السبت 4 مايو 2024

الإعلانات التجارية تسلع جسد المرأة.. والأفلام والمسلسلات تقدمان صورة سلبية عن المرأة

الإعلام والجمهور النسائي

أخبار21-9-2022 | 19:01

محمد الحمامصي

عواطف عبد الرحمن وليلى عبد المجيد: الإعلانات التجارية تسلع جسد المرأة والأفلام والمسلسلات تقدمان صورة سلبية ولا أخلاقية للمرأة المصرية

ماذا قدم الإعلام للمرأة في الجامعات المصرية؟، وهل يسعى الإعلاميون وصناع السياسات الإعلامية بجدية واستنارة لإبراز المشاركة النسائية في مختلف الأنشطة الجامعية والسعي لتنمية الوعي الجماعي والسعي لتوعية النساء بحقوقهن وأدوارهن وتشجيعهن على المشاركة الإيجابية في تنمية المجتمع الجامعي أم يكتفي الإعلام برصد ومتابعة الأطر العامة للمنظومة الجامعية مع تسليط الضوء على بعض الرموز البارزة في الجامعات المصرية؟، وكيف هي علاقة المرأة الجامعية بوسائل الإعلام مقروءًا ومسموعًا ومرئيًا وإلكترونيًا وتأثير ذلك على وعي وأداء الجمهور النسائي وتشكيل مواقفهن من قضايا الجامعة والمجتمع؟.

هذه التساؤلات تشكل جانبا مهما من رصد وتحليل ورؤية أستاذتي الصحافة والإعلام د. عواطف عبد الرحمن، ود. ليلى عبد المجيد في دراستهما "الإعلام والجمهور النسائي.. المشكلات المهنية والاجتماعية" الصادر أخير عن دار العربي للنشر.

هذه الدراسة الإمبريقية والميدانية رصدت اتجاهات الجمهور النسائي بجامعة القاهرة، إزاء الأوضاع الاجتماعية للمرأة المصرية والواقع المهني والأكاديمي والطلابي بالجامعة وعلاقة كل من الأكاديميات والطالبات والإداريات بوسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع والإلكتروني.

وأشارت الدراسة إلى أن الجامعات المصرية شهدت خلال نصف القرن الأخير، تزايدًا ملحوظًا في إعداد الطالبات، ما أسفر عن بروز العديد من الكوادر الأكاديمية النسائية في مختلف مجالات المعرفة العلمية، فضلًا عن تبوء المرأة للمواقع الإدارية والأنشطة الرياضية والثقافية في معظم الجامعات المصرية.

ورغم هذه القفزة النوعية التي حققتها المرأة المصرية في حقل التعليم الجامعي والتي تشير إلى بلوغهن نسبة 35% من أعضاء هيئة التدريس في الطب والهندسة والعلوم 42% في العلوم الاجتماعية والإنسانية، علاوة على تزايد نسبة الطالبات حيث تراوحت بين 60% في الكليات العلمية و80% في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية (الآداب والحقوق والآثار والإعلام والتربية والتجارة.. الخ)، إلا أن البحث العلمي الاجتماعي ووسائل الإعلام لم تول هذا القطاع ما يستحقه من دراسة وتحليل سعيًا للتعرف على منظومة العلاقات والقيم والمشكلات والمعوقات المهنية - الاجتماعية التي تعترض الأداء العلمي والمهني للشرائح النسائية في الجامعات المصرية، وتشير الدراسات التي أجريت عن الصورة الإعلامية للجامعات المصرية إلى تهميش صورة المرأة الجامعية كأستاذة وطالبة وإدارية وتسليط الضوء فقط على القضايا والأحداث الجامعية.

وأضافت أنه على الرغم من أن الخطاب الرسمي دأب منذ السبعينيات على تأكيد استقلال الجامعات أكاديميًا وماليًا وإداريًا بمعنى حق كل جامعة في تنظيم شئونها المالية والعلمية بإنشاء ما تشاء من تخصصات ولوائح في إطار احتياجات المجتمع إلا أن الدراسات التي أجريت تؤكد أن الجامعات المصرية لا تزال بعيدة عن الاستقلال الحقيقي، فالدولة بحكم انفاقها على الجامعة تسيطر على مجمل الشئون الجامعية من خلال المجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالي. إذ تتولى تعيين القيادات الجامعية سواء رؤساء الجامعات ونوابهم وأمناء الجامعات ويتولى رؤساء الجامعات تعيين العمداء والوكلاء ورؤساء الأقسام بشرط موافقة السلطات الأمنية. وتشير الدراسة الراهنة إلى اهتمام عينة الدراسة من عضوات هيئة التدريس (الأكاديميات) بجامعة القاهرة بقضية استقلال الجامعات باعتبارها شرطًا أساسيًا لتصحيح منظومة التعليم الجامعي. 

