الجمعة 23 اغسطس 2024

4 مناطق حيوية حائرة بين التطوير والعشوائية

3-8-2017 | 23:34

كتبت- أماني محمد

 

تضع الدولة خريطة واضحة وتتبع خطة دورية للقضاء على العشوائيات، في مختلف أرجاء الجمهورية، لأنها تمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع ومرض يجب استئصاله، وسط هذا الكم من التعديات والمخالفات العشوائية تبرز أهمية عدد من المناطق الحيوية يتمركز أغلبها في القاهرة الكبرى وتقترب من مناطق حيوية يصلح الاستفادة منها ضمن خطة التنمية ووفق رؤية ثاقبة تخدم الاقتصاد وتدفع عجلة الإنتاج، وتجعل من العاصمة مركزًا حضاريًا متطورًا، فضلا عن خلق بيئة جديدة ونقية لسكان تلك المناطق حتى ينعموا بحياة طيبة وتعليم راقي لأبنائهم وضمان علاج صحي بجانب الخدمات التي يأملها الجميع.

 

يأتي على رأس تلك المناطق، منطقة مثلث ماسبيرو والتي تبعد عن كورنيش النيل بضعة مترات، رغم أهميتها الحيوية يضربها الإهمال ويحاصرها المباني الآيلة للسقوط، أما جزيرة الوراق والتي تتوسط نيل القاهرة ضمن 144 جزيرة نيلة متواجدة بطول نهر النيل من أقصى الجنوب إلى الشمال أغلبهم يحتاج إلى خطة تنمية كبرى بعد أن ضربهم الإهمال وانتزعتهم التعديات خلال السنوات الماضية، بجانب بعض المناطق الحيوية مثل تل العقارب ومنطقة بطن البقرة واللتين بدأت الحكومة في تطويرهما بعد أن وفرت سكنًا آمنًا لقاطنيهما.

وتخضع تلك المناطق وغيرها، خلال الفترة الأخيرة، حيز التطوير وفقا لمشروعات ترعاها وتنفذها محافظة القاهرة وجهاز تعمير القاهرة الكبرى وصندوق تطوير العشوائيات.

وتواجه تطوير تلك المشاريع عوائق ما بين رفض الأهالي الخروج منها وعدم القبول بالبدائل المطروحة.

 

«محمية النهر» والاختبار الصعب

في جزيرة وراق الحضر، طلب الأهالي قبل أشهر قليلة أن يجدوا منفذا جديدا للجزيرة عبر محور روض الفرج، بدلا من الاعتماد على المعديات فقط قبل حملة الإزالات التي تراجعت عنها الحكومة مؤخرًا وأجلتها لأجل غير مسمى بسبب الصدامات الحادة مع الأهالي.

 

أسامة شاهين، أحد أهالي الجزيرة، كشف عن أن هناك لقاء جمعهم مع الأجهزة الأمنية بالجيزة، وطالبوا خلالها بالإفراج عن المحبوسين من الأهالي بعد القبض عليهم خلال حملة الإزالة.

 

وطالب بالتواصل مع الأهالي والاستماع إلى وجهم نظرهم، لأن أسباب الحملة الأخيرة غير واضحة، مشيرًا إلى أن مخطط لضم الجزيرة للمناطق المزمع تطويرها وإخلائها من السكان، على حد قوله.

وأضاف أن الحملة أعلنت استهداف 700 منزل لإزالتها باعتبارها مبنية على أملاك الدولة، متسائلاً:" كيف تتم الإزالة بين ليلة وضحاها؟ دون إنذار مسبق ومنح الأهالي الوقت الكافي لإيجاد بديل"، مؤكدا أن الأراضي أملاك الدولة في الجزيرة تبلغ نحو 35 فدانًا المشغول فيها هم 5 أفدنة فقط.

 

عاطف أمين، مؤسس التحالف المصري لتطوير العشوائيات، قال إن جزيرة الوراق كغيرها من المناطق العشوائية تحتل موقعًا متميزًا مثل منطقة مثلث ماسبيرو، لافتًا إلى أن استغلالها بالطريقة الأمثل ستعود بالنفع على المواطن والدولة، مضيفًا أن خطة التنفيذ هي الفارق في الأمر فلا يعقل أن تدخل السلطات التنفيذية إلى المنطقة مباشرة لإزالة دون وجود بدائل.

وطالب الحكومة بتوفير بدائل قبل تنفيذ قرار الإزالة، وأن تمنح الدولة كل فرد متضرر تعويض يصل إلى 200 ألف جنيه عن كل قيراط خلال إنشاء محور روض الفرج.

 

 

تفكيك لغم ماسبيرو

أما منطقة ماسبيرو، هي الأخرى شغلت الرأي العام وسط جهود مضنية من الحكومة لإقناع الأهالي بالخروج الآمن منها، ولكنها أحدثت جدلًا واسعًا دون الوصول لحل نهائي حتى الآن.

وكانت منطقة بولاق وتحديدا مثلث ماسبيرو ومحلات شارع 26 يوليو التي تم إخلائها لصالح هيئة مترو الأنفاق لإنشاء محطة جديدة بها، أما المثلث نفسه فيجري حاليا إخلائه من السكان بعد عرض بدائل عدة عليهم منها تعويضات مادية ووحدات بديلة في مناطق سكانية جديدة.

 

علي العمدة، أحد أصحاب المحال، التي تم إخلائها قبيل شهر رمضان، قال إنه منذ الإخلاء لم يستطع أن يجد بديلًا، قائلا "حين عرضوا علينا بدائل الإخلاء اخترت أن أحصل على نصف قيمة المحل مقابل أن يكون النصف الآخر كمقدم لي في محل جديد بالمجمع التجاري المزمع إنشاؤه في المحطة وحتى اليوم لم أحصل على عقد مجلس الدولة الذي يثبت ذلك".

