدنيا مِن الحياة المطمئنة السعيدة، والفلاح والفوز في العُقبى.
وتابع العجمى بقوله لقد جعل الإسلام الإنسان مسؤولاً منذ بلوغه سن التكليف؛ وهو الرابعة أو الثالثة عشرة، ويَستمرُّ ذلك التكليف ما دام القلب ينبض، والعقل يعمل، حتى يفارق هذه الدنيا ويرحل عنها؛ ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، والتكليف والمسؤولية لا يَسقطان عن الإنسان ما دام عقلُه حاضرًا، وفي جسده روح ويتنفَّس.
وإنَّ مَسؤولية حمل الأمانة والحفاظ عليها لا يقتصر على التكاليف الشرعية، والعبادات المفروضة، والشعائر التعبدية؛ كالصلاة والحج والصيام والزكاة، مع عِظَم شأنها ورفعةِ مَقامها، بل تشمل علاقة الإنسان بأخيه الإنسان أيضًا، وتَعامُله مع الخلق أجمعين على أساس العدل والرحمة والهداية؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، فالإنسان مسؤول عن تصرفاته وأعماله تجاه ربه وتجاه الآخرين.
واستشهد العجمى بأن قدوتنا في تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات والصعوبات هو الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ومن يَستقرِئ سيرته العطرة، ويتأمل مسيرته الطيبة المباركة في تعامله وصبره ودعوته، وفي حلمه وجهاده وتحمله، وسائر ما تميز به مِن أخلاق وآداب، وشمائل وصفات - يَجد أنه المثال الحي، والقدوة الصالحة، في تَحمُّل الأمانة ورعايتها، وأنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان على قدْرِ المسؤولية، كيف لا وقد زكاه المولى فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وقال المولى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]؟!
ووجه العجمى حديثه للمجتمع قائلا نحن علينا مسؤوليات جسام، ومهام عظام، في التحلِّي بالأخلاق الفاضِلة والآداب السامية في الدعوة والإرشاد، التي تعكس صورة الإسلام التي نزَل بها الوحي على قلب الحبيب سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم، فلا يجوز أن نَحيد عن ذلك المسار، أو نتَّجه إلى غير ذلك الطريق، مهما واجهتْنا الصعوبات أو التحديات، وتلقَّينا مِن أعدائنا الشتائم والمسبات.
واعلموا أن صور تحمُّل المسؤولية في حياتنا اليومية عديدة، وأنواعها كثيرة، وأبوابها متنوِّعة؛ مسئولية الانسان تجاه ربه وتجاه بيته كما إن الأمة مسؤولة عن قضاياها المصيرية في الدفاع عن المظلومين، وإعانة المنكوبين، وردْع الظالمين، والقيام بأمر الدين، وجهاد المُعتَدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة العدل والشرع بين عموم الأمة أجمعين.
واختتم العجمى حديثه بالتأكيد على أنه من مسؤوليتنا الوطنية والمجتمعية والدينية أن ندافع عن حماية المسجد الأقصى فنحن نمتلك أقوى أسلحة الدفاع وهو اللجؤإلى الله بالدعاء فتلك أمانة فى أعناقنا ويجب علينا حماية مقدساتنا وليعلم الجميع أن عاقبة الاعتداء على حقوق ومقدسات الآخرين وخيمة سواء على مستوى الأفراد أو مستوى الأمم.