الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

49 عاما على اعترافات إسرائيل بانتصار السويس

  • 1-11-2022 | 01:03
طباعة

تمر 49 عامًا يوم الاثنين 24 أكتوبر 2022 على ملحمة المقاومة الباسلة لأهالي السويس في مواجهة قوات العدو الإسرائيلي التي تصورت أن المدينة خالية يسكنها الأشباح حيث فوجئوا برجال يخرجون من كل مكان ويواجهون دبابات العدو ويحققون الانتصار.

 

وقد أطلق الإسرائيليون على فرقته " أدان " المتخصصة لاقتحام المدن التي حاولت اقتحام السويس في 24 أكتوبر 1973 فرقة " النحس " وذلك بسبب الخسائر التي لحقت بها.

 

فرق "النحس"

وجاءت اعترافات جنود العدو بما شاهدوا خلال محاولاتهم اقتحام السويس في عدة كتب إسرائيلية منها كتاب " التقصير " الذي ألفه سبعة جنود من المراسلين الحربيين، والكتاب الآخر بعنوان " سري للغاية " والكتابات يعتبران من أهم كتب الحرب الإسرائيلية.

 

فقد ذكرت هذه الكتب اعترافات العدو بالخسائر حين كلفت محاولة احتلال السويس 77 ضابطًا و23 مظليًا و69 جنديا قتلوا جميعا في أيام حصار السويس بفعل المقاومة.

 

وهكذا باتت فرقة " أدان " فرقة النحس كما أطلقوا عليها ففي كتاب سري للغاية يقولون إن فرقة "أدان" فقدت وحدها 50 دبابة وقتل 200 جندي وضابط غير 50 من الجرحى.

 

وتبدأ قصة الخسائر عندما أشارت عقارب الساعة الخامسة في يوم 24 أكتوبر حين ألتقط اللواء "إبراهيم أدان " قائد الفرقة الإسرائيلية المدرعة التي كانت تحاصر السويس مكالمة عاجلة عبر جهاز اللاسلكي الخاص به وكان على الطرف الآخر اللواء " شموئيل جونين " قائد عمليات القطاع الجنوبي بالجيش الإسرائيلي وسأل جونين مرؤوسه "أدان " هل تستطيع احتلال السويس في ساعتين ونصف الساعة ؟ فأجاب "أدان " بقوله هذا يتوقف على عدد المصريين بالمدينة وشكل مقاومتهم لكن يمكنني على أسوأ الفروض احتلال جزء من السويس.

 

وفي فجر الأربعاء 24 أكتوبر أمر اللواء "أدان" دباباته بالهجوم على مدينة السويس وتقدم ركب الدبابات إلى محور "الجناين" بقيادة الرائد "أوري أريل" في التاسعة والنصف بعد أن اختبأ داخل دبابة طوال الليل في منطقة جبلاية السيد هاشم لكن قوبل بمقاومة شديدة عطلت له أول دبابة على الجسر فاضطر للعودة للخلف.

 

أما العقيد "جابي" فكان مكلفاً بالهجوم على محور منطقة الزيتية ووصلت تلك القوة مبنى الاتحاد الاشتراكي " مبنى الحزب الوطني السابق المجاور للمحافظة " وجاءت فرقة الهجوم الخاصة بحي الأربعين بقيادة المقدم "يوسي" ومعه 8 دبابات و16 عربة مصفحة ودخلوا المدينة وأرسل اللواء "أدان" برسالة لقيادة عمليات الجنوب يقول فيها " السويس مدينة أشباح ونحن نتقدم دون مقاومة" وفي هذه اللحظة كما هو مسجل في مذكرات الجنود الإسرائيليين كانت المفاجأة أمام قسم شرطة الأربعين حين تم تدمير إحدى الدبابات الإسرائيلية من نوع سنتريون العملاقة لتسد الطريق أمام تقدم المدرعة الإسرائيلية ويفاجأ الجنرال "أدان" وجنوده بأن مدينة الأشباح كما قال عنها تتحول إلى المقاومة من آلاف البشر ويأمر أدان جنوده وفق شهادته بترك المصفحات والدبابات والاحتماء بالمبنى المجاور " قسم شرطة حي الأربعين " وداخل القسم تتم محاصرة أدان وجنوده وانهالت رسائل القيادة الإسرائيلية لتسأل عن مصير ركاب العربة النصف مجنزرة التي ركبها ضباط المخابرات الإسرائيلية ولكن "أدان" كان يجيب لا أعلم حيث تحولت المنطقة إلى جحيم بسبب نيران المقاومة من كل مكان ومن نوافذ العمارات والأسطح ومن جميع الشوارع المحيطة بقسم الشرطة وكلها تتجه نحو الجنود الإسرائيليين.

