الخميس 25 ابريل 2024

مهسا أميني .. خريف آيات الله

مقالات13-10-2022 | 13:42

وكأنه رياح التغيير التي تضرب أورق الشجر في الخريف، حيث تسبب قوة الرياح ضغطا على الأوراق العريضة، وعندما تكون الشجرة باردة وهشة يسهل كسرها. 

ما أشبه اليوم بالأمس، فقد تمكن آية الله الخميني ورفاقه من تغيير النظام الشاهنشاهي عام 1979، الذي حكم إيران لما يقرب من 2500 عام، بشريط الكاسيت عبر خطب الخميني الحماسية، من منفاه في العاصمة الفرنسية باريس، جاءت ثورة آيات الله لتعد الشعب الإيراني بجنة الحرية المفقودة في عهد الشاه، وقف إلى جوارها الشارع والطلاب في مواجهة نظام الشاه، واليوم يواجها المجتمع الإيراني بمختلف تنويعاته بعد ما يقرب من نصف قرن عقب حادث مقتل مهسا أميني الفتاة الكردية. 

عندما زرت إيران خلال العام 2013 كان لدي شغف كبير بمعرفة ذلك المجتمع الذي قرأت عنه كثيرا، سواء على مستوى الحياة الاجتماعية، أو نظام الحكم الذي يقدم نفسه باعتباره نموذجًا للحكم الإسلامي في تلك المنطقة الملتهبة من العالم، كما أن مصر تجمعها علاقات مع إيران مرت بعدة موجات من الصعود والهبوط، إبّان فترة حكم أسرة محمد علي، وما تلاها من موقف لشاه إيران خلال حرب أكتوبر 73 ، كذلك موقف الرئيس السادات عندما قرر استقبال الشاه بعد الثورة الإيرانية، رغم كافة التحذيرات الأمنية، في وقت تخلت عنها كل حلفائها بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية. 


الحقيقة أن تلك الرحلة منحتني فرصة وإن كانت صغيرة للتعرف على بعض النماذج من الشعب الإيراني، وأنت تتحدث إليهم يمكنك أن تدرك حجم الإحباط الذي يضرب بنية المجتمع الإيراني، خاصة مع تعرض شبابه إلى فرض قيود اجتماعية ودينية، وسياسية، من منطلقات فلسفة ثورة آيات الله التي ساندوها من أجل الخلاص.
 
خلال فترة حكم شاه إيران كانت قبضة السفاك حديدية بامتياز، وهو ما جعل المواجهات خلال عام 1979 عنيفة بين الطرفين، وعقب سقوط نظام الشاه وجد الشعب الإيراني نفسه في قبضة آيات الله، وتحت وطأة حكم ديني يفرض القيود باسم السماء على الجميع.

 
ما حدث في مقتل مهسا أميني يخضع لتفسير من جانب آيات الله، يصب في اتجاه نظرية المؤامرة الغربية بقيادة الولايات المتحدة ، دون النظر في جريمة قتل الفتاة وتحديد المسئولية وعقد محاكمة عادلة لمرتكبها، أما الشارع الإيراني نفسه فقد تغير عن ذلك الشارع الذي يعرفه آيات الله منذ العام 1979، فهو يرفض تلك القيود المفروضة عليه بقوة تلك القبضة الأمنية، والأهم أنه يدرك أن نظام آيات الله يعاني عزلة دولية يدفع ثمنها المواطن الإيراني.

 
المراقب للشأن الإيراني لا يمكنه استبعاد وجود يد للأجهزة الاستخباراتية الغربية وغيرها في الشارع الإيراني خاصة في ظل الأجواء الدولية الحالية، على الجانب الغربي، هناك معارضة شديدة من جانب اللوبي الإسرائيلي على الولايات المتحدة لوقف الاتفاق النووي، ومخاوف أمريكية من زيادة التقارب الإيراني الروسي، بينما هناك رغبة حذرة جدا من جانب صانع القرار الأمريكي في إعادة ضخ إيران للنفط من جديد لمواجهة المتغيرات في سوق الطاقة، كل تلك الأسباب، تجعل من سيناريو ترتيب رقعة الشطرنج الإيراني على يد أجهزة الاستخبارات أمرًا منطقيًا.

 
لكن لا يمكن لأي مراقب وقارئ لواقع الأحداث في إيران أن يتجاهل الشعب الإيراني، أو يضعه في المربع رقم صفر، لأن حجم الضغوط التي يتعرض لها الإيرانيون منذ مطلع الألفية كبير خاصة تلك الضغوط الاقتصادية، ويمكنك إدراكها عندما تعرف أن هناك عملتين محليتين داخل بلد واحد، ويعاني بشدة شظف الحياة.

 
وفي اعتقادي أن حادث مقتل مهسا أميني، وما تلاها من اعتراضات اجتماعية من قبيل التظاهر أو خلع الحجاب في الشارع بشكل علني، خريف نظام آيات الله، الذي لا يدرك سوى نظرية المؤامرة الغربية فقط، وأنه ظل الله علي الأرض، فالمواجهات الداخلية والخارجية تقذف بإيران إلى شتاء ممتلئ بالغيوم وسماء حُبلى بأمطار من الثلج.

Dr.Randa
Dr.Radwa