 

وأضاف أنه لجأ للقضاء لكي يحصل على تعويض مادي مناسب عن قيمة الأرض بدلا من القيمة التي عرضتها هيئة مترو الأنفاق والتي لا تساوي 5% من ثمنها الحقيقي وتعويض عن فترة التوقف حتى إنشاء المجمع التجاري الجديد، قائلا "حصل أصحاب المحال على تعويض مادي تحت مصطلح المنفعة العامة وهو حق يراد به باطل لأن تلك المحال ستصبح مع بقية منطقة مثلث ماسبيرو مشروع استثماري ضخم لم يحصل فيه الأهالي على تعويضات مرضية".

 

وفي نفس السياق، أكد عاطف أمين، مؤسس التحالف المصري لتطوير العشوائيات، أن أكثر من ثمانِ حكومات فشلت جميعها في حل أزمتها، وهي منطقة تقع على مساحة 70 فدانًا، وأزمتها الحقيقية وجود بدائل متعددة، فبعض الأسر قبلت بوحدات سكنية في الأسمرات والبعض فضل التعويض، مشيرًا إلى أن هناك معارضة ورفض، لكن البدائل المتعددة جعلتهم يحاولون توفيق أوضاعهم بما هو متاح.

 

بطن البقرة تبتلع المعالم السياحية

مؤسس التحالف المصري لتطوير العشوائيات، لفت أيضًا إلى أن هناك مناطق أخرى يجب أن تدخل حيز التطوير مثل بطن البقرة التي تضم نحو 5 آلاف أسرة ورغم كونها حيوية تطل على موقع استراتيجي أمام المتحف القبطي وجامع عمرو بن العاص، فهي ليست عشوائية فقط بل مكونة من عشش وصفيح وسلوكيات سلبية وخطرة من بعض الأهالي التي تُسيء للمنطقة السياحية.

وأوضح "أمين" أنه يجب تطوير المناطق العشوائية دون الإضرار بمصلحة المواطن، ويجب على الدولة النظر لمصالحهم، مضيفا أن الحكومة كانت تتعامل مع العشوائيات بطريقة المسكنات وليس بحلول حقيقية وإيجابية".

 

«العقارب» تغزو العشوائيات

وأضاف أن منطقة تل العقارب أيضًا قديمة جدا من حيث العشوائية وأطلق عليها هذا الاسم بسبب وجود عقارب وثعابين وحشرات بها، مشيرا إلى أن الأهالي رغم اعتيادهم على العيش بموقع استراتيجي بالسيدة زينب وبالقرب من وسط البلد لكن وقت الإخلاء انتقل سكانها إلى مناطق نائية بلا خدمات على طريق الواحات حتى الانتهاء من الإنشاءات الجديدة.

 

وأوضح أنه لا يوجد تعارض بين التطوير وتوفير البائل الآمنة، لكن يجب دراسة التنفيذ وكيفية تطبيقه لأنها مشكلة أبدية من سنوات مضت، وفي حالة عدم المعالجة الصحيحة سيحدث سخط ونقم من المواطنين على الدولة بسبب شعورهم بالظلم وأنهم مواطنين درجة ثانية.

 

وأشار "أمين" إلى أن المادة 78 من الدستور تلزم الدولة بوضع خطة قومية للقضاء على العشوائيات وتلزمها أيضا بمراعاة حق المواطن في توفير سكن ملائم وصحي.

 

حلول برلمانية

عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، قال إن هناك كم كبير من المشاكل ترتكب باسم التطوير، مضيفًا أن أغلب السكان في المناطق العشوائية من الفقراء ويمتلكون بيوتهم وأوضاعهم قانونية، وهناك البعض منهم أوضاعهم غير قانونية ويتاجرون في الأرض ويجب التفريق بين الفئتين.

وأضاف أن التطوير يجب أن يكون للصالح العام وليس لصالح شركة أو مشروع استثماري أو رجل أعمال، مشددا على ضرورة إجراء حوار بين الحكومة والمواطنين قبل أن تخطو أي خطوة متهورة، فضلا عن تقديم تعويضات وبدائل.

وتابع:" إدارة الأزمة هي الفارق الحقيقي حتى لا تحدث فجوة بين المواطنين والدولة، فيجب بحث الأوضاع وجمع المعلومات والتفاوض مع الأهالي، لأن التطوير لا يكون لصالح شركة عالمية دون مراعاة حقوق السكان الأصليين، الذين يصل عمر تواجدهم في المنطقة مائة سنة.

 

وطالب لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، بالتدخل والإطلاع على كافة المعلومات والبيانات من الحكومة، وإجراء حوارًا مع وزارات الإسكان والمالية والتخطيط العمراني، لتعلم ما تنويه الحكومة في شأن العشوائيات والمناطق المزمع تطويرها، وما سيحدث في ملف جزيرة الوراق.

 

وأوضح أن البرلمان لم يكن على علم بما حدث في جزيرة الوراق من حملة إزالة نزلت إليها الأسبوع الماضي وفوجئت اللجنة بما تم في الجزيرة، مضيفا أنه تقدم بطلب سؤال إلى وزارة التنمية المحلية والتخطيط حول جزيرة الوراق وما هي نية الحكومة وكافة البيانات حولها قبل يوم ولم يتلق ردا حتى وينتظره خلال الفترة المقبلة.