الأحد 12 مايو 2024

شتاء «حاسم» جدًا

مقالات25-8-2022 | 23:21

«عندما يأتى الشتاء».. هذا العام سوف يشهد متغيرات وسلوكيات وقرارات جديدة لم نعتدها.. انعكاسات قاسية على المتضررين من نقص الغاز والطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية.. وعوائد منتظرة على الصعيد الاقتصادى والسياحى للدول الأكثر وفرة فى موارد الطاقة والغاز.. وأيضاً الدول ذات الطقس الدافئ والمشمس.. التى سيلجأ إليها الذين سيعانون من الصقيع والثلوج والبرودة القاسية.. فى الحالتين هناك من يجتهد لتوفير البدائل والحلول وهناك أيضاً من يطرح الأفكار من أجل الاستثمار والحصول على عوائد اقتصادية وعملات صعبة.
مصر أكثر الدول فى أجوائها الدافئة.. وشمسها الساطعة.. وطبيعتها الخلابة.. وكنوزها الأثرية لأعظم حضارات الأرض وما تشهده من أمن وأمان واستقرار بالمفهوم الشامل وما لديها من تقدم وفرص وشعب طيب ومضياف وتوفر كل احتياجات الإنسان.. لذلك الفرصة أمامها سانحة لاستقبال ملايين الباحثين عن الدفء والأمان والنجاة من ويلات شتاء قاس جداً.. وهو ما يدفعنا إلى مزيد من النشاط والحركة وتعزيز آلة الترويج.. وعرض مميزاتنا وتفردنا بنعم كثيرة.. وأجواء دافئة.. لتحقيق عوائد اقتصادية.. يجب أن نبدأ من الآن.. وربما كان من الأفضل ان نبدأ من شهور لكننى أثق أننا بدأنا مبكراً.
 
إذا لم تصل الحرب الروسية- الأوكرانية إلى نهايتها وتجد طريقها للحل والسلام قبل حلول الشتاء القادم و هذا لا يبدو فى الأفق القريب، خاصة ان شعار جميع الأطراف (لا تراجع ولا استسلام ولا سلام).. فأننا سنكون أمام معطيات ومتغيرات قاسية وصعبة وحاسمة، وربما تكون مفيدة للبعض فى ظل استمرار تصاعد وتيرة الأزمة الاقتصادية العالمية، وأيضا أزمة الطاقة وتحديداً الغاز التى قد تضرب أوروبا التى تعتمد على روسيا كمصدر يمثل 40٪ من احتياجاتها من الغاز، وبدأت حالة التوتر والقلق والتململ الأوروبى تزيد فى إطار البحث عن مصادر بديلة للغاز الروسى ومطالبات بتخفيض نسبة استخدام الغاز بنسبة 15٪ ، أو الاعتماد على مصادر بديلة وبدائية مثل الفحم أو التفكير فى الاستعانة بالطاقة النووية.
الرؤساء والمسئولون الأوروبيون، والمواطنون على حد سواء تطاردهم مخاوف مرعبة مع حلول الشتاء بالإضافة إلى مظاهر صعوبة الحياة وتراجع مستويات الرفاهية والاطمئنان ان كل شيء موجود ومتاح وبوفرة، لم تعد مثل هذه الثوابت الأوروبية على الأقل مستقرة.. لكن باتت هناك مشاكل فى الكثير من الأمور سواء ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم أو قلة المتاح والمعروض من السلع أو ارتفاع غير مسبوق فى أسعار الطاقة وفواتير الكهرباء التى تلتهم نسبة كبيرة من دخل المواطن الأوروبى.
هل انتهى شتاء الرومانسية الحالم فى أوروبا.. فى ظل تفاقم قضية التغير المناخى والاستعداد لمواجهة موجات قاسية من البرودة والصقيع والجليد الذى كان يمثل أروع المشاهد الأوروبية وبات الآن مرعباً فى ظل الأحاديث عن نقص إمدادات الغاز بسبب تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية والمواقف السياسية الموجودة بين أطراف الصراع بين المعسكرين والعقوبات المتبادلة بينهما وهل أصبح الشتاء القادم يمثل لأوروبا كابوساً وخطراً داهماً فى ظل تصريحات المسئولين فى دول أوروبا عن صعوبة الأوضاع، وعدم قدرتهم على مساعدة مواطنيهم.
