الطريق للحفاظ على الأمن والاستقرار طريق شاق ..فإذا كان تحقيقه والوصول إليه أمراً بالغ الأهمية ..فإن الحفاظ عليه هو الأصعب والأكثر أهمية لذلك فإن استمرار التطوير والتحديث والإصلاح والبناء والتنمية.. وبناء الوعى الحقيقى.. والفهم الصحيح والاستمرار فى ترسيخ مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والتعايش والتسامح وأعلى درجات النزاهة والشفافية.. واستمرار العمل بنفس الروح والإرادة وتحقيق تطلعات وآمال الشعوب.. هو الاختيار الحتمى لما يشكله الاستقرار من قاعدة أساسية تنطلق منها كل النجاحات والإنجازات على طريق التقدم ..الرئيس السيسى قدم لنا رؤية وإستراتيجية ومدرسة لترسيخ وتحقيق الاستقرار.. ومن واقع كلماته وأحاديثه وتحليل مضمون لمحتواها تجد نفسك أمام آليات ومكونات وأسباب الحفاظ على الاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة.. وبناء إنسان مصرى أكثر وعياً وفهماً وولاءً وانتماءً لهذا الوطن.. يتمتع فى الجمهورية الجديدة بـ«الحياة الكريمة» ..ويستشعر انه أمام دولة تتيح تكافؤ الفرص أمام أبنائها.. وترسخ مبادئ العدل والمساواة والمواطنة ..وتطبق معيار الجدارة والاستحقاق دون أى تمييز ..لذلك فإن الحفاظ على الاستقرار لا يقل أهمية وعملاً وتضحية من الوصول إليه.. وهو ما يتطلب تضافر الجهود.. ومشاركة الحكومة والمواطن فى تحقيق هذا الهدف ..وأن يؤدى كل مواطن ومسئول ومؤسسة دورها على أكمل وجه ..خاصة وأن التحديات الداخلية الإقليمية والدولية تفرض علينا ذلك.
نعمة عظيمة جاءت بعد تضحيات.. وضمان استمرارها أكثر مشقة وعملاً
وصول مصر إلى أعلى معايير الأمن والأمان والاستقرار لم يكن بالأمر الهين.. ولم يأت صدفة بل جاء عبر تضحيات كثيرة، وكلفة غالية ..ضحى فيها أبناء هذا الوطن من شهداء الجيش المصرى العظيم والشرطة الوطنية بأرواحهم ودمائهم فى معركة هى واحدة من الأخطر والأصعب فى تاريخ مصر.
بعد سنوات من الفوضى والانفلات وحرب ضروس خاضتها مصر ضد الإرهاب الأسود وإحباط المؤامرات وتعطيل المخططات كانت فترة عصيبة وحرجة كانت فيها الأمة المصرية على المحك، لكنها عبرت وانتصرت وسطرت ملحمة وطنية خالدة.
الأمن والاستقرار لم يأت اعتباطاً ولم يتحقق بالحظ ولكن وفق رؤية رئاسية شاملة أدركت ان الوطن فى حاجة إلى أن ينعم بالأمن والأمان والاستقرار الذى تنطلق منه عملية البناء والتقدم، فلا تنمية بدون استقرار أمنى وسياسي.
الرؤية والإرادة مكنت مصر من تجاوز كل التحديات التى تعوق طريقها إلى الاستقرار ونجحت فى تحقيق النصر فى معركة البقاء رغم انها خاضت معركتى البقاء والبناء معاً فى سابقة استثنائية، وتفوقت فى المعركتين.
يقولون إن الحفاظ على القمة أكثر صعوبة من الوصول إليها، لذلك فإن الحفاظ على الاستقرار لا يقل صعوبة عن الوصول إليه، والحفاظ على الاستقرار أيضاً هو تحد لأنه يستوجب إجراءات ورؤى واستراتيجيات وعملاً دءوباً ومستمراً لا يتوقف.
الحفاظ على الاستقرار أيضاً ليس مهمة الدولة أو القيادة أو الحكومة وحدها ولكن مهمة المواطن أيضاً لأنه أكثر الأطراف تضرراً وكارثية من عدم الاستقرار والفوضى.. ولعل ما حدث فى ثورات الخراب العربى أبلغ دليل ودرس أمام الشعوب التى عانت من ويلات الفوضى والانفلات والإرهاب والعنف والسلاح بعد سقوط الدولة الوطنية.. وما زال الأمر يشكل خطراً داهماً على تلك الدول التى لم تنجح إلى الآن فى استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها خاصة الجيش الوطني، والمؤسسة الأمنية ولم يتحقق الوفاق والوعى الحقيقى بين شعوبها وهو ما يؤدى فى النهاية إلى اصطفاف وطنى وإرادة حقيقية لترسيخ الاستقرار ومن ثم البناء والتنمية.
