الخميس 28 نوفمبر 2024

عرب وعالم

تقرير أممي جديد: التنمية البشرية تتراجع في 90% من البلدان

  • 9-9-2022 | 16:57

التنمية البشرية

طباعة
  • دار الهلال

حذر أحدث تقرير للأمم المتحدة حول التنمية البشرية، صدر اليوم، من أن الأزمات المتعددة تعيق التقدم في مجال التنمية البشرية التي تتراجع في الغالبية العظمى من البلدان.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن تقرير التنمية البشرية لعام 2021/ 2022 المعنون "زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار: صياغة مستقبلنا في عالم يتحوّل"، رسم صورة لمجتمع عالمي يترنح بين أزمة وأخرى ويخاطر بالاتجاه نحو تزايد الحرمان والمظالم.

وتتصدر جائحة (كوفيد-19) والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قائمة الأحداث التي تسببت في حدوث اضطراب عالمي كبير، فضلاً عن تحولات اجتماعية واقتصادية كاسحة وتغيرات كوكبية خطيرة وزيادات هائلة في الاستقطاب.

وللمرة الأولى منذ 32 عامًا والتي قام خلالها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحسابها، انخفض مؤشر التنمية البشرية - الذي يقيس الصحة والتعليم ومستوى المعيشة في البلدان - على مستوى العالم لمدة عامين متتاليين، بحسب التقرير الأممي.

ويشير هذا إلى تفاقم الأزمة في العديد من المناطق وقد تضررت بشكل خاص أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. 

وتراجعت التنمية البشرية إلى مستويات عام 2016، مما أدى إلى عكس الكثير من التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشكل خطة عام 2030، وهي مخطط الأمم المتحدة لمستقبل أكثر عدلاً للناس والكوكب.

وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "إن العالم يتدافع في استجابته للأزمات المتتالية.

وكما شهدنا في أزمتي ارتفاع تكاليف المعيشة والطاقة، أنه في حين أنه من المغري التركيز على الحلول السريعة مثل دعم الوقود الأحفوري، فإن تكتيكات الإغاثة الفورية تؤخر التغييرات المنهجية طويلة الأجل التي يجب علينا انتهاجها."

ودعا شتاينر إلى إحساس متجدد بالتضامن العالمي لمواجهة "التحديات المشتركة والمترابطة"، لكنه أقر بأن المجتمع الدولي "في حالة شلل جماعي عن إجراء تلك التغييرات".

وتشير الدراسة إلى انعدام الأمن واستقطاب الآراء اللذين يعيقان الجهود المبذولة لتحقيق التضامن المطلوب لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، حيث تشير البيانات إلى أن الأشخاص الأكثر انعدامًا للأمن هم أكثر عرضة لتبني وجهات نظر متطرفة. وقد لوحظت هذه الظاهرة حتى قبل جائحة (كوفيد-19).

ويصف التقرير جائحة (كوفيد-19) بأنها "نافذة على واقع جديد"، وليست انحرافًا عن العمل المعتاد، مرحبًا بتطوير لقاحات فعالة باعتباره إنجازًا هائلاً، يُنسب إليه الفضل في إنقاذ حوالي 20 مليون شخص، وإظهار القوة الهائلة للابتكار المقترن بالإرادة السياسية.

في الوقت نفسه، كشف إطلاق اللقاحات عن التفاوتات الهائلة في الاقتصاد العالمي. فالوصول إليها في العديد من البلدان منخفضة الدخل كان محدودًا جدًا، وقد عانت النساء والفتيات بشكل خاص، إذ تحملن المزيد من المسؤوليات المنزلية ومسؤوليات تقديم الرعاية، وواجهن عنفًا متزايدًا.

وقد ساهمت الموجات المتتالية من متغيرات كوفيد-19، والتحذيرات من احتمال حدوث جوائح مستقبلية بشكل متزايد، بتكوين جو عام من عدم اليقين الذي كان يتزايد بالفعل استجابة لوتيرة التغير التكنولوجي المذهلة، وتأثيره على أماكن العمل، والنمو المطرد للمخاوف المحيطة بأزمة المناخ.