ولفتت الدراسة إلى أن الأكاديميات تطرح عدة ضمانات لتحقيق استقلال الجامعات يمكن الاستناد إليها كشروط لتفعيل المسار المستقبلي وتتمحور حول ثلاثة أمور: أولا ضمان حق الأساتذة في انتخاب القيادات الجامعية بدءًا من رؤساء الأقسام العلمية ومرورًا بانتخاب العمداء والوكلاء بالكليات ووصولًا إلى انتخاب رؤساء الجامعات ونوابهم. ثانيا تحقيق التوازن بين مبدأ الإدارة المستقلة للجامعات مع اعتمادها على التمويل الحكومي الذي يصل إلى 75% من مجمل الميزانيات الجامعية. ثالثا ضمان عدم التدخل السياسي والأمني في الشئون الجامعية ويستلزم هذا الشرط ضرورة إلغاء وإزالة كافة القيود والمعوقات التي تصادر الحريات الأكاديمية للأساتذة. 
 

وأوضحت أنه فيما يتعلق بالممارسات المهنية والأكاديمية ومعدلات الرضا عن المكانة المهنية والمالية لدى الأكاديميات بجامعة القاهرة تشير الدراسة إلى ارتفاع معدلات عدم الرضا فيما يتعلق بالأوضاع العلمية والتعليمية والمالية لكلياتهن مع ارتفاع نسب رضائهن عن المكانة الأدبية والمعنوية لمهنتهن كأكاديميات بالجامعة. وتعزى أسباب عدم الرضا إلى غياب المعايير الموضوعية في اختيار القيادات وأسلوب تعيين المعيدين مما ينعكس بصورة سلبية على بيئة العمل والعلاقات والأنشطة العلمية وتوزيع المهام والأعباء التعليمية والبحثية داخل الكليات التي خضعت للدراسة ويضاف إلى ذلك السبب الاقتصادي الذي يتمثل في ضآلة المرتبات والمكافآت المالية المخصصة للبحوث الأساسية (كلية العلوم والزراعة) والبحوث الاجتماعية والإنسانية (كليات الآداب والإعلام ودار العلوم والحقوق) وتشير الدراسة إلى سيطرة العامل الاقتصادي على فكر ورؤى الأكاديميات إذ يركزن على مشكلتين أساسيتين تواجهان التعليم الجامعي في مصر هما ضعف ميزانيات البحث العلمي وضعف الكادر المالي لأعضاء هيئات التدريس، ثم يأتي بعد ذلك غياب الإستراتيجية البحثية للجامعة وعدم كفاية البنية التحتية التي تشمل المعامل والمدرجات والمكتبات العصرية وجمود اللوائح والقوانين المنظمة للعمل الجامعي. 
 
وأكدت الدراسة أن الأزمات الجامعية لا تكمن أسبابها في قصور الموارد الاقتصادية فحسب بل في سوء توظيف وإدارة هذه الموارد وعدم مواجهتها بل الالتفاف حولها والاستعانة بأساليب تتنافي مع جوهر رسالة الجامعة وأدوارها العلمية مثل اللجوء إلى إنشاء التعليم المفتوح والشعب الأجنبية المدفوعة لتوفير موارد إضافية لسد العجز في الكادر المالي لأعضاء هيئة التدريس وعدم السعي لتعديل هذا الكادر وعدم تخصيص جزء من هذه الموارد للنهوض بالبحث العلمي الأمر الذي أدى إلى تراجع دور المنظومة الجامعية علميًا وثقافيًا واجتماعيًا. إذا كان الهدف المستقبلي يسعى إلى تغيير هذا الواقع فإن شروط تفعيل السيناريو الاستهدافي تتركز في ضرورة تغيير السياسات الراهنة للجامعات (علميًا وماليًا وإداريًا) وتفعيلها من خلال قيادات جامعية منتخبة تطرح برامج للتغيير وتلتزم بقواعد قانونية صارمة ينص عليها قانون تنظيم الجامعات الجديد وتتصدر هذه القواعد الالتزام بالشفافية وطرح الميزانيات على الجمهور الجامعي (الأساتذة والطلاب والإداريين) على أن تخضع هذه القيادات للمحاسبة ليس فقط من جانب الأجهزة الرقابية الرسمية ولكن أيضًا من جانب الجمهور الجامعي. والمقصود بالقيادات الجامعية رؤساء الأقسام وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات مع ضرورة التزام هذه القيادات بإعداد استراتيجية تعليمية وبحثية تبدأ من الأقسام والكليات على أن يتم عرضها ومناقشتها وإقرارها من خلال حلقات نقاشية وندوات علمية متخصصة مع مراعاة متابعتها بصورة دورية. 