مصر الدولة الوحيدة التى نجت من السقوط فى مستنقع الفوضى والانفلات وتجاوز ما حدث فى يناير 2011 وحتى وصول الإخوان المجرمين إلى الحكم وكان الفضل فى ذلك لله ولجيش مصر العظيم وأبطاله من شرفاء هذا الوطن الذين نجحوا فى أن تعبر مصر المؤامرة »الشيطانية» فى..2011 ونجحت ثورة 30 يونيو 2013 فى تحقيق الخلاص للمصريين من حكم فاشى عميل ومتآمر على مصر.. عندما خرج المصريون بالملايين إلى الشوارع والميادين مطالبين بعزل هذا النظام وأطلقوا النداء التاريخى إلى جيشهم العظيم الذى كان يقوده آنذاك قائد وطنى شريف ومخلص لبى نداء شعبه.. وتحمل تبعات ذلك عن قناعة وشجاعة نادرة فأنقذ مصر من السقوط والاقتتال الأهلى وعبر بها إلى بر الأمان لتبدأ مرحلة جديدة وهى تطهير مصر من الإرهاب.. ليتحقق الأمن والأمان والاستقرار لمصر وشعبها، وهو أعظم نعمة، أيضاً ركيزة البناء والتنمية والتقدم.
ما حققته مصر من بناء وتنمية وإصلاح حقيقى فى كافة المجالات والقطاعات قادها إلى التقدم وتحقيق نتائج فاقت التوقعات وانعكاس ذلك على المواطن وظروفه وأحواله المعيشية، وجودة حياته وتوفير الحياة الكريمة له وتلبية احتياجاته والارتقاء بالخدمات المقدمة له، كل ذلك تحقق مع ترسيخ الأمن والاستقرار وهو ما يستلزم استمرار العمل والبناء والتنمية بنفس الروح والإرادة وأكثر، للحفاظ على الاستقرار الذى هو أكسير الحياة ووجود الأوطان وتقدمها.
بطبيعة الحال، يطفو على السطح سؤال مهم، كيف نحافظ على الاستقرار؟ وما السبل والآليات والوسائل التى تؤدى إلى ذلك؟ ..الحقيقة أن أمامنا تجربة ملهمة وفريدة ورؤية خلاقة لضمان ذلك سطرها الرئيس عبدالفتاح السيسى ومن إجراء تحليل مضمون لأحاديثه المتكررة من التحديات ومتطلبات التقدم نستطيع أن نرسم ملامح وأسباب الحفاظ على أغلى نعمة فى حياة الدول والشعوب وهى الاستقرار كالتالي:-
أولاً :إن الشعوب لديها تجربة مأساوية وكارثية، مع هبوب عواصف الربيع العربى المشئوم والتى أسقطت دولاً كثيرة وعاثت فى بعض الدول فوضى وانفلاتاً وإرهاباً وقتلاً وضياعاً وتشرداً وانهياراً للدول ومؤسساتها واهدار ثرواتها ومواردها وتأخرها.. وضعف أملها فى استعادة الدولة الوطنية وتحول أعداد كبيرة إلى لاجئين يعيشون فى معسكرات ومخيمات على حدود الدول.. كل ذلك منح الشعوب درساً مهماً يجب أن تعيه وتدركه جيدا وتأخذ منه العبرة والعظة وأن تحافظ على أوطانها والحذر من الدعوات والأفكار الهدامة، والأكاذيب والشائعات والتشكيك الذى يستهدف تدمير الأوطان وتزييف وعى شعوبها ولا يمكن ان ننسى مقولة الرئيس السيسى »خلوا بالكم من أوطانكم».. فالأساس فى الحفاظ على الدول والاستقرار فيها هو الشعوب.
