تقرير يكتبه: عبد اللطيف حامد
«قليل من الكلام.. كثير من العمل» شعار يطبقه على أرض الواقع القائمون على مشروع المناطق التكنولوجية، سواء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، أو شركة واحات السليكون التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أجل فتح الباب أمام توطين التكنولوجيا محليا، والوصول إلى أصحاب الأفكار الإبداعية فى هذا المجال من شباب المحافظات المهمشين، وتوفير فرص عمل لهم.
فى زيارة للمنطقة التكنولوجية ببرج العرب مؤخراً شاهدنا الحلم يتحول لحقيقة فى أقل من عام، باكورة هذا المشروع العملاق الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى معرض الإتصالات الأخير، المنطقة اقتربت مرحلتها الأولى من الانتهاء من إجمالى مساحتها البالغة ٣٠ ألف فدان بمُعدل ١٢٦ ألف متر، تصل نسبة المبانى فيها مابين ٢٥٪ إلى٤٠ بالمائة مساحات خضراء.. وتضم ١٠ مبانى على رأسها مبنى خدمة المواطن المُجهز بكافة الوسائل الحديثة لتمكين المواطنين من الحصول على خدمات أفضل فى وقت أقل، ومبنى التدريب لإتاحة الفرصة للشباب من الطلاب والخريجين للتدريب على استخدام التكنولوجيا فى مجال تخصصه، ومبنى الإبداع الذى يحتضن الابتكارات الشبابية ويدعمها فنياً، وتكنولوجياً، وتمويلاً، حتى تصل إلى شركات قادرة على المنافسة محلياً ثم عالمياً، وستوفر تلك المنطقة ١٥ ألف فرصة عمل.
منطقة برج العرب، مُجرد بداية، فهناك ٧ مناطق تكنولوجية أخرى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورفع القدرات التصديرية الوطنية من الإلكترونيات مع جذب استثمارات أجنبية جديدة، وتوفير فرص عمل للشباب من خريجى الجامعات.. وتليها منطقة أسيوط التى بدأ العمل بها على مساحة ١٥ فدانا، ومن المنتظر أن تُساهم بقوة فى توفير بيئة عمل تكنولوجية مُتقدمة لشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المحلية والعالمية، لتكون قاعدة انطلاق فى الصعيد للشركات الناشئة ومركز للحضانات التكنولوجية، ويجد أبناء الصعيد أمامهم ١٥ ألف وظيفة.
وتواصل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات التجهيز لإنشاء ٥ مناطق أخرى فى بنى سويف، والسادات بالمنوفية، وأسوان، ودمياط، ومدينة العاشر من رمضان، وتشير التوقعات إلى أن فاتورة تكلفة أى منطقة لا تقل عن ٥٠٠ مليون جنيه، وتوفر نحو ١٥ ألف فرصة عمل، مع حجم استثمارات بالمليارات وفقا لعدد المصانع والشركات التى ستجذبها، مع التأكيد على أن الإقبال عليها شديد، بدليل وصول نسبة الإشغال فى برج العرب لنحو ٨٠٪ فى عام واحد.
المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يؤكد أن نشر هذه المناطق خطوة لتحقيق العدالة التكنولوجية فى جميع محافظات الجمهورية، وخلق فرصة متساوية للتنمية والإبداع لكل الشباب دون التركيز على العاصمة فقط كما كان يحدث مسبقا.. فمن حق أبناء الصعيد والدلتا تمكينهم تكنولوجيا، واحتضان أفكارهم الإبداعية، ودعمها لتصبح مشروعات ناجحة، مع ضرورة حصول المواطنين على نفس الخدمات والمزايا التى يحصل عليها أقرانهم فى القاهرة أو الجيزة، إلى جانب العمل بشكل مخطط لتوطين التكنولوجيا محليا، بتوفير تجمعات مناسبة للشركات الراغبة فى الاستثمار سواء كانت محلية أو أجنبية.
وتعهد الوزير بأن يتم إنشاء منطقة تكنولوجية فى أى محافظة لها ظهير صحراوى، لأن هناك معايير وضوابط لن يتخلى عنها فى أى منطقة لتكون منارة تكنولوجية وصناعية فى محيطها، وتُغير ثقافة الناس من حيث شكل البناء، والمساحات الخضراء، وتخلق عادات جديدة تتماشى مع أفضل أساليب الحياة من العمل إلى السكن. مضيفاً: أما المحافظات التى لا ظهير صحراوى لها ستتواصل وزارة الإتصالات مع الجامعات والمحافظين ليكون فيها مراكز إبداع وريادة الأعمال لرعاية لتوفير فرص التدريب لأبنائها، مع احتضان أفكارهم ومشروعاتهم ليكتب لها النجاح، مع توفير كل المُتطلبات والمُستلزمات لأى فكرة ابتكارية فى مجال تكنولوجيا المعلومات، لتنفيذها بما فيها التمويل سواء كان محدوداً أو كبيراً.
فى نفس السياق، يقول أحمد السبكى رئيس شركة واحات السيلكون المشرفة على منطقتى برج العرب وأسيوط، إن المناطق التكنولوجية ستلعب دوراً رئيسياً فى توزيع مصادر الدخل بين المحافظات، من خلال وجود مصانع وشركات داخلها توفر عشرات الآلاف من فرص العمل، بدلاً من الهجرة المستمرة من الدلتا والصعيد إلى القاهرة، مما جعلها مدينة غير قادرة على الاستيعاب بعدما أصبح تعدادها يُعادل جمهوريات متوسطة الحجم، وهذا يستنزف الأقاليم من عقولها المُستنيرة والمُتعلمة. مضيفاً: البديل الثانى هو بقاء الخريجين بدون عمل فى محافظتهم، فيصابون بالإحباط، ثم يقعون فريسة سهلة للجماعات والتنظيمات المتطرفة، ويتحولون لقنابل موقوتة ومتفجرات فى وجه المجتمع.
ويراهن «السبكى» على أن تكون المناطق التكنولوجية خطوة كبيرة على طريق تصنيع الإلكترونيات فى مصر، والبداية حدثت فعلياً بأول مصنع لإنتاج أجهزة المحمول فى منطقة أسيوط.. ومن المتوقع أن يُقام فى كل منطقة أكثر من ٥ مصانع لن تقل استثماراتها عن مليار جنيه، مع التوسع فى مراكز «الداتا سنتر» التى تُقدم خدمات التعهيد لعديد من الدول من داخل مصر.
من جانبها، تشير أسماء حسنى الرئيس التنفيذى لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا»، إلى أن خطة الهيئة تقوم على بناء نحو ١٥ منطقة تكنولوجية خلال العشر سنوات المقبلة، للاستفادة من القدرات والمواهب المصرية فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المشهود لها بالكفاءة على مدى الفترة الماضية.