كتبت- أميرة كمال
تكرار حالات التسمم بين المواطنين بسبب تلوث مياه الشرب في عدد من المحافظات خلال السنوات الأخيرة وارتفاع أعداد الشكوى، وسط زيادة هواجس الخوف من تلوث المياه المتكرر في المحطات الحكومية مع اتساع نطاق الشائعات الذي يستخدمه المغرضون لزيادة البلبة والاحتقان في الشارع المصري.
تلك الحوادث المتكررة سواء كانت بالأخطاء أو مفتعلة، فتحت الباب على مصراعيه أمام "سبوبة تنقية مياه الشرب" سواء بتوزيع المياه عن طريق سيارة مخصصة بفلاتر لتنقية المياه أو أقامة محطات خاصة في بعض القرى والنجوع المختلفة لبيع المياه بمقابل مادي نظير تكريرها مرة أخرى، لعدم الثقة في محطات المياه الحكومية.
غياب الرقابة
الغريب في الأمر أن تلك المحطات كانت يقيمها بعض الجمعيات الخيرية وأصحاب الخير في القرى والمناطق النائية وتقدم المياه مجانًا للمواطنين، ولكن بعد ذلك أصبحت تباع بمقابل مادي رمزي، بدأ يتزايد مرة تلو الأخرى حتى أصبح مشروعًا لجني الأموال دون تعب أو إرهاق.
المحطات المقامة والتي تبيع المياه للمواطنين لا تخضع نهائيًا للرقابة أو التفتيش على المعدات والآلات المخصصة لتكرير وتنقية المياه ومدى صلاحيتها، فضلا تلف الشمع المخصص لتنقية الشوائب والجراثيم والذي يظل بالسنوات داخل المحطات دون تغيير أو تجديد مما يصيب المواطنين بالأمراض العصرية المنتشرة، وسط إقبال متزايد على وهم وسراب المياه الصحية المنقاة، ولكن قد تتحول تلك المحطات إلى منفذ للأمراض التي تصيب المياه التي تدخل إلى المحطة في حال عدم إخضاعها للإشراف والصيانة الدورية.
يأتي بذلك بجانب محطات تحلية المياه الجوية التي يتم إقامتها على الآبار الارتوازية والمواسير التي تسحب من باطن الأرض في المناطق التي تنعدم فيها خدمة مياه الشرب، ووضع فلاتر لتنقية للمياه, للتخلص من الطلمبات "الحبشية" لأنها تخرج مياه مالحة وتصب المواطنين بالفشل الكلوي.
سبوبة العمل الخيري
«الهلال اليوم» خاض مغامرة للتعرف على حقيقة "سبوبة مياه الشرب" في بعض المحافظات والغرض من إنشاء محطة تبيع المياه بمقابل مادي.
والبداية كانت مع محطة "أهل الخير" بقرية كفر الصهبي التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية, والتي يقبل الأهالي عليها لشراء الماء بمقابل رمزي.
وتقول إيمان غانم، صاحبة المحطة والقائمة عليها، إن المحطة تم إقامتها بتمويل من إحدى أثرياء الممملكة العربية السعودية، والذي كلف السيدة مني صلاح فرج، بتولي الأمر ومعاينة المكان لاختيار المكان المناسب والمساحة المناسبة لإنشاء المحطة، والتي قامت بدورها فقامت بالتعاقد كبرى لتسويق فلاتر المياه, الذين وفروا الوحدات والفلاتر اللازمة لتشغيل المحطة.
وأوضحت إيمان غانم، أنها كانت تسعى لكسب الثواب على روح زوجها، فاقترح أخيها عليها فتح محطة لتحلية المياه إلي أن تواصلوا إلى المتبرع السعودي الذي تبنى المشروع.
وأوضحت إنها ليست المحطة الأولي التي أنشأها بل هناك 17 محطة أخرى.
وعلي الرغم من أنها محطة خيرية إلا أنها تحقق عائد مادي مجزي مقابل الحصول على مبلغ زيد من المواطنين نظير الحصول على المياه.
ونفت"إيمان" أن هدفها تحقيق ربح مالي أو إقامة مشروع استثمار، ولكن العائد الذي تحقق المحطة يصرف على الإصلاحات المطلوبة، فضلا عن أن المتبرع السعودي يحصل على نصف العائد المادي.
وأكدت أن الشركة ترسل أحد المهندسين كل 25 يومًا لكي يشرف على المحطة ومعاينتها لتغيير الفلاتر وتصليح الأشياء التالفة.
هواجس الخوف
وقال "محمد يوسف " أحد الأهالي أن المياه أسعارها مناسبة جدًا مقارنة بالمياه غير المعالجة, مؤكدًا أن انتشار تلك المحطات سوف تقلل من الأمراض وخصوصاً أمراض الكبد بنسبة كبيرة.
ولفت "سيد محمد"، أن الأملاح نسبتها قليلة في مياه المحطة، مؤكدًا أن المشروع مفيدًا للقرية وأن سعر المياه رمزي جدا، وأن سعر جركن المياه جنيه واحد فقط.
أما بقرية "عرب غانم" التابعة لنفس المحافظة, أنشئ أحد السعوديين ويدعي "أبو مهدي" محطة لتحليه مياه الشرب باسم "أهل الخير لأم المؤمنين" وتعاقد مع شركة خاصة لأنظمة معالجة المياه للإشراف على المحطة.
أوضح "محمد شحتة " أحد الأهالي، أنهم يتواصلون مع المهندس المسئول عن متابعة المحطة لإجراء تغيير الفلاتر والصيانة المستمرة للحفاظ على صحة المواطنين.
وقال "نادية.م" إن المياه نقية وجميلة وأنها سعيدة بإنشاء هذا المشروع في القرية، وهو ما أيده "عادل مرعي"، أحد المواطنين، قائلًا إن المشروع ممتاز وأنه كان يتمني إقامته منذ فترة ، وأنه مستعد لدفع الأموال المطلوبة الحصول على تلك المياه النقية.
توسعات لاستيعاب الزيادة السكانية
إبراهيم سالم، المشرف الفني بالشركة القابضة للمياه والصرف الصحي بمركز كفر شكر، قال إن الشركة تسعى لحل وتطوير جميع الأنظمة بالشركة من أجل توفير مياه نقية للمواطنين ومواجهة "سبوبة مياه الشرب" واستغلال المواطنين بشراء الماء.
وأكد أن هناك توسعات في إنشاء محطات التحلية في المناطق التابعة للمركز, وتقوم الشركة بهذه التوسعات لتقديم الخدمة الكاملة واستيعاب التوسعات العمرانية والزيادة السكانية في كفر شكر.
ولفت إلى أن هناك أعمال إنشائية وتوسعات بمحطة المعالجة القائمة بقرية كفر الشهاوي خاطر لتبلغ سعتها 20ألف م3/يوم, وذلك خلاف محطة المعالجة القديمة سعة 10ألف م3/يوم.
وأكد أن المياه ليس بها أضرار لأنهم يشرفون على المحطات الحكومية بصفة دورية وأخذ عينات منها لتحليلها للتأكد من صحة المياه.