عن طريق العلم.. استنارت العقول، وبلغت الإنسانية أشدها، وتقدمت أمم وشعوب .
ومصر في الملكية كان التعليم مجانيًا، وكانت بداية مجانية التعليم بالمرحلة الابتدائية عام 1944؛ تفعيلًا لدستور 1923.
ووصلت مجانية التعليم للمرحلة الثانوية عام 1950، على يد الدكتور طه حسين، أما التعليم الجامعي كان بمصروفات حتى صدر دستور جمهورية مصر العربية 1956، مدعمًا الإقدام على مجانية التعليم، حيث جاء الإعلان عن مجانية التعليم في جميع مراحله.
ونص دستور ٢٠١٣ المادة (19)
التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية.
والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
والمفاجأة، حديث وزير التعليم أمام البرلمان عن فكرة أو مشروع لتقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية، بالترخيص لشركات خاصة لإعطاء مجموعات تقوية ومراكز الدروس الخصوصية (السناتر)؛ لممارسة النشاط بشكل قانوني يسير في الاتجاه المضاد لحكومة ظلت طوال الوقت تطارد سناتر الدروس الخصوصية، وتقدم من يمارسها للنيابة العامة، مع توقيع الجزاءات الإدارية .
وفي الثلاث سنوات الأخيرة، كنا ننتظر من الحكومة والتعليم، مشروع قانون عقوباته رادعه لمواجهة تلك الظاهرة السلبية علة العملية التعليمية، والتي تعتبر جريمة تأديبية في قانون الخدمة المدنية؛ لتعارض المصالح من جانب المعلم .
والبعض يبرر هذا الطرح في ضوء الحديث عن إعطاء القطاع الخاص مساحة أكبر لمشاركة الحكومة جزء أو كل أعمالها، قد يكون مقبولاً في ملفات أخرى، أما في التعليم فالأمر مختلف ومحكوم بالدستور .
حيث أن التعليم رسالة وليس بضاعة، ولا نرغب أن يتحول إلى (سبوبة) تجارة لا فكر ولا ثقافة .
تعليم السناتر ومركز الدروس الخصوصية لا يستطيع زرع القيم والتربية والخلق في النشء الصغير، ولا الحياء والدين والأدب وحب الوطن والانتماء في الطالب .
وتعليم الدروس الخصوصية (السناتر)، يؤدي إلى زيادة التسرب من التعليم وارتفاع معدل الأمية للفقراء، طبقة السواد الأعظم في المجتمع المصري، وتراجع نسبة التعليم أيضاً في الطبقة المتوسطة؛ لعدم المقدرة المالية على الوفاء بأجور مراكز وشركات الدروس الخصوصية، وبذلك ترتفع الأمية الهجائية والرقمية، عكس ما جاء به دستور الإرادة الشعبية 2013 في المادة 25، تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين في جميع الأعمار، وتلتزم بوضع آليات تنفيذها بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وذلك وفق خطة زمنية محددة.
وفي ظل مواجهة الدولة لتحديات مالية كبيرة، وأن مخصصات الميزانية العامة لا تكفي، حيث احتياجات العملية التعليمية من أدوات ومعامل وترميمات مدارس وتوسعة في الإنشاءات، وارتفاع الأعداد المستمر من عام لآخر، وبناء مدارس جديدة، يتطلب ذلك تعيين معلمين جدد .
والتطوير في التعليم يحتاج عودة المعلم والطالب لمدرسته، وما دون ذلك هو حرث في البحر .
ونقترح حل عملي متوازن حتى تستطيع الدولة الصرف المالي، وسد جزء من الاحتياجات لإنشاء مدارس وإيجاد من يتولى التدريس بها، مع ضمان جودته مع تحسين حالة المدرس ماديًا .
فعليها أن تجعل التعليم بمقابل مادي (مصاريف) من القادرين مالياً لأولياء الأمور، حيث أن الدولة أصبحت رقمية، ومن خلال ذلك تستطيع الدولة أن تضع مثلًا معايير بخصم مصاريف، وليكن خمسة آلاف جنيه في العام للطالب من ولي الأمر الذي يزيد راتبه شهريًا عن عشرة آلاف جنيه، وكذلك أولياء الأمور أصحاب الشركات والمصانع أو المحلات وأصحاب السيارات ذات الماركة والموديل العالي.
تستطيع الدولة الحساب من خلال رأس المال وتقدير الدخل من الجهات المعنية، ويتم دفع المصروفات من خلال المصارف والبنوك أول كل عام، وما دون ذلك يكون التعليم مجانيًا، والحفاظ على مجانية التعليم للبناء والأخذ بيد المتفوقين والمخترعين والمفكرين من الطبقة الفقيرة؛ للحفاظ على مستقبل الوطن.