ثانياً :بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح لدى الشعوب، ومشاركتها فى تحمل مسئولياتها فى بناء الأوطان ووضع التحديات والصعوبات والحقائق والقضايا بين أيديهم، واطلاعهم أولاً بأول على ما يجرى فى البلاد وعلى الصعيدين الإقليمى والدولى وتأثير ذلك على دولهم، وما يحاك يخطط لها، وأيضاً التمهيد والاقناع والشفافية عند عرض أى قرار مهم أو مصيرى للشعوب وتناوله من خلال أصحاب الجدارة للحديث عنهم من أهل العلم والتخصص والخبرات وليس من أنصاف وأرباع المتخصصين ..فمن يتصد للشأن العام فلابد أن يكون ملماً ومتحلياً بالفهم الصحيح لأبعاد وتفاصيل القضايا المطروحة.
ثالثاً: إن تحقيق الأمن والاستقرار ليس مهمة القيادة أو الجيش أو الشرطة فحسب ولكن مسئولية كل مواطن يعيش على أرض الوطن، يجب أن يكون واعياً ولا ينساق وراء الشائعات والأكاذيب لا يجرى وراء منابر معادية تريد إلحاق الضرر بالوطن.
رابعاً: الرئيس السيسى أكد مراراً وتكراراً مقولة وعبارة مهمة للغاية «إن من يملك جيشاً وطنياً قوياً، يملك أمناً واستقراراً» لذلك يجب أن يعى ويدرك كل مواطن أهمية بناء القوة والقدرة والتى لم تعد رفاهية فى ظل التحديات والتهديدات والمخاطر والاضطرابات الإقليمية والدولية، والأطماع والأوهام التى تتبناها قوى الشر لتركيع الدول والنيل من أمنها واستقرارها وثرواتها ومواردها وحقوقها وإضعافها والوقيعة بين شعبها.. لذلك فالدولة الوطنية القوية، بمؤسساتها الوطنية القادرة هى خير وقاية وصمام الأمان ضد كل المخاطر والتهديدات.
خامساً :استمرار البناء والتنمية وجهود الدولة فى تحقيق آمال وتطلعات المواطنين وتزامن مهم وضرورى فى بناء الوعى الحقيقي، والفهم الصحيح لدى الشعوب، على أن يتصاعد البناء والتنمية بما يؤدى إلى قوة الاستقرار واستمرار الإعلام فى تبنى قضية بناء الوعى الحقيقى وإطلاق المبادرات الوطنية مثلما فعلت شركة المتحدة للإنتاج الإعلامى سواء فى الحفاظ على الهوية الوطنية، والشخصية المصرية واستعادة منظومة القيم والأخلاق المصرية »أخلاقنا الجميلة»، والبناء الفكرى والثقافى والتوعوى والوجدانى للإنسان المصرى منذ الطفولة وهو ما قدمته الشركة فى إيجاد محتوى ومضمون إعلامى للأطفال يتصدى لمحاولات وحملات الغزو الثقافى الخارجى الذى لا يتسق ولا يتناسب مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وتعاليم الأديان السماوية، لنضع اللبنة الأولى فى الحفاظ على الهوية والشخصية المصرية بنموذج ونسق ثقافى وإعلامى مصرى 100 %.
سادساً :الاستفادة من أخطاء وكوارث وتقصير وإهمال وغياب الرؤية خلال العقود الماضية وعلاج هذه الأخطاء التى بسببها كادت مصر تضيع، والحقيقية وللإنصاف فإن الرئيس السيسى تصدى لكل هذه الأخطاء والكوارث التى وقعت فى الماضى ووضع بناء الإنسان المصرى على رأس أولوياته فلم يعد يقف فى طوابير طويلة وممتدة للحصول على خدمة أو حاجة مثل البنزين والسولار والبوتاجاز ورغيف الخبز ولم يعد المواطن يضج من ويلات الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، ولم يعد يتألم من مرض «فيروس سى» وسائر الأمراض الأخرى، ولم يعد ينتظر دوره لإجراء جراحة مهمة قد يموت قبل أن يأتى دوره.. لذلك أجرت الدولة مليوناً و300 ألف عملية جراحية بتكلفة تزيد على الـ12 مليار جنيه ولم يعد الانتظار يستمر لأكثر من أسبوعين يتوقف بعدها الألم والمعاناة، ولم تعد هناك مناطق عشوائية فالمواطن المصرى فى هذه المناطق التى أصبحت ذكرى مؤلمة أصبح يعيش فى مناطق حضارية تتوافر فيها كل الأنشطة والخدمات الراقية.. وحصل على وحدة سكنية مجهزة بالأثاث والمفروشات والأجهزة الكهربائية مجاناً.. ناهيك عن السكن الكريم والاجتماعى المتاح لكل المصريين، إضافة إلى مشروع القرن »حياة كريمة» لتنمية وتطوير قرى الريف المصرى الذى يستهدف تغيير حياة ما يقرب من 60مليون مواطن إلى الأفضل وتمكينهم من الحياة الكريمة ثم الانحياز الرئاسى للفئات الأكثر احتياجاً، الذين يحظون بدعم غير مسبوق وبرامج حماية اجتماعية أبرزها تكافل وكرامة الذى يضم 22 مليون مواطن مصرى وانفقت الدولة 2 تريليون جنيه خلال 8 سنوات على برامج الحماية الاجتماعية.
