الخميس 25 ابريل 2024

قلم النقد الموضوعي

مقالات13-9-2022 | 18:02

لا يغفل أحد مهمة النقد، خاصة الموضوعي منه، ولا ينكر أحد دوره الفعّال في تطور و تقدم المجتمعات؛ وذلك لوظيفته الهامة في تحديد  الأخطاء و تشخيص مظاهر الفساد أو استغلال السلطة و مكاشفة  المظاهر السلبية في إدارة الدولة؛ ساعيًا بالتوازي  إلى لفت الأنظار إلى هذه السلبيات، ومن ثم الدعوة إلى تلافيها و تجاوزها بخطوات فعلية نحو الإصلاح والنزاهة ؛ بهدف إقامة دولة المؤسسات القانونية العادلة تلك التي تقوم على حق المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات ولا تقوم دعائمها قط على أساس دين أو مذهب أوعرق أو قومية.

وهنا أشير بخطوط حمراء تحت مُصطلح" النقد الموضوعي" ؛أي صاحب الرؤية البناءة في مسار التغييرات والإصلاحات السياسية الجذرية، وعلى المستوى الاجتماعي، نجد له اليد العليا في التصدي لمظاهر اجتماعية سلبية  تعيق التطور الحضاري والأخلاقي للمجتمع، وهو النقد صاحب الهدف والنوايا النزيهة المتجردة ، من انحيازات سواء فئوية عمياء أو عقائدية صماء والتي تغلفها الهستيريا الحمقاء.
ولكن مانشهده على الساحة هو سُعار نقدي هستيري يدور حول نفسه صراخا وبكاءً وسودوية ،ولا يخلو من الشتائم والسباب مع تكرار مرير للغطْ، وهو عبارة عن شلالات من الحسرة والولولة دون إضافة شيئاً جديداً للقارئ أو المُتابع ؛ فيتحول إلي هذيان مُفرط  يصحبه زخم عال من اهتياج عصبي قد يشير إلى اختلالات واضطربات نفسية  لكاتبه؛ فينشغل القارئ -المُدرك- بتشخيص مرض صاحب النقد دون الاقتناع  بصحة رؤيته السياسية أو بعدالة قضيته!!! ..
وهنا لابد من الانتباه إلى عقل القارئ  الظامئ للمعرفة ولكل ما هو جديد ومفيد ومُبصْر، وهو مايسوقنا إلي واجبات  كاتب النقد أو التحليل أو صاحب مقال الرأي؛ وهي أن يحترم عقلية هذا القارئ الذي سُخرت له التكنولوجيا بكبسة زر؛ فيمكنه التجول داخل فضاء وسائل إعلامية محلية وعالمية و ملايين مواقع الصحف الإلكترونية ــ خاصة من يجيد عدة لغات ــ ،يستخلص معلوماته ويبني تحليلاته؛ وهو ما يفرض على كاتب الرأي أو الرؤية النقدية المصداقية والتجرد والشفافية؛ فعندما تأخذ من وقت القارئ وتركيزه الذهني لابد أن يكون لديك تحليل وتقييم شفاف ورؤية لتقديم الحلول؛ كل هذا بضمير وحس وطني مُتجرد بولاءٍ تام لتراب الوطن، فلا تشخصن عداوتك في محاربة الوطن تحت مظلة النقد، ولا تصيبك هيستيريا الهدم لأمر فردي، فالقارئ ليس بالساذج؛ فإذا انتبه لمقالك أو منشورك واستوعب طرحك فهو ينتظر منك عرض الحلول والترويج للايجابيات والسلبيات بالعدل؛ فإذا وجد قلمك موجه للسودوية وهيستيريا النقد دون طرح رؤية أو استراتيجية حلول؛ فأقل ما يفعله هو الانصراف عنك وعن رؤيتك المريضة.
النقد أمانة ولا يوجد قلم ناقد على طول الخط بل هناك قلم خادم للوطن،أمين على مسيرته ،قلم فضل تفعيل الضمير والمسؤولية على ركوب ترند المعارضة أو تحقيق إشباع نفس مريضة بعدد اللايكات والشير،تلك النفس التي لن تذق راحة طالما لم تذق التجرد.
بقلم دكتورة شيرين الملواني

Dr.Randa
Dr.Radwa