أكد وزير الكهرباء والطاقة، الدكتور محمد شاكر، دعم مصر الكامل لإنجاح أعمال المؤتمر العام الـ66 للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال الوزير، في كلمته إلى المؤتمر اليوم الإثنين، إن الدول الأعضاء تجتمع سنويًا بالمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكيد على الحق الأصيل وغير القابل للتصرف لكافة الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفي إجراء أنشطة البحث والتطوير والتعاون لتعزيز استفادتها من تلك الاستخدامات بمختلف مجالاتها وتطبيقاتها التكنولوجية وبما يساعد على خدمة مصالحها التنموية.
ولفت الوزير إلى دعم مصر، من هذا المنطلق، للدور الذي تضطلع به الوكالة في نشر تلك الاستخدامات، باعتباره الركيزة الأساسية لعمل الوكالة والسبب الرئيسي وراء إنشائها عام 1957، وفقا لما تنص عليه المادة الأولى من نظامها الأساسي.
وأضاف الدكتور محمد شاكر: "لا يفوتني في هذا السياق، إلا أن أشيد بجهود مديرها العام رفائيل جروسي والأمانة العامة في إدراج الطاقة النووية وتطبيقاتها المختلفة باعتبارها مكونًا مهمًا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة؛ ومنها على سبيل المثال في مكافحة ظاهرة تغير المناخ والتكيف معها، وهو الأمر الذي ظهر جليًا في الاهتمام الشخصي الذي يبديه السيد جروسي للمشاركة في قمم تغير المناخ المختلفة منذ توليه مهام منصبه".
وأشار الوزير إلى تطلع مصر لمشاركته في القمة المقبلة في شرم الشيخ (مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ COP 27)؛ لاستعراض الدور المتزايد الذي يمكن أن تسهم به الطاقة النووية في هذا المضمار.
وتابع: "شهد العقد الماضي قفزات نوعية مهمة وتطورا هائلا في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، إلا أن العديد من الدول لم تستفد من ثمار هذا التقدم حتى الآن، وهو ما ترى مصر أنه يعود لسببين رئيسيين؛ الأول خاص بالقيود غير المبررة المفروضة على تصدير التكنولوجيا النووية وبما يتجاوز الأحكام المتفق عليها بمعاهدة منع الانتشار، والثاني يعود لضعف التمويل المالي المُتاح لدعم الاستخدامات السلمية وعدم وجود رغبة واضحة لدى العديد من مؤسسات التمويل وصناديق التنمية الدولية والإقليمية في الاستثمار في قطاع الطاقة النووية، ولعل ما يفاقم من الأمر هي محدودية الموارد المتاحة لصندوق التعاون الفني التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وأردف الوزير: "بالرغم من كون هذا الصندوق الأداة الرئيسية التي تقدم من خلالها الوكالة مساعدتها لأكثر من 140 دولة عضو، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن موازنة هذا الصندوق لم تتجاوز حاجز 100 مليون يورو سنويًا، وهو رقم معبر في ضآلته ومحدوديته عن حجم المشكلة".
ونوه شاكر بأن هناك حاجة ماسة للنظر في إيجاد حل لتلك المشكلة من أجل مواكبة الطموحات المتزايدة للعديد من الدول في تعظيم استفادتها من الأوجه المختلفة للتكنولوجيا النووية السلمية، والعمل على كفاية الموارد المتاحة لهذا الغرض بشكل قابل للاستدامة ويمكن التنبؤ به، وفي إطار من الشراكة بين الدول المانحة والمتلقية وبعيدًا عن أية مشروطية، وبما يسمح بتنفيذ أنشطة ومبادرات الوكالة المختلفة؛ ومن بينها مبادرة "إشعاع الأمل" التي تشجعها مصر وتحرص على المساهمة فيها دعما لجهود التنمية في قارتنا الإفريقية.
وأشار الوزير -في كلمته- إلى تأكيد مصر على أهمية الحفاظ على نظام الضمانات الشاملة، ودعمها لجهود الوكالة في تعزيز فعالية وكفاءة هذا النظام في إطار من الموضوعية والحيادية وعدم التمييز بين الدول، ومن خلال الاعتماد على المعايير الفنية البحتة دون أي تسييس أو التفاف على التزامات الدول القانونية.