 

بعيدًا عن شهادات الأعداء كان على الجانب الآخر الأبطال الحقيقيون، حيث المقاوم البطل إبراهيم محمد سليمان الذي دمر أول دبابة إسرائيلية بواسطة قذيفة من مدفع والذي استشهد بعد ذلك على سور قسم شرطة الأربعين أثناء محاولة اقتحامه ومواجهة الجنود الإسرائيليين داخله أما البطل " أحمد أبو هاشم " فقد استشهد عند كوبري البراجيلي بعدما دمر دبابة سنتريون، والبطل "فايز حافظ أمين " الذي استشهد في معركة اقتحام قسم شرطة الأربعين بعد أن تمكن من اقتحام القسم واستشهد فوق السلم الداخلي بعد أن قتل عددًا من جنود العدو الذين كانوا يحتمون داخل القسم.

 

أما البطل أشرف عبد الدايم فقد اشترك في الهجوم على ما قبل قسم الأربعين واستشهد يوم 24 أكتوبر 73 ويبقى عشرات من الشهداء والأبطال الأحياء الذين قاموا بأعمال بطولية مشرفة من بينهم الأبطال أحمد عطيفي - محمود عواد – عبد المنعم قناوي.. وهناك العشرات من القصص للبطولات بين المدنيين والعسكريين.

 

كشفت مذكرات الفريق يوسف عفيفي الذي كان قائدا للفرقة الـ 19 بالجيش الثالث الميداني أثناء معركة أكتوبر في كتابه " مقاتلون فوق العادة" أسرار جديدة عن معركة صمود السويس التي اعتبرها ملحمة بطولية.

 

يقول الفريق " يوسف عفيفي " أصيبت إسرائيل بخيبة أمل مرتين الأولى عندما فشلت في دخول السويس والثانية عندما فوجئت بصمود الجيش الثالث الميداني أثناء حرب أكتوبر 1973 بعد أن حاولت احتلال السويس في 24 أكتوبر عقب فشل تسلل العدو الإسرائيلي في الصغرة العسكرية التي وصفها "إدجار أوبلاس" الخبير العسكري البريطاني بأنها "عملية تليفزيونية استعراضية" وذلك بدفع قوات صغيرة إلى منطقة كبيرة لإيهام القوى الأخرى بأن القوات قامت بالاستيلاء على منطقة واسعة وهي الطريقة أو الخطة المعروفة باسم "غزالة" وهي التي سرقتها إسرائيل من أدبيات العسكرية الألمانية.

 

ويضيف يوسف عفيفي أن قوات المقاومة وشدتها في الدفاع عن المدينة هي التي أجبرت "ديفيد العازر" رئيس الأركان الإسرائيلي بالاعتراف في مذكراته قائلًا " خدع الهدوء الذي ساد مدينة السويس قوات الجنرال أدان المتخصص في اقتحام المدن فاندفعت إلى داخلها لتنهال نيران المصريين وتشتعل الدبابات ويسقط القتلى والجرحى بالعشرات".

 

ويؤكد " المشير محمد عبد الغني الجمسي " في مذكراته بالحرف " يصعب على المرء أن يصف القتال الذي دار بين الدبابات والمدرعات الإسرائيلية من جهة وشباب السويس من جهة أخرى وهو القتال الذي دار في بعض الشوارع وداخل المباني وبجهود رجال السويس ورجال الشرطة والسلطة المدنية مع القوة العسكرية أمكن هزيمة قوات العدو التي تمكنت من دخول المدينة وكبدتها الكثير من الخسائر بين قتلى وجرحى وظلت الدبابات الإسرائيلية المدمرة في الطريق الرئيسي المؤدي إلى داخل المدينة شاهدًا على فشل القوات الإسرائيلية في اقتحام المدينة والاستيلاء عليها " ويضيف الجمسي " واضطرت القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب من مدينة السويس ".