رب ضارة نافعة، و«مصائب قوم عند قوم فوائد» فاذا كان الشتاء القادم سيكون قاسياً وصعباً ومرعباً بالنسبة لدول فى ظل نقص امدادات الطاقة والغاز لمواجهة أجواء الصقيع والثلوج ولن يتمكنوا من التدفئة المناسبة، أو ممارسة حياتهم بالشكل الذى اعتادوه من قبل، أو ممارسة المتعة والرفاهية المعتادة.. فى المقابل هناك دول سوف تستفيد من هذه الظروف العالمية، والأجواء الأوروبية سواء الدول المصدرة للطاقة والبترول والغاز أو الدول التى تمتلك أجواء دافئة وتشكل بالنسبة للأوروبيين فرصة ذهبية للعيش فيها بعيداً عن أجواء الصقيع وعدم وجود التدفئة المناسبة.. والأجواء الدافئة وامتلاك الوفرة من الطاقة والغاز هى موارد طبيعية من نعم المولى عز وجل.
الدول المتضررة من حلول الشتاء.. والدول المستفيدة من الأجواء الباردة فى كثير من دول العالم، تسابق الزمن فى البحث عن حلول.. وأفكار سواء للنجاة من ويلات شتاء قارس، أو استثمار هذا الشتاء القاسى فى تحقيق مكاسب وعوائد اقتصادية هائلة.
هناك طريقان للاستثمار والاستفادة من الشتاء القادم للدول غير المتضررة من قسوة الأجواء والصقيع الأوروبي، هو زيادة معدلات تصدير الغاز، بأقصى درجة ممكنة وذلك بسبب الارتفاع غير المسبوق فى أسعاره وتحقيق عوائد كبيرة من العملات الصعبة، ومن هنا فإن الترشيد فى الداخل والبحث عن بدائل أخرى لتوليد الطاقة يحقق المزيد من العوائد، لأن هناك آولويات، طالما ان المواطن المحلى تلبى احتياجاته ولا يعانى أى نقص أو مشكلة سواء فى توافر الكهرباء ومصادر الطاقة الأخري.. لكن علينا استغلال واستثمار مواردنا وتعظيمها لتحقيق عوائد اقتصادية من خلال جلب المزيد من العملات الصعبة، ولابد ان يصل الترشيد للمواطن وليس الحكومة ومؤسساتها فقط خاصة فى ظل البحث الدءوب والجهود المضنية للدول المتضررة من نقص الغاز عن مصادر أخرى غير الغاز الروسى المنقطع.
هناك مجال آخر، ربما لم يتحدث فيه الكثيرون هو أهمية استغلال الأجواء المصرية المثالية فى الشتاء ولدينا مناطق عبقرية يجد فيها المواطن الأوروبى مطلبه وما يبحث عنه وهى أجواء تتسم بالدفء الشديد مقارنة بالأجواء الأوروبية، بالإضافة إلى الاستقرار الأمنى والسياسي، وتوفر مصادر الطاقة والاحتياجات الأساسية.. لكن هدفنا الأمثل هو استغلال واستثمار الحالة الأوروبية فى الشتاء بما يعود على الاقتصاد المصري.