وفي هذا الصدد، بيّن الدكتور محمد شاكر تشديد مصر على الطبيعة الطوعية للبروتوكول الإضافي باعتباره أداةً مكملة لاتفاقيات الضمانات الشاملة، معربًا عن رؤيتها لمحاولة تحميل الدول غير النووية الأطراف في معاهدة منع الانتشار المزيد من الالتزامات القانونية والقيود كشرط مسبق للاستفادة من بعض أوجه الاستخدامات السلمية، لن يؤدِ إلا إلى ترسيخ الخلل القائم في منظومة منع الانتشار، ولن يساعد على الوصول للهدف المنشود بتعزيز فعالية نظام الضمانات، وهو الهدف الذي لن يتأتَ دون العمل بنية صادقة من أجل تحقيق عالمية اتفاقية الضمانات الشاملة.
وبناءً عليه، لفت الوزير إلى دعوة مصر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيلاء أولوية متقدمة لهذا الموضوع تنفيذًا لقراري المؤتمر العام للوكالة لتعزيز فعالية وكفاءة الضمانات ولتطبيق الضمانات في منطقة الشرق الأوسط.
وحول استمرار جهود إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، أفاد الوزير -في كلمته- بأن مصر ستطرح مجددًا هذا العام مشروع قرار حول تطبيق ضمانات الوكالة في الشرق الأوسط دعمًا للجهود المبذولة لتحقيق عالمية نظام الضمانات الشاملة كخطوة أساسية لإنشاء المنطقة.
ولفت الوزير إلى تطلع مصر لقيام مدير عام الوكالة بطرح رؤية جديدة تساعد على تحقيق تقدم في تنفيذ هذا القرار بما يراعي المستجدات الإقليمية والدولية الحالية، معربًا -في هذا السياق- عن ترحيب مصر بانعقاد الدورتين الأولى والثانية من مؤتمر الأمم المتحدة لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط وتطلعها لعقد الدورة الثالثة خلال شهر نوفمبر المقبل تحت رئاسة لبنان الشقيق.
وتابع الدكتور محمد شاكر أن هذا المؤتمر اكتسب زخمًا متزايدًا بصفته مسارًا تفاوضيًا مهمًا لتنفيذ قرار مؤتمر مراجعة وتمديد معاهدة منع الانتشار لعام 1995 ومخرجات مؤتمر المراجعة لعام 2010، خاصة وأنه لا يهدف لعزل أي من دول المنطقة، وإنما هو محاولة صادقة لبلورة معاهدة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل تلبي شواغل الجميع وتستند إلى مبدأ توافق الآراء.
وفيما يتعلق بالأمن النووي، قال الوزير: "تؤكد مصر على الاهتمام الكبير الذي توليه للارتقاء بهذا المجال وتحرص على تعزيز التعاون مع الوكالة والدول المانحة في مختلف أنشطة الحماية المادية لمنشآتها النووية إيمانًا منها بأهمية هذا التعاون وما يقدمه من قيمة مضافة للجميع، وذلك مع التنويه بأهمية المبدأ الراسخ بأن مسئولية الأمن النووي هي مسئولية وطنية تقع بشكل كلي على عاتق الدولة المعنية، كما أنه لا يجب توظيفه كآلية للتأثير على حق الدول الأصيل في مجال الاستخدامات السلمية".
وأضاف الوزير: "أود التنويه أيضًا بأهمية تمويل المشروعات المتعلقة بالأمن النووي من خلال المصادر الطوعية، خاصة وأنه لا يستقيم تمويل تلك المشروعات من الميزانية العادية الوكالة في الوقت الذي يتم فيه تمويل أحد أهم الأنشطة الرئيسية للوكالة والمتمثلة في أنشطة التعاون الفني من خارجها".
وشدد وزير الكهرباء والطاقة على أن البرنامج النووي المصري السلمي يمضي بخطى متقدمة وواثقة، وفي القلب منه مشروع إنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة، الذي يشتمل على تشييد أربع وحدات نووية؛ بهدف خدمة احتياجاتنا التنموية وفقًا لرؤية مصر 2030، مضيفًا "يمثل مشروع الضبعة مصدر فخر واعتزاز لنا جميعا وإنجازًا مهمًا للجمهورية الجديدة في مصر، وقد شهد شهر يوليو الماضي نقلة مهمة في مسار تنفيذ هذا المشروع الضخم والطموح بعد الحصول على إذن إنشاء الوحدة النووية الأولى بالمحطة وبدء أعمال الصبة الخرسانية الأولى، وهي خطوة محورية وذات دلالة مهمة؛ إذ تعبر عن الانتقال من مرحلة الأعمال التمهيدية والتحضيرية للمشروع إلى مرحلة البدء الحقيقي في أعمال الإنشاءات، وتنقل مصر إلى مصاف الدول التي لديها محطات نووية تحت الإنشاء".
ولفت الوزير إلى حرص مصر على تنفيذ هذا المشروع وفقًا لأعلى معايير الأمن والسلامة النووية وفي إطار التزامات مصر القانونية.