لم تسجل الذاكرة الحديثة تذكرة مثل التي كانت تذيعها إذاعة القاهرة قرب امتحان الثانوية العامة أيام مجدها.. في لمحة سريعة لا تتعدى الدقيقتين على لسان الدكتور يحيى الرخاوي في منتصف السبعينيات، تحت مسمى برنامج "تذكرة نجاح"، ومن الغريب أنني لم أجد أي ذكر لهذا البرنامج في الوكيبيديا وأنا أبحث عن تاريخ هذا العالم والكاتب والطبيب والشاعر الصوفي قبل أن أقابله.. وعندما التقيته ذكرت له ذلك فأجابني.. يا ااه أنت فاكر البرنامج ده.. طبعًا كنت حريص أن أسمعه وأنا مقبل على الامتحان المصيري وكان بالفعل مفيد جدًا من أستاذ الطب النفسي العالم ببواطن النفس وخفاياها.. لكن قادني محرك البحث إلى تذاكر أخرى وأهمها.. تذكرة داود الأنطاكي.. الطبيب والصيدلي الكفيف والذي لا أعرف كيف استطاع أن يخط سبع وعشرين نسخة من هذه التذكرة والتي احتوت على وصف لأمراض وعلاجها وتركيب أدوية ووصف لثلاثة آلاف نوع من النباتات التي يتم استخدامها في استخراج العقاقير.. هذا الرجل الذي ولد في أدلب وعاش في أنطاكيا ثم دمشق وانتقل إلى القاهرة وكان رئيس الأطباء والصيادلة بها ثم غادر إلى مكة حيث عاش بها حتى مماته ويوجد في دار الكتب فقط سبع مجلدات من التذكرة واثنين في الإسكندرية، لكن في المغرب توجد السلسلة كاملة.. عاش هذا العالم الطبيب في القرن السادس عشر الميلادي.. وعلى ذكر التذكرة.. فكل منا يبحث عن ضالته أما في تذكرة سينما أو مسرح أو الأوبرا.. وربما تذكرة لحفل في الساحل الشمالي الذي بات حديث المدينة.. أو تذكرة لماتش كرة ينتهي عادة بالنقد والتحليل ثم الاحتفال أو التحفيل وصولًا إلى التنابذ بالألقاب وقذف المحصنات أو ينتهي نهاية دموية كما شهدنا في إنجلترا مرة وفي بورسعيد تلك الفاجعة التي هزت قلب العالم الكروي والإنساني.

متى يعرف المشجعون أنها مجرد لعبة للمتعة والتسلية والمستفيد المادي منها هم اللاعبين والمدربين ووسائل الإعلام.. أما تذكرة القطار التي يبحث عنها أخواننا أهل الصعيد كل عام في أوقات الأعياد حدوتة مصرية بامتياز.. نعود إلى التذكرة التي نبحث عنها جميعًا إلا وهي تذكرة المرور على الصراط.. اااااه ثم اه ترى هل نستطيع أن نقطع تذكرة من ذاك الشباك الافتراضي الذي يطل على البيت المعمور وتحيط به جبال النور أو من تلك الروضة الشريفة بين منبر وقبر الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لنرد حوضه يوم الموقف العظيم؟..