لاشك ان المواطن الأوروبى بدأ بالفعل فى البحث عن أماكن ودول ومناطق بديلة لأجواء الصقيع والبرودة والثلوج الأوروبية ليجد الدفء والأمان وتوافر احتياجاته وليس هناك أروع من مصر التى تجد فيها الدفء والأجواء الطبيعية المثالية بصفة عامة وفى شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان والسخنة والجلالة ومطروح، ولابد ان نعمل وربما من شهور على الترويج وبكثافة وصياغة برامج سياحية أو فترات طويلة للإقامة لا تقل عن شهر وتناسب جميع الفئات والطبقات والقدرات الأوروبية فى ظل الأحاديث والتقارير الإعلامية المنتشرة عن وجود 150 مليون متقاعد أوروبى يبحثون عن مناطق الدفء واستقرار الأجواء والطبيعة لينتقلوا إليها للسياحة والعيش والإقامة خلال ذروة الصقيع والتجمد الأوروبى ولابد ان تعمل مصر على أن يكون لها حصة ونصيب كبير بل النصيب الأوفر من هذا الرقم على الأقل 20 مليون أوروبى إضافة إلى الرقم الاعتيادى الذى يأتى إلى مصر خلال فصل الشتاء ومن هنا تحقق مصر عوائد اقتصادية هائلة وتكون السياحة مصدراً وفيراً للعملات الصعبة.
الحقيقة نحن مطالبون بتنشيط آلة الترويج ووضوح البرامج التى تقدمها وزارة السياحة أو الشركة التى تروج لسياحتنا وتكون برامج بأسعار تنافسية مع غيرنا خاصة وان لدينا مميزات ونقاطاً مضيئة وإغراءات أكثر من غيرنا، ونتحدث عن درجات الحرارة والدفء فى هذه المناطق بوضوح فالمهم، هو توفير عناصر الجذب للسائح الأوروبى أو من الذين يخشون مغبة حلول الشتاء.
ربما يشير البعض إلى ان طاقة الفنادق لاستيعاب هذه الأرقام المتوقعة أو المحتملة لا تكفى خاصة وأننا نعمل على مضاعفة الأرقام الاعتيادية والطبيعية والتقليدية فى المواسم السابقة، هنا ربما تكون الشقق الفندقية أو استغلال الوحدات السكنية عالية الجودة سواء وحدات لدى الدولة أو القطاع الخاص أو حتى لدى المواطنين.
وضوح البرامج، مع تنشيط آلة الترويج من الآن وان كان المفترض منذ شهور أمر مطلوب للغاية للاستفادة من تداعيات الشتاء القارس وأيضاً استثمار الأجواء المصرية المثالية والدافئة والتى لا يوجد مثيلها فى العالم ومصر هى الأقرب للسائح الأوروبي، بالإضافة إلى أنها بلد الشمس الساطعة، والأجواء الدافئة، والدولة الآمنة والمستقرة، وما لديها من قدرات سياحية مختلفة ومتنوعة وثروات وكنوز أثرية، وشعب كريم وطيب ومضياف بالإضافة إلى التطور الهائل الذى حدث فى 8 سنوات من بنية تحتية عصرية وطرق بالمعايير والمقاييس العالمية.
أغلبية دول العالم تضررت من تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية خاصة فى الشق الاقتصادى وأزمات الطاقة والأمن الغذائى والسلع الأساسية والاستثمارات لذلك من المهم اغتنام الفرص التى خلفتها الأزمة العالمية، وبالتالى اغتنام واستغلال ما لدينا من قدرات ونعم طبيعية من طقس وأجواء دافئة فى أوج فصل الشتاء وموارد سياحية وطبيعية غناء وأمن واستقرار وتطور وتقدم الدولة المصرية فى البنية التحتية ووسائل النقل، كل ذلك يؤهل مصر لأن تكون مقصداً سياحياً استثنائياً للأوروبيين خلال فصل الشتاء وهو ما يدفعنا إلى العمل بكثافة ونشاط واستمرارية على اغتنام الفرصة، فكما ألحقت بنا تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية تأثيرات اقتصادية، شأننا شأن دول العالم، أيضاً نبحث عن منافذ وحلول خلاقة، ونقرأ المشهد الدولى للاستفادة الاقتصادية منه بشكل ايجابي.
الشتاء القادم أيضاً ربما سيكون حاسماً وقاسياً فى تداعياته السياسية فمصادر الطاقة وخاصة البترول والغاز تفرض ضغوطاً قاسية قد تنعكس على المواقف السياسية، أو تشير إلى تراجع عنها أو الوصول إلى حلول نهائية للأزمة.. أو التخلى عن حالة العناد السياسى وتجمد المواقف فى ظل الوطأة المحتملة والمتوقعة لقسوة الشتاء القادم.