سابعاً: الحفاظ على الاستقرار يتطلب أعلى معايير النزاهة والشفافية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص وهو ما أرساه الرئيس السيسى على مدار 8 سنوات، بالإضافة إلى قطع رأس الفساد والامتيازات والتجرؤ على الاعتداء على أراضى وأملاك الدولة، وأيضاً أن تكون الجدارة والاستحقاق هى المعيار الوحيد فى الحصول على الفرص، وأن الاختيار للأفضل والأكثر كفاءة.
ثامناً :الحفاظ على الاستقرار يتطلب أيضاً ترسيخ التسامح والتعايش وقبول الآخر والاعتدال وعدم التعصب للرأي، وتطهير البلاد من الفتن والقضاء على مسبباتها وعدم التمييز تحت أى سبب سواء طائفية أو دينية، وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، والحقيقة أن مصر تفوقت فى هذا المجال ورسخت أعلى معايير التسامح والتعايش والحوار وقبول الآخر والمساواة وعدم التمييز فغابت الفتن.
تاسعاً :إن يعى كل مسئول فى الدولة أن يكون دوره فى بناء الوعى لا يقل أهمية عن عمله الأساسي، فمن المهم التواصل مع الناس وتعريفهم وتوعيتهم خاصة فى ظل التحديات الحالية التى تشهدها دول العالم وفى ظل تداعيات أزمات دولية طاحنة وصراعات قد تتطور إلى الأسوأ.
عاشراً :الحفاظ على الاستقرار منظومة مهمة تتعانق وتتكامل فيها كافة الأبعاد والمحاور سواء العمل والبناء والتنمية والتطوير والتحديث والإصلاح وتحقيق حياة أفضل للناس وتلبية آمالهم وتطلعاتهم مع بناء وعى حقيقى يجب أن يكون محل اهتمام كل مسئول، ومواطن أيضاً لديه من الفهم والضمير الوطنى الحى والشريف.. وهذا لا يعفى الإعلام من مواصلة دوره واستمراره فى بناء الوعى وتحقيق الفهم الصحيح للمواطنين لما يجرى فى الداخل ويحدث إقليمياً ودولياً والحفاظ على ثوابت ومكونات الهوية والشخصية المصرية وترسيخ الولاء والانتماء، وأيضاً لا يجب أن يقتصر الأمر على دور الإعلام ولكن أيضاً هناك دور مهم للمؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والمجتمع المدنى فى الحفاظ على الاستقرار، فليس عيباً أن تتحدث خطبة الجمعة عن شواغل واهتمامات الناس وتوضيح الحقائق، وإزالة الأفكار الهدامة وخطورة التفسخ والفتن وإظهار المقاصد الحقيقية للأديان وتبصير الناس بأمور حياتهم مثل الترشيد والتوفير وعدم الإهدار ونبذ الإسراف وقضايا النمو السكانى وخطورته على الحاضر والمستقبل، والتأكيد خطورة الشائعات والأكاذيب والتشكيك ومحاولات هدم الدول وإسقاطها وأهمية وقدسية الأوطان وكذلك أهمية الوحدة والاصطفاف واحترام الأديان والرموز الدينية وعدم الإساءة لهم، فالمسجد والكنيسة لهما دور عظيم ومهم، وكذلك المدرسة والجامعة.
إن الوصول إلى الاستقرار أمر مهم للغاية لكن من المهم والصعب هو الحفاظ على الاستقرار ..لذلك لابد أن نتحلى بالاستمرارية ومواصلة الجهود على كافة الأصعدة فى مختلف المجالات بنفس الإرادة والعزم والروح والوعي.