وتابعت الدراسة أنه في ضوء المعوقات التي تعاني منها الإداريات بجامعة القاهرة تبرز شروط تفعيل المسار المستقبلي على النحو التالي: أولا تبني نموذج لامركزية المسئولية الإدارية الذي يعتبر القسم الوحدة الإدارية الأساسية ويمنح الأقسام الأكاديمية قدرة أكبر من السلطة في صنع القرارات المالية والإدارية مع مراعاة تحقيق التوازن بين الجوانب الإدارية والعلمية في مجالس الأقسام والكليات والجامعات من خلال تخصيص مجلس للشئون العلمية وآخر للشئون المالية والإدارية على أن يتم التنسيق الدائم بينها. ثانيا تطوير الأسلوب الإداري في الجامعة كي ينتقل من الأوضاع الراهنة التي تتأرجح بين الإدارة بالأساليب والأهداف إلى أسلوب الإدارة بالرؤية المشتركة مع توسيع قاعدة العمل الجماعي ومراعاة تفعيل العدالة الجندرية (النوعية) في توزيع الأعباء الإدارية والترقيات الوظيفية. ثالثا الحرص والسعي لتحسين العلاقات السائدة بين كل من الإداريين والأكاديميين والطلاب من خلال تنظيم ندوات توعية للإداريين والإداريات لفهم طبيعة عمل الأكاديميين وتنظيم لقاءات دورية لتحقيق التوافق اللازم.

وحول العلاقات المتبادلة بين الجمهور النسائي ووسائل الإعلام المصرية والعالمية، أشارت الدراسة إلى أن الكتب والدراسات جاءت في مقدمة مصادر المعلومات التي تعتمد عليها أغلبية عينة الدراسة من الأكاديميات كما جاءت مواقع التواصل الاجتماعي في الصدارة كمصادر للمعلومات للأكاديميات في كليتي الإعلام والعلوم السياسية وكذلك بالنسبة للإداريين في هذه الكليات كما كانت أعلى معدلات التعرض للطالبات بجامعة القاهرة لوسائل الإعلام الالكترونية وتشغل القنوات الفضائية التليفزيونية الاختيار السائد بين جميع أفراد عينة الدراسة من الأكاديميات والإداريات والطالبات وتتراجع الصحف كمصدر للمعلومات بالنسبة للأكاديميات وتتراوح الموضوعات المفضلة لدى الأكاديميات بين الموضوعات الطبية والسياسية والصحية والدينية ثم الفنية أما الإداريات فإن موضوعات المطبخ والموضة وشئون الأسرة كانت في مقدمة اهتماماتهن. وتتفق أغلبية الطالبات على متابعة المواد الإعلامية الموجهة للمرأة تليها البرامج الدينية ثم الأغاني والمنوعات.

وحذرت من أن الاتجاهات السلبية سادت لدى الجمهور النسائي بجامعة القاهرة نحو الصورة الإعلامية للمرأة المصرية، وهناك اجماع أن الإعلانات التجارية تسلع جسد المرأة وأن الأفلام والمسلسلات تقدم صورة سلبية ولا أخلاقية للمرأة المصرية.