أجواء الشتاء وبرودة الأجواء والصقيع والثلوج قد تفرض نفسها أيضاً على معركة تكسير الإرادات الصعبة، فالانسان هو المتضرر من قسوة المناخ الذى شهد الكثير من المتغيرات الحادة والمتقلبة ولم يعد طبيعياً أو مألوفاً، كما ان النشاط الاقتصادى ومعدلات الإنتاج وتوفير الاحتياجات الأساسية بطبيعة الحال سوف تتأثر من نقص الإمدادات فى الطاقة أو الغاز تحديداً وهو ما ينعكس على المشهد الاقتصادى للدول الأكثر تضرراً من الشتاء.
السؤال أيضاً إذا كانت الحرب الروسية- الأوكرانية قد بدأت فى فبراير الماضى مع نهايات الشتاء فهل سيكون حلوله خلال الأيام القادمة بقسوته ومضامينه الأوروبية عنصر حسم أو مؤثر فى الحرب الناشبة الآن رغم ان ذاكرة التاريخ زاخرة بحروب الشتاء ذات أجواء الصقيع والثلوج، هل سيشتد وطيس الحرب أم سيكون الحسم قبل حلول الشتاء مع الحديث عن تجهيزات روسية جديدة ودامية وعنيفة لإنهاء المهمة، الأيام القادمة تحمل العديد من الأنباء والأخبار لعلها تكون سارة بحلول السلام قبل حلول الشتاء لإنقاذ هذا العالم المأزوم من مصير مجهول.
ربما لن يكون الشتاء القادم مناسباً للرومانسيين والحالمين أو الاستماع لأغنية «ليالى الأنس فى فيينا» للمطربة الراحلة أسمهان، وربما تكون الشوارع والملاهى الأوروبية بلا زبائن لنجدها فى شوارع ومدن دول أخرى أكثر دفئاً، يجد فيها السائح الملاذ الآمن من نقص الطاقة والغاز.. والشمس الساطعة، لكن من المهم أن يعلم ويعرف.. وتصل إليه المعلومات وتفاصيل ومميزات المناطق السياحية المصرية.. لذلك وجب التأكيد على أهمية الترويج والتركيز على أوتار الدفء والشمس الساطعة، وتوفر الاحتياجات والطاقة، والأمن والاستقرار وتنوع وتعدد الفرص والموارد السياحية بين طبيعة خلابة وكنوز أثرية تمثل أعظم حضارات العالم.
الشتاء القادم أيضاً، نأمل ألا تنشط فيه جائحة «كورونا»  ولا تسبب هذا الرعب والانغلاق فى العالم، وعلى رأى أولاد البلد هى مش ناقصة جوائح وحروب خاصة وأن معدلات الإصابة بالأنفلونزا تزيد بمعدلات كبيرة فى الشتاء وتلتبس الأمور على الناس هل هى «كورونا» أم نزلة برد عادية؟.. والدول المتضررة من نقص الغاز، وعدم وجود التدفئة المناسبة ستكون أكثر معاناة فى الشتاء القادم، لنطرح السؤال هتلاقيها منين ولا منين؟، الأنفلونزا ولا كورونا ولا الصقيع والثلوج وقسوة الأجواء ولسان حالهم نروح فين؟.. وهنا نخبرهم (تعالوا عندنا) الشمس طول السنة، فهذه نعمة من المولى- عز وجل- تستوجب الشكر للمولى- عز وجل- وتوفر الطاقة والكهرباء والغاز والبنية التحتية والتقدم والأمن والاستقرار والبنية التحتية السياحية والأثرية والتطور الهائل فى وسائل النقل والطرق، يستوجب أن نوجه التحية للرئيس عبدالفتاح السيسى مؤسس وصاحب المشروع الوطنى للبناء والتنمية والتقدم الذى دفع مصر لتكون أرض الفرص الثمينة وقبلة الباحثين عن الأمن والأمان والاستقرار بالمفهوم الشامل للعبارة.

تحيا مصر

Dr.Radwa
Egypt Air