وحذر معدو الدراسة من أن الاضطراب العالمي الذي سببته الجائحة لا يعد شيئًا مقارنة بما سيشهده العالم إذا حدث انهيار في التنوع البيولوجي ووجدت المجتمعات نفسها مضطرة إلى حل التحدي المتمثل في زراعة الغذاء على نطاق واسع دون الحشرات الملقحات. ويقر التقرير بأنه و"لأول مرة في تاريخ البشرية"، تلوح تهديدات وجودية من صنع البشر في الأفق "بشكل أكبر من تلك الناجمة عن الأخطار الطبيعية".

وتم تحديد ثلاث طبقات من "عقدة عدم اليقين: التغيير الكوكبي الخطير"، والانتقال إلى طرق جديدة لتنظيم المجتمعات الصناعية، وتكثيف الاستقطاب السياسي والاجتماعي.

ويقول التقرير: "لا يقتصر الأمر على أن الأعاصير تزداد حجما وفتكا من خلال التأثير البشري على البيئة. يبدو الأمر أيضا كما لو أن مساراتها المدمرة، ومن خلال خياراتنا الاجتماعية، يتم توجيهها نحو الفئات الأكثر ضعفا بيننا".

وفي حين أن التغيير أمر لا مفر منه، فإن الطرق التي نتفاعل بها ليست كذلك. على الرغم من وجود العديد من المخاوف المبررة حول الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي يمكن إثباتها لهذه التكنولوجيا، والتي تساعد من بين أمور أخرى على نمذجة آثار تغير المناخ، وتحسين التعلم الفردي، والمساعدة في تطوير الأدوية.

وإحدى النتائج التي توصلنا إليها في عالم ما بعد كوفيد هي إنشاء تقنية لقاح mRNA جديدة، والتي تعد باختراق في طريقة علاج الأمراض الأخرى.

لقد أدت الجائحة أيضاً إلى تطبيع الإجازات المرضية المدفوعة، والتباعد الاجتماعي الطوعي والعزلة الذاتية، وكلها مهمة لاستجابتنا للأوبئة في المستقبل، ويمكن أن نستفيد من تجربة السنوات الثلاث الماضية لإظهار ما نحن قادرون عليه، عندما نتجاوز الطرق التقليدية، ومما سيقودنا إلى تحويل مؤسساتنا لتكون أكثر ملاءمة لعالم اليوم.

ووفقًا للسيد شتاينر، يمكن للتحليل الوارد في التقرير أن يساعد في رسم مسار جديد للخروج من حالة عدم اليقين العالمية الراهنة. وأضاف: "فاليم تبقى أمامنا نافذة ضيقة لإعادة تهيئة أنظمتنا وتأمين مستقبل قائم على عمل مناخي حاسم وتوفير فرص متجددة للجميع".

يتضمن هذا الاتجاه الجديد تنفيذ سياسات تركز على الاستثمار، من الطاقة المتجددة إلى التأهب للأوبئة، والتأمين، بما في ذلك الحماية الاجتماعية، لإعداد مجتمعاتنا لتقلبات عالم ملتبس، والابتكار الذي يساعد البلدان على الاستجابة بشكل أفضل لأي تحديات قادمة.

ويقول بيدرو كونسيساو من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤلف الرئيسي للتقرير: "للتغلب على حالة عدم اليقين، نحتاج إلى مضاعفة جهودنا في مجال التنمية البشرية والنظر إلى ما يتجاوز تحسين ثروات الناس أو صحتهم. هذه الجوانب تظل مهمة. لكننا يتعين علينا أيضاً أن نحمي الكوكب ونزود الناس بالأدوات التي يحتاجون إليها ليشعروا بقدر أكبر من الأمان، وليستعيدوا الشعور بالسيطرة على حياتهم والأمل في المستقبل."

أخبار الساعة

الاكثر قراءة