 

يبقى أنه بعد 49 عامًا على انتصار إرادة المقاومة الشعبية والجيش الثالث الميداني أن نتكلم عن الواقع الآن يشير آخر تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء إلى أن نسبة البطالة في السويس مرتفعة ويؤكد مركز معلومات رئاسة الوزراء أن ترتيب السويس في البطالة الثالث على مستوى الجمهورية.

 

وبعد انتهاء الحرب والنصر فما زال مشروع مطار العين السخنة الذي تعطل منذ 15 عاماً وقد تم طرحه مجددًا خلال الحكومات ما بعد ثورة 25 يناير ولم يتم اتخاذ فيها قرارا تنفيذيا حتى الآن برغم وجود المطار على خرائط جوجل العالمية وتخصيص الأرض ووجد دراسات الجدوى.

 

كما أن مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس ما زال معطلًا ولم يحقق الأهداف الرئيسية رغم البدء فيه منذ عام 1988 فما زالت مصانع المشروع لم تصل إلى عدد المصانع المخطط لها لتكون 490 مصنعًا توفر 4/1 مليون فرصة عمل ورغم أن ما صرف على المشروع من الخزانة العامة يزيد عن 8 مليارات جنيه مصري.

 

فإن فرصة العمل المتاحة لأبناء السويس والوطن ما زالت ضعيفة كما أن نسبة تنمية الأراضي التي حصل عليها رجال الأعمال والتي تصل إلى 100 كيلو مترًا مربع بواقع حوالي 25 كيلو متر لرجال الأعمال الكبار فإن نسبة التنمية للأراضي داخل مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس لا تتعدى 3% من حجم الأراضي التي تصل إلى ما يزيد على 250 كيلو مترًا بينما المساحة المأهولة للسكان في محافظة السويس لا تزيد عن 2.29 % من إجمالي مساحة الأراضي بمحافظة السويس التي تقترب من 100 كيلو متر مربع.

 

وحتى متحف السويس الوطني لتخليد بطولات شعب السويس على مدار تاريخه لم يتم افتتاحه رغم مرور 48 عامًا على معركة السويس وصمود شعبها البطل.

 

ويتساءل المواطنون في السويس لماذا تم إلغاء العيد الوطني للسويس من الأعياد الرسمية على مستوى الجمهورية والذي كان يعد عطلة رسمية وهو العيد الرمزي للمقاومة الشعبية وانتصار إرادة الشعب المصري في تاريخ مصر المعاصر بعد معركة رشيد 1807.

 

ويكفي أن نشير إلى أن مذكرات الفريق يوسف عفيفي فقد أشار بسؤال زكي في مذكراته لماذا حتى الآن لم تأخذ معركة السويس وصمودها من الاهتمام الإعلامي المناسب لها.

 

وتبقى الأسئلة المشروعة لأبناء السويس :-

• لماذا يستمر غلق ميناء بورتوفيق للركاب رغم صرف الملايين على تطويره؟

• لماذا لم يتم بناء مدينة السويس الجديدة شرق القناة أسوة بالإسماعيلية وبورسعيد؟

• أين قصر ثقافة الأربعين الذي يمثل 52% من تعداد السويس بدون خدمة ثقافية؟

• لماذا يتم تجاهل أبناء السويس في التعيينات بالشركات الصناعية على أراضيها مع ارتفاع نسب البطالة؟

• أين مشروع ترسانة رأس الأدبية الذي صدر له قرار جمهوري؟

• لماذا يتم تجاهل منطقة عيون موسى وتطهيرها وتطويرها؟

• لماذا يتم تجاهل إنشاء مطار السويس الدولي ونقل المنطقة الروسية الصناعية من السويس إلى بورسعيد؟

 

وفي النهاية نقول إننا نأمل أن تجد السويس مزيدا من الاهتمام تكريمًا لشعبها.

الاكثر قراءة