للشهرة ضريبتها، فهي تفرض قيودًا على المشاهير وخصوصًا نجوم الفن، فقد واجه العديد منهم مشاكل كثيرة على المستوى الشخصي والأسري، فالنجم فريد شوقي في بداياته اعتقد الكثير من الجمهور أنه شرير بالفعل، وكذلك الفنان محمود المليجي وغيرهما بسبب أدوار الشر التي قاما بها على الشاشة.. أما الفنان الكوميدي حسن فايق فقد عانى كثيرًا طوال حياته من الجمهور، وخصوصًا الأطفال الصغار، ووصل به الأمر إلى تحرير محضر ضدهم في قسم الشرطة.. التفاصيل الشيقة في السطور التالية نوردها في ذكرى الفنان الجميل.

اعتاد نجوم الفن في فترة الخمسينيات والستينيات على التوافد إلى الإسكندرية، فالجمهور كله يلجأ إليها هربًا من حر الصيف، ولذلك ينتقل نجوم الفن إلى هناك لتزدهي مسارح الإسكندرية ليلًا بهم، وكذلك مجلة «الكواكب» التي تلازم نجوم الفن لتغطية أخبارهم الفنية والشخصية.. ففي عدد الكواكب الصادر في 10 أغسطس 1963، كان هناك حوارًا مع الفنان حسن فايق كشف فيه الكثير من أسراره ومعاناته من الجمهور.

في أوائل شهر أغسطس 1963، جلس الفنان حسن فايق في حجرة سعتها متر في متر، وهي حجرة شباك التذاكر لمسرح الريحاني، وقد التقت به محررة الكواكب في ذلك المكان الضيق، فتعجبت وسألته:

ــ ايه اللي زانقك على كده؟

ــ أصلهم بيستعدوا .. ولسه بينضفوا القاعة في الداخل

ــ طيب لماذا لا تستمتع بهواء البحر المنعش وهو على بُعد خطوات منك؟

ــ هو أنا أقدر أعمل كده

ــ ليه لأ ؟

ــ ما اقدرش .. علشان اللي رايح واللي جاي يتفرج عليّ .. والعيال المفاعيص تبص في خلقتي وتضحك

ــ وايه اللي يضايقك في كده .. أليس هذا نوعا من الإعجاب بك وبفنك؟

انفعل حسن فايق وبانت عليه بوادر الضيق وقال:

ــ لا يا ستي .. دي اعتبرها قلة قيمة، يعني إيه أكون ماشي أو قاعد في مكان وألاقي الناس تبص لي وتشاور عليّ وتضحك .. فيه ايه في شكلي بيضحكهم مش فاهم .. حاجة تغيظ !!

قالت محررة الكواكب وهي تخفي ضحكتها:

ــ أنا لو شوفتك ماشي لازم أضحك، وتأكد إن الناس بتضحك كنوع من الإعجاب بمواقفك اللي قدمتها في السينما أو المسرح.

ــ أنا اللي مزعلني إن الناس حرماني من حاجات كتير .. ما أقدرش أمشي في حالي .. ما أقدرش أنزل البحر، يمكن يتلموا عليّ ويمكن أغرق بالشكل ده !!

ــ دي ضريبة الشهرة .. لازم تتحملها من غير زعل

ــ تصوري .. مرة اشتكيت في القسم أطفال عفاريت وكانوا أولاد الجيران .. كانوا دايمًا يضحكوا كل ما يقابلوني .. والغريب في الأمر إن الضابط في القسم كان عمال يضحك وأنا طول ما أنا بشتكي له .. رحت واخد بعضي وخارج من القسم.

 

عن سر شبابه الدائم، أكد حسن فايق أنه يحافظ على صحته في الأكل والشرب، وأنه يكره الخمر ولا يتناولها، ويواظب على السفر إلى لبنان كل عام ليقضي فترة من الصيف هناك، فالهواء البارد يفيده صحيًا .. لكنه مستاء من صدور قرار لبناني يحدد سن معين للسفر إلى هناك، وبعد تخطيه الستون عامًا انطبق الحظر عليه، وتمنى أن يستثنى من ذلك القرار نظرًا لصحته.

تمنى حسن فايق أن ينال البطولة الكاملة في السينما، وقال أن المنتجون يحصرونه في أدوار الكوميديا فقط .. أما حكاية الصيدلية التي يمتلكها في منطقة شبرا، فقد أكد أنه لا يمكنه الجلوس على المقاهي بسبب تجمهر الناس حوله .. لذلك أنشأ هذه الصيدلية ليتوارى فيها ويقضي بها وقت فراغه بعيدًا عن البيت.

رغم أن ذلك الحوار نشر عام 1963 وفيه يتمنى فايق البطولة الكاملة في السينما، فوجب التأكيد على أنه بالفعل قام بالبطولة الكاملة في فيلم "أم رتيبة" عام 1959، ذلك الفيلم الذي قلبت فيه الموازين ليصبح أبطاله من نجوم الصف الثاني، أما نجوم الشباك فكانوا كومبارس أو أصحاب أدوار ثانوية.. فبطل الفيلم هو حسن فايق مع ماري منيب، وقام بدور الحبيب "سيد بنجر" البارع في صناعة الطورشي والمخللات، والذي يتمنى الزواج من "أم رتيبة" ماري منيب.. وفي الفيلم ظهر النجوم فريد شوقي وأحمد مظهر وعماد حمدي وحسين رياض وغيرهم في مشاهد لا تزيد عن دقيقة أو اثنتين، واحتل حسن فايق وماري منيب بطولة الفيلم.