"في أي تراث شعب فى الدنيا مثل يقول :الكسل أحلى مذاقًا من العسل، إلا ذلك التراث العظيم..تراثنا" و "الشعب الضخم الخجول الذى لا يُسعده شئ مثلما يُسعده أن يسخر من نفسه وأخطائه".. هذه الكلمات تؤكد أن الكاتب الكبير يوسف إدريس ظل طيلة حياته يحمل هم هذا المجتمع بمعطياته وهمومه ليقدم لنا ما يزيد عن عشرين مجموعة قصصية تتناول المجتمع بقضايا جاء أغلبها مدافعا عن المراة المصرية وراصدًا لمعاناتها ومكانتها الظالمة في المجتمع.
قدم يوسف إدريس المولود في 19 مايو 1927 بمركز فاقوس محافظة الشرقية، مشروعًا أدبيًا كبيرًا تنوع ما بين القصة القصيرة والتي يعد أحد روادها، والرواية، والعديد من المسرحيات الهامة، كما كتب المقال للعديد من الصحف الهامة منها الجمهورية والأهرام وروز اليوسف.
كانت مجموعة "أرخص الليالي" أولى مجموعات يوسف إدريس القصصية والتي رسخت لميلاد كاتب مصري هام ولكن تجلت موهبته في مجموعته القصصية الثانية "جمهورية فرحات" عام1956، الأمر الذي دعا عميد الأدب العربي "طه حسين" لأن يقول: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالي) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها".
لم يقتصر اهتمام يوسف أدريس على الواقع المصري فقط، بل امتد بطول الوطن العربي، فانضم إلى المناضلين الجزائريين عام 1961 وحارب معهم في الجبال في سبيل الحصول على استقلالهم لستة أشهر، وأصيب بجرح، وأهداه الجزائريون وسامًا إعرابًا عن تقديرهم لجهوده في سبيلهم قبل أن يعود إلى مصر.
تنوعت روافد يوسف إدريس الثقافية، فاطلع على الأدب الروسي والفرنسي والأنجليزي، كما كانت له قراءاته في الأدب الآسيوي، وقد قرأ لبعض الكتاب الصينيين والكوريين واليابانيين، وإن كان مما سجله النقاد عليه أنه لم يحفل كثيرا بالتراث الأدبي العربي وإن كان قد اطلع على بعض منه.
جاءت كتابات يوسف إدريس متنوعة ومعبرة عن حياة مصر ومراحلها المختلفة، فقد عاصر حياة الملكية وخرج في مظاهرات منددة بالملك وبالاحتلال كما عاصر الثورة وآمالها وتطلعاتها نحو الحرية، وكذلك نكسة يوليو التي جاءت مخيبة لآمال ذلك الجيل، ونصر أكتوبر الذي جاء رادًا لكرامة المصريين وعزتهم، كل تلك التناقضات والتخبطات صنعت من يوسف إدريس أديبًا متنوعَ الكتابات.
كذلك عرف عن يوسف إدريس عشقه للسفر، فسافر إلى سائر البلدان العربية كما سافر إلى فرنسا وإنجلترا وأمريكا وتايلاند وسنغافورة واليابان وبلاد جنوب شرق آسيا.
وتحل اليوم الذكرى 26 لوفاة الكاتب المصري الكبير يوسف إدريس بعد أن قدم منجزًا أدبيًا هامًا تنوع بين القصة القصيرة والرواية والمسرح وكتابة المقال، حيث توفي في 1 أغسطس عام 1991 عن عمر يناهز 64 عامًا.