الجمعة 26 ابريل 2024

يوم في حديقة الأندلس

مقالات15-9-2022 | 13:31

حدث هذا الموقف من قبل بضعة أعوام حين كنت أعمل في مقر عملي المجاور لبرج الجزيرة بحي الزمالك، كنت يوميًا بعد انتهاء عملي أشعر برغبة كبيرة في كسر الملل من الروتين اليومي، وهذا عادةً ما قد يحدث لنا جميعًا بوجه عام، ولكن إن كان عملك هذا يستلزم منك البقاء بشكل شبه كامل أمام منصات، ومواقع تكنولوجية مختلفة ستجد نفسك تطالبك بحقها في أخذ هدنة من كل ذلك، ولو لساعات قليلة .

سرت في طريقي المعتاد ثم توقفت فجأة على الجانب الآخر من بوابة الحديقة التي أمر عليها كل يوم، وقفت شاردة الذهن أحدث نفسي باشتياقي لذكريات لطيفة مررت بها حين كنت أجلس فيها مع الإنسان الذي ارتبطت به بشكل رسمي في سن صغيرة، ولا أخفيكم سرًا كان هذا في زمن هادئ بعض الشيء، كان الحياء جليسنا الثالث، ولا أحد غيره .

مشاعرنا الجميلة وأحلامنا البسيطة ترتسم في ابتسامة عذبة على وجوهنا الممتلئة بعاطفة نبيلة ورغبة صادقة في العيش معًا، عذرًا لقد أخذتكم خارج إطار حديثي عن الحديقة، ولكني سأعود معكم الآن لهذه اللحظة التي نظرت فيها إلى باب الحديقة، وأنا أشعر في هذه المرة أن تلك الذكريات الجميلة باتت تلاحقني بإلحاح شديد، وها أنا ذا قررت الاقتراب من حديقتي المفضلة بعد مرور كل تلك السنوات الطوال .

عبرت الشارع، ووقفت أمام شباك الموظف المسئول عن قطع التذاكر لزوار الحديقة، نظرت إليه مبتسمة كأني أردت كسر الجليد بتلك الابتسامة الهادئة، ثم وجهت حديثي إليه قائلة: تخيل حضرتك أني لم أدخل هذه الحديقة منذ أكثر من 20 عامًا، وقد كان لي فيها العديد من الذكريات الجميلة، فنظر إلىَّ وقد اعتلت وجهه الدهشة، وكأنه قد تعجب من حديثي المفاجئ معه، أو من عدم تحضير ثمن التذكرة مقدمًا قبل وقوفي أمام شباك التذاكر فما كان منه إلا أن وجه لي نصيحته التي لا أدري إن كان يمزح حين قالها، أو كان جادًا قاصدًا إفاقتي ربما دار حديث بينه وبين نفسه ولسان حاله كان يقول له: ما قصة هذه السيدة؟ وماذا تريد؟ فيومه المشحون بالمواقف والإجهاد لم يمنحه رفاهية تحمل غريبي الأطوار، والمزاجيون أمثالي، نظر إلىَّ ثم قال جملته التي لن أنساها، ولن أنسى طريقة إلقائه لها : "هاتي خمسة جنيه، وادخلي استعيدي ذكرياتك براحتك يا مدام"، انتابتني نوبة ضحك بعدها ثم استعدت وقاري، ونفذت بالفعل ما أوصاني به، ودخلت لأستعيد ذكرياتي في المكان  .

Dr.Randa
Dr.Radwa

الاكثر قراءة