كما أن الإعلام المصري لا يسلط الضوء على العلم والعلماء والعالمات ولا يحرص على توعية المرأة بحقوقها القانونية والمجتمعية. وتتفق أغلبية المبحوثات من الأكاديميات والإداريات والطالبات بجامعة القاهرة على غياب الحقائق في الإعلام المصري وغياب المهنية والتخصص العلمي لدى معظم الإعلاميين والإعلاميات في مصر. كما ترى أغلبهن أن وسائل الإعلام تسعى إلى الإثارة وتركز على الغيبيات والخرافات في بعض البرامج، وترى المبحوثات أن الإعلام النسائي المتخصص في شئون المرأة لا يقدم موضوعات جادة ولا يسهم في رفع مستوى الوعي الحقوفي لدى المرأة المصرية ويقترحن إجراء تعديلات جذرية في السياسات الإعلامية الموجهة للجمهور العام وخاصة الجمهور النسائي والسعي بجدية لتغيير الخطاب النسوي والاهتمام بالتخصص عند اختيار الضيوف الذين يتم استضافتهم في البرامج ويطالبن بضرورة توافر المصداقية في وسائل الإعلام وعدم التأييد المستمر للحكومة وعدم تقديم معارضة شكلية كاذبة ونقل الصورة الواقعية للجمهور دون تحريف. وتشير الدراسة الميدانية على عدم اهتمام الصحفيين بالطلاب كمصادر للمعلومات الجامعية باعتبارهم ليسوا شركاء في صنع السياسات الجامعية بل هم متابعون لها. إلا أن الطلاب يحتلون موقعًا بارزًا في التغطيات الصحفية والإعلامية التي تتناول الأنشطة الطلابية والوقفات الاحتجاجية والمظاهرات والاعتصامات والأنشطة الفنية والرياضية.

ولفتت الدراسة إلى ندرة ما يولي الإعلاميون والصحفيون اهتمامًا بالأجهزة الإدارية في الجامعات المصرية ويعزى ذلك إلى امتناع الإداريين والإداريات عن التواصل مع الإعلاميين التزامًا بالقيود البيروقراطية التي تحظر عليهم الإدلاء بتصريحات أو الإفصاح عن مواقفهم من المشكلات والقضايا الجامعية. وإذا كان الهدف المستقبلي يسعى إلى تصحيح العلاقة بين الإعلاميين والجمهور الجامعي بصفة عامة وفي قلبه الجمهور النسائي بل وتفعيلها في نطاق الممارسة سعيًا للإسهام في استنهاض المنظومة الجامعية واستعادة دورها في صنع التقدم العلمي والإبداع الفكري والثقافي وخدمة المجتمع في إطار ذلك يطرح النمط الاستهدافي المستقبلي السيناريو التالي: 

هناك مسئولية مشتركة يقتسمها كل من الإعلاميين من ناحية والجمهور الجامعي من ناحية أخرى تبرز ضرورة التحرر من موروث الخوف والحذر المتمكن لدى معظم الأكاديميين والأكاديميات وجميع الإداريين (نساء ورجال) وتعزى أساسًا إلى سيطرة الجهاز الأمني على مجمل مفردات المنظومة الجامعية على مدى سنوات طويلة تلك الهيمنة التي تتجاوز الحدود القانونية والموضوعية للدور الأمني وهذا يلقي المسئولية الأساسية على عاتق الجمهور الجامعي من الأكاديميين بالتحديد لتحرير أنفسهم من القيود الأمنية واليبروقراطية التي تحاصر أدائهم وتحرمهم من حقوقهم الأصيلة في التواصل مع المؤسسات المجتمعية وفي صدارتها وسائل الإعلام. وتتحدد مسئولية الإعلاميين والصحفيين في ضرورة تنويع مصادرهم الجامعية وعدم الاقتصار على التعامل مع إدارات العلاقات العامة والقيادات الجامعية وإهمالهم للجمهور الجامعي من الأكاديميين والإداريين والطلاب (نساء ورجال) وإبراز الحقائق المسكوت عنها والتي أسفرت عن تفشي الفساد العلمي والمهني والاقتصادي الذي بدأ يغزو الجامعات وينتشر في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة. 

وفي إطار المسئولية المشتركة من جانب الإعلاميين والصحفيين مع الجمهور الجامعي تبرز ضرورة التوصل إلى إعداد ميثاق شرف ينظم العلاقة بين هذين الطرفين وينبثق من المشاركة في إعداد وتنظيم حلقات نقاشية وندوات تضم ممثلين عن الأكاديميين والإداريين والطلاب مع الصحفيين المتخصصين في التعليم الجامعي على أن يتم ذلك تحت إشراف نوادي أعضاء هيئة التدريس والاتحادات الطلابية المنتخبة بالجامعات المصرية بالاشتراك مع نقابة الصحفيين. 

Dr.Randa
Dr.Radwa