الأربعاء 26 يونيو 2024

ثقافة التجاهل التكتيكي

مقالات16-10-2022 | 21:17

توقفت طويلاً أمام موضوع قرأته عن التجاهل "التكتيكي"، ذلك المصطلح الذي أدى إلى عدم معرفة معظم النساء والرجال من مختلف الأعمار بماهيته للوقوع في مشكلات لا تعد ولا تحصى.

أسمحوا لي أن أحدثكم عن ما يعنيه "التجاهل التكتيكي"،.. ربما قرب ذلك مسافات وأزال سدود وحواجز شيدت بين أزواج، أصدقاء، أو حتى زملاء بفعل سنوات من الإهمال.. وجائز محا أسماء لا تستحق الذكر اكتسب أصحابها الشهرة بسبب ضغطة زر ظاهرها إعجاب وباطنها سخرية.

فالتجاهل"التكتيكي" يا سادة، هو أحد الاستراتيجيات السلوكية التي تستخدم في الرد على شخص يريد لفت الانتباه بمختلف الوسائل، حيث تكمن سعادته في ردود أفعال الآخرين ولو جاءت سلبية..والمتلقي الذكي فقط هو من يتقن التفرقة بين الدوافع التي أدت لإتيان أحدهم  بتصرف ما لجذب الانتباه،.. وعلى أساسه يهتم أو يتجاهل وكأن شيء ما كان..     

وللأسف قليل هم من يتمتعون بتلك الثقافة "التكتيكية"،. الأمر الذي لم يلحق أذى بالعلاقات الإنسانية فحسب بل بالمجتمع، ومفاهيم الصواب والخطأ.. فلم يعد غريباً، أن يطفو على السطح من لا يستحق، ويصبح بين ليلة وضحاها نجم في مجال أبعد ما يكون عن تمتعه بأبجدية موهبته، بينما يؤد بحسن أو سوء نية المستحق حقاً للنجومية،.. هذا بعض من كل تبعات عدم الإلمام بالتجاهل التكتيكي..

وأصدق دليل على ما أقول،.. سعي بعض المشاهير قبل النكرات من كافة المجالات إلى جذب الأضواء بآراء مخالفة لجميع القواعد والقيم المجتمعية .. ذلك من أجل الحصول على تأيد أو حتى معارضة.. ويا حبذا لو استاء أحد من تصريحاتهم ورفع عليهم دعوى قضائية تساعدهم على حصد مزيد من "اللايكات" التي تجلب التريندات..

ثم نأتي للكارثة الأكبر وهي ممارسة كثير منا للتجاهل التكتيكي مع الشخص الخطأ أو بمعنى أدق المستحق حقاً لاهتمامنا.. فكم من بيوت خربت جراء تغافل أحد طرفي العلاقة الزوجية عن حاجة الطرف الأخر،.. وبدلاً من الاهتمام بكلماته، همساته، أو حتى لمساته،.. تجاهلها وبمنتهى التجبر لم يختلف رد فعله تجاه تلك التصرفات عن تعامله مع الهواء الطلق !،.. وكم من علاقات عمل هدمت وتحولت لعداء صارخ بسبب مدير متغطرس يتجاهل مطالب مرؤوسيه وكأنه الأمر الناهي في أرزاق البشر!..

لنتعلم نحن نساء ورجال، فنون التجاهل التكتيكي، متى نتغاضى عن نوبة غضب ونتجاوز عن الصغائر كي تمضي العلاقة بأمان.. ومتى نقف بالمرصاد أمام القيل والقال، ونطوي الصفحة قبل أن يحولها التجاهل إلى حكاية ليس لها نهاية.. أنها ثقافة تحتاج منا لمزيد من التعلم حتى نمارس التجاهل مع الشخص والموقف الذي يستحقه عن حق..  

الاكثر قراءة